تتصاعد الضغوط المتزايدة على موارد المياه العذبة كل دقيقة، نظراً إلى زيادة عدد السكان باستمرار وتزايد احتياجات الزراعة وبعض الصناعات
تلعب التقنيات الذكية دوراً جوهرياً في إدارة الموارد المائية وتوزيعها واستهلاكها بفاعلية وكفاءة. ومن الأمثلة الشائعة للتكنولوجيات الناجحة التي توفر معلومات في الوقت الحاضر عن استخدام المياه لحظة بلحظة الاستشعار عن بُعد باستخدام السواتل، والحوسبة السحابية وشبكة الاستشعار الدلالي ونظم المعلومات الجغرافية (GIS)
تتصاعد الضغوط المتزايدة على موارد المياه العذبة كل دقيقة، نظراً إلى زيادة عدد السكان باستمرار وتزايد احتياجات الزراعة وبعض الصناعات، فضلاً عن الزيادة في استهلاك الطاقة والتلوث. وأصبح تغيّر المناخ يمثل تهديداً حقيقياً وعالمياً. وبدون إدارة ذكية، سيواجه مئات الملايين من الأفراد في جميع أنحاء العالم نقصاً شديداً في المياه والطاقة، ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى الجوع وتفشّي الأمراض.
ويؤكد تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات ومنظمة اليونسكو أن التكنولوجيا لديها القدرة على تعزيز استدامة المياه وكفاءتها وسهولة الحصول عليها. على سبيل المثال، يمكن دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أيضاً لزيادة الكفاءة في الري وتوفير ما يصل الى 70 في المئة من المياه في بعض الشبكات. ولكن هناك حاجة إلى الإدارة لضمان أن تدار هذه التكنولوجيات بشكل صحيح لحماية موارد المياه.
يُتيح الفريق المتخصص المعني بالإدارة الذكية للمياه في الاتحاد الدولي للاتصالات منتدى للخبراء لتناول التحديات العالمية الحالية للمياه حتى تتمكن البلدان من استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتغلب عليها. هناك حاجة على وجه الخصوص إلى وجود معايير حول نقل المعلومات المتعلقة بالمياه وتخزينها والوصول إليها وتحديثها حتى تكون الخصائص الجغرافية، التي تعتمد على الوقت (مثل العدادات الذكية) مرتبطة في ما بينها.
يجري استخدام تكنولوجيات الليزر لقياس مياه الأنهر
يعيش خمس سكان العالم تقريباً (حوالى 1,2 مليار نسمة) في مناطق تعاني من ندرة المياه، بينما يقترب 500 مليون شخص من هذه الحالة. ويواجه 1,6 مليار نسمة آخرون (حوالى ربع سكان العالم) نقصاً في الإمكانيات الاقتصادية التي تسمح بالاستفادة من المياه، لأن البلدان تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لسحب المياه من الأنهار والمياه الجوفية.
تمكن أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من جمع بيانات جغرافية رقمية عالية الدقة من خلال الاستشعار عن بُعد. ويمكن استخدام البيانات الجغرافية الرقمية لاستحداث نماذج طبوغرافية، بينما مكّن التصوير الرقمي والتصوير بالفيديو تخزين كميات كبيرة من المعلومات عن الأرض واسترجاعها.
وحالياً يجري استخدام تكنولوجيات الليزر القادرة على التقاط بيانات خاصة بتدفق المياه من أحد أطراف النهر من دون استخدام جهاز قياس لذلك.ويمكن أنظمة القياس الذكية للمياه قياس استهلاك المياه لحظة بلحظة، وكذلك استخراجها للري، ويمكنها توجيه هذه المعلومات تلقائياً لأغراض الرصد والإعداد، ومن خلال الجمع بين القياس الذكي للمياه والخدمات المصرفية عبر الهواتف المحمولة.
وقد طورت صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مجموعة من الأجهزة والتكنولوجيات المصممة خصيصاً للأنشطة الرئيسية في قطاع المياه. وأدى استخدام هذه الأدوات إلى تحسين توزيع المياه واستهلاكها واستخدامها. كما أدى أيضاً إلى حماية البيئة والتخفيف من الأخطار الطبيعية.
وقد فتح استخدام القياس الذكي للمياه آفاقاً للمواطنين للإبلاغ عن التسريبات وأنابيب المياه المعيبة والأوضاع العامة لقنوات المياه وغيرها من البُنى التحتية. ويمكن أن تشتمل الشكاوى الآن على صورة فوتوغرافية بسيطة مع تفاصيل عن قنوات أو أنابيب المياه التي فيها خلل ثم تحميلها في الوقت الفعلي لقاعدة بيانات مركزية. ويعد CreekWatch أحد الأمثلة على هذه التقنية، فهو أحد مكونات حلول إدارة المياه للمدن الأذكى لشركة آي بي إم (IBM). وتقدم وسائل التواصل الاجتماعي والأدوات التفاعلية لوكالات المياه وسائل قوية للتواصل مع المواطنين وإشراكهم في تحديات إدارة المياه المحلية وتحفيز برامج للمحافظة عليها.
ويضمن دمج أجهزة الاستشعار والتحليلات في القطاع الزراعي ري المحاصيل عند الحاجة والحد من الكميات الكبيرة من المياه التي يتم فقدها بسبب الري غير الفعال.بدأت مشاريع القياس الذكي للمياه أساساً في أوروبا وأميركا الشمالية ــ ما يمثل 89 في المئة من السوق العالمية للمياه الذكية من حيث عمليات بيع الوحدات. تقيس العدادات الذكية للمياه كمية المياه المستهلكة أو المستخرجة، وتنقل تلقائياً المعلومات إلى مزود الخدمة من أجل إصدار الفواتير والرصد، ما يجعل قراءات مختصي الكشف على العدادات أمراً لا حاجة إليه.
وتتيح القراءة الآلية للعدادات التجميع الآلي للقراءات الذي يتم عادة عن طريق إرسال راديوي، من دون الحاجة إلى أي تقييم من مختصي الكشف على العدادات، بينما تنطوي البنية التحتية للقياس المتقدم على اتصال ثنائي الاتجاه مع عدادات المياه. وعلى وجه الخصوص، تمكن النظم الذكية لقياس المياه من الكشف عن بُعد عن التوصيلات غير القانونية والتسريبات.
ووفقاً لتقرير دراسة حالة صادرة عن هيئة المياه والمجاري في مقاطعة كولومبيا، الولايات المتحدة، يقلل نظام القراءة الآلية للعدادات المثبت على الشبكة الثابتة من المياه التي لا تُدر إيرادات من 36 في المئة إلى 22 في المئة ويزيد من الإيرادات بنسبة 7 في المئة من خلال خفض الديون. بل ويحقق وفورات أخرى أيضاً، حيث خفض تكاليف قراءة العدادات من 4,15 دولارات أميركية للمتر الواحد إلى أقل من دولار أميركي واحد وخفض من تكاليف معالجة الشكاوى بنسبة 50 في المئة وخدمات مركز اتصال العملاء بنسبة 36 في المئة.
يعيش أكثر من نصف سكان هولندا في المناطق المعرضة للفيضانات، ما يجعل إدارة الفيضانات مهمة أساسية. وقد دفع ارتفاع تكلفة إدارة المياه حكومة هولندا إلى الشروع في مبادرة نظام دلتا الرقمي.ونظام دلتا الرقمي عبارة عن نظام ذكي قائم على الحوسبة السحابية لديه القدرة على تقديم المشورة. ومن المتوقع أن يعالج نظام الإدارة هذا المخاوف القائمة، بدءاً من نوعية مياه الشرب حتى تأثير الظواهر الجوية المتطرفة. ومن المتوقع منه أيضاً تخفيض تكاليف إدارة المياه بنسبة 15 في المئة.
وتستفيد هولندا أيضاً من مكونات الشبكة الذكية والعدادات الذكية للمياه التابعة لبرنامج شراكة الابتكار الأوروبي المعنية بالمياه، والتي أنشأتها المفوضية الأوروبية. وتستخدم الشبكة الذكية أجهزة الاستشعار والاتصالات الرقمية والمعالجة الرقمية المدمجة لجعل الشبكة آلية العمل ويمكن السيطرة عليها وملاحظتها.
وتُحسن العدادات الذكية للمياه العمليات الإدارية، بما في ذلك إعداد الفواتير. بل وتجعل من اليسير الكشف عن الاحتيال أو التسريبات ومعالجة الأخطاء، مثل التدفق الارتجاعي. ويمكنها رصد درجة حرارة المياه وضغط المياه وتوفر البيانات للمساعدة في تخطيط شبكة التوزيع وخفض التكاليف.