27-11-2024 04:36 PM بتوقيت القدس المحتلة

بوكو حرام .. وعودة المستعمر

بوكو حرام .. وعودة المستعمر

دخلت الأزمة في أفريقيا الوسطى والغربية مراحل خطرة، باتت تهدد السلم الإقليمي في منطقة يُجمع العديدُ من المراقبين على أنها تشكل أرضا خصبة للحركات والجماعات المتطرفة وعلى رأسها جماعة بوكو حرام.

حسين سمّور

 

دخلت الأزمة في أفريقيا الوسطى والغربية مراحل خطرة، باتت تهدد السلم الإقليمي في منطقة يُجمع العديدُ من المراقبين على أنها تشكل أرضا خصبة للحركات والجماعات المتطرفة وعلى رأسها جماعة بوكو حرام.


خطر الجماعة


 الجماعة التي تأسست في كانون الثاني/يناير من العام 2002 و"تطورت بشكل كبير" في العام 2004، هي ترجمة لما معناه "التعليم الغربي حرام"، وهي تشكلت على يد "محمد يوسف"، مؤسس قاعدة الجماعة المسماة "أفغانستان" في كناما بولاية يوبه شمال شرق نيجيريا، وعند تأسيسها كانت الحركة تضم نحو مئتي شاب.
وبعد مقتل يوسف تولى قيادة الحركة أبو بكر الشكوي، وسميت هذه الجماعة بـ"طالبان نيجيريا"، ويؤكد جميع المراقبين أنها فرع تنظيم القاعدة في افريقيا.

 منذ العام 2011 برز اسم بوكو حرام بشكل كبير جدا في افريقيا الوسطى والغربية، نتيجة قيامها بالعديد من المجازر بحق المدنيين، وتفجير الكنائس والمساجد والاعتداء على الاملاك العامة والخاصة، وصولا الى محاولتها السيطرة على أجزاء من نيجيريا وإفريقيا الوسطى خلال السنتين الاخيرتين.

وجاء خطف الجماعة لحوالي 300 طالبة من مدرسة في ولاية بورنو شمال شرق نيجيريا، ونقلهن الى جهة مجهولة قبل اسابيع، ليدق ناقوس الخطر حول الوضع الامني المستجد في منطقة حساسة واستراتيجية في افريقيا.


خطة لضرب بوكو حرام

القلق الافريقي والغربي حيال دور بوكو حرام في منطقة لها اهمية كبرى بالنسبة لاوروبا وأمريكا، قوبل بقرار ضرب بوكو حرام الذي اتخذ قبل ايام داخل أروقة قصر الاليزيه في فرنسا.

وصادق رؤساء كل من نيجيريا وتشاد والكاميرون وبنين، اضافة الى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وممثلون عن بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، على خطة إقليمية شاملة على المديين المتوسط والبعيد للتحرك والتصدي لبوكو حرام.

ولحظت الخطة تنسيق المعلومات الاستخباراتية وتبادل المعلومات، وتأسيس قيادة مركزية للامكانات ومراقبة الحدود، وتأمين وجود عسكري حول بحيرة تشاد وقدرة على التدخل في حال الخطر.

ويرى متابعون للملف أنه منذ العام 2009 وحتى اليوم باتت بوكو حرام تعمل كمنظمة مرتبطة بتنظيم القاعدة، حتى انها وصلت الى "ممثل القاعدة في افريقيا الوسطى والغربية".

ويؤكد الخبير في الحركات "الاسلامية" ممدوح الشيخ، في مقابلة مع موقع المنار الالكتروني، أن الغرب يريد منذ وقت طويل ذريعة للتدخل في افريقيا، وقد وجدها من خلال ممارسات بوكو حرام.

واعتبر الشيخ أنَّ الذريعة الغربية أعطتها السلوكيات على الارض سواء من قبل الجماعات المسلحة "بوكو حرام"، أو من قبل الحكومات العاجزة في تلك الدول.

وقال الخبير بالحركات الاسلامية ان في نيجيريا مشكلة مزمنة هي مشكلة بوكو حرام، وهي تمتد الى غيرها من الدول مثل النيجر، مشددا على ان هذه الجماعة هي ذراع لتنظيم القاعدة في دول الساحل والصحراء في افريقيا، وهو الامر الذي بات يشكل تهديدا اقليميا ودوليا، نتيجة موقع نيجيريا الاستراتيجي.

 وحول الخطة التي وضت في الإليزيه يرى ممدوح الشيخ أنها جاءت نتيجة لعجز الحكومة النيجيرية عن التعامل مع بوكو حرام بكفاءة، وعجز الدول المجاورة لنيجيريا مثل الكاميرون والنيجر في بناء تحالف اقليمي لضرب بوكو حرام.

وبحسب المراقبين فإن هذه الدول تصنف بالمعايير السياسية بـ"الفاشلة"، بسبب عجزها عن مواجهة العنف السياسي، وعدم قدرتها على تجفيف منابع الارهاب، وتقديم البديل الاجتماعي والاقتصادي للشباب الذي يلتجئ الى مثل هذه الجماعات بسبب الفراغ الذي يعيشه.
وتبدو فرنسا أكثر رغبة في التدخل في افريقيا، من مالي الى نيجيريا مرورا بافريقيا الوسطى، لأنها تجد في تلك المنطقة موطئ قدم، كون بعضها كان تحت سلطة فرنسا في الحقبة الاستعمارية، واذا ما تمكنت باريس من الدخول الى نيجيريا، فإنها ستكون المرة الاولى التي تدخل فيها الى بلد لم يكن تحت سلتطها من قبل.

خطر وأطماع

إذاً هي مرحلة خطرة دخلتها نيجيريا ومن ورائها عدد من دول افريقيا الوسطى والغربيّة، فبوكو حرام جماعة متطرفة باتت تهدد النسيج الاجتماعي داخل هذه الدول، والسلم الاقليمي والدولي في منطقة استراتيجية على الساحل.

والحلول بحسب معظم المراقبين يجب ان تكون داخلية بالدرجة الاولى، أي ان تقوم الحكومات في نيجيريا والنيجر والكاميرون وغيرها من دول الاقليم بإجراءات سريعة لضرب بوكو حرام، وتقديم سياسات اجتماعية واقتصادية تساهم بدرجة كبيرة بتأمين فرص عمل للشباب لعدم اللجوء الى هكذا جماعات.

ومع الاعتراف بأهمية الدور الدولي بمساعدة هذه الحكومات لضرب الجماعات المتطرفة، الا ان الخشية تبقى من اطماع  دول غربية بالنفط والذهب والمواد الاولية الموجودة في افريقيا.

من هنا ترى العديد من الجهات أن القرار الذي اتخذ في فرنسا سيكون له تداعيات سياسية اكثر من تداعياته الامنية والعسكرية على الارض، وهو ما من شأنه أن يُطيل أمد الازمة ويأخذ نيجيريا نحو مزيد من الفوضى والعمليات الارهابية التي يمكن أن تقوم بها بوكو حرام.