خلال 3 سنوات من القمع الذي مورس ضد شريحة واسعة من الشعب، كان سجل السلطات البحرينية حافلاً بالانتهاكات للحقوق والحريات الدينية
خلال 3 سنوات من القمع الذي مورس ضد شريحة واسعة من الشعب، كان سجل السلطات البحرينية حافلاً بالانتهاكات للحقوق والحريات الدينية.. تجاهلت الحكومة البحرينية أصوات المنادين بإلغاء التمييز الديني، أمعنت في الاستهداف الذي تحمل في كثير من الاحيان طابعا طائفيا ضد شريحة واسعة من البحرينيين، وصدت أبواب الحوار بوجه الحراك المطلبي.
المملكة نفسها التي يحفل سجلها بالانتهاكات الدينية، تستضيف اليوم الاثنين وعلى مدى أيام ثلاث مؤتمراً حول حوار الحضارات والثقافات، ويشارك فيه 150 شخصية دينية وثقافية، أبرزهم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وأمين عام منظمة التعاون الاسلامي اياد مدني و بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي و بطريرك الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكاثوليكوس آرام الأول كيشيشيان و ممثل بابا الفاتيكان البطريرك كاميليو بالين، وممثلين عن الديانة اليهودية والبوذية.
كما يحضر المؤتمر كل من: تركي الفيصل و الحسن بن طلال ووكيل وزارة الخارجية السعودية تركي بن محمد بن سعود الكبير .
البحرين وسجل الانتهاكات الدينية
في آخر تقرير عن انتهاك الحريات الدينية تحدث مرصد البحرين لحقوق الانسان عن منع المعتقلين في سجون السلطة من أداء الصلاة، وتوجيه الإهانات لهم وسب طائفتهم والنيل من معتقداتهم، وهو السلوك ذاته الذي وثّقه تقرير لجنة تقصي الحقائق الملكية المعروف بـ "تقرير بسيوني" عن معاملة أجهزة الأمن للمعتقلين منذ عام 2011.
وأشار التقرير إلى العقاب الجماعي الذي ينتهجه النظام ضد مناطق بحرينية من لون طائفي معيّن، وعرج على تهميش أبنائهم في منحهم وظائف في القطاع العام؛ بسبب انتمائهم المذهبي.
هدم وتخريب المساجد
أقدمت سلطات البحرين على هدم أكثر من 38 مسجداً وداراً للعبادة مع التخريب والعبث بالعشرات غيرها، بينها ما هو تاريخي.
وقد هدمت السلطات مسجد أمير محمد البربغي، الذي يعود تشييده إلى ما قبل 450 عاماَ، أي يمتد تاريخه إلى ما قبل قدوم آل خليفة إلى البحرين.
كما عمدت إلى تخريب مقام الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان العبدي. وقالت جمعية الوفاق الوطني إنه "تم العبث بكل مقدرات المسجد والمقام وتم العبث بالقبر والمسجد وكل مقدرات المسجد، ضمن منهجية التعدي على المساجد التابعة للطائفة الشيعية والتي طالت سابقا أكثر من 38 مسجدا بالهدم الكامل وعشرات المساجد بالتخريب والعبث ".
وتعليقاً على حملة المساجد التي رصدها تقرير لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية، قالت الجمعية المعارضة إن الحملة "شملت تلك الحملات عمليات هدم لأكثر من 38 مسجد مع تخريب وعبث بعشرات غيرها، وشكلت سابقة تاريخية منذ دخول البحرين في الاسلام في القرن الأول من الإسلام... شملت تلك الحملة الغاشمة إزالة مساجد ومقابر وأضرحة من جذروها"، حسبما ذكر تقرير الوفاق.
من جهتها، بررت السلطات البحرينية ما قامت به من عمليات هم بأنه نُفذ ضد منشآت غير مرخصة، إلا أن العديد من هذه المساجد كانت مرخصة ومسجلة لدى إدارة الأوقاف الجعفرية، وفق ما أكدت عليه مراراً تقارير للمعارضة البحرينية.
وأتى تقرير اللجنة الملكية لتقصي الحقائق أو ما يُعرف بـ "تقرير بسيوني" ليدحض مزاعم السلطات البحرينية. فحقق شريف بسيوني في قضية هدم 35 مسجداً، مؤكداً "أن خمسة منهم هدمواً خلافاً للقانون، فيما جرى هدم البقية خلافاً للإجراءات الإدارية المتبعة"، وفق حديث سابق أدلى به الناشط الحقوقي فلاح ربيع لموقع المنار.
"مسجد البربغي يعود إلى قبل 450 عاماً، أي ما قبل دخول آل خليفة بـ 220 سنة، مثل هذا المسجد لا يوجد له وثيقة رسمية لكن يكتفي اعماره أو بيانه من خلال وثيقة المسح وشهادة البلدية وبعض الاجراءات الادارية المتبعة لدى الحكومة أو لدى وزارة البلديات والزراعة"، قال ربيع.
حل المجلس العلمائي
وفي 29 كانون الثاني/ يناير من العام الجاري، قضت المحكمة الإدارية الكبرى في البحرين، بحل المجلس الاسلامي العلمائي، الذي يُعتبر أعلى هيئة دينية للمسلمين الشيعة في البحرين، والحجر على أمواله.
الحكم جاء على خلفية قضية رفعها وزير العدل خالد بن علي آل خليفة، وهو ما رأت المعارضة البحرينية أنه كشف عن "حجم التعاطي الطائفي البغيض لدى النظام واستعداءه لمكون رئيسي" في البلاد.
أما رئيس المجلس الاسلامي العلمائي السيد مجيد المشعل فقد وصف الحكم بأنه جريمة كبيرة وانتهاك كبير للحرية الدينية ولحرية التعبير عن الرأي.
كما وصفه الشيخ عيسى قاسم بأنه "حكم سياسي طائفي عدائي بغيض ترتكبه السلطة في سياق محاولات لا تنقطع لإحداث شرخٍ طائفي خطير".
اعتداءات عاشوراء
وقد شهد العام الماضي اعتداءات متكررة على الشعائر الحسينية والفعاليات التي نظمها بحرينيون لاحياء مناسبة عاشوراء، ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع)، سبط نبي الاسلام محمد(ص)، وهي مناسبة يجلها عموم المسلمين.
وتحدث مرصد البحرين لحقوق الانسان في تقريره عن إجراءات تعسفية بناءً على أوامر من جهات حكومية عليا في البلاد، مسجلاً 42 قضية ضد وعّاظٍ ومنشدين، ووقوع 24 حالة إزالة وتخريب لافتات سوداء وأعلام تتعلق بعاشوراء، واستدعاء 28 من خطباء المنبر للتحقيق، وتعرض اثنين من المواكب الدينية للاعتداء، بالإضافة إلى سجن أحد منشدي المواكب العزائية.
ففي الأيام الأولى من شهر محرم، اعتدت قوات النظام البحريني على موكب عاشورائي في منطقة النويدرات، جنوب العاصمة المنامة، ما أدى إلى وقوع حالات اختناق بين الأطفال والكبار في السن. وأقدمت القوات على اعتقال شاب من صفوف المشاركين في الموكب الذي خرج تحت شعار "لبيك يا حسين"، وانهالوا عليهم ضرباً.
لاحقاً نشر الناشط الحقوقي البحريني يوسف المحافظة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مشاهد أظهرت قوات النظام البحريني وهي تقوم بنزع الرايات العاشورائية التي رُفعت في منطقتي: النويدرات وسند.
وقد رأى كل من مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان أن حكومة البحرين "تحاول التحريض المتعمد" لاستدراج رد فعل عنيف بعد استهداف البحرينيين في فترة دينية يقدسونها.
تلاحقت بعد ذلك الانتهاكات للحريات الدينية، هوجم جامع الامام الصادق، بعد صلاة الجمعة، التي يؤمها الشيخ عيسى قاسم، بالغازات الحارقة. كما تم ترحيل وكيل المرجع الديني السيد علي السيستاني، الشيخ حسين النجاتي بعد سحب جنسيته البحرينية، وهو ما وصفه مقرر الأمم المتحدة المعني بحرية الدين والمعتقد هاينر بيليفيلدت، على أنه من ممارسات التمييز بدوافع دينية.
وهو ما دفع 17 منظمة حقوقية، بحرينية وأجنبية، لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الإنسانية واتخاذ إجراءات فورية لوقف الاستهداف الطائفي في البحرين.
"البحرين تحولت بهذا الإجراء إلى دولة حاضنة للاضطهاد الطائفي، خصوصا مع تورط السلطة بعدد كبير من الانتهاكات التي طالت الحريات الدينية، ومنها هدم عدد من مساجد الطائفة الشيعية وحل المجلس الإسلامي العلمائي مؤخرا، وكانت هذه الانتهاكات محل إدانة من قبل المجتمع الحقوقي الدولي، ولم تبادر السلطات حتى اللحظة إلى الاعتذار عنها أو محاسبة القيادات السياسية والأمنية المتورطة بها"، قال بيان صادر عن المنظمات.