جاء كلام الزعبي على شاشة قناة «المنار» قبل أيّام من الاستحقاق الانتخابي، وتشهد عليه التقارير الإخبارية الموزَّعة على مدار النهار التلفزيوني، نائيةً بنفسها عن تمييز مرشح عن الآخر.
يصعب الحكم بدقّة، على فعاليّة السياسة الإعلاميّة المتبعة من قبل الحكومة السوريّة، للانتخابات الرئاسيّة. تقوم الخطوط الواضحة للحملات الإعلاميّة الرسميّة، على اتخاذ «مسافة واحدة» من المرشّحين الثلاثة، علماً أنّ الهدف الأساسي منها، هو تحفيز الناخبين على المشاركة في استحقاق اليوم، نظراً للمآسي التي تشهدها سوريا منذ ثلاثة أعوام.
زياد حيدر/ جريدة السفير
ومنذ بدء «الحملات الانتخابية»، يبذل التلفزيون السوري جهداً تقنياً وتحريرياً لتغييب نفسه كداعم لمرشّح واحد، رغم أنّ إقناع المقترعين بجديّة هذه المساحة الحيادية ليس سهلاً. يوم الجمعة الماضي، أعاد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي التأكيد أن «الدولة بمؤسساتها وموظفيها، تعمل من خارج الماكينة الانتخابية لأيّ من المرشحين الثلاثة، وهذه تعليمات واضحة محكومة بقواعد دستورية»، موضحاً أنّ «الإعلام الرسمي يقف على مسافة واحدة من كل المرشحين».
جاء كلام الزعبي على شاشة قناة «المنار» قبل أيّام من الاستحقاق الانتخابي، وتشهد عليه التقارير الإخبارية الموزَّعة على مدار النهار التلفزيوني، نائيةً بنفسها عن تمييز مرشح عن الآخر. تركّز تلك التقارير على «حماسة الناس للمشاركة في الاستحقاق»، أو «العرس الوطني» كما يحلو لبعض المحرّرين القول. لكن التناقض في السياسة الإعلاميّة كغاية، وبين ما تقدّمه الصورة الرسميّة عملياً، يبدو كبيراً، خصوصاً أنّ التجمعات الحكومية والخيم الاحتفالية والمنابر الخطابية وجولات المسؤولين وقادة حزب «البعث»، لا تقدّم سوى التأييد العلني لصورة مرشح واحد هو رئيس الجمهورية بشار الأسد، ما يجعل نصّ التقرير التلفزيوني، شيئاً مختلفاً دوماً عن الصور المتلاحقة في سياقه.
لا تعاني القنوات الخاصة مثل «سما» و«دنيا» من ذلك الحرج. فخيارهما واضح وهو تبني حملة «سوا»، وإذاعة أغان حديثة مسجلة دعماً للرئيس، وتقارير مصوّرة لهذه الغاية. فيما يغيب المرشّحان الآخران تماماً عن المشهد، غياب من الصعب اعتباره عفوياً. ولا يتجلّى «الفقر» في جهدهما التنافسي على الأغاني المصورة وحشد التأييد فحسب، بل يتعداه إلى أبسط الوسائل بما فيها صفحات «فايسبوك» الناطقة باسميهما، والتي تبيّن لاحقاً أنها مزيّفة.
من غير الممكن المقارنة بين حملة «سوا»، وحملتي المرشحين الآخرين ماهر الحجار وحسان النوري. بل يعادل الفرق بين الحملة الأولى بحجمها وتكاليفها، والحملتين الأخريين، الفارق الموجود أصلاً بين حظوظ فوز الرئيس السوري وحظوظ منافسَيْه.
رغم التوجّه الواضح لحملة «سوا» الانتخابيّة، لم ينجح أحد في الحصول على تصريح من القيّمين عليها بعد، إذ لا تزال شخصيّاتهم مبهمة. حاول صحافيون كثر من وسائل إعلام غربية، الاتصال ببعض القيمين على الحملة الرئاسيّة، إلا أنّ مبرمجي الحملة ظلّوا بعيدي الأثر. لا تبدو «سوا» كحملة مقتصرة على فترة الانتخابات.
فمنذ يومين ظهر المرشّح ماهر الحجار على التلفزيون السوري مع الإعلامية أليسار معلا، ليتحدث عن «القواسم المشتركة» بين المرشحين الثلاثة، والتي تتمثّل في الإيمان بـ«الثوابت الوطنية» ذاتها. والمقصود هنا «مكافحة الإرهاب»، و«سياسة الممانعة»، واعتبار فلسطين «قضية مركزية».
من جهته، كرّر حسان النوري مديحه للرئيس الأسد في أكثر من مناسبة، كما لم يتوقّف عن مديح الرئيس الراحل حافظ الأسد. كما ركّز في كلّ لقاءاته على المستقبل أكثر منه على «التنافس» إن صحّ القول، وعرض في حواراته ما لديه من أفكار تنمويّة واقتصاديّة، قريبة إلى حد كبير من أفكار المسؤول الاقتصادي السابق عبد الله الدردري. ذلك ما دفع مراقبين كثر إلى ترجيح أن يكون لـ«سوا» بعد إضافي بعد الانتخابات، قد يتمثّل في ضم المرشحين الآخرين (الحجار وهو حلبي، والنوري الدمشقي) إلى الطاقم التنفيذي المتوقّع اختياره، بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه.