26-11-2024 02:36 PM بتوقيت القدس المحتلة

قليل من الموسيقى لك يا حمزة

قليل من الموسيقى لك يا حمزة

«معك كل الصور؟» يسألني بعدما وصلت متأخرة إلى أحد الاعتصامات. لا ينتظر إجابة «شو بدك صور أنا بعطيكي». ما كل هذا اللطف؟ «لازم تكون بحزب الخضر أو فرح العطاء»، أقول له.

قليل من الموسيقى لك يا حمزةفي كلّ مرة يموت شخص أعرفه، أسارع إلى حذفه من قائمة أصدقائي على «فايسبوك»، لسبب لا أعرفه. فعلت الأمر نفسه مع حمزة. قالوا لي: «حمزة مات بسوريا». دخلت إلى حسابه على «فايسبوك» وحذفته، قبل أن أتأكد من الخبر. لا أريد أمواتاً بين أصدقائي، قلت. حذفته، وبعدها نعيته بهدوء. 

ليال حداد/ جريدة السفير

يتصّل ميثم ليسألني إن تأكّد الخبر. بهدوء مشابه أقول له لا أعرف، الأرجح.. سأتّصل بك إن علمت شيئاً. وعلمت شيئاً. حمزة مات حقاً، سمعتهم يقولون ذلك على قناة «المنار». قالوا إنّهم «يزفون الشهداء حمزة الحاج حسن، وحليم علوه، وعلي منتش». ولم أتصل بميثم. ماذا أقول له، ماذا نقول لبعضنا؟.

ألطف مراسلي «المنار» رحل. أحبّهم جميعاً، لكن حمزة كان الأحبّ. كنا نتجادل... أنفعل وأنا أهاجم تدخّل «حزب الله» في سوريا، ووقوفه إلى جانب النظام. فيبتسم، يقول لي بكل برود «هذا رأيك واحترمه». أغضب أكثر: «هذا ليس رأيي، هذا الرأي الصحيح»، أقول. أسأله كيف يكتب شعراً جميلاً، وهو لا يسمع الموسيقى، فيبتسم بالطريقة نفسها، ويخبرني أشياءً عن صفاء الذهن، وسلام الروح، وأمور أخرى لا أفهمها ـ لكنّي لا أتجرّأ على الرد، خوفاً من أن يكون ما يقوله مرتبطاً بالدين فأدخل في المحظور، وأهرب من الحديث إلى أحاديث أخرى. كان يستفزني بلطف، استفزّه بلطف أقلّ، وينتهي الحديث بالضحك. لا يمكن أن تخاصم حمزة الحاج حسن، مستحيل، فمن يخاصم صاحب هذه الابتسامة؟.

هل حقاً رحل؟ هكذا يقولون... رنيم وفتون تبكيان على الهواء. لا بد أن يكون الخبر صحيحاً. سنتناقل الأخبار عنك. سنخبر تفاصيل العمل معك. «معك كل الصور؟» يسألني بعدما وصلت متأخرة إلى أحد الاعتصامات. لا ينتظر إجابة «شو بدك صور أنا بعطيكي». ما كل هذا اللطف؟ «لازم تكون بحزب الخضر أو فرح العطاء»، أقول له. في المرة الأولى التي رأيت رسالة له من سوريا، لم أسمعه نقلت إلى محطة أخرى. لا أريد أن أسمع، ولا أريد أن أرى. هو حمزة الجميل، في سوريا وخارجها. هو الذي كان يسأل دوماً إن كنّا نغطي في منطقة «شيعيّة» إن كنّا بخير. «أكلتوا؟ شربتوا؟» يسأل بجدية، ونحن نضحك.

أنت يا حمزة لا تحب الموسيقى. لكنّي منذ يوم الاثنين، وأنا أغني لك. أسمع يا حمزة، ولو لمرة واحدة، فأنا أكيدة أنك ستحبها. استمع إلى الكلمات ولا تكترث للموسيقى الجميلة: «في ناس بتشوف الدني بقلبها بتصير بتحبها، في ناس بتشوف الدني مرة بتعيش بالحسرة، وفي ناس بتعيش العمر لعبة قدر، بضيع بلحظة العمر نتفة صور، لو كان فيي رجّع اللي راح اقعد وارتاح، ارجع ولد يركض على النسيان يتمرمغ بالزمان، لو كان».

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه.