24-11-2024 12:57 AM بتوقيت القدس المحتلة

هل يسرق موقع «هآرتس» بيانات اللبنانيين؟

هل يسرق موقع «هآرتس» بيانات اللبنانيين؟

للإسرائيليّ القدرة على اختراق حسابات للبنانيّين قد تحوي معلومات سريّة، يمكن أن تستخدم في عمليّات استخباراتيّة، وذلك ممكن، خاصّة بوجود «الوحدة 8200» للتجسّس الإلكترونيّ في جيش الدفاع الإسرائيليّ.

هل يسرق موقع «هآرتس» بيانات اللبنانيين؟قد يلجأ اللبنانيّون إلى مواقع إلكترونيّة إسرائيليّة بحثاً عن معلومات تغفل عنها مواقع عربيّة، أو لمعرفة الأخبار من وجهة نظر العدوّ. قد يرى بعض المستخدمين الأمر عابراً، خصوصاً أنّ بعض وسائل الإعلام العربيّة تلجأ إلى الصحف الإسرائيليّة، بوصفها مصدراً للأخبار عن «إسرائيل». 

رنا داود/ جريدة السفير

لكنّه ليس كذلك، بالنسبة لموقع صحيفة «هآرتس» الإسرائيليّة التي تلزم قرّاءها بالاشتراك المدفوع للحصول على المقالات كاملة، إضافة إلى تطبيقات الجوّال. المسألة لا تتوقّف عند استعراض سريع للموقع، بل تتعدّاه إلى مساءلة قانونيّة ومجازفة بالأمان والخصوصيّة الرقميّة للمستخدمين اللبنانيّين.


تتوفّر النسخة الإلكترونيّة لموقع «هآرتس» بالعبريّة والإنكليزيّة. ويشير موقع «أليكسا إنترنت» التابع لشركة «أمازون» الأميركيّة والمتخصّص في إحصائيّات الإنترنت وترتيب المواقع، إلى أنّ موقع «هآرتس» يحصد قرابة 295 ألف زائر في اليوم، ما يعود بريع إعلانيّ يقدرّ بنحو 571 مليون دولار يومياً. أغلب الزوّار من داخل فلسطين المحتلّة والولايات المتّحدة، ثمّ من أوروبا، والدول العربيّة.

أحكام القانون اللبناني

أن يقوم لبنانيّ بالاشتراك بموقع إسرائيليّ ويقدّم معلومات عنه كاسمه وعنوانه وبريده الإلكتروني وبياناته المصرفيّة لجهة إسرائيليّة أمر حسّاس. فالقانون اللبنانيّ صادق على اتفاقيّة جامعة الدول العربيّة لمقاطعة إسرائيل العام 1955، ممّا ينهي عن التعامل مع «إسرائيل» سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً. يتحايل بعض اللبنانيّين على الأمر بتسجيل حسابات بعناوين بريد أجنبيّة، لكنّ ذلك لا يحول دون إمكان تتبّع عنوان «IP» الخاصّ بجهاز المستخدم.

يؤكّد المحامي اللبنانيّ جاد خير الله أنّ دفع اشتراك لموقع «هآرتس» يعتبر علاقة تجاريّة مع جهة إسرائيليّة، وذلك يخالف المادّة 285 من قانون العقوبات اللبنانيّ. تتراوح عقوبة الصفقة التجاريّة مع العدو بين سنة حبس على الأقلّ، وغرامة لا تقلّ عن 200 ألف ليرة لبنانيّة، لكنّها تختلف بحسب القضيّة، فالمحكمة تنظر في كلّ قضيّة على حدة، بحسب خير الله.

وعن المشاركة في منتديات الموقع والتفاعل مع مستخدمين آخرين قد يكونون إسرائيليّين، يشير خير الله إلى أنّه من الصعب الفصل في هذه المسألة لأنّها ضيّقة جدّاً، خصوصاً وأنّه ليس هناك قانون خاصّ بالإنترنت في لبنان للبتّ في مسائل التفاعل إلكترونيّاً، «فالقانون تحدّث عن معاقبة عملاء وجواسيس يضرّون بلبنان وينقلون معلومات أمنيّة عن الجيش اللبنانيّ أو الأحزاب مثلاً، ولكنّه لم يتطرّق للأفراد، أي أنّه لم يتناول المحادثة مع شخص إسرائيليّ عاديّ.

فالكلام بحدّ ذاته ليس جريمة، إلّا إن توافر فيه عنصران: المعنويّ أي نيّة الخيانة ونقل معلومات للعدو، والعنصر المادّي أي عقد صفقة تجاريّة». ويلفت خير الله إلى أنّه سبق وتمّ التحقيق مع لبنانيّين لمحادثتهم مع إسرائيليّين، لكن تمّت تبرئتهم لأنّ عناصر الجريمة لم تستقم. ولكنّه ينصح بالابتعاد عن كلّ ما له صلة بإسرائيل أكان افتراضيّاً أو في الحياة العاديّة. وفي حال لم يكن اللبنانيّ على علم بأنّ الموقع إسرائيليّ، تنتفي النيّة الجرميّة وينتفي القصد الجرمي وعليه لا جريمة ولا عقاب.

دعاية وقرصنة

لا يتوقّف خطر تعرّض اللبنانيّين لموقع «هآرتس» عند المجازفة بانتهاك قانون العقوبات اللبنانيّ، لكنّ فتح حساب على الموقع ودفع اشتراك، أو حتّى تصفّحه فقط يجعل المستخدمين عرضة للاختراق الأمنيّ الإلكترونيّ لأجهزتهم وحساباتهم.
يوضح الباحث في الأمان والخصوصيّة الرقميّة عمر كبّول أنّ «شروط الموقع وأحكامه تنصّ على استخدام المعلومات الشخصيّة لأغراض التسويق والإعلان ولتحليل الحركة، وليس هناك تصريح واضح إن كانت المعلومات التي تخزّن في قاعدة بيانات تنقل أو تباع إلى طرف ثالث الذي قد يستخدمها لأغراض أخرى خارج إطار الدعاية. كما وتشير إلى تحميل «الكوكيز» (سجلّ التتبّع) التي تتعقّب عادات التصفّح للزائر، كنوعيّة المواقع وطبيعتها والبلد، بهدف دراسة اهتمامات القارئ وترويج المقالات التي تعنيه».

صحيفة هأرتس العبريةيرى كبّول أنّ هذه المعلومات خطيرة، كونها مادّة جيّدة ومساعدة للاختراق أو القرصنة. المعلومات الشخصيّة وعنوان البريد كافية لاستهداف المستخدم عن طريق الـ«الذكاء الإجتماعيّ»، إذ يقوم القرصان بتجميع معلومات أوسع، ليشكلّ «قاموساً» يسجّل فيه معطيات للتوصّل إلى كلمة المرور لحسابات المستخدم، مثل أعياد الميلاد، ومنطقة السكن، وأسماء المقرّبين، أو المدارس والجامعات التي ارتادها الشخص، أو الهوايات، استعداداً لـ«brute force attack» أي «مهاجمة القوّة العمياء» لاختراق الحسابات».

وبناءً عليه، للإسرائيليّ القدرة على اختراق حسابات للبنانيّين قد تحوي معلومات سريّة، يمكن أن تستخدم في عمليّات استخباراتيّة، وذلك ممكن، خاصّة بوجود «الوحدة 8200» للتجسّس الإلكترونيّ في جيش الدفاع الإسرائيليّ.

خطر بطاقات الإئتمان

وفي السياق ذاته، وبالنسبة لخطر تطبيقات الهواتف، فيحذّر عمر كبّول من الصلاحيّات لتطبيق الموقع على الهواتف الذكيّة التي تصرّح الدخول إلى التطبيقات الأخرى على الجهاز نفسه، إضافة إلى الصور والكاميرا والميكروفون، ممّا يسمح للتطبيق الوصول إلى معلومات شخصيّة داخل هاتف المستخدم، أو حتّى التنصّت عليه.

أمّا بالنسبة لاستخدام اللبنانيّين لبطاقات الإئتمان على موقع «هآرتس»، فيحذّر كبّول من استخدامها على أيّ موقع إلكترونيّ بشكل عام، نظراً لصلاحيّة الشركة بتجديد الاشتراك من دون إعلام صاحب الحساب. والأفضل استخدام بطاقات منفصلة مخصّصة للإنترنت أي «ويب كارد»، التي تمكّن المستخدم من التحكّم برصيد البطاقة المعبّأة مسبقاً. وبناءً عليه، لصحيفة «هآرتس» الصلاحيّة في خصم مبالغ من حسابات اللبنانيّين المصرفيّة، دون الحقّ لهم في مقاضاتها إن قامت بمحاولة اختلاس.

لا توجد معطيات تجزم إن كان القائمون على موقع «هآرتس» يسيؤون استخدام بيانات مشتركيهم أو زائريهم، ولكنّ البعض يعتبر أنّ الخطر موجود، بما أنّ «إسرائيل» تنتهز أيّ فرصة للنيل من اللبنانيّين في كافّة المجالات، فهي تحتلّ جزءاً من الأراضي اللبنانيّة، وتسرق مياه الينابيع اللبنانيّة والنفط اللبنانيّ في البحر الأبيض المتوسّط، وتخرق الأجواء اللبنانيّة يوميًاً، ولكنّها أيضاً متربّصة بمستخدمي الشبكة للتحايل عليهم إلكترونيّاً. على اللبنانيّين أن يعوا لهذا الخطر، ولا يقدّموا بياناتهم «على طبق من فضّة» للإسرائيليّين عبر الإنترنت، كما يتّفق كبّول وخير الله.