«إنّ الجامعة ليست بخير بسبب إستهتار السلطة السياسية بملف الجامعة وحاجتها، واليوم وقفتنا هي لمنع إنهيار الجامعة فلا فائدة من الإستمرار بهدر حقوقنا عبر تأجيل تفرّغنا وتفريغ الجامعة»،
جريدة السفير: الحكومة ترتجل.. تطيير الامتحانات.. وابتزاز النازحين
فجأة ومن دون أية مقدمات، تقرر الحكومة رسم «استراتيجيتها» للتعامل مع ملف النازحين السوريين. يختلط حابل الاعتبارات السياسية بنابل العناوين الإنسانية، فإذا بكتلة مليونية، برغم ما تشكله من أعباء على لبنان، تجد نفسها في مواجهة إجراءات متأخرة لا تمتّ بمعظمها إلى الواقع بشيء، بل تشي باعتماد معايير لا يمكن لأية مرجعية دولية أو عربية أن تغطيها.
كان يمكن للمسألة أن تقارب بطريقة مختلفة. يجوز لمشهد السفارة السورية أن يستفز «عتاة السيادة»، لكن ألا يستحق ذلك وقفة سياسية منهم، وبالتالي وضع تلك الأوهام التي عاشوها طويلا، جانبا، لكي يكونوا أكثر واقعية في مقاربة شأن حيوي وخطير لا بل مصيري بالنسبة لجميع اللبنانيين؟
فجأة ومن دون أية مقدمات، قرر الوزير «التغييري» الياس بو صعب تلقف كرة «سلسلة الرتب والرواتب»، على «طريقته الخاصة»، فاستعان بخبرته وعراقته في المضمار التربوي، ليهدد المعلمين بإجراء الامتحانات الرسمية «بطريقة غير مسبوقة»، فيما كان ينتظر منه أن يحاول تجيير موقعه للضغط على «التكتل النيابي» الذي يمثله في الحكومة، لحضور جلسة «السلسلة» وإنهاء هذه المأساة التي تهدد مصير أكثر من مئة ألف طالب لبناني بضياع امتحاناتهم الرسمية هذه السنة، وبالتالي تهديد مصير خمسين ألفاً منهم من المفترض أن يتقدموا الى امتحانات الثانوية العامة بفروعها كافة.
هذا الارتجال من هنا أو من هناك، سيجد صداه أيضاً اليوم على طاولة مجلس الوزراء الذي سينعقد عصرا في السرايا الحكومية، وعلى جدول أعماله مناقشة آلية دعوة مجلس الوزراء للانعقاد وتحديد جدول الأعمال وطريقة اتخاذ القرارات ومن ثم توقيعها.. في زمن الشغور الرئاسي.
وعشية الجلسة، أجرى رئيس الحكومة تمام سلام، أمس، مروحة كبيرة من المشاورات السياسية، بعيداً عن الأضواء، مع وزراء من أطياف الحكومة كافة، أبرزهم الوزيران علي حسن خليل ومحمد فنيش اللذان قدما رؤية شبه مشتركة قاعدتها الأساسية ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن، وفي انتظار ذلك، عدم تعطيل عجلة الدولة وبالتالي استمرار عمل المؤسسات لتسيير أمور الناس.
وأسفرت المشاورات عن تثبيت حق رئيس الحكومة بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد وتحديد جدول الأعمال بالتشاور مع جميع الوزراء (قبل 72 ساعة من الموعد المحدد)، كما حصل في أول جلسة، وكذلك تم تثبيت قاعدة التوافق واستبعاد العناوين الخلافية عن جدول الأعمال إلى حين التوافق عليها سياسياً خارج الجلسة، الأمر الذي يسهّل التفاهم على النقطة الوحيدة العالقة، ألا وهي إشكالية توقيع المراسيم العادية أو تلك الصادرة عن مجلس الوزراء مجتمعاً، فهل يجب أن يوقعها 24 وزيراً أم ثلثا الوزراء، وماذا اذا قرر أحد الوزراء عدم التوقيع؟ الخ..
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» إن أغلبية الوزراء «تميل الى اعادة اعتماد القاعدة التي اعتمدتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بتوقيع جميع الوزراء المراسيم الصادرة عن الحكومة، بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود، ما دامت القاعدة المتبعة هي اعتماد البنود التوافقية وتثبيت روحية الحوار والتفاهم والتعاون في هذه المرحلة الانتقالية الاستثنائية». ورفضت المصادر أية محاولة للخوض في جوهر الصلاحيات التي أقرت في «الطائف»، وقالت إن المطروح للحوار يندرج تحت عنوان تحديد الآليات وليس الصلاحيات.
الامتحانات الرسمية تطير بعد «السلسلة»
من جهة ثانية، قرر وزير التربية الياس بو صعب تأجيل امتحانات الشهادة المتوسطة خمسة أيام (من 7 الى 12 حزيران)، وامتحانات شهادة الثانوية العامة لفرعي علوم الحياة والعلوم العامة من 13 الى 16 حزيران وفروع الاجتماع والاقتصاد والآداب والإنسانيات من 20 الى 22 حزيران.
وجاء القرار بعد سلسلة اجتماعات عقدها بو صعب، أمس، مع «هيئة التنسيق النقابية»، «اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة» و«لجان الأهل في المدارس الخاصة»، وعرض خلالها ما اعتبره «الحل الوسط»، ويتمثل بتقسيط الدرجات الست، على أن يتم تسويقه سياسياً، اذا قبلت به «هيئة التنسيق»، ويتوج بدعوة مجلس النواب للانعقاد والتصويت عليه ببند واحد.
وتحدث بو صعب عن ثلاثة خيارات، تتمثل في إجراء الامتحانات في موعدها، «وهذا أمر من الصعب حصوله، لكون الاتفاق على السلسلة غير متوفر»، والثاني، تأجيل الامتحانات. والثالث، في حال عدم التوصل الى اتفاق بالتواريخ الجديدة «إجراء إمتحانات بطريقة غير مسبوقة».
وقد أثارت جملة بو صعب الأخيرة لغطاً، في ظل ما رشح عن اجتماع اتحاد المؤسسات التربوية ولجان الأهل، من مطالبة بإعطاء إفادات للمرشحين، أو إجراء الامتحانات في المدارس الخاصة، أو اعتماد النتائج المدرسية للمرشحين، أو إجراء امتحانات لتلامذة الشهادات في المدارس، والأخذ بنتائجها. ونفى بو صعب لـ«السفير» أن يكون قصد في «إجراء امتحانات بطريقة غير مسبوقة»، تسليمها للمؤسسات الخاصة، رافضاً الكشف عن هذه الطريقة. في المقابل، نفذت «هيئة التنسيق» اعتصامات أمام المناطق التربوية في بيروت والمحافظات، واستغرب رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي» حنا غريب، القول بأن «هيئة التنسيق» أخذت التلامذة رهينة، وقال: «للذي يهددنا بإلغاء البريفيه (المتوسطة) ولبعض المؤسسات الخاصة التي تهددنا نقول ونتوجه الى وزير التربية: شهادة البريفيه خط أحمر».
جريدة السفير : دراسة «آراء»: 62 % يؤيدون «السلسلة»
دخلت قضية «سلسلة الرتب والرواتب» مرحلة خطيرة. بعد ثلاث سنوات من مماطلة السلطة، بدأت «هيئة التنسيق النقابية» استعمال أبرز أوراقها: شلل تام في مؤسسات الدولة، لا يوفر الامتحانات الرسمية.
على الأرجح، فإن كل من يعطل إقرار «السلسلة» كان يراهن على عدم قدرة الهيئة على «اللعب بمستقبل التلاميذ»، إلا أن الواقع بدا مغايراً. أصرت الهيئة على السير بين الألغام، التي سعت السلطة إلى وضعها في طريقها. ونجحت في إفشال مساعي تحويل المواجهة بينها وبين مجلس النواب إلى مواجهة مع أهالي التلاميذ. توجهت إلى هؤلاء بالقول إن من يلعب بمستقبل أبنائهم هي السلطة التي ترفض إعطاء الحق لأصحابه، بعد مرور ثلاث سنوات. قالوا لهم نحن حريصون على أبنائكم بمقدار حرصكم عليهم. وتمنوا عليهم أن يتحملوا بضعة أيام، بعد أن انتظر الموظفون ثلاث سنوات للحصول على حقوقهم.
إعلان مقاطعة الامتحانات الرسمية، أعاد الكرة إلى ملعب «الهيئة» بعد أن سعى المجلس النيابي إلى إرباكها من خلال تحديد موعد للجلسة التشريعية يلي بدء امتحانات البروفيه. أول الغيث كان إعلان وزير التربية الياس أبو صعب تأجيل الامتحانات خمسة أيام، بانتظار ما سينتج عن الجلسة، التي صار لزاماً أن يتعامل معها النواب بجدية أكبر، إذ سيكون عليهم الاختيار بين إقرار «السلسلة» أو تصعيد الموقف وتحمل مسؤولية تأجيل الامتحانات مجدداً.
بحسب استطلاع الرأي الذي أجرته شركة «آراء للبحوث والاستشارات» فإن مطالب «الهيئة» تتكئ على دعم واضح من اللبنانيين، وهو ما يجعلها قادرة على المواءمة بين تصعيد اعتراضها على الخفة الرسمية في التعامل مع الموضوع وبين عدم الإضرار بمصالح الناس. فقد أكدت نتائج استطلاع الرأي أن 62 في المئة من اللبنانيين، يؤيدون «هيئة التنسيق النقابية» في مسعاها لإقرار «السلسلة». ونسبة عالية من هؤلاء ذكرت أنها تؤيد إقرارها بقوة (35 في المئة)، فيما 27 في المئة تؤيد بعض الشيء. وهذا التأييد أتى متقارباً بين جميع الفئات الاجتماعية، وإن كان ذوو الدخل الأسري بين 800 دولار و1800 دولار شهرياً هم أكــــثر المؤيدين، وبنــسبة 68 في المئة.
أما الرافضون لإقرار «السلسلة»، فبلغت نسبتهم 34 في المئة من إجمالي العينة المؤلفة من 500 شخص، فيما 5 في المئة لا تعرف و1 في المئة رفضت الإجابة. وهنا، يجدر التوقف عند النسبة الكبيرة التي ذكرت أنها «لا تؤيد بتاتاً»