المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة الداخلية والخارجية لم تتوقف، والعملية السياسية لا تزال تنبض، لكن ببطء. ورغم أن الإطار الأساسي لتلك المفاوضات، التي شهدت جولتين في كانون الثاني وشباط الماضيين
محمد بلوط
المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة الداخلية والخارجية لم تتوقف، والعملية السياسية لا تزال تنبض، لكن ببطء. ورغم أن الإطار الأساسي لتلك المفاوضات، التي شهدت جولتين في كانون الثاني وشباط الماضيين، قد فشل فشلاً ذريعاً في إحداث أي تقدم في العملية السياسية، إلا أن بعض المحاولات لإجراء حوار بين الطرفين، ولكن على جدول أعمال أقل طموحاً من قضايا وقف العنف ومحاربة الإرهاب، والحكومة الانتقالية، لم تتعطّل بالكامل.
وتقول معلومات متقاطعة إن الطرفين باشرا، منذ أسابيع، اختبار ما يُسمى بالمسار الثاني للمفاوضات، بعيداً عن أجندة «جنيف 1»، ومن دون مشاركة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، وبرعاية مراكز أوروبية تعنى بتسهيل تسوية النزاعات المسلحة، استقبلت تلك اللقاءات. وتشهد جنيف اجتماعاً على «المسار الثاني» نهاية هذا الأسبوع يندرج في إطار الاستراتيجية الموازية لـ«جنيف 1». ويشارك في الاجتماع 15 شخصية، بعضها مقرب من الحكومة وبعضها الآخر من المسؤولين السابقين وشخصيات المجتمع المدني ومعارضين من الداخل والخارج.
ورغم أنه لا توجد رعاية رسمية مباشرة من الأمم المتحدة للمسار الثاني، إلا أن المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي سيلتقي غداً وفداً من العاملين على المسار الثاني، الذي لا يزال قيد الاختبار، على أن تعقد الاجتماعات السبت والأحد المقبلين.
وتقول مصادر سورية إن أكثر من وفد مختلف التركيب، ممن جاؤوا من هيئات سياسية ومدنية معارضة من الداخل السوري، وبعضهم ينتمي إلى كتل معارضة في الخارج، أقصيت عن اجتماعات جنيف، ووفد «الائتلافيين»، باتت تشارك في تلك الاجتماعات، فيما لا تزال شخصيات خرجت من «الائتلاف» تنتظر معرفة ما سيؤول إليه المسار الثاني، لتقرر ما إذا كانت ستنضمّ إليه أم لا.
ويشارك في اللقاءات مقربون من الحكومة السورية ومسؤولون ووزراء سابقون في حكومات سورية وبعض الضباط. ويقول مصدر ديبلوماسي إن الاتصالات بين الطرفين تشهد توسعاً لتضم في لقاء مقبل بعض الشخصيات المقربة من المعارضة المسلحة، لا سيما احد ممثلي «الجبهة الإسلامية» التي يقودها زهران علوش، الذي بات يعمل من خلال الهيئة السياسية لـ«الائتلاف» المنتخبة مؤخراً، من خلال ممثله فيها محمد خير الوزير.
ويقول قطب سوري معارض في جنيف إن المسار الثاني والمفاوضات السرية ضرورية في هذه المرحلة، بعد أن أدّت المفاوضات العلنية، والبرنامج المحدّد سلفاً لها، إلى تصلب جميع الأطراف. ويضيف أن محاولات لعقد حوار بين مقربين من الحكومة السورية ومعارضين لم تذهب بعيداً، لأنها عقدت بشكل علني في قرطبة مرتين متتاليتين مطلع هذا العام والعام الماضي، برعاية من وزارة الخارجية الاسبانية، وان الاجتماعات العلنية بين الطرفين لن يكتب لها النجاح قبل حوار تمهيدي سري يؤدي إلى توفير قاعدة جدية من القضايا التي يمكن الاتفاق عليها.
ويعمل المسار الثاني أيضاً بعيداً عن أي رعاية روسية أو أميركية، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة المفاوضات الحقيقية، ويقتصر على الحوار فقط، وعلى استكشاف النقاط المشتركة التي يمكن البناء عليها، وتحويل المسار الثاني إلى مسار تفاوضي كامل.
ويقول مصدر سوري إن الحوار يدور حالياً أيضاً على مستوى الصف الثاني من الشخصيات المقربة من الحكومة السورية وبعض المعارضين، على نقل المفاوضات حول الهدن والتسويات المحلية، التي بلغ عددها ٤٨ هدنة أو تسوية بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة، خصوصاً في الغوطتين الشرقية والغربية وريف دمشق، إلى مستوى وطني. ويجري البحث حالياً في تقديم إطار سياسي واسع لاتفاقات وقف إطلاق النار، أو تسوية أوضاع المسلحين، لكي تتحول إلى قاعدة لوقف إطلاق للنار أوسع واشمل من التسويات الجزئية الحالية.
من جهة ثانية، زار رئيس «الائتلاف» احمد الجربا جدة، حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، حيث تم «استعراض آخر مستجدات الأوضاع على الساحة السورية والجهود المبذولة لإنهاء معاناة الشعب السوري».
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مقرن تأكيده للجربا «موقف المملكة الثابت من ضرورة وضع حد لجميع أنواع الإبادة والتجويع التي يتعرض لها الشعب السوري».
وذكر بيان لـ«الائتلاف» أنه «تم خلال اللقاء بين الجربا وسلمان بحث سبل دعم الثوار على المستويات كافة، نظراً لفداحة الكارثة التي يعاني منها الشعب السوري جراء إرهاب نظام (الرئيس بشار) الأسد».
واعتبر الجربا أن «نظام الأسد ما زال مصراً على تدمير كامل الأرض السورية مستخدماً الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيميائي، كما فعل منذ أيام في مناطق سورية». وأشار إلى أن «الأسد بإعلان مسرحية انتخابه لولاية غير شرعية جديدة، يغلق الباب أمام أي حل سياسي، وهذا ما يدركه المجتمع الدولي».
وكانت السلطات السورية أعلنت فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية أمس ولمدة عشرة أيام. وحددت 3 حزيران المقبل موعداً للاقتراع.
http://www.assafir.com/Article/1/347557
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه