27-11-2024 02:43 AM بتوقيت القدس المحتلة

انفتاح عون.. ليس حباً من طرف واحد

انفتاح عون.. ليس حباً من طرف واحد

لن يكون سهلاً على العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري إعادة عقارب الساعة الى ما قبل.. الحوار، لاسيما بعدما تذوق الرجلان طعمه في الحكومة والتعيينات وغير ذلك من الملفّات التي طالها «التعاون الثنائي»

الحوار حاجة للحريري أيضاً


عماد مرمل

لن يكون سهلاً على العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري إعادة عقارب الساعة الى ما قبل.. الحوار، لاسيما بعدما تذوق الرجلان طعمه في الحكومة والتعيينات وغير ذلك من الملفّات التي طالها «التعاون الثنائي». لكن الأكيد، أن كل هذا لا يعوّض الجنرال عن «حقه المهدور» برئاسة الجمهورية، وهو حق يصرّ الرجل على استعادته، كمدخل ضروري الى تصحيح الخلل في التوازن والميثاقية.

ومع ذلك، يعتبر المتحمّسون للانفتاح على الحريري، داخل صفوف «التيار الوطني الحر»، أن ما أنجزه الحوار حتى الآن مهمّ، وإن يكن الأهم لم يتحقق بعد، وهو التفاهم على انتخاب عون رئيساً توافقياً.

ويلفت هؤلاء الانتباه الى أن الجنرال كان مرفوضاً بالكامل من زعيم «تيار المستقبل»، وكان يُنظر اليه على أساس أنه «تابع» لمحور إيران ـ سوريا ـ «حزب الله»، وأنه صاحب خطاب طائفي تحريضي. وبالتالي فإن مجرّد التفكير بإمكانية التصويت له، لإيصاله الى رئاسة الجمهورية لم يكن وارداً، حتى الأمس القريب في حسابات «المستقبل».
لكن، بعد أسابيع قليلة من الحوار الذي وُضع حجره الأساس في روما، بدأت صورة الجنرال تتغير في عيني الحريري، وبات مبدأ انتخابه قابلاً للبحث، الى حد أن زعيم «المستقبل» ناقش الفكرة مع حليفه سمير جعجع، برغم أن الأخير هو المرشّح المفترض لقوى «14 آذار».

هذا التحول في نظرة «المستقبل» الى عون، يشكّل من وجهة نظر البرتقاليين، نقلة نوعية لا يجوز التقليل من دلالاتها وقيمتها، قياساً الى حالة العداء التي تحكّمت بالعلاقة بين الجانبين منذ العام 2005. كان يكفي أن يعترف الحريري بحق عون في الترشح، وأن يناقش مع جعجع احتمال أن يكون الجنرال مرشحاً توافقياً، حتى يشعر العونيون بأن الانفتاح على الحريري في محله، وأن الاستثمار في الحوار معه رابح، وصولا الى الاقتناع بضرورة المضي بهذه التجربة الى الأمام.
من هنا، يبدو البرتقاليون حريصين على عدم التفريط بالرصيد الذي تجمّع حتى الآن في «الحساب الجاري» للعلاقة المستجدة مع «المستقبل»، وهم يراعون حاجة الحريري الى تهيئة قاعدته الشعبية وحلفائه المسيحيين بشكل تدريجي لتقبّل التحوّل في العلاقة مع عون والتكيّف معه، لكنهم يعتبرون في الوقت ذاته أن «تفهّم» ضرورات الحريري، لا تعني أن الوقت مفتوح أمامه، وبالتالي لا بد له من أن يقول كلمته النهائية، من دون مواربة، بأسرع ما يمكن.

يدرك البرتقاليون أن أجزاء الكلمة ـ الفصل تُصنع في الرياض وأن دور الحريري يكمن بالدرجة الأولى في «تجميعها»، إلا أنهم يتجنبون التعامل مع زعيم «المستقبل» على هذا الاساس. من حيث الشكل، يتصرف العونيون على قاعدة أن العلاقة هي مع الحريري حصراً، وأن الرد يجب أن يُسمع منه، أما موقف السعودية فهو المعني به ويقع ضمن نطاق مسؤوليته، لأن كلاهما جزء من محور واحد، ولا شأن للآخرين بكيفية توزيع الأدوار بينهما، وأي منهما ينتظر الآخر.
يصرّ أنصار عون على أن التفاوض مع الحريري متكافئ، وليس «حباً من طرف واحد»، وبالتالي يرفضون أي استنتاج بأن وجود الجنرال في وضعية انتظار رد الحريري ينطوي على ضعف. بالنسبة إليهم، دعم الحريري للجنرال، إذا اكتمل، لن يكون مجانياً ولا عملاً خيرياً، بل هو يأتي في إطار «تقاطع مصالح»، سيسمح للحريري بتحقيق شراكة مثمرة.
يحرص البرتقاليون على إبراز عناصر القوة «المركّبة» التي يملكها الجنرال في المفاوضات مع الحريري: «هو وازن بتمثيله الشعبي الواسع في الساحة المسيحية، الأمر الذي يجعله رقماً صعباً لا يحتمل القسمة أو الطرح، ولا يمكن تجاوزه في الطريق الى الشراكة الحقيقية والاستقرار الوطني الثابت. وهو أيضا قوي بتحالفاته مع قوى 8 آذار، لا سيما مع حزب الله في الساحة الشيعية، ما يجعله همزة وصل وصمّام أمان في الداخل، وهذا امتيازاً يفتقر اليه مرشحو 14 آذار ممن تربطهم علاقة تحالفية بالحريري».

ومن يراهن على أن يؤدي الطموح الرئاسي للجنرل وانفتاحه على «المستقبل»، الى ضرب التفاهم بينه وبين الحزب ليس سوى واهم، برأي العونيين، ذلك أن علاقته بالحزب هي التي تجعل لحواره مع الحريري قيمة مضافة، وهي التي تعطيه القدرة على تأدية الدور التوفيقي والوفاقي.

وانطلاقا من هذه المعادلة، يرى البرتقاليون أن عون ـ الرئيس، وحده الذي يستطيع تحقيق الربط بين المكوّنات المسيحية والشيعية والسنّية، وهذه وظيفة لا يمكن أن يؤديها إلا هو، ومن دونها يصبح الجنرال كسمير جعجع، مجرّد مرشح للتحدي.
وعلى هذه القاعدة، يعتقد العونيون أن الجنرال قادر على طمأنة «تيار المستقبل» وإراحته، وأخذ حلفائه في الوقت ذاته الى المصالحة والشراكة، وهذه هي فلسفة تطلعه الى تولي رئاسة الجمهورية في هذا الظرف الذي يتطلب مواصفات رئاسية.. «غير تقليدية».


http://www.assafir.com/Article/1/351834

 

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه