ما شهدته بيروت من طوفان بشري سوري ليومين فاجأ العالم كله، خصوصاً أنّ الذين قالوا بكونه منظماً كالذين قالوا بكونه عفوياً.
ما شهدته بيروت من طوفان بشري سوري ليومين فاجأ العالم كله، خصوصاً أنّ الذين قالوا بكونه منظماً كالذين قالوا بكونه عفوياً، فقد تلاقيا على الإقرار بالمفاجأة أولاً، إما بتحوّل نوعي جذري في مزاج السوريين نحو دولتهم بما يجعل الاختلال في الميزان العسكري مدعوماً باختلال أشدّ في الميزان الشعبي، أو بالإقرار بأنّ الدولة السورية تزداد قوة.
هذا الاختلال الشعبي برأي البعض في واشنطن كان منظماً من دمشق ومعبّراً عن إدارة حكومية لكلّ من الساحتين الأردنية واللبنانية، بواسطة كتل النازحين المنظمين، وفي هذه الحالة فإنّ سورية التي تخسر جزءاً من الجغرافيا السورية في الحرب عليها تمسك تعويضاً عنها بجغرافيا أشدّ خطورة مما تخسره، وبينما لا يفقدها ما خسرته صفة الدولة التي تدير المضمون الاستراتيجي للجغرافيا السورية، بينما تثبت قدرتها على إدارة جغرافيا كان مستحيلاً أن تعود إليها كلبنان أو أن تتمدّد نحوها الأردن.
في واشنطن ثمة من يقول إنّ عودة النازحين السوريين تشكل وحدها هدفاً كافياً لتسوية سياسية مقبولة في سورية، ولو بالقبول بالانتخابات التي ستحمل الرئيس بشار الأسد لولاية رئاسية جديدة، والعناد لا يفيد هنا برأي هذه المصادر الأميركية، فسورية بنت لها جيشاً من النازحين في كلّ من الأردن ولبنان يعادل أضعاف جيشها الذي كان في لبنان، واستدعى إخراجه ما هو معلوم، بينما لن يكون متاحاً الحديث عن طرد نازحين مظلومين في حرب قاتلة.
جيفري فيلتمان معاون الأمين العام للأمم المتحدة صارح السعوديين بضرورة الإسراع بأيّ حلّ سياسي للأزمة السورية قبل أن تبدأ الخسائر بالتراكم في كلّ من لبنان والأردن، فالمعلومات المتداولة كما قال صحافيون عرب في نيويورك عن لسان فيلتمان، تقول إنّ عدد السوريين الذين أغلقوا طرقات العاصمة أول من أمس قارب المليون سوري.
استمرار الزحف إلى السفارة السورية دعماً لترشيح الرئيس الأسد
في هذه الأثناء، وبينما استمرت المراوحة في الاستحقاقات الداخلية من الملف الانتخابي إلى سلسلة الرتب والرواتب، بقيت مشاركة النازحين السوريين المقيمين في لبنان بالانتخابات الرئاسية السورية في دائرة التقويم والقراءة في ظلّ الحشود الكبيرة التي استمرت لليوم الثاني بالتوافد إلى السفارة السورية في اليرزة للمشاركة في هذه الانتخابات والإعلان عن تأييدها الكاسح لترشيح الرئيس بشار الأسد لولاية جديدة، وهو الأمر الذي أربك خصوم سورية في الداخل اللبناني وفي الخارج، خصوصاً أنّ كثافة المشاركة لم يكن أحد يتوقعها حتى من حلفاء سورية.
إذاً، فكما في اليوم الأول، شهد يوم أمس تدفقاً كبيراً للنازحين السوريين وأبناء الجالية السورية في لبنان إلى مقرّ السفارة، حيث زحف أمس عشرات الآلاف منذ ساعات الصباح الأولى واستمرت الحشود إلى منتصف الليل، ما أسقط كلّ رهانات الغرب المتآمرين على سورية، بل أن هذه المؤامرة أدت إلى عكس ما توقعه الحلف المتآمر حيث تؤكد كثافة مشاركة السوريين على احتضان الشعب السوري لقيادته وعلى رأسها الرئيس الأسد.
وقد أكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أن توجّه السوريين إلى السفارة للانتخابات يؤكّد أنهم مصرّون على الحل السياسي، وقال إن الانتخابات أفشلت كل الأوهام بسقوط الدولة السورية.
http://al-binaa.com/albinaa/?article=5562
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه