يكاد لا يمرّ يوم في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت لا تسمع فيه صوت " صهريج المياه " ، أصوات يرحّب فيها سكان الضاحية بالفصل الحار ، فالكثير من السكان يعاني من انقطاع المياه
علي ملّي
يكاد لا يمرّ يوم في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت لا تسمع فيه اصوت المحركات وهي تفرغ " صهاريج المياه " ، أصوات يرحّب فيها سكان الضاحية بالفصل الحار ، فالكثير من السكان يعاني من انقطاع المياه في فصل الصيف في بلد اشتهر بالثروة المائية .
مصروف إضافي هو عنوان بسيط للمرحلة التي يقضيها المواطن اللبناني خلال أشهر الحر اللاذعة ، فبالإضافة إلى تكاليف إشتراك الكهرباء الذي أصبح لا يطاق ، يضطر المواطن اللبناني إلى دفع ما يقارب مئتي دولار أمريكي شهرياً لقاء حصوله على المياه الحلوة، كما وأنه مضطر لأن يجاري أصحاب الصهاريج بإحتكارهم للمياه العذبة، فلا يمكن رفض أي سعر يضعوه على النقلة الواحدة .
التكاليف الإضافية ليست المشكلة فقط ، هناك الإزعاج الذي يرافق رحلات نقل المياه حتى أصبح السكان يألفون صوت الموالدت كأنه شيء من العادة .
وإذا كان هناك حل بديل فهو الأسوأ .... المياه الكلسية ، وهي تلك التي لا تبقي ولا تذر شيئاً على حاله من التمديدات الصحية وصنابير المياه ، وهو ما يرتب كلفاً أكبر على المواطن ولكن على مدى طويل .
إذاً تكاليف إضافية وإزعاج وعبء إضافي على كاهل المواطن ، فيما تقدّم سرد للنتائج أما المشكلة فهي سؤال عن سبب شح المياه في بلد الثروات المائية ؟؟
يؤكد بعض الخبراء في لبنان أن مشكلة شح المياه التي تتفاقم في لبنان سببها التصحر الذي يدخل فيه البلد تأثراً بالموجات القادمة من دول الخليج العربي ، ويضيف هؤلاء إلى سلسلة المشاكل ، مشلكة الهدر وسوء الإدارة بالإضافة إلى إنخفاض نسبة المتساقطات في لبنان.
وفي هذا يشير الدكتور مصطفى مروّة إلى أن المشكلة الأساس في لبنان تعزى إلى سوء الإدارة حيث أن ما يجري في أحد أغنى البلدان في الثروة المائية لا يعد من الشح ، إلا أنه دورة طبيعية من الجفاف الذي يحدث كل عقد ونيف .
ويؤكد مروّة أن العقود الماضية التي حفلت بمشاكل مرّت على لبنان إعتاد بسببها المواطن اللبناني على سلوك إجتماعي خاطئ كان من جملته سوء إدارة الثروة المائية حتى إن البعض كانوا يقولون " قد ما عنّا مي فينا نبيع". من جهة كانت المشكلة بسبب سلوك خاطئ يعتمده المواطن، ومن جهة أخرى فإن ما زاد من تأزيم المشكلة هو إهمال الدولة لطرق تجميع المياه ، فلم تبنَ السدود ولا البحيرات ، وبقيت معظم مياه الأنهار تصب في البحار مما اضاع فرص ضمان الإستفادة من المياه العذبة .
ورأى مروّة أنَّ ما يعتبره بعض اللبنانيين حلاً بديلاً في اللجوء إلى المياه ، إنما هو هروب إلى واقع أصعب. وبالنسبة لما يُحكى عن تصحّر وجفاف ، فقد أكّد مروّة أن هذه الأمور لا يمكن أن تحدث على المدى القصير ، فهي تتطلب وقتاً طويلاً لن يدركه هذا الجيل، اما فيما خص التراجع في نسب المتساقطات ، فما يجري هو دورة طبيعية ، إلا انه مؤشر يدعو إلى الحرص وإلى تعلّم حسن إدارة الثروات .
إذاً مشكلة سببها طرفان الأول أساء استعمال المياه والثاني أهمل الكنز الذي بين يديه فلم يحافظ عليه، وبين ذا وذاك ضاعت المياه والمستفيد الأكبر أصحاب الصهاريج.