تضمنت الكلمة معادلة ردعية جديدة ضد العدو ومواقف مميزة كما عوّدنا سماحته
جاء في النص الكامل لكلمة الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان الكرامة والانتصار في الذكرى الخامسة لانتصار المقاومة في تموز/يوليو 2006 ، والتي تضمنت معادلة ردعية جديدة ومواقف مميزة كما عوّدنا سماحته، جاء ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخافُونَ أَن يَتَخطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
الشكر لله تعالى على نصره وعلى تأييده وعلى رحمته وعلى لطفه.
في البداية أتوجه بالتحية إليكم جميعاً وأشكركم على هذا الحضور الكبير في هذه الذكرى العظيمة والكبيرة والمجيدة, في الذكرى الخامسة للانتصار التاريخي الإلهي الذي صنعتموه بدمائكم، بدموعكم، بآلامكم، بآمالكم، بتضحياتكم، بثباتكم.
إنني كما في كل عام في مثل هذه المناسبة أرى من واجبي ولو بالإجمال أن أتوجه بالشكر والتحية إلى أرواح كل الشهداء، شهداء الجيش وشهداء الشعب وشهداء المقاومة من كل فصائلها، إلى عائلات الشهداء, إلى كل الجرحى وعائلات الجرحى، إلى كل من اُسر في تلك الحرب وعاد، إلى كل المهجرين من بيوتهم، إلى القلوب الواسعة التي آوتهم واحتضنتهم، إلى الذين دُمرت بيوتهم وأرزاقهم وصبروا، إلى كل من دعم وأيّد وساند بعمل أو فعل، موقف أو كلمة أو دعاء أو بسمة أو دمعة، في لبنان وفي العالمين العربي والإسلامي وفي كل أنحاء العالم من دول وحكومات وشعوب ومؤسسات وقوى وأحزاب وجماعات وشخصيات وأفراد، ومن قد أكون قد نسيتهم، دائما شكر متجدد وتحية متجددة إلى كل الذين وقفوا إلى جانب لبنان وإلى جانب المقاومة في لبنان فكان هذا الانتصار.
بالعودة إلى مرحلة الحرب، أيها الأخوة والأخوات، ليس فقط للوقوف عند أمجاد وإنما لأخذ العبرة فيما هو آت من أيام وسنين وما نواجه في المرحلة المقبلة.
بالعودة إلى أيام الحرب، أنا أعتقد أنه كان من أهم العوامل الأساسية في الانتصار في هذه الجبهة والهزيمة في الجبهة الأخرى هو العامل التالي: في هذه الجبهة الثبات، الثقة المتبادلة، الأمل بالانتصار، الإيمان والصمود في كل الساحات وفي كل الأبعاد، صمود الشعب اللبناني والناس والصمود السياسي الذي يعني عدم الاستسلام للشروط وللضغوط وللتسويات التي لن تكون مناسبة لمصلحة لبنان، صمود الجيش والقوى الأمنية، والعامل الأهم في هذا الصمود والمؤسس لكل صمود هو صمود المقاومين المقاتلين الثابتين في ميادين القتال، هذا الصمود الذي شكّل بحد ذاته وبمعزل عن نتائجه معجزة حقيقية: كيف يمكن لآلاف من المقاتلين المجاهدين الذين ما كانوا يملكون غطاءً جوياً أن يقاتلوا في الليل والنهار على مدى ثلاثة وثلاثين يوماً في كل القرى والبلدات والتلال والوديان والمواقع وبكل أشكال القتال، يواجهون الجنود والألوية والكتائب والسرايا ويواجهون الدبابات ويطلقون الصواريخ، والسماء تمطرهم ناراً والقصف المدفعي والصاروخي غير قابل للتصور والبيوت تُدمر من حولهم شمالاً ويميناً، هذا الصمود الأسطوري. في الحقيقة بكل المعايير والمقاييس العسكرية لا يمكن لإنسان أن يتعقل أو يتقبل ثباتاً وصموداً من هذا النوع.
في حرب تموز كل الذين كانوا في الميدان ثبتوا في الميدان، في بنت جبيل فتح العدو ثغرة آملاً في أن يهرب المقاتلون فثبت المقاتلون والتحق بهم آخرون كثر، هنا يتأكد عامل القوة الذي يجب أن ننتبه إليه دائما.
في المقابل، في الجبهة الأخرى بدأ العدو الإسرائيلي حربه على لبنان بكبرياء وبعنجهية، بعجرفة وثقة زائدة عن اللزوم، رغم أنه كان ما زال يتجرع هزيمة عام 2000 وهزيمة الانسحاب من قطاع غزة أمام المقاومة الفلسطينية وانتفاضة الشعب الفلسطيني. لكن هذا طبعه وهو طبع المتكبر والمتعجرف، لكن سرعان ما تحول أمام صمود لبنان بكل مكوناته وأمام صمود المقاومين بالتحديد إلى ارتباك وضعف وحيرة وأزمة ثقة بين الجنود والضباط وضباط الصف والجنرالات، بين قيادة الجيش والحكومة وبين الناس، الشعب الإسرائيلي المحتل لفلسطين والحكومة والجيش. يمكن أن أتحدث عن مستويين، عن مستوى أعلى وهو انهيار الثقة ويمكن أن نتحدث عن مستوى أقل وهو اهتزاز الثقة بدرجة كبيرة، وهذا ما شهدناه في بقية أيام الحرب سواء على مستوى الأداء السياسي أم الأداء العسكري أم الأداء الشعبي.
هذه الحرب إذاً، وكما يعترف ويقرّ الإسرائيليون وجنرالاتهم ونخبهم وقياداتهم وحتى شارعهم واستطلاعات الرأي عندهم، هذه الحرب تركت آثاراً خطيرة على مستوى الكيان، على مستوى حاضره، وعلى مستوى مستقبله السياسي والأمني والعسكري، لكن برأيي ـ ونحن نتحدث في الذكرى الخامسة لتلك الحرب ـ أن أهم نتيجة وهي نتيجة إستراتيجية جداً، أن أهم نتيجة في حرب تموز هي انهيار أو اهتزاز الثقة بدرجة كبيرة بين شعب الاحتلال والقيادة السياسية وجيش الاحتلال وخصوصاً في داخل الجيش، وفي المقابل ارتفاع عامل الثقة في الجبهة هذه واليقين بالمقاومة وخيار المقاومة ومجاهدي المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق والعالم العربي والإسلامي. هذا العامل النفسي، عامل الثقة، عامل اليقين، عامل الاحترام، عامل الإيمان بصوابية الطريق والخيار والمواجهة أو فقدان الثقة واليقين والأمل والشك في صوابية الخيار كلاهما هو عامل استراتيجي مهم جداً وقد يكون حاسماً عندنا وعندهم في ترسيم صورة مستقبل الصراع القائم في المنطقة، ولذلك ندخل الى ما بعد انتهاء الحرب، ولذلك نجد أن إسرائيل، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وداعميها في العالم، عملت منذ ذلك الحين، منذ انتهاء الحرب، وضعت مجموعة أهداف أمامها لكن في رأس الأهداف استعادة الثقة المفقودة بين الشعب والقيادة السياسية والجيش، أو ترميم الثقة المنهارة في الوقت الذي تحاول فيه بطبيعة الحال أن تستعيد قوتها وقدرتها العسكرية والأمنية والسياسية من أجل فرض ما تريده مستقبلاً من شروط سواء على لبنان أو على إخواننا الفلسطينيين أو على سوريا أو على بقية المنطقة العربية والإسلامية. هنا يمكن أن أتحدث عن بعض العوامل التي يركز عليها الإسرائيليون الآن لاستعادة الثقة، أتحدث عن عاملين مهمين مع القليل من المناقشة لأنه كله له انعكاس عندنا، وهذا التقييم هو أساسي لكل من يريد أن يحلل أو يقدّم تقديراً حول احتمالات المستقبل، احتمالات وقوع حرب أو عدم وقوع حرب: العامل الأول هو الجهد العسكري والإستنهاضي التنفيذي الإجرائي الذي يقوم به الإسرائيليون منذ ذلك الوقت، المناورات المتكررة على المستوى العسكري، تدريب قوات من جديد ، استدعاء الاحتياط وتدريبه من جديد، تطوير الأسلحة والتجهيزات والعمل على إيجاد حل عسكري لمشكلة تساقط الصواريخ ليس الآن على حيفا وما بعد حيفا وما بعد ما بعد حيفا بل على ما بعد ما بعد ما بعد حيفا.
العمل على حل الثغرات العسكرية التي أظهرتها حرب تموز، مثل : موضوع السفن البحرية، موضوع الدبابات التي ضربت في جنوب لبنان، موضوع القيادة والسيطرة، موضوع التنسيق بين القوات العسكرية وما يسمى بالأذرع، هذا جهد تقوم به، يضاف إليه بدء مناورات غير مسبوقة في تاريخ الكيان على مستوى الجبهة الداخلية، الجبهة الداخلية أي الناس في الداخل، الدولة، المؤسسات، مجتمعهم، بدءاً بتحول واحد، تحول اثنين، ثلاثة، أربعة، ومنذ عدة أسابيع أنهوا تحول خمسة، مناورة على كل مستوى فلسطين المحتلة، كل الكيان الغاصب، والهدف من هذه المناورة هو معالجة أوضاع الناس أو تعليم الناس أو تدريب الناس كيف يتصرفون فيما لو حصلت حرب جديدة، ثم كل الذي يفعلونه على موضوع السلاح وسد الثغرات والتدريب والمناورات، سواء في الشأن العسكري أو الأمني أو المعلوماتي أو الجبهة الداخلية.
كل ذلك يقدمونه في الإعلام، أحد أهداف تقديمه في الإعلام بهذا الشكل المكثف هو إعادة الثقة للشعب الإسرائيلي و(ليقولوا له): أن حكومتكم حكومة قوية ومصممة، وجيشكم قوي ومصمم، وأنتم يجب أن تكونوا أقوياء في مواجهة أي خطر أو أي تحدٍّ أو أي حرب مقبلة، لكن هل هذا الأمر في الحقيقة استطاع أن يؤدي النتيجة المطلوبة والمتوخاة من الإسرائيليين؟
أنا أعود للإسرائيليين أنفسهم، لاستطلاعات الرأي، لتعليق الجنرالات والقيادات السياسية الأمنية والعسكرية والصحفيين والناس وأحزاب وأعضاء كنيست وغيرهم، لنجد أنهم هم يقرون ويعترفون أن هناك مشكلات كبيرة جداً ولم يتم حلّها حتى الآن، سواء على المستوى العسكري أو الأمني أو الجبهة الداخلية.
لو أخذنا مثلا مناورة تحول خمسة التي حصلت قبل أسابيع. يكفي أن نشير إلى نتيجتين لهما علاقة، أنا أشرت لهما سابقا أو إلى واحدة منهما سابقاً، ما هي النتيجة؟ قاموا بمناورة وبمعزل عن تجاوب الناس وكم تعاونوا وكم كانوا جديين ـ طبعاً هناك من ظهر على التلفزيون الإسرائيلي وأكثر من واحد ليقول إن كل ذلك هو "بلا طعمه" وعندما تقع الحرب وعندما تتساقط الصواريخ في كل مكان لا أحد سوف يستجيب لأحد، هم قالوا ذلك ـ لكن في النتائج الكبير هناك نتيجتان واضحتان من جملة نتائج كثيرة:
الأولى: ماذا يقول الإسرائيلي؟ القيادة الإسرائيلية تقول للشعب الإسرائيلي إننا لسنا قادرين بالوسائل العسكرية، أي أن الجيش الإسرائيلي غير قادر بالوسائل العسكرية، على حماية الجبهة الداخلية فلا هو قادر على إسقاط كل الصواريخ التي سوف تتساقط على الأهداف داخل الكيان، وحتى الآن تجربة القبة الحديدية وحيتس "وميتس وما بعرف شو" كل ذلك لا يعطي النتائج الكاملة، وأيضا غير قادرة على الوصول إلى مواقع المقاتلين المقاومين ومنصات إطلاق الصواريخ سواء في لبنان وحتى في غزة فضلاً عن سوريا وإيران إذا ما تكلمنا عما يفترضونه هم من معركة أوسع. إذاً، يقول لهم إنه يقوم بالمناورات لاستعادة الثقة وفي نفس الوقت هناك رسالة يقدمها للشعب الإسرائيلي أنه انتهى الزمن الذي كنت قادراً فيه كجيش إسرائيلي بهيبتي، بصرختي، بتهديدي، بسلاحي الجوي، بيدي الطويلة أن أحمي الجبهة الداخلية عسكرياً. هذا انتهى.. وهذا انتهى خلال حرب تموز.
النتيجة الثانية: ماذا يقول لهم؟ في أي حرب جديدة لم يعد هناك جبهة داخلية وجبهة أمامية، لأن الساحة كلها جبهة والجبهة الداخلية كلها جزء من الحرب. إذا أرادت إسرائيل أن تشن حرباً، ماذا ستكون نتائج هذا الموضوع النفسية، الذي له علاقة بالثقة والذي له علاقة بالأمل وله علاقة بإعادة الشعور بالأمن والاستقرار، إذاً هذا لا يؤدي إلى النتائج المقصودة.
العامل الثاني: إذا كان العامل الأول هو هذه الإجراءات العسكرية الأمنية والمناورات طبعا هي تسد وتعالج ثغرات ومشاكل عند الإسرائيلي لكن حتى الآن لم تستطع أن تعالج أزمة الثقة الموجودة، وكما قلت موضوع الثقة هو أمر حاسم لإقرار أي حرب وتقدير أي حرب ونتائج أي حرب. العامل الثاني إعلامي نفسي، وهم عندما عملوا في الإعلام وخصوصا في الآونة الأخير هم يبذلون جهود كثيرة لإعادة ترميم الثقة كما قلنا. من جملة هذا العمل في الموضوع الإعلامي والسياسي أن بعضهم ـ أي بعض لإسرائيليين، بعضهم وليس كلهم ـ بدأ يخفف من نتائج حرب تموز ويقدم صورة مختلفة قليلاً، في البداية الإسرائيليون أجمعوا على أن ما حصل في حرب تموز هو إخفاق، هو هزيمة، هو فشل، وشكلوا (لجنة) فينوغراد والموضوع هذا كان واضحاً، لكن في الآونة الأخيرة، من أجل تخفيف المصيبة على ناسهم وعلى أنفسهم وعلى شعبهم، بدأوا يبحثون "بالسراج والفتيلة" على إنجازات للحرب، و(يقولون) إن الحرب كان فيها فشل وكان فيها إخفاق لكن كان هناك نتائج مهمة جداً حققتها حرب تموز أو التي يسمونها هم حرب لبنان الثانية.
فلنرَ ما هي هذه النتائج المهمة جداً التي حققتها حرب تموز.
تصوروا، وتعليقي قبل أن أدخل إلى الموضوع أن الإسرائيلي يحاول استعادة الثقة أو إعادة الثقة عند شعبه عند جيشه وحتى عند ناسه بأكاذيب وبتضليل وبتكبير الأمور لكي يجعلها إنجازات مهمة. سوف آخذ مثالاً واحداً فقط والذي هو من شمعون بريز والذي هو حاليا رئيس الدولة وهذا إذا ما بحثنا نقول انه من البقية الباقية من جيل شارون وإسحاق رابيين وهذا الجيل، وهو كهل الصهاينة حالياً ماذا تبين معه. وهذا طبعاً ما يحاول أن يردده، تبيّن معه أن هناك إنجازين وانتبهوا معي، هناك إنجازان كبيران يستحقان أن نتوقف عندهما تحققا في حرب تموز:
الانجاز الأول: هو أن فلان الفلاني "أي أنا" أدخلناه إلى الملجأ.
الانجاز الثاني: أنهم استطاعوا المحافظة على الهدوء على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
نأتي إلى النص الموجود في مقابلة أجراها قبل فترة وجيزة ويقول فيها "إن الحرب أوقفت إطلاق الصواريخ على مستوطناتنا وحسن نصر الله يختبئ في ملجئه ويهرب من رعب القانون الدولي"، هذان هما الانجازان الكبيران.
أين الفضيحة؟ الفضيحة هي أن شيمون بيريز نفسه عندما شكلوا لجنة فينو غراد والتقوا مع المسؤولين حيث كان جزءاً من الطاقم المصغر المعني بإدارة الحرب، ماذا يقول في تقرير "فينوغراد"؟
يقول: " في نهاية المطاف وقف العالم إلى جانبنا لأننا ضعفاء وليس لأننا محقون، كان هناك شعور بأن إسرائيل ليست ما كانت عليه دائماً (في حرب تموز) فهي غير متألقة وغير مفاجئة وغير إبداعية، ولهذا السبب فقدنا بعضاً من قدرة الردع الدولية ونحن نعتبر اليوم أضعف مما كنا، لقد فقدنا من قدرتنا الردعية في عيون العرب، وهذا يتجلى في مظاهر نزع المشروعية عن وجود إسرائيل، فقبل هذه الحرب، كان العالم العربي قد سلّم بشكل أو بآخر بوجود إسرائيل، ولكن بعد الحرب بدأ التراجع"، هو نفسه الذي قدّم هذا التقديم ماذا يقول الآن؟ يقول هم انتصروا في الحرب وحققوا انجازين: فلان أدخلوه إلى الملجأ وعلى الحدود صنعوا هدوءاً.
سوف أعلق على هذا الجانب، إذا فتشتم عند الإسرائيليين فإنكم ستجدون أن هذه التعليقات هي موجودة عند الإسرائيليين، أي أنهم هم قد ردوا على شمعون بيريز.
أولاً: إن إدخال فلان إلى الملجأ لم يكن هدفاً من أهداف الحرب، في الأيام الثلاثة والثلاثين عندما كانوا يتكلمون، كل القادة الإسرائليين لم يقل أحد منهم أن من أهداف الحرب أن فلان يجب منعه من أن يمشي في الشارع.
ثانياً: إن نتيجةً من هذا النوع، وهي منع شخص ما من أن يمشي في الشارع لا تستحق أن يُشن من أجلها حرب تؤدي إلى نتائج خطيرة على مستوى كيان العدو، وإن أي عاقل لا يمكن أن يلجأ إلى هذه الخطوة.
ثالثاً: إن أياً من أهداف الحرب لم يتحقق، الإسرائيليون هم يقولون ذلك، إلا الذين يحاولون أن يُضللوا ويحاولون أن يكذبوا. من أهداف الحرب سحق حزب الله وإضعافه فازداد قوة، من أهداف الحرب كان استعادة الأسيرين الإسرائيليين بلا تفاوض، فعادا بتفاوض أفقياً، وعاد أسرانا برؤوسٍ مرفوعة. من أهداف الحرب كان إيجاد شرق أوسط جديد فانتهى هذا الهدف بنسخته "البوشية – الكوندارايسية".
نأتي إلى الإنجاز الثاني وهو: إنجاز الهدوء على الحدود الشمالية.
هناك شيء في المنطق والفلسفة عند الناس، حيث يقولون: تحصيل حاصل. يعني مثلاً، أنت أنشأت بيتاً ويأتي أحد ليقول لك أريد أن أُنشئ لك بيتاً، أنت ليس لديك بيت فأريد أن أُنشأ لك بيتاً، فتقول له لدي بيت، هذا تحصيل حاصل. أو أن أحداً مثلاً لونه أسمر فتقول له أريد أن أجعلك أسمراً، فيقول لك إن لوني هو أسمر، هذا تحصيل حاصل.
الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة كانت هادئة بعد 25 أيار 2000، ولم تكن بحاجة إلى حرب تُشن على لبنان وتُلحق بإسرائيل كل هذه الخسائر من أجل أن يعود الهدوء إلى الحدود، هذا الهدوء على الحدود فرضته المقاومة بانتصارها عام 2000، هذا الهدوء على الحدود وهذه السكينة وهذه الطمأنينة عند أهل الجنوب الذين عادوا إلى قراهم، إلى حقولهم وبنَوا بيوتهم حتى عند الشريط الشائك، فرضته المقاومة من خلال توازن الردع وتوازن الرعب، هذا الإسرائيلي الذي يتحدث عن الهدوء ينسى أنه كان دائماً منذ 1948 ومنذ احتلاله لفلسطين هو الذي يشن العدوان وهو الذي يرتكب المجازر، وهو الذي يدخل إلى أرضنا ويحتل أرضنا وينهب خيراتنا، قبل سنوات كان ينهب الوزاني، ولكن بفعل المقاومة فُُرض الهدوء، ومُنع العدوان، لأن المقاومة ليست مشروع حرب، كنا دائماً وأبداً نقول إن المقاومة مهمتها هي الدفاع عن بلدها وأرضها وشعبها وعرض أهلها وكرامات هذا الشعب، وهذا الأمر تحقق في 25 آيار2000. إذاً حتى الكلام عن الهدوء هو من قبيل تحصيل حاصل، وبالتالي هو ليس إنجازاً، ومع كل هذا الجهد الإسرائيلي ما زال الصوت الأعلى في الكيان هو لأولئك السياسيين والجنرالات والنخب التي ما زالت تتحدث عن الهزيمة والإخفاق والعجز، وتدعو إلى معالجة جدية غير كاذبة، وإلا فإن الفشل سيتكرر في أي حرب مقبلة.
الآن لا يوجد وقت أن أقول لكم، لكن أتمنى أن تتابعوا هذا الموضوع، جنرالات كبار حاليين وسابقين، ورؤساء أركان سابقون ورؤساء موساد سابقون ورؤساء مجلس أمن قومي سابقون، فضلاً عن نخب سياسية، يُحذرون الحكومة الإسرائيلية من القيام بأي مغامرة، ليس على مستوى حرب إقليمية أي أن لا يتم شن حرب على كل هذا المحور، بل حتى مع لبنان فقط، حتى في مواجهة حزب الله فقط، هم يُحذرون الحكومة الإسرائيلية من الإقدام على أي مغامرة من هذا النوع، ويقولون لها إن هذه المغامرة غير معلومة النتائج، بل إن بعضهم يقول بصراحة أن النتائج ستكون كارثية، وأن الفشل سيتكرر، وهذا موجود، ولست أقوم باختراعه من عندي. بناءً عليه، هذه الإجراءات أيضاً لم تنفع في ترميم الثقة التي قلت إنها عامل حاسم.
على الخط المقابل، ومنذ إنتهاء الحرب في 2006 إلى اليوم، أي فيما يعني جبهتنا نحن، بذلت وتبذل جهود كبيرة جداً للتشكيك بالمقاومة، بانتصاراتها وبإنجازاتها وبنواياها وبخلفياتها وبأهدافها، ومن أجل تشويه صورتها وأنفقت من أجل ذلك مئات الملايين من الدولارات.
وفي هذا السياق يأتي أيضاً السعي إلى اتهام مقاومين شرفاء من قبل المحكمة الدولية باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واتهام حزب الله بكم هائل من الإفتراءات والأكاذيب التي كل يوم عندما تستيقظون في الصباح فإنكم ستجدونها، صحف وإذاعات وتلفزيونات ومواقع إنترنت، وكلها لا أساس لها من الصحة ولا تنتمي إلى ثقافة ولا إلى عقلية ولا إلى سيرة ولا إلى سلوك حزب الله، ولكن الهدف في هذا السياق كله هو ضرب الثقة التي تأصلت وقويت بالمقاومة، ثقة المقاومة بنفسها وثقة أهلها بها، لكن في ختام هذا الجزء من حديثي الليلة أود أن أقول إلى الصديق وإلى العدو، إن إيماننا بالله وثقتنا بوعده ونصره وصوابية خيارنا وطريقنا لا يمكن أن تهتز أو أن تتزعزع، بل هي اليوم أقوى من أي زمن مضى بفعل التجربة والأحداث والإنتصارات.
وأقول أيضاً، أقول لكم من موقع العارف بالتفاصيل، إن قوة المقاومة اليوم في لبنان على مستوى معنوياتها وتماسكها وشجاعتها وكادرها البشري ومقدراتها المادية هي أعلى وأفضل من أي زمن مضى منذ إنطلاقتها، وهذا الأمر يعرف به العدو أيضاً.
العدو اليوم هو في إطار حربه النفسية ومحاولة إستعادة ثقة جمهوره به يلجأ إلى أدبياتنا نحن، هذا تقليد وهو لا ينفع معكم بل ينفع معنا، "من كم يوم" خرج الإسرائيليين ليقولون إنهم يعدون اللبنانيين في الحرب المقبلة بالمفاجآت، إنها ليست لهم (ما بتلبألهم)، ونحن لن نتفاجأ، فهناك فارق أساسي، لأننا نفترض أن إسرائيل تملك من القوة والسلاح والتكنولوجيا والتقنية ما تقدمه أميركا والغرب وبلا حدود، ولذلك لا نفاجأ بأي شيء، لكن أنتم الذين تنظرون إلينا دائماً من موقع الإستعلاء والإستكبار فوجئتم بأن المقاومة تملك عقلاً وتملك تخطيطاً وتملك جرأة وشجاعة وبعض الأسلحة المتطورة.
أقول للإسرائيليين خصوصاً أصغوا إلى جنرالاتكم الذين ذاقوا طعم الهزائم في لبنان، وبالصدفة اليوم رئيس الأركان الحالي كان قائد الفرقة التي هزمت من لبنان عام 2000، وهو بعينه شهد كيف أن الإسرائيليين لم يستطيعوا أن يأخذوا دباباتهم ومكاتبهم وتركوا جيش لحد في الطرقات، وقائد المنطقة الشمالية الآن كان موجوداً في لبنان وتعرض إلى كمين من قبل المقاومة الإسلامية، وفي صدره يحمل أربع رصاصات، أنتم جنرالات ذقتم طعم الهزيمة في لبنان، ولن يكون لكم في لبنان إلا طعم الهزيمة، وبعد كل التطورات وبعد كل التحسينات عند الإسرائيلي وسد الثغرات التي يعمل عليها، والتطورات عندنا في لبنان وفي المنطقة وما يجري حولنا، ومع كل الأحداث لو سألني سائل، طبعاً نحن لسنا طلاب حرب، نحن جماعة تدافع عن بلد وعن كرامة، ولا نبحث عن حرب، ولكن لو وقعت الحرب مسؤوليتنا هي أن نواجهها.
لو أتى أحد وسألني: لو الآن حدثت حرب، هل أنت جاهز لكي تقول نفس الجملة التي قلتها في الأيام الأولى، عندما كانت البنايات تسقط؟
الآن أنا حاضر لأن أقول بقوة وبعزم وبإيمان أكبر، أن أقف وأقول، وأقوله لكم الآن، لأختم هذا الشق من الموضوع: بمعرفتي بهذا العدو، الذي يتكلم عنه الله، والذي عرّفنا عليه الله" لتجدنهم أحرص الناس على حياة"، المعنويات والثقة التي تأتي بأساليب كاذبة سرعان ما تنهار، ليس عندهم شجاعة ذاتية ولا يوجد عندهم إيمان ذاتي، هم أكثر أناس يشكون في أنفسهم، بمعرفتي بهذا العدو وبمعرفتي بهذا الشعب وبمعرفتي بهؤلاء المقاومين الأبطال، كما كنت أعدكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً، ولذلك أقول للصهاينة: لا تحاولوا الإقتراب من لبنان وتخلوا عن أحلامكم وأطماعكم فيه وإلى الأبد.
الموضوع الثاني: هو موضوع النفط والغاز والحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
طبعاً قيل الكثير خلال الفترة الماضية، ولكن اسمحوا لي لأهمية الموضوع، مهم جداً أن أستفيد من هذا اللقاء ومن هذه المناسبة لأشرح الموضوع أيضاً على طريقتي، لأنه بحاجة إلى اهتمام شعبي واحتضان شعبي ومواكبة شعبية ووطنية.
أولاً: اللبنانيون يجب أن يعلموا أنه بشكل جدي هم أمام فرصة حقيقية وتاريخية لا سابقة لها في تاريخ لبنان في أن يصبح لبنان بلداً غنياً.
قبل قليل عندما قرأنا الآيات، أن الله ليس فقط قوّى ونصر ،"فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون"، هذه التضحيات في النهاية سوف تفتح أبواباً جديدة، لبنان اليوم يوجد لديه أي في مياهه الإقليمية ثروة هائلة من النفط والغاز، وهذه الثروة وطنية، أي هي ليست ملك (على الطريقة اللبنانية"خلي كل شي محاصصة")، لا هو ملك منطقة ولا هو ملك طائفة ولا هو ملك جهة، ما يوجد في مياهنا الإقليمية هو ثروة وطنية، الحديث الرسمي وهو حديث صحيح، أن ما يوجد من ثروات في مياهنا الإقليمية المياه اللبنانية الإقليمية يُقدر بمئات مليارات الدولارات. يعني أرقام نحن كلبنانيين لم نحلم فيها، نحن أكبر رقم سمعنا به في لبنان للأسف هو ليس في جيبتنا بل هو دين علينا 50 مليار و55 مليار و60 مليار لا أعرف كم هو بالتحديد.
إذاً، نحن أمام فرصة حقيقية إذا أحسن اللبنانيون التصرف وتعاطوا مع هذا الملف بعيداً عن المناكفات والصبيانيات و"العقل الصغير" وتصرفوا كما قلت بمسؤولية وطنية نحن أمام فرصة لتسديد كل الديون ولنحسّن ونطوّر اقتصادنا ونحلّ أزماتنا المالية والمعيشية وأن نطوّر المستوى المعيشي في لبنان وأن يصبح لبنان دولة قوية ومقتدرة ويمتلك كل شيء، وتصوروا أنتم مئات المليارات من الدولارات لبلد صغير ولشعب عدده 4 أو 5 مليون، وأنا أحب أن أوجه نداءً هنا، حتى الذي يريد للمغتربين اللبنانيين أو المهاجرين اللبنانيين أن يرجعوا إلى لبنان يجب أن يعمل بجدية على هذا الملف، فالذي دفع كثيراً من الناس أن يغادروا هي الظروف الاجتماعية والمعيشية.
إذاً نحن أمام هذه الفرصة، الحكومة الحالية ومجلس النواب، هناك جهد استثنائي، سنوا قانوناً للنفط، وزارة الطاقة تعدّ المراسيم التطبيقية والحكومة الحالية التزمت باقرار المراسيم التطبيقية لقانون النفط خلال عام 2011 أي خلال الاشهر القليلة المقبلة، والمفترض أنه ببداية 2012 أن تبدأ الأمور بشكل جاد، إن كنا نحكي على مستوى المناقصات لشركات تريد أن تكمل الدراسات وأعمال التنقيب وما شاكل.
هناك شيء أريد أن أتحدث عنه بالتفصيل، ولا أدري كم هو متابع من الناس، هو المساحة الاقتصادية في المياه الاقليمية. (هذه المساحة) تبلغ ـ وهذا كله على ذمة المسؤولين في الدولة وأنا ليس عندي معلومات خاصة ـ تبلغ 22500 كيلومتراً مربعاً، وهي تختزن كميات هائلة من الثروة النفطية ومن بينهم هناك منطقة عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة في المياه الاقليمية ومساحتها تبلغ 850 كيلومتراً مربعاً ، ولبنان يعتبر أن هذه المنطقة له وضمن مياهه الإقليمية.
الإسرائيلي ماذا فعل؟ جاء ورسم الحدود وأدخل هذه المساحة ـ 850 كيلومتراً مربعاً ـ ضمن المياه الإقليمية التي يفترض هو انها له. هي لفلسطين المحتلة، إذاً هناك مساحة ضخمة جداً (850كلم مربع) وبالمناسبة هذا المساحة هناك دراسات تقول إن فيها أيضاً ثروة نفطية بمليارات الدولارات، لا نود ان نقول بالمئات بل بالمليارات. لبنان يعتبر أن هذه المساحة (850كلم) له ولا يحق لإسرائيل أن تضمها أو أن تنقب عن النفط والغاز بها فضلاً عن أنها تقيم منشآت لاستخراج النفط أو الغاز.
هذا الملف كله حساس جداً، وإذا تحدثنا عن الاقتصاد اللبناني، كنا نستفيد من الزراعة وكلكم تعرفون أين أصبحت؟ ولا أريد أن أفتح ملفات قديمة وكلكم تعرفون الزراعة أين أصبحت، كنا نعيش من الصناعة وكلكم تعرفون الصناعة أين أصبحت ؟ في النهاية بقي لبنان بلد خدمات، وأصبح الكل يريد أن ينافس بالخدمات. في النهاية نحن مام فرصة حل جذري، لبنان أمام فرصة حل جذري لكل مشاكله الاقتصادية والمالية والانمائية والمعيشية. لا يجوز أن تضيع هذه الفرصة.
المسؤولون كلهم عبروا عن موقفهم وأنا أحب أن أتكلم عن موقفنا أيضاً بالمقاومة، قبل أن أقول أولا ثانيا ثالثا أود أن أعمل ملاحظة أو تبصرة.
طبعاً لما أنا أتحدث في منطق المقاومة، أيّ مقاوم ليس عنده شيء اسمه "اسرائيل"، نحن لا نتكلم عن حدود لبنانية اسرائيلية، نحن نتكلم عن حدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، سواء برية أو بحرية وبالتالي نحن لا نعترف أصلاً بحق إسرائيل بالوجود فضلاً عن أن نسلّم لها في حقها في استخراج النفط والغاز من مياه لبنانية أو مياه فلسطينية، ولكن هذا الموقف العقائدي يبقى محفوظاً.
وأنا أتكلم هنا من موقع وطني، من موقع الحفاظ على المصالح الوطنية اللبنانية بالنظر الى الوقائع القائمة والموجودة:
أولا: نحن في المقاومة نعتبر أن ترسيم الحدود البحرية هي مسؤولية الدولة وبالتالي نحن كمقاومة ليس لنا رأي بهذا الأمر لا (رأي) فني ولا تقني ولا نتدخل بهذا الموضوع ، مثل ما صار عشية الانسحاب عام 2000 نحن وقفنا لانه بدأ الجدل حول مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وغيرها فأنا أتذكر وقتها ألقيت خطابا وقلت موضوع ترسيم الحدود البرية هو مسؤولية الدولة. الدولة اللبنانية بمؤسساتها الرسمية عندما تقول هذه أرض لفلسطين وهذه أرض للبنان، نحن نقبل كمقاومة فاذا بقيت أرض اعتبرتها الدولة اللبنانية لبنانية المقاومة تتصرف على هذا الاساس. نفس هذا المنطق بالنسبة الى الحدود البحرية، الذي يقول أين هي الحدود البحرية هو الدولة اللبنانية وليس المقاومة لكن عندما ترسم الدولة اللبنانية او تعتبر منطقة ما أو مساحة ما من المياه الاقليمية بانها مياه اقليمية لبنانية ستتصرف المقاومة على ان هذه المنطقة هي مياه اقليمية لبنانية.
الامر الثاني: نحن نثق كامل الثقة بالحكومة الحالية التي تتابع الملف بأنها لن تفرّط ولن تضيّع ولن تتسامح بأي حق من حقوق لبنان في مياه الاقليمية ولا في ثروته النفطية، أياً تكن الضغوط والمخاوف. ولعلّ، ولا أريد أن أجزم، هذه الحكومة في هذا التوقيت هي فرصة لبنان في الحفاظ على هذه الحقوق واستعادتها.
ثالثاً: نحن ندعو الحكومة اللبنانية الى الإسراع في الخطوات التنفيذية. إذا أتينا وجزأنا الملف فقلنا هناك منطقة الـ 850 كلم على الحدود، ولدينا المياه الإقليمية في الداخل التي لا يوجد نزاع حولها، هذه المنطقة الداخلية الموجود فيها نفط وغاز، الحكومة اللبنانية مطلوب أن تسرّع العمل (حولها)، وبالتالي تنهي المراسيم التطبيقية وتجري المناقصات المطلوبة، وليبدأ التنقيب ولاحقاً الاستخراج. الوقت مهم جداً، وهذا يتوقف على أن تتعاطى الحكومة اللبنانية مع هذا الأمر كأولوية وطنية مقدّمة على أية أولوية أخرى، لأنه عندما يصبح لبنان لديه مليارات الدولارات "لحّق على حل مشاكل".
في هذه النقطة، في الشق الداخلي الذي له علاقة المياه الإقليمية الداخلية التي هي ليست موضوع نقاش أو نزاع مع أحد، أنا أستطيع اليوم أيضاً في الذكرى الخامسة لحرب تموز أن أقول بكل ثقة لكل الدول أو الحكومات أو الشركات التي تريد أن تأتي وتعرض مناقصات مع لبنان وتبدأ تنقيب واستخراج، أن لبنان هذا قادر على حماية هذه الشركات وهذه المنشآت، منشآت النفط أو منشآت الغاز، بكل ثقة لبنان قادر، تعرفون لماذا هو قادر؟ لا لأن لديه سلاحاً جوياً قوياً، وإنما لأن من يمكن أن يعتدي على هذه المنشآت لديه منشآت نفط وغاز. ومن يمس المنشآت المستقبلية للنفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية ستمس منشآته وهو يعلم أن لبنان قادر على ذلك، ومن هذه الجهة لبنان جدير أيضاً بهذه النعمة وبالحفاظ على هذه النعمة. أحياناً يرسل الله النعمة عندما يرى أن عباده جديرون بالمحافظة عليها.
رابعاً: بالنسبة لمنطقة ال850 كلم والتي تحدثنا عنها، حتى هذه المنطقة توجد فيها ثروة بمليارات الدولارات. من الآن، طالما إن الدولة اللبنانية تعتبرها لبنانية فهي عند المقاومة لبنانية، وبالتالي في أدبياتنا ليس هناك منطقة متنازع عليها، هناك منطقة معتدىً عليها. هذه المنطقة المعتدى عليها لبنان لديه فرصته السياسية الدبلوماسية حتى يستعيدها من خلال ترسيم حدود، لكن نحن نحذر الإسرائيلي من أن يمد يده إلى هذه المنطقة ومن القيام بأي عمل يؤدي إلى سرقة ثروات لبنان من مياه لبنانية.
الآن، حتى في ترتيب الأولويات يمكن أن لا يأخذ لبنان شركات التنقيب على (منطقة) الـ 850 كيلومتر، ويمكن أن يأتي بها قبالة السواحل الآمنة، هذه المنطقة إلى أن يقرر لبنان الإستفادة منها يجب توجيه التحذير للإسرائيلي بأن لا يمد يده عليها. وأيضا بموضوع الـ 850 (كيلومتر) نحن ندعو الدولة إلى بذل كل جهد سياسي وقانوني لاستعادة هذه المساحة وبسط سيطرة الدولة عليها.
أيضا ـ وهذا الخطاب للناس ـ نحن ندعو الشعب اللبناني كله إلى مواكبة ومساندة ودعم الحكومة في هذا الإستحقاق الوطني الكبير، وإذا استطاعت هذه الحكومة أو هذه الدولة أن تستخرج نفطاً أو غازاً فهو سوف يذهب إلى خزينة الدولة اللبنانية وسيستفيد منه كل اللبنانيين، لا 8 آذار ولا 14 آذار.
وفي نهاية المطاف أقول للصديق والعدو، إنّ لبنان مدعو ـ وهو قادر ـ إلى الاستناد إلى جميع عناصر القوة فيه من أجل الحفاظ على حقوقه الطبيعية واستعادة حقوقه الطبيعية، ومن أهم عناصر القوة فيه معادلة الجيش والشعب والمقاومة، هذا استحقاق وطني كبير نحن معنيون جميعاً أن نتعاطى معه.
وفي ما يعني المرحلة المقبلة في الشأن الإسرائيلي، كل تهديد إسرائيلي وكل عجرفة إسرائيلية يجب أن ننتبه إلى أنها جزء من حرب نفسية تشن على شعوبنا وعلى مجتمعاتنا وجزء من حملة لاستعادة الثقة بالطرف الآخر، لكن بعد حرب تموز، لبنان هذا دخل بمرحلة مختلفة تماما، لكن المهم أن نتعاون ونحافظ على عناصر المقاومة فيه.
إنني أيضا في ختام الكلمة أبارك لكم جميعاً وللمسلمين خصوصاً حلول شهر رمضان المبارك وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لصيامه وقيامه وحفظ حرمته وأداء حقه وأن يجعله حقاً وواقعاً شهراً للإنابة والمغفرة والتوبة وتجديد القوة واستعادة الكرامة والعزة.
أسأل الله سبحانه تعالى أن يدفع البلاء والفتنة عن جميع بلادنا العربية والإسلامية وأن يوفقنا جميعاً لما فيه شرف وكرامة وعز وسعادة وخير الدنيا والآخرة وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.