وحذّر سماحته الشّباب مما يحاك لهم من مؤامرات تستهدف النيل من طاقاتهم وقدراتهم، وحرفهم عن استكمال تطورهم التربوي والعلمي، من خلال العمل لشلِّ قدراتهم
رأى العلامة السيّد علي فضل الله، أنَّ الشباب هم أمل الخلاص للبنان، مشيراً إلى أنَّ التحدي الّذي يواجه شبابنا يتمثّل في المناخات المثيرة للعصبيات، مؤكّداً أنّنا لسنا ضد الرياضة، شريطة أن لا يصل الأمر إلى مستوى الهوس بها، وأن لا تخرج عن التوازن.
جاء ذلك في محاضرة لسماحته ألقاها أمام طلاب ثانوية البشائر في بعلبك، تحت عنوان: "الشباب وتحدّيات العصر".
واعتبر السيد فضل الله في بداية محاضرته، أن رهاننا في هذا الوطن، يبقى على جيل الشباب، الذي يمثل الأمل والخلاص لما نعانيه من مشاكل، باعتباره الأكثر قدرةً على تحمّل المسؤولية، والأكثر وعياً للمخاطر المحدقة بالبلد، والأكثر فعاليةً وحيويةً واندفاعاً واستعداداً لتقديم أغلى التضحيات، في سبيل الوصول إلى ما يؤمن به، لأنه يمثل الطليعة المتقدّمة في الأمة.
وحذّر سماحته الشّباب مما يحاك لهم من مؤامرات تستهدف النيل من طاقاتهم وقدراتهم، وحرفهم عن استكمال تطورهم التربوي والعلمي، من خلال العمل لشلِّ قدراتهم، وإشغالهم بقضايا هامشيَّة، وتحريك الأجواء التي تثير الغرائز والشهوات، لضرب هذا المجتمع وبنيته الأخلاقية، وتحطيم قيمه ومفاهيمه وقدراته.
وأضاف: "أما التحدي الآخر الذي يواجه الشباب في عالمنا العربي والإسلامي، فيتمثّل بالعمل على توليد المناخات المثيرة للعصبيات والانفعالات، لدفع الشباب إلى اتخاذ المواقف والقرارات الارتجالية، البعيدة عن الدراسة والتدقيق، والسعي لتشويش معايير التمييز بين الصديق والعدو، وتمرير هذه المخطّطات، من خلال وسائل الإعلام، التي تقوم بتشويه الحقائق، وبث مفاهيم جديدة، خدمة لمصالح القوى المتربصة بالشعب والوطن".
ودعا إلى حسن استغلال الوقت، ولا سيما في هذه المرحلة من عمر الإنسان، التي تضج بالحيوية والاندفاع، فعلينا أن لا نهدره في قضايا هامشية، لننشغل بها ونبتعد عن العمل على قضايانا التي تصب في خدمة مجتمعاتنا.
من جهةٍ ثانية، قال سماحته: "نحن لسنا ضد الرياضة، ولكن ضمن ضوابط ومعايير، حتى لا يصل الأمر بنا إلى درجة الهوس، بما يستنزف كل إمكاناتنا وقدراتنا وأعمارنا، ولهذا، من المهم إقامة التوازن بين الترفيه والتسلية، وبين الجدية والمسؤولية، حتى لا يضيع مستقبلنا الذي لا نستطيع أن نعوضه، ولا ينفع حينها الندم".
وشدّد على ضرورة الحوار الهادئ بين الأهل والأبناء، على قاعدة من الاحترام والثقة المتبادلة، مركزاً في هذا المجال، على أهمية استخدام أسلوب الإقناع، بعيداً عن فرض الأهل آراءهم بالقوة، ما قد يؤدي إلى تمرد الأبناء.
أما موضوع الاختلاط، فرأى سماحته أن لا مشكلة فيه من حيث المبدأ، ولكن مع الحرص على مراعاة الضوابط الشرعية التي تؤسس لعلاقة إنسانية بين الطرفين، وذلك بما يضبط عناصر الغريزة والشهوة، التي يؤدي إطلاقها إلى تدمير حياة الشباب وتهديد مستقبلهم.
وأوصى الشباب بأن يتحاوروا ويتواصلوا مع الجميع، لأننا نعيش في مجتمع متنوّع، لا يرقى إلا بالتواصل بين شبابه، والتحاور مع بعضهم البعض، فكلّ التّجارب التي مر بها هذا الوطن، أكّدت أنه لا يمكن لأحد الاستغناء عن الشريك الآخر، والعيش من دونه، داعياً إلى الاعتماد على المنهج العلمي والموضوعي في الحوارات والنقاشات، وعدم الحكم مسبقاً على الآخر، وبناء الجسور معه، والعمل سوياً لهدم كلّ ما يعيق الحوار والانفتاح والتواصل، من متاريس طائفيّة ومذهبيّة، بهدف الانطلاق لبناء مستقبل أفضل لنا جميعاً.