يت صواريخ الكاتيوشا، التي لم تكن وقتها بنفس التطور الذي وصلت اليه اليوم، تدك حصونهم، ترعبهم بالرغم من أنها لا تقتل إلا الشخص الذي تصيبه مباشرة.
حين أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال عدوان نيسان العام ١٩٩٦ التعبئة العامة في صفوف المقاومة، للوقوف في وجه العدوان الصهيوني، لم أفهم في بداية الاعلان معنى التعبئة العامة، كنت ابنة ٩ سنوات، لا أفقه في مصطلحات الحروب، ثم تم شرح هذا المعنى وهو ان المقاومة سترد على العدوان وستكون في حالة دفاع.
مروة ياسين/ موقع المقاومة الإسلامية
لم أكن سوى طفلة، رأيت مشاهد المجازر وبكيت، بكيت عندما رأيت الفتاة في مجزرة المنصوري تركض وتقول "بدي اخواتي"، والطفلتان في السيارة مضرجتان بالدماء، وإحداهما تنادي بصوت مخنوق "يا عمتي.. يا عمتي". بقي صوتها في أذني منذ أن عُرض مشهد الإسعاف المقصوفة على التلفاز. أما تلك الطفلة التي نامت بهدوء على حافة شباك السيارة، فكان هدوؤها غضبًا حارقًا عابرًا للشرايين!
كانت فكرة التعبئة العامة عندما فهمتها بالنسبة إلي شعورًا كبيرًا بالراحة والطمأنينة، في لحظة تبدل أمامي كل شيء، نحن لسنا ضعفاء، نحن نستند إلى جبل، سنكون بخير إن شاء الله، وكأن الرسول يقول لكل واحد منا: "لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا" .
نعم لقد كان الله، ونصرُ الله معنا. وقع في صفوفنا الكثير من الشهداء، لم يكن آخرهم الـ ١٠٦ شهداء في مجزرة قانا، حيث ما تزال الدماء المتجمدة على جدران مركز الأمم المتحدة شاهدة حتى اليوم على ما جرى على العائلات التي لجأت إلى "جهة دولية"، ظنًا منها أنها قد تجد بعض الأمان. هذه العائلات التي غاب عن ذهنها، أن نفس هذه "الجهة الدولية" كذبت عليهم عندما ادعت أنها تعنى بحقوق الانسان وحريته وكرامته وأصدرت القرار ٤٢٥ العام ١٩٧٨، الذي يقضي باحترام سلامة لبنان وسيادته والانسحاب منه بعد عملية الليطاني. هذه الجهات الدولية التي عادت وخانتهم من جديد في مروحين، خلال عدوان تموز ٢٠٠٦، هذه الجهات الدولية، التي اذا مررت على حدود الجنوب، تجد فوهات مدفعياتها موجهة إلى لبنان، وظهور جنودها موجهة الى العدو، كأنها في مهمة لحماية "اسرائيل"!
لا يهم أن تكون الجهات الدولية معنا أو لا تكون، لأن الله معنا. كنا متيقنين، واثقين بأننا سننتصر. بقيت صواريخ الكاتيوشا، التي لم تكن وقتها بنفس التطور الذي وصلت اليه اليوم، تدك حصونهم، ترعبهم بالرغم من أنها لا تقتل إلا الشخص الذي تصيبه مباشرة. جربوا فينا كل أنواع الأسلحة، برًا وجوًا وبحرًا... وبقيت الكاتيوشا ترعبهم، لأن الله معنا.
منذ أُعلنت التعبئة العامة في نيسان ١٩٩٦، اطمأن القلب، لقد أصبح "الموت" في سبيل الأرض والجنوب منذ ذلك الوقت شهيًا. بقينا على اطمئناننا حتى اندحر العدو العام ٢٠٠٠. يا الله! لقد أصبحنا أقوى! وفي العام ٢٠٠٦، ونحن لم نستفق بعد من سكرة الانتصار ودحر العدو، جاؤونا في عز فرحنا، من جديد، كانت الثقة أقوى، في كل خطوة أحسنا فيها الظن بالمقاومة، أكدت لنا هي أن ثقتنا بمكانها، في كل مرة، كان حفيد الرسول، نصر الله، يهمس في آذاننا ونحن في الغار "لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا" .
كما وثقنا بك دائمًا، نثق بك مجددًا...