تسخر سالم من إصرار «بي بي سي» على الالتزام بالرواية الإسرائيلية التي شكّكت فيها العديد من وكالات الأنباء والمؤسسات الإعلامية بما في ذلك صحف اليمين الإسرائيلي المتطرف
منذ العام 2013، توثّق مدوّنة «الانتفاضة الإلكترونية»، وإلى جانبها جمعيّات داعمة للقضية الفلسطينية، كلّ ما تقدّمة «بي بي سي» من مادّة تروّج لأجندة إسرائيل السياسية.
نور أبو فرّاج/ جريدة السفير
استأنفت المعركة هذه المرة الصحافية والناشطة السياسية أمينة سليم في سلسلة مقالات، نشرت أخيراً على موقع المدوّنة، كانت أولاها بعنوان: «لماذا تخفي «بي بي سي» الحقيقية حول القدس؟» (8 نيسان)، تسرد فيه وقائع المراسلات التي تبادلتها «حملة التضامن مع فلسطين» في بريطانيا (PSC)، و«مجموعة أصدقاء الأقصى» (FOA) مع مكتب المفوض الإعلامي في «بي بي سي»، اعتراضاً على التقارير الإخبارية التي تشير إلى القدس بوصفها مدينة إسرائيليَّة، متجاهلة بذلك القانون الدولي الذي يقسِّم القدس إلى شرقيِّة تخضع للسلطة الفلسطينيَّة، وغربيّة «إسرائيلية».
في نهاية العام 2013، طالبت «حملة التضامن مع فلسطين» في بريطانيا، و«مجموعة أصدقاء الأقصى»، «هيئة الإذاعة البريطانيّة» بنشر الوثائق والمراسلات دفاعاً عن حق «الحصول على المعلومات»، بهدف معرفة سبب إصرارها على اعتبار القدس مدينة إسرائيلية. رُفض ذلك الطلب، وبعد أشهر من المراسلات، ردّت كبيرة مستشاري التحرير لدى الهيئة ليان بوكلي، تبرر سياسة القناة، فاعترفت بأن «القانون الدولي لا يقر بالسيادة الإسرائيلية على كامل القدس، لكنّ إسرائيل تسيطر فعلياً على المدينة بأكملها، بالمعنى السياسي والإداري والعسكري. وان القدس كانت تدار «ككيان واحد من قبل سلطات بلدية القدس التي لا تميز بين الشرق والغرب».
وفي مقال بعنوان «بي بي سي في خدمة الأجندة الإسرائيلية» (12 نيسان)، اتهمت أمينة سالم القناة بتجاهل الأحداث التي تظهر إسرائيل بصورة سلبية. مثالاً على ذلك، رفضها نشر خبر استشهاد الطفل يوسف شوامرة (14 عاما) بعدما قتله الجنود الإسرائيليون، في أرض عائلته، في الضفة الغربية. وامتنعت كذلك من نشر خبر قتل الجيش الإسرائيلي طالبا جامعيا كان يرعى الأغنام.
رد المكتب المتخصص بإدارة الموقع الإلكتروني لشؤون الشرق الأوسط على اعتراضات حملة التضامن مع فلسطين، قائلاً «إنّ بي بي سي غير ملزمة ببث تقرير عن كل حادثة قتل». وبعد المزيد من الضغط أضاف مكتبها أنَّ «عدم تغطية خبر مقتل يوسف شوامرة لا يجب أن يفسّر باعتباره دليلاً على التحيز». في المقابل أضاءت الكاتبة على عدد من التقارير الإخبارية التي تظهر «بي بي سي» فيها «قلقها على الأمن الإسرائيلي»، حينما تتبنى قصة ضبط الجيش الإسرائيلي سفينة محملة بالأسلحة قادمة من إيران كي تدخل قطاع غزة، معتمدةً الموقع الإلكتروني الخاص بـ«قوّات الدفاع الإسرائيليّة»، كمصدر موثوق للمعلومات.
تسخر سالم من إصرار «بي بي سي» على الالتزام بالرواية الإسرائيلية التي شكّكت فيها العديد من وكالات الأنباء والمؤسسات الإعلامية بما في ذلك صحف اليمين الإسرائيلي المتطرف. حتّى أنّ صحيفة «هآرتس» عنونت خبرها: «عرض نتانياهو لقصة السفينة المضبوطة: الدعاية السياسية على طريقة هوليوود».
تورد «الانتفاضة الإلكترونيّة» عدّة أمثلة أخرى، تبيّن انحياز «بي بي سي» لإسرائيل، من خلال اعتبار الأنفاق التي تصل بين قطاع غزة ومصر، قنوات «لتسلّل الإرهابيين»، أو تحميلها السلطة الفلسطينية كامل المسؤولية عن انهيار المفاوضات، لتخفي عن جمهورها تصريحات الخارجيّة الأميركيّة التي حملت الطرف الإسرائيلي وزر تسريع انهيار المفاوضات.
قبل أسابيع، قادت «الانتفاضة الإلكترونيّة» الحملة ضدّ سكارلت جوهانسون وإعلانها الترويجي لإحدى الشركات الإسرائيليّة. وساهمت تلك الحملة بفسخ التعاقد بين جوهانسون ومنظمّة «أوكسفام» الخيريّة. ومن خلال سلسلة المقالات المنشورة حول «بي بي سي» مؤخراً، يخوض الموقع الحرب وحيداً، بينما لا تزال شرائح كبيرة من الجماهير وإلى جانبها مؤسسات إعلامية ضخمة تنظر إلى «بي بي سي» كصرح لا يمس للنزاهة والموضوعية والحياد.
لكنّ أمثلة عدّة تظهر أنّ «بي بي سي» لا تمانع في أغلب الأحيان، أن تكون «فتاة إسرائيل المطيعة»، بدءاً من الخطوط العريضة، وصولاً إلى التمسك بكلمة أو مصطلح في تقرير إخباري، أو رفض عرض خبر لا يصبّ في مصلحة تلميع صورة الاحتلال.