لم تعد الأوضاع على الحدود اللبنانية السورية من منطقة عرسال في البقاع الشمالي وحتى منطقة العبودية في شمال لبنان على سابق عهدها من حركة التنقل اليومية للمواطنين وللبضائع المهربة
كتب نضال حمادة:
كيف يتم إرسال السلاح والمسلحين إلى سورية ومن هي الجهة التي تقف وراء ذلك؟
لم تعد الأوضاع على الحدود اللبنانية السورية من منطقة عرسال في البقاع الشمالي وحتى منطقة العبودية في شمال لبنان على سابق عهدها من حركة التنقل اليومية للمواطنين وللبضائع المهربة بين طرفي الحدود. فالأزمة التي تمر بها سورية اضطرت القيادة في دمشق أن ترسل وحدات من الجيش العربي السوري لحماية الحدود ومراقبتها، بعد أن تعرضت مراكز الشرطة والمخابرات الواقعة على الحدود اللبنانية السورية لناحية بلدة القصير لهجمات مسلحة يقول أهالي المنطقة من اللبنانيين والسوريين إن سلفيين متطرفين قاموا بها منذ حوالي الأسبوعين.
وكان لهذه الهجمات وقع سلبي على العلاقة بعض بين قبائل العربان في سورية وعشائر بعلبك - الهرمل في لبنان، حيث أرسلت الأخيرة تحذيرا لقبائل العربان مفاده أنها معنية بردع أي تعرض لمراكز الأمن والشرطة السورية على الحدود، ما أدى إلى حالة هدوء ثبتها وصول قوات من الجيش العربي السوري إلى المنطقة مع أوامر للقوات المرسلة باستعمال القوة الحاسمة في مواجهة أي خلل امني محتمل. وقد شملت هذه الإجراءات السورية منع التهريب لاسيما عمليات تهريب المازوت من سورية إلى لبنان كما قامت قوات الجيش السوري بتدمير كافة الجسور والعبارات الواقعة على الحدود منعا لعمليات تهريب الأسلحة والمسلحين إلى الداخل السوري. وتنقل مصادرنا، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، عن ضباط سوريين في المنطقة أنهم يخضعون مباشرة لأوامر القصر الجمهوري في دمشق وليس لأحد في سورية سلطة عليهم لا من الأجهزة العسكرية ولا من الأجهزة الأمنية.
بعض سكان المنطقة يقولون إنه من المستحيل إغلاق الحدود كليا خصوصا في مناطق جبلية مثل (تل كلخ) و(أكوم اكروم) وبعض مناطق شمال لبنان حيث تنشط هذه الأيام عمليات تهريب أسلحة ومسلحين إلى الداخل السوري وبالتحديد إلى مدينة حمص وضواحيها.
وفي المعلومات الأكيدة، فإن مركز عمليات التهريب هذه هي منزل نائب تابع لحزب المستقبل والواقع في مزرعته في بلدة بنين. وبحسب مصادر مطلعة رسمية في المناطق الحدودية فإن مزرعة النائب المذكور تقع في شارع يحمل اسم (شارع خالد الضاهر). وتقول المصادر أيضاً إن الرجل هو رأس حربة في عمليات تهريب السلاح والمسلحين إلى سورية ومنذ سنوات عديدة غير أن الاضطرابات السورية جعلته يعمل علناً في مزرعته. وتضيف أن النائب المستقبلي يرسل السلاح والمسلحين إلى محافظة حمص حيث تجري منذ أسبوع اشتباكات مسلحة بين قوات من الجيش العربي السوري ومسلحين سلفيين.
في الوضع السوري تقول مصادرنا إن قوات من الجيش العربي السوري تقوم بعملية تطهير واسعة في الضواحي الشرقية لمدينة حمص حيث دخل الجنود السوريون حي باب السباع و حي الخالدية، وتروي المصادر عن جهات في سورية وثيقة الاطلاع على ما يجري في حمص، أنه تم توقيف حوالي أربعمائة مسلح أفغاني فضلا عن مسلحين سلفيين يحملون الجنسية اللبنانية اعترفوا بدور النائب اللبناني عن حزب المستقبل في عملية تهريبهم إلى سورية مع سلاح، فيما تم توقيف عناصر مسلحة فرّت من نهر البارد بعد انتهاء الحرب بين فتح الإسلام والجيش اللبناني عام 2008. وتمت أيضا في هذه العملية مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وتم الكشف أيضاً عن المكان الذي تمت فيه تصفية بعض الشبان قبل أسبوعين، وهو مسجد في باب السباع كان المسلحون قد حوّلوه إلى غرفة عمليات قيادة. كما تمت مصادرة ثلاثة آلاف بزّة عسكرية سورية من مختلف الرتب اعترف من القي القبض عليهم من المسلحين أنها أرسلت من قبل النائب اللبناني المذكور، وأن الخطة كانت تقضي بارتداء آلاف المسلحين لها في محاولات السعي المستميتة لإحداث انشقاق في صفوف الجيش العربي السوري. وتقول مصادرنا المطلعة إن الجيش السوري متماسك ولا خوف عليه من محاولات كهذه، وتشير أيضاً إلى أن غالبية الضباط والجنود على الحدود من المسلمين السنة وقائد القوات ضابط كبير من محافظة حلب.
موجة تهريب الأسلحة والمسلحين أدت إلى ارتفاع سعر قطعة السلاح من طراز (كلاشينكوف) روسي الصنع من ألف دولار إلى ألفي دولار، كما ارتفع سعر الدواب، التي يتم نقل العتاد والرجال عليها، من أربعة آلاف ليرة سورية إلى عشرين آلف ليرة سورية أي حوالي أربعمائة دولار أميركي. كما توجد محاولات كثيفة لشراء الأسلحة من منطقة الهرمل عبر أشخاص من منطقة الشمال يزورون ليلا تجار سلاح في تلك المنطقة عارضين لوائح أسلحة وذخائر يحتاجونها مقابل أسعار تصل إلى ضعفي السعر العادي وكل هذا يخضع لمراقبة دقيقة.
في النهاية تؤكد المصادر الواسعة الاطلاع على الوضع الداخلي السوري أن ملف التدخل اللبناني في الاضطرابات السورية سوف تكون له تبعات وتأثيرات جدية بعد أن تنتهي القيادة السورية من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد.