27-11-2024 02:38 AM بتوقيت القدس المحتلة

روبير غانم: رجل لكل الفصول

روبير غانم: رجل لكل الفصول

يملك النائب روبير غانم فرصة للوصول إلى قصر بعبدا. هو مرشح السعودية والرئيس سعد الحريري، على ما تقول مصادر في قوى 8 آذار




فراس الشوفي

يملك النائب روبير غانم فرصة للوصول إلى قصر بعبدا. هو مرشح السعودية والرئيس سعد الحريري، على ما تقول مصادر في قوى 8 آذار. روبير غانم رجل كل عهد، ومرشّح لكل موقع، وإن كانت شروط الرئاسة أن يكون المرشّح مارونياً، فليكن.

«إنَّ لبنان وجد ليبقى، والموارنة وجدوا في لبنان ليَبقوا، ليَبقوا فيه كلّه... فالموارنة هم ملحُ لبنان، فماذا لو غاب هذا الملح أو فَسُدَ؟».

النائب روبير غانم مرشّح دائم لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وهو مرشّح جدّي الآن، على ما يُهمس به في أكثر من صالون سياسي. في البيت، في مجلس النّواب، في السيارة، أمام المرآة، وحتى مع الأصدقاء من السياسيّين (سوريين ولبنانيين وأميركيين وفرنسيين، وسعوديين طبعاً)، يتخيّل ابن بلدة صغبين البقاعية صورته وخلفه العلم اللبناني، وتلك الابتسامة السحرية.

تماماً كلقطة الغلاف على موقعه الالكتروني الحالي، غير المحدّث منذ آب 2008. فالرئاسة في لبنان حق جيني، لكل ماروني!

على أن رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية، ونائب المقعد الماروني في دائرة راشيا والبقاع الغربي، لا يتّكل على التخيّلات والأحلام وحدها. منذ عام 1996، عام التمديد للرئيس الياس الهراوي، يقف غانم في محطة قطار، لابساً بذلة الرئاسة البيضاء. وعند كل استحقاق رئاسي، يتوقّف القطار أمامه في المحطة، ولا يكاد يضع رجله على عتبة الباب الحديدي، حتى يسبقه إلى المقعد الفارغ الوحيد، راكب آخر.

مرةً الهراوي، وثانية الرئيس إميل لحود، وثالثة الرئيس ميشال سليمان، والآن، ينتظر، وعينه على عتبة القصر، والمزاحمون كثر.

في الآونة الأخيرة، عاد اسم غانم ليتردّد في الإعلام بعد غيابٍ طويل. طرح خريج الحقوق في جامعة القديس يوسف نفسه مرشّحاً «وفاقياً» لا «توافقياً»، في مقابلة مع الزميل مارسيل غانم قبل شهر من الآن. لا يبدو الفرق شاسعاً بين اللفظين عند الجد، لكن الفرق شاسع بين ما يقوله الصديق القديم لـ «النظام الأمني اللبناني ــــ السوري المشترك» على شاشة «المنار»، وما يقوله على غيرها. مسؤولو حزب الله يتابعون غير «المنار» أيضاً.

تَتَبُّع أثر غانم لا بدّ أن يبدأ من بلدته صغبين، فالعودة لاقتفاء الأثر في عنجر غير مناسبة الآن. اليوم لا بلدية في صغبين. في الانتخابات البلدية عام 2010، استطاع التيار الوطني الحرّ الفوز بـ 8 مقاعد من أصل 15، وتقاسم غانم والقوات والقوميون باقي المقاعد. بعد عام ونصف عام، أقنع غانم رئيس البلدية وقتها إيلي شهوان بتقديم استقالته، وقدم الأعضاء الباقون استقالاتهم. «فرطت» البلدية في خريف 2011. في 2012، أجريت انتخابات جديدة، فاز غانم و«جمعية السيدة» والقوات بـ12 مقعداً، و3 للتيار الوطني الحرّ. ولمّا كانت القوات في صدد ترشيح أحد أعضائها، وهو إيلي لحود، على مقعد غانم قبل تأجيل الانتخابات النيابية الأخيرة، ساءت الأحوال بين الفريقين. قدّم القواتيون وأعضاء «جمعية السيدة» استقالاتهم، و«فرطت» البلدية مجدّداً. حتى شهوان، الذي كان يمثّل غانم في مناسبات قرى المسيحيين في البقاع الغربي، توقّف عن فعل ذلك، بطلبٍ من عائلته التي تخاصم غانم في السياسة. في صغبين أيضاً، أكثر ما يعلق ببال الأهالي أن غانم قاتل حتى آخر لحظة لمنع ارتفاع نصب تذكاري في البلدة للمقدم الشهيد عبدو جاسر، ابن البلدة، الذي قتل غدراً قبل سنوات في مجدل عنجر. وحاول رفع نصبٍ لوالده قائد الجيش السابق الراحل اسكندر غانم مكانه، ولم ينجح، لكنّه نجح في عرقلة تسمية الجيش اللبناني لثكنته الجديدة في بلدة عين زبدة باسم جاسر، وفاز بتخليد ذكرى العماد غانم، بعد زيارة قام بها إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي قبل فترة.

علماً بأن «العرف في الجيوش يقتضي أن تسمى الثكن بأسماء الشهداء»، على ما يقول زملاء جاسر من الضباط.
لكن لا هم. فالدول الإقليمية والكبرى التي تتوافق على رئيس للجمهورية، لا يعنيها إن كان النائب مؤتمناً على بلدته، أو لم يكن. وكذلك الكتل السياسية المساهمة في الاستحقاق الرئاسي.

الرئيس نبيه برّي «يبتسم لغانم دائماً... ليس أكثر»، يقول أحد نواب كتلة التنمية والتحرير. بينما يقول العونيون إن إمكانية موافقة عون على أن يكون غانم هو الرئيس المقبل، كـ «إمكانية أن يقبل عون جعجع، وربما أقل». في آخر زيارة لغانم الى الرابية، قال الأخير للجنرال: «إن لم تعد لك فرصة في الوصول إلى الرئاسة، فأنا أرغب بدعمك»، وكذلك لمح للرئيس أمين الجميّل. ويقول الكتائبيون إن «روبير طيب وحبّوب وصاحبنا، بس مرشحنا الشيخ أمين». ولا يخفي الاشتراكيون أن النائب وليد جنبلاط رشّح النائب هنري الحلو، لقطع الطريق على مرشّحين من الفئة نفسها، ومنهم غانم، على الرغم من علاقته الوثيقة بالنائب مروان حمادة. أما جعجع، فلم يُسقط بعد «الفيتو» الذي وضعه على غانم في انتخابات 2008، وأبلغه للسفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان، أرشفه الأخير في برقية إلى إدارته في واشنطن رقمها 07BEIRUT1458 في أيلول 2007 متوافرة على موقع «ويكيليكس». وفي البرقية ذاتها أيضاً، كتب فيلتمان أن الوزيرين بطرس حرب والياس المرّ أبلغاه، كلٌ على حدة، أن غانم هو مرشّح مدير فرع الأمن السياسي السوري اللواء رستم غزالة، واستفاض المرّ بإخبار السفير تفاصيل الاتصالات، فيما أكد حرب أن سبب عدم ثقة جنبلاط به هو «علاقته الوثيقة بالسوريين». ولأن غانم لا يحبّ أن يزعل أحدٌ منه، كان قد استبق كلام حرب والمرّ عنه لفيلتمان، بعشاء مع الأخير، عرض عليه خلاله وجهة نظره حول كيفية إضعاف التأثير السوري في لبنان ونزع سلاح حزب الله، وإسقاط الرئيس إميل لحود. واقتراحات غانم لفيلتمان متوافرة أيضاً في برقية أرسلها الأخير إلى واشنطن بعنوان «عين روبير غانم على قصر بعبدا»، تحت الرقم 06BEIRUT2844 في أيلول 2006. روبير غانم مع من؟ مع من يوصله إلى قصر بعبدا.

كل هذا لا يؤثّر في الرئيس سعد الحريري. دوائر فاعلة في قوى 8 آذار تؤكّد أن غانم هو المرشح الحقيقي والخفي للحريري والسعودية «مثلما كان في 2008»، وأن «كل ما هو غير ذلك هو مناورة سعودية، فغانم هو المرشح السعودي المفضّل في ظلّ عدم إمكانية تسويق جعجع». يعود هؤلاء بالذاكرة إلى مرحلة ما قبل تولي لحود الرئاسة، حين أمسك الرئيس رفيق الحريري بيد غانم وجال به على العواصم لتسويقه. كان الحريري يعمل على دعم مرشحين اثنين هما غانم، والراحل نسيب لحود، مع تفضيله للثاني... ولم يكن مخطئاً. ففي أول جلسة لحكومة الرئيس سليم الحصّ بعد تولّي لحود رئاسة الجمهورية، شنّ غانم حملةً عنيفة على «الحقبة الحريرية» في مجلس الوزراء، ما دفع بالحريري لقول جملته الشهيرة: «روبير الحريري غانم طعن رفيق الحريري».

في إحدى برقيات فيلتمان (07BEIRUT1458) أيضاً، يذكر السفير جواب البطريرك نصرالله صفير عند سؤاله عن موقفه من تولي غانم رئاسة الجمهورية، فما كان من صفير إلّا أن سأل فيلتمان: «هل هو ماروني؟». دوّن فيلتمان أن هذا الجواب مردّه إلى غضب صفير على غانم بسبب علاقته بسوريا، فنزع «المارونية» عنه.

كان على السفير الأميركي أن يبحث في خلفيات جواب صفير، وأن يطلع على سجّلات آل غانم في قلم نفوس سرايا صغبين. قبل انتخابات عام 1972، حنّ غانم إلى الكنيسة الشرقية، فاعتنق الأرثوذكسية ديناً وعمادة. ليس لأجل الخلاص في الآخرة، إنّما ليترشّح على المقعد الأرثوذكسي في لائحة الراحل جوزف سكاف في زحلة، ضدّ نائب رئيس مجلس النواب السابق ميشال معلولي. بعد مفاوضات مع معلولي، عاد غانم عن ترشّحه، لأسباب مشابهة لتلك التي كانت تدفعه لهجاء رفيق الحريري، أو مدحه!
غانم اليوم ماروني في السجلات. فالفرصة التي أوصلت الرئيس اللبناني الأول، الأرثوذكسي شارل دبّاس إلى الرئاسة عام 1926، لن تتكرّر الآن. لكلّ مقامٍ مقال.


http://www.al-akhbar.com/node/206927

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه