الهجوم «القواتي» على البرتقاليين تخطى لغة الشتائم والتحقير بأشواط. أعاد الموقع في 5 نيسان نشر مقال للكاتب السعودي في صحيفة «العرب» أحمد عدنان بعنوان «العلاقة السّرية بين عون وإسرائيل».
يوم 4 نيسان (أبريل) الذي شهد إعلان رئيس «الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية» سمير جعجع ترشّحه لرئاسة الجمهورية، لم يكن تاريخاً عادياً. لقد كان الشرارة التي أشعلت الجبهات الإعلامية.
جبهات استحضرت خطاب الحرب الأهلية وانحدرت الى اللغة السوقية بين otv وموقع «القوات اللبنانية» الإلكتروني. لم تكن مقدمة أخبار القناة البرتقالية مساء ذلك اليوم بالعادية. من سطرها الأول حتى آخر حرف، استحضرت لغة الحرب، وتحديداً من عام 1986 وصولاً الى اليوم.
استعرضت هذه التواريخ لتخلص إلى أنّ ترشح جعجع كان «نكاية بعون». البداية كانت مع «انقلاب جعجع على إيلي حبيقة» كما أوردت المقدمة، لأنّ قائد «القوات» لم يغفر يومها «لميشال عون تدخّله لحماية حبيقة والياس المرّ من مصير مشابه لطوني فرنجية». بعد ذلك، عرجت المقدمة على فترة 1989 تاريخ توقيع اتفاق الطائف، فأوردت: «أيدّ جعجع الطائف الذي يفوق الاتفاق الثلاثي إساءةً للمسيحيين نكاية بميشال عون المعارض للطائف».
لم يتوقف تعداد أرقام التواريخ هنا. وصلت otv إلى عام 2005 حين «بارك جعجع التحالف الرباعي لمجرّد كونه موجّهاً ضد عون». وكذلك أضحى جعجع «عدواً لـ «حزب الله» بمجرد توقيع تفاهم مار مخايل مع العونيين». وانقلب في العام الماضي على «الطرح الأرثودكسي (...) نكاية بعون». وختمت المقدمة بأنّ ترشح جعجع ليس سوى «معركة وهمية» وهو «يعلم» أنّه «لن يصل الى بعبدا يوماً» ولن يكون هناك «اختيار بين عون وجعجع (..) بين مرشح الدماء وعماد الشرفاء».
لم يتأخر ردّ «القوات». في اليوم عينه، تصدّر موقعها الإلكتروني عنوان «هستيريا عونية بمجرد ترشح الحكيم». مقال منسوب الى فريق الموقع، أعاد نشر مقدمة القناة البرتقالية واتهمها «ببث السموم والأحقاد». وأورد أنّها مصابة «بحالة هلع» جراء ترشح جعجع للرئاسة.
وتساءل كاتب المقال إذا كانت ردة الفعل على إعلان الترشّح بهذا المستوى، فكيف إذا «توِّج الترشح بالفوز في الانتخابات؟». هذا الرد لم يكن الوحيد. تبعته سلسلة من المقالات والتعليقات التي نشرها الموقع على لسان كتّابه أو نقلاً عن آخرين تناولوا نواب التيار العوني، خصوصاً النائبين زياد أسود وعباس هاشم. تضمنت هذه المقالات تطاولاً مباشراً على الرجلين وتحقيراً بحقهما. على سبيل المثال، نُشر مقال في 7 نيسان (أبريل) للممثل المقيم في الولايات المتحدة الأميركية أسعد رشدان يتناول فيه النائب عباس وتضمن عبارات قاسية ومهينة من «العيار الثقيل».
الهجوم «القواتي» على البرتقاليين تخطى لغة الشتائم والتحقير بأشواط. أعاد الموقع في 5 نيسان نشر مقال للكاتب السعودي في صحيفة «العرب» أحمد عدنان بعنوان «العلاقة السّرية بين عون وإسرائيل». وصف عدنان الجنرال بأنه يمثّل «التطرف المسيحي» ويؤمن «بالأقليات لمواجهة الخطر السني»، واقتطع اقتباسات وعبارات وأخرجها من سياقها في كتاب آلان مينارغ «أسرار حرب لبنان- الجزء الأول» حول «اقتراح توقيع اتفاقية اعتراف متبادل وميثاق للدفاع المشترك بين لبنان وإسرئيل» و«دور عون في توريط مسيحيي لبنان وحزب الكتائب والقوات اللبنانية في العلاقة مع اسرائيل» وصولاً الى إعادة نشر ما قاله السيد حسن نصر الله عام 1989 عن أن اتفاق الطائف يكرّس الطائفية والجنرال «حالة اسرائيلية صدامية تدميرية ولا يرى إلا مصالحه الشخصية والطائفية».
وبين الهجوم والهجوم المضاد بالطرق الشرعية وغير الشرعية، فسحة للتمجيد والتهليل بترشح كل من «جنرال الرابية» و«حكيم معراب». «بشير الحلم... سمير الحقيقة» عنوان مقالة للكاتب في موقع «القوات» تشارلي عازار يغدق فيه جعجع مديحاً لأن «المرشحين كثر، لكن الجمهورية واحدة (..) حلم الجمهورية بدأ مع البشير واستشهد من أجلها».
واختتم المقال على هذا النحو: «ليعلم الجميع بأن المارد نهض، وسينتصر وحلم البشير سيصبح حقيقة». على الجهة المقابلة، حملة إعلامية مماثلة احتل فيها عون الصفحات التابعة لـ«التيار الوطني الحرّ» مرفقة بعبارات خاصة به، تؤشر الى «الزهد» بهذا المنصب وهدفه الأساس: خدمة الناس (لا أسعى لمنصب بل لتحقيق حلمي بوطن يعيش فيه أولادنا بكرامة).
وطبعاً لم تبخل عليه الأقلام البرتقالية مدحاً وإطراء. وما لبثت أن انضمت البرامج التلفزيونية الساخرة إلى الجوقة. في اسكتش ضمن برنامج «ما في متلو» على «أو. تي. في»، ظهرت شخصية قواتية تتكلم باسم «الحكيم» ضمن مقابلة تلفزيونية، فتلعثمت بالكلام وقالت «طريقنا سالكة الى رومية» في إشارة الى السجن الذي كان يقبع فيه جعجع. وخلال الإسكتش، ظهر جعجع على أنه وحيد لا يدعمه أحد حتى من قوى «14 آذار». وانتهى الاسكتش بتغيير شعار «نحو الجمهورية» الى «محو الجمهورية عن بكرة أبيها»!
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه.