ينبغي على المصارف التي لن يكفي رأس مالها لمواجهة السيناريوات المفترضة ان تقدم خططاً لتعزيز احتياطاتها من طريق تدبير سيولة جديدة من المستثمرين
يضع المسؤولون اختبارات هي الأصعب التي تواجهها مصارف أوروبا على الإطلاق في ظل المخاوف من انكماش الأسعار في منطقة اليورو واضطرابات الأسواق الناشئة والعزم على عدم تكرار أخطاء الماضي.
وتكشف هيئة المصارف الأوروبية غداً عن سيناريوات أزمة يتعين على المصارف ان تثبت قدرتها على الصمود في مواجهتها دون اللجوء إلى أموال دافعي الضرائب كما حدث في عمليات الإنقاذ التي كادت تتسبب في إفلاس بعض الدول خلال الأزمة بين عامي 2008 و2012.
وينبغي على المصارف التي لن يكفي رأس مالها لمواجهة السيناريوات المفترضة ان تقدم خططاً لتعزيز احتياطاتها من طريق تدبير سيولة جديدة من المستثمرين أو بيع أصول أو استبقاء الأرباح بدلاً من دفع توزيعات. وجمعت المصارف بالفعل سيولة بالبلايين من اليوروات وباشرت إصلاحات أخرى قبيل الاختبارات التي يأمل المسؤولون بأن تبدد في شكل نهائي أي شكوك لدى المستثمرين إزاء القطاع كي يتجدد التركيز على الإقراض لتعزيز النمو.
وانتعش الاقتصاد الأوروبي منذ جولة اختبارات التحمل السابقة للمصارف قبل ثلاث سنوات. وتدعم أسعار الاقتراض البالغة الانخفاض لدول مثل اليونان - التي أصبحت تستطيع الاقتراض لأجل خمس سنوات بفائدة أقل من خمسة في المئة مقارنة بـ 20 في المئة عندما جرت اختبارات 2011 - وجهة النظر بأن منطقة اليورو تخطّت ذروة الأزمة. لكن بعد الانتقادات الواسعة النطاق التي وجهت لاختبارات 2010 و2011 بأنها كانت بالغة السهولة وفي ضوء الأخطار الجديدة التي تلوح في الأفق يرجح ان تضع الجهات التنظيمية شروطاً قاسية هذه المرة.
وقال مارك زاندي، رئيس الاقتصاديين لدى «موديز أناليتكس» المقيم في فيلادلفيا: «الشيء المهم ان يكون السيناريو من العمق والقتامة بما يضاهي الركود العظيم على الأقل أي الأزمة المالية لعامَي 2008 و2009. يمكن ببساطة توقع سيناريو شديد على غرار ما مررنا به».
وتظهر الأرقام المسربة قبل إعلان الغد ان الهيئات التنظيمية تأخذ موقفاً أكثر تشدداً في شأن النمو مقارنة بـ 2011 عندما سجلت 18 دولة من دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين نمواً أضعف من الأرقام التي قامت عليها اختبارات 2012. والمثال الأبرز على ذلك اليونان حيث نصّ السيناريو الخاص بها على انكماش نسبته 1.2 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي بينما بلغ معدل الانكماش الفعلي سبعة في المئة.
وقال ستيفن سميث، مدير فريق مراجعة المصارف الأوروبية لدى «كيه بي ام جي»، إن «أحد المجالات الرئيسية هو طبيعة اختبار الناتج المحلي الإجمالي وكيف سيوزع بين شتى الدول». وقال مصدر مطلع ان هناك اتجاهاً لتطبيق سنياريوات أشد على الدول التي لم تمر بأزمات كبيرة بعد باعتبارها الأكثر عرضة لتراجع أكبر وهو ما قد تعارضه دول مثل ألمانيا.
وقال كولين مكلين، الرئيس التنفيذي لشركة «اس في ام» لإدارة الأصول في ادنبره: «يمكن الالتفاف حول ذلك بالسخاء البالغ في توقعات النمو لدول التخوم. والسوق ستقبل بذلك ما دام الافتراض العام للناتج المحلي الإجمالي أشد صرامة من المرة السابقة وإذا بدا متمشياً مع اختبارات الولايات المتحدة».
وحددت أحدث نسخة من اختبارات التحمل الأميركية السيناريو السلبي للناتج المحلي الإجمالي عند مستوى يقل 4.7 نقطة مئوية عن المتوقع لربع واحد، ولكن المتوسط العام كان أقرب إلى فرق قدره نقطتا أساس. وتبلغ الفجوة في اختبارات الاتحاد الأوروبي ما بين 1.5 و2.2 نقطة أساس بين السيناريو الأساسي والسلبي.
ويــرى المحللون أن النمو الاقتصادي هو العـــامل الأهم في اختبارات التحمّل. ويشير سمــــيث من «كيه بي ام جي» إلى ان خسائر المصـــارف في الرهون العقارية وقروض الشـــركات سترجع بالأساس إلى توقعات الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات البطالة.