مجدداً يضطر سعد الحريري لقطع إجازته المستمرة منذ أشهر، وهذه المرة ليستنكر ما أسماه "المذبحة" التي تتعرض لها مدينة حماه السورية وسائر "اعمال القتل الدموية" التي تشهدها مناطق سورية!
بعد أن اضطر سعد الحريري في الأيام الماضية لأن يقطع إجازته المستمرة منذ أشهر ليتهم المقاومين الشرفاء بقتل والده ويطالب بنزع سلاح المقاومة. ها هو اليوم يخرج علينا مستنكراً ما أسماه "المذبحة" التي تتعرض لها مدينة حماه السورية وسائر "اعمال القتل الدموية" التي تشهدها مناطق حمص ودرعا وإدلب ودير الزور والعديد من المدن والمناطق السورية بحسب تعبيره. الحريري الذي استذكر في بيانه ما حصل في مدينة حماه مطلع ثمانينات القرن الماضي، وهو ما لم يتذكره في وقت سابق حين كان يزور سورية باحثا عن فرص إستثمارات فيها، كما لم يتذكره حين أمضى لياليه ضيفا في قصر المهاجرين، اعتبر أن "الصمت بكل مستوياته العربية والدولية ازاء ما يحدث في سورية وتحديداً مدينة حماه التي سبق لها وتعرضت لأبشع المجازر في ثمانينيات القرن الماضي لا يؤسس للحلول المطلوبة بل يدفع لزهق المزيد من الأرواح لأبناء الشعب السوري". كلام توقّف عنده المراقبون ليتساءلوا: أين كانت هذه العواطف الجياشة حين كان اللبنانيون، أطفالاً ونساء وشيوخاً يقتلون في حرب تموز في العام 2006، وحين كان العدو الإسرائيلي ينفذ مجازره النقالة التي طالت كافة المناطق اللبنانية، لا بل أين كانت هذه العواطف عندما قتل أتباع الحريري العشرات من أبناء الجالية السورية في لبنان إبان اغتيال والده، فنكلوا بهم ورموهم من الشرفات وطعنوهم بالسكاكين وأطلقوا عليهم رصاص "الحقيقة"!
المعادلة الحريرية: أنا أتدخل لمنع التدخل!
يستكمل الحريري بيانه ليشير إلى أننا "اننا في لبنان لا يمكن تحت اي ظرف من الظروف ان نبقى صامتين ازاء الأحداث الدموية التي تجري في سورية"، مهيباً بالمعنيين تدارك الموقف من الآن لتمكين الشعب السوري من "تحديد خياراته بنفسه بحرية وان يتجاوز المحنة الأليمة التي يمر بها". وهنا نلاحظ التناقض الواضح الذي اعتدنا عليه في كلام الحريري، فهو يطالب بتمكين الشعب السوري من أن يحدد خياراته بنفسه وفي الوقت ذاته يتدخل هو في شؤون السوريين، لا بل يطالب الدول العربية والأجنبية من الخروج عن صمتها وإدانة سورية! والأدهى من ذلك أنه يتكلّم باسم اللبنانيين! وهو الذي لا يمثّل سوى فريقه السياسي الذي لفظه غالبية الشعب اللبناني وملّ من سياساته التي جعلت لبنان في الحضيض على كافة المستويات السياسية والإجتماعية والإقتصادية.
إذاً الحريري الذي اعترف بنفسه عندما كان يسعى للسلطة على حساب "الحقيقة" بأنه أخطأ حين اتهم سورية "سياسياً" بقتل والده، مفسداً بذلك العلاقات الأخوية بين البلدين لعدّة سنوات، ها هو اليوم يعود من باب آخر ليضرب معاهدات الصداقة والتعاون والأخوة بين الشقيقين عرض الحائط، متدخلاً في أمر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد، خارقاً جميع الأصول الدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين البلدين.
تقرير أميركي يزعم تعليق صور للحريري في دمشق
لربما سلوك الحريري هذا ناتج عن عدوى أميركية – فرنسية وهو الذي بات مقيماً في أحضان "العم سام" و"الأم الحنونة"، إلا أن مصادر مطلعة كشفت لموقع قناة المنار أن "السلوك الشاذ للحريري أتى بعد تلقيه تقريراً أميركياً يزعم بأن صور سعد ووالده عممت وعلقت في العاصمة السورية دمشق على منازل مناهضي نظام الرئيس الأسد، ويضيف التقرير أن شعبية الحريري آخذة في الإزدياد في سورية بين أبناء الطائفة السنية الكريمة"! وبغض النظر عن مدى مصداقية هذا التقرير الأميركي الذي يبدو أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة، فإن الأميركيين قد طلبوا من سعد بناءً على تقريرهم أن يحشر برأسه في الصراع المذهبي في سورية، لا بل أتى الأمر للحريري بتأجيج الوضع المذهبي في لبنان وتعزيزه في سورية، وبعبارة أخرى إقحام لبنان بشكل عام والبعض من أبناء الطائفة السنية الكريمة بشكل خاص في شؤون سورية الداخلية بقصد التخريب المتعمّد.
حمدان: الحريري يستكمل مخطط فيلتمان للتفتيت المذهبي
من جهته وضع أمين الهيئة القيادية في حركة المرابطون العميد مصطفى حمدان كلام الحريري في خانة "التحريض المذهبي في لبنان وسورية الذي استتبع ما صدر عن المحكمة الأجنبية من إرسال أسماء الذين يقال عنهم أنهم متهمون باغتيال رفيق الحريري، كما قيل عنا في السابق نحن الضباط الأربعة، ومن ثم الإفصاح عن هوياتهم بطريقة سخيفة تافهة تشابه طريقة التشهير التي تعرضنا لها".
ويتابع حمدان في تصريحه لموقع المنار "يأتي سعد الحريري القابع في شوارع "مونتيكارلو" و"كان" و"نيس" مع رفيق أحلامه سمير جعجع، ليدلي لنا بتصريحات نارية هدفها الأوّل والأخير التفتيت المذهبي داخل الوطن، لخلق بؤرة إرباك علّها تضعف صواريخ المقاومة الموجهة إلى إسرائيل أو تهز آخر معاقل الممانعة في وطننا العربي". مشيراً إلى أن "دور الحريري تحت إمرة فيلتمان أصبح واضحاً وجلياً، والهدف الدائم منه هو التشويش على المشروع المقاوم ليس فقط في لبنان وإنما على صعيد الأمة العربية".
هذا ويضع حمدان تصريح الحريري "الذي يتدخل في شأن سورية برسم رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية وجماعة منبر السفارة الأميركية الذين كانوا دائماً يتنطحون بالنصائح والدروس لعدم التدخل في شؤون البلدان العربية الداخلية كي لا يتدخل أحد في شؤون لبنان كما يدّعون".
إذاً بعد المعلومات التي نشرت في أكثر من وسيلة إعلامية وعلى لسان أكثر من مسؤول، أكدت تورّط الحريري وفريقه عملياً بعملية التخريب في سورية وتهريب السلاح للعصابات في تلكلخ. وبعد أن أمعنت الميليشيا الحريرية في الشمال بشتم رئيس دولة شقيقة والتظاهر ضده وإحراق صوره، بالإضافة إلى حرق علم الجمهورية الإسلامية في إيران التي تحشر في كل مناسبة "حريرية" لتأجيج الصراعات المذهبية المقيتة. أتانا سعد الدين اليوم ليعيد لبنان ست سنوات إلى الوراء عبر تدخله علناً بشأن داخلي سوري محض، متخيلاً نفسه بوش "جونيور" أو ربما باراك أوباما، وما وجه الشبه بين الثلاثة سوى إغراق البلدين الذين حكموهما مع زمرهم الرأسمالية بالديون إلى أجل غير مسمى. وما غاب عن بال الحريري هو ماذا سيكون رده على من تبقى من مؤيديه المنفرط عقدهم في حال قررت سورية التدخل في شأن لبنان؟ وماذا سيكون رد فريقه السياسي على سماحة السيد حسن نصرالله لو أسدى، مرّة أخرى، نصيحة لحكام البحرين للتحاور جدياً مع المعارضة التي لم تحمل خنجراً لمواجهة المجازر التي ارتكبتها بحقها قوى الأمن البحرينية وقوات درع الجزيرة؟ وإلى متى ستستمر القوى المرتهنة للمشروع الأميركي بالسير بسياسة الكيل بمكيالين؟