استقبل الفلسطينيون اتفاق المصالحة الاحدث بين حركتي “فتح و”حماس″ بترحيب “متحفظ”، لانهم يملكون الكثير من الشكوك حول امكانية نجاحه وبالتالي تطبيقه على الارض، وهي شكوك متوقعة ومبررة
.. وليس لدى حماس ما تخسره.. وامريكا اثبتت كراهيتها ونفاقها بمعارضته
عبد الباري عطوان
استقبل الفلسطينيون اتفاق المصالحة الاحدث بين حركتي “فتح و”حماس″ بترحيب “متحفظ”، لانهم يملكون الكثير من الشكوك حول امكانية نجاحه وبالتالي تطبيقه على الارض، وهي شكوك متوقعة ومبررة في الوقت نفسه بالنظر الى فشل اتفاقين سابقين، الاول جرى توقيعه في القاهرة، والثاني في الدوحة، ولم ينجحا مطلقا في تحقيق الوحدة الوطنية او تشكيل حكومة توافقية بل ما حدث هو العكس تماما اي تصاعد الخلافات والاعتقالات والاتهامات المتبادلة بالتخوين.
هذا الاتفاق جاء نتيجة تأزم اوضاع الطرفين ومحاولة للخروج من الطريق المسدود الذي وصلا اليه، فرهان الرئيس محمود عباس على العملية السلمية والمفاوضات للوصول الى دولة مستقلة انهار كليا، ولم يحقق اي من اهدافه وابرزها الوصول الى الدولة المستقلة، اما اعباء حركة حماس المالية والادارية المترتبة على الحصارين المصري والاسرائيلي فقد تفاقمت بحيث اصابت حكمها بحالة اقرب الى الشلل والعجز الكامل عن تسديد مرتبات موظفي حكومتها.
انه اتفاق الحد الادنى بين كيانيين “فيدراليين” او “كونفدراليين” يبقي الهياكل القائمة في السلطتين على حالهما دون اي تغيير، فحركة “حماس″ ستحتفظ بقواتها الامنية وحكمها في قطاع غزة، والسلطة في رام الله ستحتفظ بدورها بقواتها الامنية الموازية، وفوقها التنسيق الامني مع اسرائيل ولو في مرحلة انتقالية على الاقل.
مفتاح النجاح او الفشل لهذا الاتفاق الذي لم يتم بوساطة عربية مثلما كان عليه حال الاتفاقين السابقين في يد الرئيس عباس ولا احد غيره، بعد ان تنازلت حركة حماس عن كل شروطها السابقة وابرزها وقف المفاوضات وانهاء التنسيق الامني مع اسرائيل، كبادرة حسن نية من جانبها.
التحدي الاكبر لادارة الرئيس عباس ياتي من الولايات المتحدة التي اعتبرت هذا الاتفاق لا يساعد عملية السلام، ومن اسرائيل التي اعلنت تجميد المفاوضات وانها سترد على الخطوات الاحادية الجانب التي قامت بها السلطة الفلسطينية بسلسلة من “الاجراءات العقابية”.
هذا الموقف الامريكي المعارض للمصالحة يكشف عن سياسة امريكية عنصرية ونفاقية وتبن كامل لشروط ومواقف اسرائيل العنصرية الفاشية، فكيف يمكن ان تعرقل مصالحة بين طرفي المعادلة السياسية الفلسطينية عملية سلمية هي في حال موت سريري منذ 15 عاما على الاقل؟
لا نعرف مدى صلابة الرئيس عباس في الصمود امام هذه التهديدات والضغوط الامريكية والاسرائيلية، ومدى جديته في تنفيذ هذا الاتفاق بالتالي، ولكن ما نعرفه جيدا، وبحكم التجارب السابقة، ان مقاومته لهذه الضغوط ضعيفة بل معدومة، وهذا هو السبب في فشل كل الاتفاقات السابقة، ولا نستغرب ان يستخدم الرئيس عباس اتفاق المصالحة هذا لتحسين موقفه التفاوضي، والحصول على تنازلات صغيرة وجانبية من الاسرائيليين بتدخل امريكي، مثل الافراج عن الدفعة الاخيرة من الاسرى الفلسطينيين، وفك تجميد اموال السلطة لدى الحكومة الاسرائيلية، ودفعة اضافية من اموال او صدقات الدول المانحة لحل ازمة السلطة المالية وبما يمكنها من دفع الرواتب وسد جزء من العجز في ميزانيتها.
نتمنى ان يخيب الرئيس توقعاتنا، وان يبدد شكوكنا والغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، ويتحدى التهديدات الامريكية والاسرائيلية ويسير قدما في الاتفاق ويبدأ فورا في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية واعادة اللحمة بين الضفة وغزة.
افعلها يا سيد عباس فأمامك فرصة تاريخية لرد الاعتبار والاحترام لنفسك واعادة القضية الفلسطينية الى الطريق المشرف الذي حادت عنه بسبب اكذوبة اتفاقات اوسلو التي كنت مهندسها الاكبر، طريق المقاومة باشكالها كافة.
http://www.raialyoum.com/?p=79304
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه