25-11-2024 06:47 PM بتوقيت القدس المحتلة

البحث عن مجرى الأحداث وفهمها من الشباب الليبي

البحث عن مجرى الأحداث وفهمها من الشباب الليبي

"عندما أكبر أريد أن أكون تماما مثلكم"، هذا ما قلته ممازحا خلال حوار مع عدد من الشبان الليبيين الذين تتراوح أعمارهم بين سن المراهقة وأوائل الثلاثينيات علما أنني أميركي مترهّل وفي منتصف العمر.

كتب: د. فرنكلين لامب
ترجمة: زينب عبدالله


جامعة الناصر/ طرابلس
"عندما أكبر أريد أن أكون تماما مثلكم"، هذا ما قلته ممازحا خلال حوار مع عدد من الشبان الليبيين الذين تتراوح أعمارهم بين سن المراهقة وأوائل الثلاثينيات علما أنني أميركي مترهّل وفي منتصف العمر. وقد قلت ذلك عندما افترقنا قاطعين على أنفسنا وعدا باللقاء مجددا لاستكمال حوارنا حول الموضوع الذي اخترناه وهو "ما الذي يحدث في ليبيا ولماذا؟".

ولكنني لم أكن أمزح تماما فقد شعرت بالحزن عندما انتهى الحوار الذي دام لخمس ساعات والذي شعرت أنه بدأ منذ نصف ساعة فقط. وفي الواقع، وكما القليل من طلاب الجامعات الذين يستمتعون بمحاضرات الأساتذة والمناقشات داخل الصف، فلقد شعرت بالإحباط عندما انتهى وقت المحاضرة.

ويتفق معظم الأجانب مع السكان المحليين في ليبيا الغربية على أنه كان هناك في أوائل شهر شباط/ فبراير القليل من الإشارات الدالة على أن الثورة ستبدأ في ليبيا الشرقية وقد حصل ذلك فعلا، وفي الوقت نفسه لا يزال هناك الكثيرون ممّن لا يعلمون ما الذي أشعل الثورة ومن كان السبب في ذلك، ولا يعلمون حتى كيف حدثت ولماذا. ولكن ما جعل المشاركة ممتعة حقا هو وجود ستة من الخريجين الليبيين الوطنيين والأذكياء والحيويين الذين وافقوا على مناقشة من دون احتجاز.

وإن طرح بعض الطلاب الليبيين في طرابلس وضواحيها أسئلة محددة وتعبيرهم عن آرائهم لا يمكن أن يمثل مواقف سكان ليبيا الشرقية التي تشكل ثلث ليبيا ولا تزال تحت سيطرة الثوار على نطاق واسع. ويأتي ذلك بالرغم من إصرار طلاب جامعة الفتاح على أن معظم أصدقائهم والعائلات والقبائل في كل من بنغازي وليبيا الشرقية وحتى المناطق التي تضم معاقل للسلفيين والجهاديين يمكن أن يوافق معظمهم على وجهات نظرهم.

وتشتهر ليبيا الشرقية بتاريخ حافل بالكراهية لحكومة طرابلس منذ 1951 عندما نصّبت الامبراطورية البريطانية المتفككة وبالاتفاق مع إيطاليا، نصّبت إدريس السنوسي ملكا يسعى إلى مصلحته. وقد أطاحت ثورة الفتاح بقيادة العقيد القذافي بملك ليبيا إدريس الأول عام 1969. أما اليوم فأحد أهداف بعض المجموعات التي يتألف منها المجلس الوطني الانتقالي هو إعادة النظام الملكي الذي تروج له قبيلة السنوسي. ويقول الطلاب هنا في طرابلس إن بعض أقربائهم في قبيلة السنوسي ومقرها بنغازي يعرفون أن عناصر القاعدة سيعارضون النظام الملكي حتى لو لم يتكلموا حاليا أو بقوا متمسكين بوثيقة وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.أي) حول الديمقراطية وحقوق الإنسان للجميع ومن بينهم النساء.

وقد دعا "المنتدى الليبي 101" كما اتفقنا على تسميته، دعا الطلاب الليبيين إلى صياغة الأسئلة الأساسية للمناقشة وجدولتها ذلك أنهم يؤمنون بأنه يجب الإجابة عنها لفهم ما يسمى اليوم ب "أزمتنا" وإيجاد حل لها.

وقد أصبحت الأسئلة الجزء الأسهل وعكست الرأي السائد غرب ليبيا حول ما إذا كانوا يرددون ذلك في بنغازي وضواحيها أم لا.

صديقي الشاب حسن، طالب أدب إنكليزي، طرح بسرعة ثلاثة أسئلة رائعة أمام مجموعة المتناقشين بعد أن اعتذر على تأخره مضيفا أن رجال الأمن تزايدوا في شوارع طرابلس عقب عرض تقارير عن تسلل المتمردين والتخريب الذي قاموا به والذي لم يأت القذافي على ذكره خلال ظهوره على التلفاز الليلة السابقة. وقد كرر حسن ما كنا قد سمعناه من الآخرين بأنه قد حصلت بعض أعمال إطلاق النار وسط المدينة فضلا عن ما ذكره تقرير على قناة الجزيرة حول التخطيط لتفجير قنبلة في فندق "الشيراتون".

وقد سخر اسماعيل، طالب إدارة الأعمال، عند ذكر الجزيرة التي ينظر إليها الآن الكثيرون على أنها أصبحت منحازة جدا كما هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وشبكة الأخبار السلكية (سي.أن.أن)، إن لم نعتبرها داعية للثورات ذلك أن تقاريرها باتت في بعض الأحيان حافلة بالمعلومات المضللة إذا لم نقل الأكاذيب الصريحة. وفي الإطار نفسه، تم قطع موقع (بي.بي.سي) على الانترنت من قبل الحكومة الليبية، أما مكتب (بي.بي.سي) فقد استبدل مراسله بآخر جديد يدعى "دانييل فيشر" وهو زميل لطيف قدم نفسه لي اليوم ويبدو أنه ظنني "جاك نيكولسن". ويأتي وصول دانييل إلى ليبيا عقب شكاوى الحكومة الليبية ورحيل مراسل (بي.بي.سي) القديم الذي نقل عقب احتشاد أكثر من مليون ليبي من المؤيدين للقذافي في الميدان الأخضر في 11 تموز/ يوليو 2011، علما أن التجمع استمر حتى المساء، نقل أن الذين رآهم يغادرون طرابلس صباح اليوم التالي كانوا "يفرّون من ليبيا" وأن حصن القذافي يمكن أن "ينهار في أي زمان". كان ذلك المراسل أحمقا للغاية، فهذه العائلات التي زعم مراسلوا (بي.بي.سي) و (سي.أن.أن) أنها كانت "تفر" كانت ببساطة عائدة إلى ضواحي طرابلس المكان الذي أتت منه للمشاركة والمبيت في المدينة.

طرح حسن أسئلته كالتالي:

"من الذي عين محموعة الاتصال الليبية للتدخل في بلدنا وأي شرعية هي تلك التي تمنحها إياها عضويتها في حلف (الناتو) حتى تأمر أمين عام الأمم المتحدة في 17 تموز/ يوليو 2011 بفرض شروط لحل الأزمة من دون تدخل كل من مجموعات طرابلس وبنغازي؟ هل يحق لحلف (الناتو) إعطاء الأوامر لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة وموظفيه؟

وقد طرحت أماني، الحاصلة مؤخرا على وظيفة في التلفزيون الرياضي الليبي، طرحت عددا من الأسئلة للمناقشة، والأسئلة كالتالي:

"كيف يمكن للولايات المتحدة وحلف (الناتو) أن يزعما بأنهما يحترمان القانون الدولي في حين قتل هذا الحلف أكثر من 1100 مدني في ليبيا فضلا عن أنه يفسر قرارات الأمم المتحدة الصادرة عام 1970 و 1973 بحسب ما يناسبه ويستخدم العمليات العسكرية لتحقيق أهدافه السياسية؟ وعلاوة على ما استطاعت قرارات الأمم المتحدة تحقيقه في أفغانستان، فقد تمكنت من تطبيق قرار إيجاد "منطقة محظورة الطيران" خلال يومين عبر التدخل المحدود لحلف (الناتو) في بلدنا. وهل سمحت الأمم المتحدة بالأشهر الأربعة الإضافية من القصف أو بتمديد المهمة لتشمل عدة محاولات اغتيال ضد قادتنا فضلا عن الدمار الهائل في البنى التحتية؟".

وأضافت أماني: "وأيضا لماذا لم تبذل الجهود لإرسال لجنة تقصي الحقائق من قبل الأمم المتحدة بهدف التحقيق في التقارير المروجة للكذب من قبل الإعلام والثوار بالرغم من الدعوات المتكررة الليبية والعربية والأفريقية للمجيء إلى ليبيا ورؤية الحقائق وبرهنتها؟".

وسألت سناء، طالبة التمريض: "لماذا ليبيا؟ لطالما كنا على علاقات حسنة مع الولايات المتحدة وأوروبا منذ العام 2003. إنه من المعروف أن ليبيا قد تعاونت مع وكالة الاستخبارات المركزية في الآونة الأخيرة بين 2009 و 2010. هل تهاجم الولايات المتحدة فقط الدول التي تمتلك النفط؟ إن الحكومة في زمبابواي قد عاملت شعبها أسوأ من حكومتنا ولم يتدخل أحد. وماذا عن البحرين واليمن وسوريا؟"، ثم أضافت باستهزاء: "ألا يوجد هناك مدنيون تحت الخطر ويحتاجون تدخلا إنسانيا من أوباما؟".

أما ناديا، طالبة الطب، فطرحت الأسئلة التالية: "هل المعلومات المضللة حول الذي حصل لبلدنا منذ بداية الأسبوع الثالث في شهر شباط/ فبراير هي حوادث بريئة أو بلاغات رديئة؟ فعلى سبيل المثال، كل تلك الروايات كرواية "الفياغرا" أو حوادث السكر والاغتصاب، وتقارير الإعلام الغربي حول الجرائم الهائلة التي ترتكبها الحكومة ضد المدنيين، واستعداد ليبيا للانهيار على رؤوس قادتنا، وزعم أن العقيد القذافي لا يمتلك الشرعية ولا الدعم الشعبي، والفوضى في شوارع طرابلس وتخويف المدنيين، أو حتى أن زعيمنا مصاب وأنه قد فر إلى فنزويلا... من الذي ابتدع كل هذه التقارير الكاذبة ولماذا؟".

وسأل عماد، تلميذ الهندسة، التالي: "لماذا قصفت قوات (الناتو) برج المراقبة الجوية المدني نهاية الأسبوع الماضي وجرحت المزيد من المدنيين؟ وحتى مدير مطارنا صرح بأن نظام التحكم بالطيران مدني 100%، كما المؤسسة الدولية للنقل الجوي والمسؤولين الأميركيين".

هند، طالبة تكنولوجيا المعلومات والمتطوعة في جمعية نسائية، سألت ما يلي: "هل يعتقد الأميركيون وحلف (الناتو) أن ليبيا بعد القذافي ستكون مرضية لهم إذا نجحوا بنتحيته؟ وهل لديهم أدنى فكرة عن الغضب الذي خلقه عدوانهم بين الناس؟ إنهم يصنعون من زعيمنا شخصية مشهورة جدا ليس فقط في ليبيا وإنما في أفريقيا وفي كل مكان تجدون فيه معارضين للحروب الأميركية ومحاولتها للسيطرة. هل تأمل الولايات المتحدة وحلف (الناتو) بالمصالحة؟ وهل ستكون الحكومة الجديدة أفضل إلى هذا الحد؟".

بقيت أسئلة هؤلاء الطلاب من دون إجابات، والأسئلة في الحقيقة تتكرر وتزداد حدة.

إن الطلاب في جامعة الناصر وجميع المواطنين يطالبون بإجابات من البيت الأبيض وحلف (الناتو)، وحتى من وسائل الإعلام الغربي غير الموثوق به المقيمة في فندق "ريكسوس" في طرابلس. وحتى هذا التاريخ لم تتم الإجابة بشكل منطقي على أي من الأسئلة المذكورة أعلاه.

لقراءة المقالة باللغة الإنكليزية إضغط هنا 

يمكنكم التواصل مع فرنكلين لامب على بريده الالكتروني fplamb@gmail.com