تنتهي اليوم مهلة الأسبوعين المخصصة لدراسة «سلسلة الرتب والرواتب». وبالرغم من أنه بات مؤكداً أن تقرير اللجنة المنبثقة عن الهيئة العامة لن ينتهي مع انتهاء المهلة...
إيلي الفرزلي
تنتهي اليوم مهلة الأسبوعين المخصصة لدراسة «سلسلة الرتب والرواتب». وبالرغم من أنه بات مؤكداً أن تقرير اللجنة المنبثقة عن الهيئة العامة لن ينتهي مع انتهاء المهلة، إلا أن مصادرها تؤكد أن أعمالها شارفت على النهاية بالفعل، وهي ستعلن انتهاء عملها بين الغد ونهاية الأسبوع بحد أقصى.
هذا لا يعني شيئاً بالنسبة لأصحاب الحقوق، الذين يستعدون في المقابل لـ«رد مدوٍّ» عبر إعادة الزخم إلى الشارع، من خلال التظاهرة التي ستنطلق من أمام المصرف المركزي وصولاً إلى ساحة رياض الصلح، مروراً بغرفة التجارة والصناعة وجمعية المصارف، والمقترنة بإضراب شامل.
التشاؤم يلف الموظفين والأساتذة والعسكريين الذين صاروا شبه متيقنين أن «السلسلة» لن تُقر، وإن أُقرت فهي حكماً لن تعبر عن مطالب الناس، إنما ستكون ممسوخة، ولا تشبه حتى المشروع الذي أقرته اللجان المشتركة مع كل الاعتراضات التي واجهته.
وبعد التسريبات التي خرجت من اللجنة ومفادها عصر نفقات المشروع، وصولاً إلى ما دون 1700 مليار ليرة، صار الجميع أمام «سلسلة» جديدة، لا تشبه تلك التي أقرتها الحكومة أو تلك التي أقرتها اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة أو تلك التي وصلت إلى الهيئة العامة.
وإذا كان الرئيس فؤاد السنيورة قد «سيّج» مشروع «السلسلة» بمجموعة لاءات وملاحظات في الهيئة العامة، ضارباً كل ما أنجز على مدى سنتين من النقاش والدراسة، فها هي اللجنة تؤكد السير على خطاه، ضاربة عرض الحائط كل الاتفاقات والتعهدات التي أبرمت مع أصحاب الحقوق من أساتذة وإداريين وعسكريين.
بعيداً عن النقاش حول عدم جواز الخلط بين «السلسلة» وبين قوانين الموازنة والاعتمادات الإضافية التي لا يجوز لمجلس النواب زيادة نفقاتها عن الحد الموضوع حكومياً، قامت اللجنة بتخفيض أرقام «السلسلة» نحو 400 مليار ليرة عن أرقام الحكومة. إذ إن ما يحكى عن الكلفة التي قدرتها الحكومة ب1669 مليار ليرة هي ليست الكلفة النهائية، باعتراف الحكومة التي أقرتها نفسها. فقد تبين خلال مناقشات اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة أن الحكومة سهت عن احتساب 434 مليار ليرة (الزيادات على التعويضات العائلية، الزيادات على اشتراكات الضمان والنقل ومساهمة الدولة في المدارس المجانية). علماً أن الوزارة عادت وأقرت بذلك بشكل رسمي عبر ملحق أرسلته إلى مجلس النواب، مما رفع كلفة السلسلة حكومياً إلى 2103 مليارات.
لم تتعامل اللجنة مع هذا الرقم ولا مع الرقم الذي صدر من اللجنة التي انبثقت من اللجان المشتركة (نحو 2300 مليار) ولا مع الرقم الذي أقرته اللجان في ختام مناقشاتها (2341). تذكرت رقماً حتى الحكومة لم تعد تتبناه وتظللت بفيئه، بمباركة من الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس الفعلي للجنة.
أن تخفض «السلسلة» نحو 400 مليار عن الرقم الأقل، فهذا يعني أولاً استخفافاً بحقوق الموظفين، وثانياً عدم وجود نية في إصدار القانون. وبحسب المعلومات القليلة التي يسربها أعضاء اللجنة، فقد استثني المتقاعدون من المشروع، كما ألغيت 6 درجات لأساتذة التعليم الأساسي و4.5 درجات لأساتذة الثانوي، وألغيت التدابير للعسكريين والمنح المدرسية واتفق على زيادة ساعات العمل...، إضافة إلى إقرار مبدأ التقسيط وإلغاء المفعول الرجعي اللذين سبق ووافقت عليهما كل الكتل.
أما في الشق المتعلق بالإيرادات فلا تزال الضبابية تتحكم بالمسألة. وتحت عنوان «الضرائب ستكون عادلة»، تم التغاضي عن كل الضرائب غير التقليدية، وحسمت مسألة الرسوم على الأملاك البحرية، مع تخفيض عائداتها. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الضريبة على المصارف ستلغى، ترك أحد أعضاء اللجنة الأمر ملتبساً، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا بد من توزيع أعباء الضريبة على مختلف الفئات.
في المقابل، حذرت مصادر متابعة لأعمال اللجنة، من توجه نحو القبول باقتراح المصارف، وحصر الضريبة بـ«عوائد هوامش الأرباح» وليس بالأرباح كلها أسوة بباقي المكلفين بالضريبة، من دون وضع حد للمخالفات التي تقوم بها المصارف من خلال حسم الرسوم التي يدفعها المودعون من قيمة الضرائب المتوجبة عليها. وإذا تم السير بهذا الاقتراح، فإن الضرائب المصرفية ستنخفض من نحو 240 مليون دولار كما كانت متوقعة في اللجان المشتركة إلى 86 مليون دولار فقط، علماً ان الأخطر من تخفيض القيمة هو تغيير طبيعتها، بحيث تصبح أرباح المصارف غير مشمولة بالضريبة إلا في الشق المحصور بالفوارق بين الفوائد التي تحصّلها من مصرف لبنان وبين الفوائد التي تدفعها للمودعين. يعتبر مصدر في اللجنة أن هذه الإيرادات ليست مهمة إنما الأولوية يجب أن تكون لوقف الهدر، مستشهداً بالهدر في الرسوم الجمركية الذي «لو ضبط يمكنه أن يغطي كل السلسلة».
القلق لا يقتصر على طريقة التعامل مع الضريبة على المصارف، إنما التعامل مع الضريبة على القيمة المضافة أيضاً، حيث لم تتضح بعد توجهات اللجنة في هذا السياق، خاصة أن مصادرها تؤكد أنها لا تزال أكثر الضرائب سهولة في التحصيل أسوة برسم الطابع.
الغريب أن اللجنة، التي يسميها البعض «لجنة السنيورة»، متيقنة أن كل ما تقوم به لن يحظى بتأييد أصحاب الحقوق ولا الكتل النيابية غير الممثلة فيها، ومع ذلك فإنها مصرة على القيام بما هو غير مقبول. هل هذا هو المطلوب؟ ثمة من يقول نعم، مفترضاً ان القرار يقضي بتقديم «سلسلة بلا قيمة»، يصار إلى طرحها مع بداية أيار، ثم تضيع مع الاستحقاق الرئاسي وتحول المجلس إلى هيئة ناخبة.
وبعد البيان المقتضب الذي صدر عن اللجنة منذ أسبوعين، أصدرت أمس بياناً مقتضباً خصصته لنقد ما ينقله الإعلام عن أعضاء اللجنة، والتأكيد على سرية مداولاتها.
ومع استمرار تغيب وزير المالية علي حسن خليل ورئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، والاكتفاء بحضور ممثلين عن الوزارة مهمتهم محصورة بالرد على استفسارات النواب من دون تقديم أي اقتراحات، إلى جانب الأعضاء: جورج عدوان، آلان عون، سامر سعادة، غازي يوسف وجمال الجراح، فإن اللجنة فاخرت بحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس.
وبعد الاجتماع قال عدوان إن «اللجنة ملتزمة بإنهاء تقريرها في المهلة المحددة، ليصار إلى عرضه ومناقشته وإقراره في الهيئة العامة في اقرب وقت وفقا للأصول، وإعطاء اصحاب الحقوق حقوقهم، من دون تعريض الاقتصاد الوطني والمالية العامة والمستوى المعيشي والقوة الشرائية للمواطنين ايضا، للانعكاسات السلبية».
http://www.assafir.com/Article/1/348464
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه