11-03-2025 07:12 AM بتوقيت القدس المحتلة

ليبيا تدرس خفض الميزانية بمقدار الثُلُث لتعويض تراجع إيرادات النفط

ليبيا تدرس خفض الميزانية بمقدار الثُلُث لتعويض تراجع إيرادات النفط

وقال عبد الله ان الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وغيرها من مشروعات التنمية، سيتوقف في الوقت الحاضر، مضيفا أنه من الصعب للغاية إطلاق خطة تنمية في غياب حكومة جديدة

ليبيا تدرس خفض الميزانية بمقدار الثُلُث لتعويض تراجع إيرادات النفطقال رئيس لجنة الميزانية في البرلمان الليبي إنه يجب على بلاده تقليص ميزانيتها بمقدار الثُلُث، ووقف تمويل البنية التحتية، لتعويض التراجع في إيرادات النفط جراء إغلاق موانئ وحقول نفطية رئيسية على مدى تسعة أشهر.

وأدت احتجاجات في حقول وموانئ نفطية منذ يوليو/تموز الماضي إلى خفض إنتاج البلاد من النفط إلى 200 ألف برميل يوميا من 1.4 مليون برميل يوميا، وهو ما أثر سلبا على المصدر الوحيد لإيرادات الميزانية.

وتعجز الحكومة المركزية الضعيفة عن نزع سلاح الميليشيات ورجال القبائل، الذين ساهموا في الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 واحتفظوا بسلاحهم للضغط من أجل مطالب سياسية ومالية.وقال محمد عبد الله رئيس لجنة الميزانية في المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) أمس الأول ان البرلمان يقترح خفض الميزانية إلى 44 مليار دينار (36 مليار دولار) من 68.6 مليار دينار وردت في مسودة أولية للتركيز على دفع الرواتب وإنفاق الوزارات.

وقال عبد الله ان الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وغيرها من مشروعات التنمية، سيتوقف في الوقت الحاضر، مضيفا أنه من الصعب للغاية إطلاق خطة تنمية في غياب حكومة جديدة.وإستقال رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني منذ اُسبوع بعد شهر فقط قضاه في منصبه قائلا إن مسلحين حاولوا مهاجمة عائلته.ويذهب أكثر من نصف الميزانية إلى الدعم، ورواتب موظفي القطاع العام، الذي يعاني من العمالة الزائدة وضعف الكفاءة، وهو إرث من حقبة القذافي الذي قام بإدراج معظم البالغين على جدول الرواتب لإضعاف المعارضة.

وتعارض الحكومة خفض الميزانية في وقت تكافح فيه لبسط سلطتها في بلد يعج بالأسلحة.
ويهدد وقف الإنفاق على مشروعات البنية التحتية بإذكاء توترات إجتماعية. وتحتاج ليبيا لتجديد وإصلاح الطرق والجامعات والمدارس التي تضررت خلال إنتفاضة 2011. وتوصلت الحكومة إلى إتفاق في وقت سابق هذا الشهر مع مسلحين في شرق البلاد لإنهاء حصارهم لأربعة موانئ نفطية، لكن ميناء مرسى الحريقة هو الوحيد الذي أعيد فتحه حتى الآن.

وقال وزير العدل الليبي صلاح المرغني ان إعادة فتح ميناء الزويتينة التي كانت مقررة منذ اُسبوعين تأخرت نظرا لحدوث أضرار أثناء الحصار الطويل.وأضاف أن المحادثات مع المسلحين لإستئناف الصادرات من مينائي رأس لانوف والسدرة في الشرق ستبدأ بعد إعادة فتح ميناء الزويتينة.وأوقف محتجون آخرون معظم إنتاج النفط في غرب البلاد ولم تسفر المحادثات الرامية لإعادة تشغيل حقول رئيسية في الغرب عن تقدم يذكر.

تسعى الحكومة الليبية إلى رفع الدعم عن السلع الغذائية ودراسة ترشيد دعم الوقود بعد إرتفاع قيمة مخصصات الدعم خلال العام الحالي بنسبة 22.6′ لتصل إلى 13 مليار دينار ليبى (10.4 مليار دولار)، وفق تصريحات مسؤولين حكوميين.وتأمل الحكومة الحصول على موافقة من المؤتمر الوطني العام على قانون لرفع الدعم عن السلع الغذائية الأساسية، وإستبدالها بدعم مادى يصل إلى نحو 102 دولار شهريا لكل فرد. كما أعلنت’الحكومة عن بدء دراسة إجراءات لترشيد الدعم في استهلاك الوقود من خلال بطاقة ذكية يستخدمها’المواطنون للحصول على الوقود المدعم.

وتقول الحكومة في مشروع قانون في هذا الشأن مقدم للمؤتمر الوطني ان ثلث الدعم الرسمي يذهب للتهريب إلى الدول المجاورة، بالإضافة إلى عمليات الفساد المالي الكبير التي تشوب عمليات إستيراد السلع المدعمة.وكشفت الحكومة عن وجود ما يقرب من 100 جمعية إستهلاكية وهمية موجودة فقط على الورق وليس لها وجود فعلي، وتحصل على كميات كبيرة من السلع المدعمة، بالإضافة إلى وجود نحو 1.2 مليون مستفيد من الجمعيات الاستهلاكية من غير الليبيين’.

وزاد الدعم السلعى المقدم من الحكومة للمواطنين قبل إسقاط نظام القذافي من أربع سلع أساسية’إلى 12 سلعة حاليا.
من جهته يقول علي سالم، نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي، أن لتر البنزين الواحد يكلف الدولة الليبية نحو 1.25 دينار (دولار أمريكي واحد) بينما يباع بنحو 20 قرشا (16 سنتا)، داعيا إلى ضرورة رفع الدعم على المحروقات بشكل تدريجي.ووصلت تكلفة دعم الوقود في ليبيا إلى 8.5′ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011، إذ بلغ في المتوسط حوالي 487 دولارا للفرد، وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية. ويبلغ’استهلاك ليبيا’من’المنتجات النفطية’6.9 مليون طن متري سنويا، أي ما قيمته سبعة مليار دينار ليبي.

وفي وقت سابق طالب مصباح العكاري، المدير العام للأسواق المالية في مصرف ليبيا المركزي، الحكومة المؤقتة برفع الدعم عن المحروقات والسلع التموينية بشكل تدريجي لحماية الإقتصاد الوطني.‘أما محمد الشيخ،’مدير إدارة التجارة الداخلية في ديوان وزارة الإقتصاد، فقد قال في تصريحات صحافية الاُسبوع الماضي ان استبدال الدعم السلعي بالدعم النقدي من شأنه السيطرة على عملية تهريب السلع المدعومة إلى خارج البلاد، ويحقق استفادة حقيقية للمواطنين الليبيين، والبالغ عددهم نحو 5.6 مليون نسمة.

وأوضح أن المجتمع الليبي يتبنى الثقافة الإستهلاكية، وليس لديه ثقافة الإدخار والإستثمار.على الجانب الآخر يقول أحمد أبولسين، عميد كلية الإقتصاد في جامعة طرابلس، أن الدعم النقدي يتطلب وجود معيار موضوعي لتحديد الفئات المستحقة بشكل دقيق.وأوضح أبولسين في مقابلة أن أصغر برامج الدعم النقدي تتطلب بيانات تفصيلية عن الفقراء، وهو ما يعد معضلة في الدول النامية ومنها ليبيا، حيث لا تمتلك هذه الدول البنية المؤسساتية اللازمة لتشغيل نظام واسع للدعم النقدي ولا تمتلك قواعد بيانات عن الفقراء قابلة للتحديث بشكل تلقائي.

وأضاف أبوليسن أن أي تغير يحدث على مستويات الأسعار (رفع الدعم مثلا) أو مستويات الاُجور دون سياسات مدروسة جيدا سيكون له تأثير سلبي على النسبة الأعظم من السكان وبالتالي على معدل الفقر.وتصل معدلات الفقر في ليبيا إلى 29′ وفقا لآخر بيانات للهيئة العامة للمعلومات صدرت في مطلع 2011 ، بينما تقول إحصائيات غير رسمية أن معدلات الفقر وصلت في نهاية عام 2012 إلى 40′.

ويقول إقتصاديون محليّون أن لديهم مخاوف من ارتفاع التضخم وامتصاص الجزء الأكبر من الدعم النقدي، حال لجوء بعض التجار إلى رفع هامش الربح في السلع الغذائية وغياب رقابة الدولة’.

من جانبه يقول نصر سلامة، من إدارة التخطيط الإقتصادي والإجتماعي في وزارة التخطيط في تصريحات صحافية، إن الدعم السلعي رُفع بالفعل إبان فترة النظام السابق’لأشهر معدودة فقط، ولكن الدراسات القائمة آنذاك لم تعالج المشكلات التي نتجت عن ذلك مثل ارتفاع الأسعار والاحتكار، مما ألزم النظام السابق’بالعودة إلى نظام الدعم السلعي وتخفيض سعر المحروقات بشكل عاجل ولاسيما في فترة بداية الثورة”.وأضاف سلامه أن معظم الدراسات الحكومية الموجودة بشأن رفع الدعم السلعي قديمة، ولا يوجد لها أي تحديث في معالجة صحيحة للوضع الحالي، حسب تعبيره.

ويقول عبد السلام’نصية،’الرئيس المستقيل للجنة التخطيط والمالية في المؤتمر الوطني، أن سكان ليبيا يبلغ عددهم ’6 مليون نسمة’في حين أن الدعم السلعي’يوزع′على 9 مليون نسمة’أي أن هناك 3 مليون نسمه يحصلون على دعم زائد’.
وأضاف نصية في التصريحات إن بلاده كانت تعتزم بحلول العام الجاري تخفيض’الدعم ليكون على أربع سلع بدلا من 12 سلعة، وأشار’إلى أن المحروقات التي يصل دعمها إلى’ 8 مليار دينار يذهب جزء كبير منها للتهريب.
(الدولار يساوي 1.2322 دينار ليبي).