كانت المرة السابقة التي توقف فيها البورصة التداولات لنصف ساعة يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 عندما هبطت السوق أكثر من خمسة في المئة وسط إضطرابات سياسية حادة.
دفعت المخاوف من فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية والتوزيعات النقدية المتعاملين الأفراد في البورصة المصرية إلى البيع بقوة منذ يوم الأربعاء الماضي ليهوى المؤشر الرئيسي أكثر من عشرة في المئة وتفقد الأسهم نحو 40 مليار جنيه (5.6 مليار دولار) من قيمتها السوقية حتى الآن. وأوقفت إدارة البورصة المصرية التداول لنصف ساعة أمس الأحد بعد أن هوى مؤشر إي.جي.اكس100 أكثر من خمسة في المئة.
كانت المرة السابقة التي توقف فيها البورصة التداولات لنصف ساعة يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 عندما هبطت السوق أكثر من خمسة في المئة وسط إضطرابات سياسية حادة. ومالت معاملات المصريين والعرب تجاه البيع في تداولات أمس مقابل مشتريات مكثفة من المتعاملين الأجانب.وقال محمد جاب الله، من شركة التوفيق لتداول الأوراق المالية «البورصة ترد أمس على قرارات الضرائب المتسرعة من قبل الحكومة.»
ووافقت الحكومة المصرية على فرض ضريبة رأسمالية سنوية على أرباح البورصة المحققة وعلى التوزيعات النقدية بنسبة عشرة في المئة، لكنها لم تقر بعد من رئيس الجمهورية.ومع بدء تسرب الأخبار عن الضريبة الجديدة يوم الأربعاء الماضي بدأ المؤشر الرئيسي للبورصة موجة هبوط تسارعت وتيرتها، بعد أن أكد وزير المالية هاني قدري دميان لرويترز اليوم التالي (الخميس) أن الحكومة وافقت بالفعل على ضريبة الأرباح والتوزيعات النقدية وأعلن تفاصيلها.
وقال إيهاب رشاد من شركة مباشر لتداول الأوراق المالية «لا يوجد سبب يدعو الناس للإستمرار في البورصة .. ما العائد الذي تقدمه حتى تأخذ منه ضريبة؟ هذه جباية بلا مقابل.»ووجهت الضريبة المزمعة على مكاسب البورصة المصرية ضربة موجعة للأسهم، وأثارت تساؤلات الخبراء والمتعاملين عن الهدف والجدوى منها في وقت كانت سوق المال تتعافى فيه بأحجام وقيم تداول مرتفعة رغم معاناة الإقتصاد من شتى المتاعب والعلل.
وقلص المؤشر الرئيسي خسائره أمس ليغلق منخفضا 4.2 في المئة بعد إنخفاضه أكثر من ستة في المئة في بداية المعاملات.وقال إبراهيم النمر من شركة نعيم للوساطة في الأوراق المالية «ما حدث في النصف الثاني من جلسة أمس ما هو إلا ارتدادة فقط لأعلى .. المؤشرات الفنية سيئة وتوضح أن الاتجاه بيعي .. لا تنس أنه لا يوجد نزول مستقيم أو صعود مستقيم .. لابد من بعض الارتدادات .. المؤشر يستهدف مستوى الدعم 7350-7400 نقطة.»
وأوقفت إدارة البورصة التداول أمس على 124 سهما خلال أقل من ساعة من بداية المعاملات بعد إنخفاضها أكثر من خمسة في المئة.
وقال وزير المالية إن ضريبة البورصة تدخل ضمن الدفعة الأولى من إصلاحات على ضرائب الدخل من المتوقع أن تحقق لأكبر بلد عربي من حيث عدد السكان عشرة مليارات جنيه (1.4 مليار دولار) وربما أكثر.
وقال إيهاب سعيد من شركة اُصول للوساطة في الأوراق المالية «الحكومة لن تحصل على ما تستهدف من ضريبة البورصة لأن التداولات ستقل وسيخرج عدد ليس بالقليل من المستثمرين من السوق.»
ويضع ملايين المصريين أموالهم في البنوك كوعاء إستثماري يتمتع بالأمان بينما يبلغ عدد المتعاملين النشطين في بورصة مصر أقل من 100 ألف مستثمر من أصل مليوني مستثمر لهم أكواد (رموز تعامل) تسمح لهم بالإستثمار في البورصة.
وفي مقابلة تلفزيونية مساء أمس الأول قال دميان إن الدولة ستحصل الضريبة من المستثمرين الأجانب على كل عملية على أن تتم التسوية كل ثلاثة أشهر، وأوضح أن توزيعات الأسهم المجانية وأول عشرة آلاف جنيه من التوزيعات النقدية ستعفى من الضرائب مع السماح بترحيل الخسائر لمدة ثلاث سنوات.وكان وزير المالية المصري قد قال في وقت سابق ان الوزارة راعت في فرض الضريبة تحقيق الموازنة بين البعد الإقتصادي والمالي والإجتماعي، وان الضريبة لن تؤثر على البورصة لأنها ستبحث عن نقطة توازن جديدة.
وأضاف أن الموارد الضريبية فى مصر بعد إستبعاد الموارد السيادية تبلغ ثمانية في المئة من الناتج القومى فى حين تصل هذه النسب فى الدول المجاورة إلى 25 في المئة.والمعاملات في البورصة المصرية معفاة تماما في الوقت الحالي من أي ضرائب على الأرباح المحققة نتيجة المعاملات أو التي توزع في شكل نقدي أو مجاني على المساهمين بالشركات المقيدة.
وقال هاني حلمي من شركة الشروق للوساطة في الأوراق المالية «ليس من حق الحكومة إصدار قرارات هامة خاصة بالضرائب وهي حكومة إنتقالية وستقدم إستقالتها خلال أيام مع الإعلان عن الفائز في انتخابات الرئاسة.»
وأثارت خطط الحكومة فرض ضرائب على معاملات البورصة تساؤلات الخبراء والمتعاملين عن هدف وجدوى هذه الضريبة التي تأتي في وقت تتعافى فيه سوق المال وتحقق أحجام وقيم تداول مرتفعة رغم معاناة الإقتصاد من شتى المتاعب والعلل.
ووصف رئيس الإتحاد العام للغرف التجارية أحمد الوكيل مقترح الضريبة بانه طارد للإستثمار سواء المحلي أو الأجنبي.ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عنه قوله ان الضريبة ستؤدي إلى إنهيار البورصة، وسيكون لها أثر مدمر على مناخ الإستثمار لسنوات عديدة مقبلة، مما سيرفع معدلات البطالة ويؤدي لإنهيار سعر الجنيه لإنتقال الإستثمار من البورصة إلى الدولرة.
وقال وائل عنبة من شركة الأوائل لإدارة المحافظ المالية «لا أتوقع أن توفر الدولة ما تستهدفه من هذه الضريبة لأن قيم التداولات ستنخفض بعد هذا القرار وهو ما سيؤدي في النهاية لإنخفاض المستهدف.. لا تنسى أن مثل هذا القرار قد يدفع المستثمرين العرب والأجانب لديك للهروب لأسواق أرخص ولا تفرض ضرائب.»
ويرى أشرف الشرقاوي، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية في مصر أن الحكومة قد تستفيد من فرض ضريبة على البورصة في سداد جزء من عجز الموازنة، لكن الضرائب يجب ألا تكون وسيلة جباية لتمويل العجز وإنما «أداة لتوجيه الإقتصاد».
وقال الشرقاوي إن المستثمر «لن يتضرر إذا كان قد حقق أرباحا أعلى من العائد الذي قد يحصل عليه من البنوك ويقوم بسداد الضريبة على الفرق .. يجب إعفاء نسبة تعادل العائد على الودائع من وعاء الضريبة.»وارتفع المؤشر الرئيسي لبورصة مصر بأكثر من 20 في المئة منذ بداية العام وهناك أسهم تتضاعف أسعارها بشكل سنوي، وهي ما تسمى بأسهم المضاربات لكنها في نفس الوقت قد تتكبد خسائر جسيمة.وقال الشرقاوي «الضرائب قد تكون أداة تحفيز أو تنفير.. لابد من مراعاة أن المستثمر يتحمل مخاطرة عند الإستثمار في البورصة بعكس (الحال) إذا وضع أمواله في البنوك.»
وقال نادر إبراهيم من شركة «آرتشر» للإستشارات «الضريبة الجديدة قد تدفع الناس للذهاب للبنوك بدلا من البورصة وإذا حدث ذلك لن تستطيع البنوك حينها تشغيل محافظ الودائع لديها.»ويتراوح متوسط العائد على الأموال في البنوك في مصر بين 7.5 في المئة وثمانية في المئة، وهي غير خاضعة لأي ضريبة، وأي محاولات لفرض ضريبة عليها قد تثير احتجاجات شعبية. ويرى إبراهيم أن المستثمر الصغير «سيكون الأكثر تضررا من الضريبة في حالة إقرارها بشكل رسمي.»
وتنوي الحكومة في الضريبة المزمع تطبيقها إعفاء توزيعات الأرباح التي تحصل عليها الشركات الاُم والشركات القابضة المقيمة أو غير المقيمة من الشركات التابعة لها، بهدف تشجيع إستثمارات هذه الشركات، بشرط ألا تقل نسبة المساهمة عن 25 في المئة من رأس المال أو حقوق التصويت، وألا تقل مدة حيازة الأسهم عن سنتين.
ويرى وزير المالية أن الضريبة ستساعد «الدولة على زيادة الإنفاق في البنود التي تساهم في رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين وحماية حقوق البسطاء وتكريس العدالة الاجتماعية.»
وتتضمن الموازنة العامة لمصر خلال السنة المالية 2014-2015 خفضا كبيرا في دعم المواد البترولية مع نمو إقتصادي مستهدف بنسبة 3.2 في المئة وعجز كلي متوقع بنسبة 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال محسن عادل عضو مجلس إدارة البورصة المصرية «الحكومة ستكسب من ضريبة البورصة عائدا أعلى في خزينتها في وقت هي تحتاج فيه إلى موارد، ولكنها ستخسر القدرة على اجتذاب إستثمارات خارجية وقد تدفع (الضريبة) المتعاملين للدخول في أوعية إستثمارية غير شرعية.»
وتنفق الحكومة المصرية التي تعاني شحا في السيولة ربع ميزانيتها على دعمها السخي للغذاء والوقود، وتحتاج إلى زيادة الإيرادات بعد زيادة الإنفاق على بنود في الموازنة الجديدة، من بينها الصحة بنحو 22.7 في المئة ليبلغ 51.653 مليار جنيه، والتعليم بنحو 13.3 في المئة إلى 105.349 مليار جنيه.وأشار الشرقاوي إلى أن زيادة مخصصات الدعم الإجتماعي قد تكون مبررا لفرض الضريبة الجديدة قائلا «لا أحد يحب دفع ضرائب إلا إذا وجد عائدا منها.»
ويرى عنبة ان الضريبة المزمعة قد تؤدي للعزوف عن الطروحات الجديدة في السوق.
وشهدت مصر أول طرح عام أولى كبير خلال الشهر الحالي للعربية الأسمنت وهو الأول منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2010. وعانت بورصة مصر من شح التداولات بعد انتفاضة يناير/كانون الثاني 2011 ولكن مع تغيير قواعد القيد في البورصة وزيادة الأدوات الإستثمارية زادت قيم وأحجام التداول في السوق بشكل تدريجي إلى أن أصبح المتوسط اليومي في حدود مليار جنيه.
(الدولار يساوي 7.15 جنيه مصري).