بات ثابتاً ان الزمام افلت من يد الادارة الاميركية في اكثر من ملف شرق اوسطي خلال السنوات الأخيرة،
أحمد شعيتو
بات ثابتاً ان الزمام افلت من يد الادارة الاميركية في اكثر من ملف شرق اوسطي خلال السنوات الأخيرة، وقبلها سقطت ورقة التدخل العسكري المباشر منذ بدء الانسحابات في 2009 الى التراجع الاميركي عن ضرب سوريا العام الماضي بعد كل التهديدات والتهويلات..
التدخل والنفوذ الاميركي في منطقتنا بدأ منذ الحرب العالمية الاولى وهو مر بتقدم وتراجع وبعد الحرب الباردة خرج الاميركي قطبا اوحد لكن الروسي اليوم عاد يلعب دورا اكبر وسطع نجم قوى اقليمية تناوئ سياسات اميركا في المنطقة مثل الجمهورية الاسلامية التي تزداد قوة وحضورا. ينفذ اوباما سياسة الانسحابات العسكرية، لا يعني ذلك ان اميركا لم يعد لها حضورها وخططها لأكثر من دولة في المنطقة، وهي ركبت موجة ما يسمى الربيع العربي لتخفيف خسائر هنا او لعب ادوار خفية هناك. لكن التراجع الاميركي في الآونة الأخيرة يمتد من الملف الايراني الى الانتكاسات في الخطط المرسومة لسوريا، الى فشل ادخال لبنان في الفوضى.
لقد انكسرت السياسات الاميركية المرسومة للبنان في السنوات الاخيرة ومنها مشاريع الفتنة واتت التفجيرات الارهابية -التي فشلت ايضا-عبر جماعات متشددة تدار تحركاتها في غرف استخبارية.
يأتي جون كيري الى لبنان لمحاولة التدخل المباشر من جديد وليوحي ان اميركا لا تزال حاضرة وقوية في هذا البلد فيطلق التصريحات التدخلية السافرة عن المؤسسات الدستورية اللبنانية على الطريقة الاميركية المعروفة فيدعو الى "انتخاب رئيس قوي وقيام حكومة بعيدة عن التدخّل الأجنبي ورئيس للبرلمان يستجيب لحاجات الشعب اللبناني". لكن في جانب اخر من كلامه كان اعترف بأن هناك لاعبين اقوياء غير واشنطن وأتى على ذكر حزب الله.. وهو زار لبنان في الوقت الذي كان فيه بشار الأسد يحقق انتصاراً شعبياً.
تصريح كيري من بيروت عن العلاقة مع "اسرائيل" مقصود لتسجيل انتصار وهمي -ولو بالتصريحات التي تحمل نوعا من الافلاس-، على البلد العصي على السياسات الاميركية والاطماع الصهيونية عندما قال علاقتا مع "اسرائيل" تتخطى حدود الامن والعلاقة مع "اسرائيل" على افضل ما يكون. هذه "اللازمة" التي تتكرر على الالسنة الاميركية في كل مناسبة ، فمثلاً في الساعات الماضية عندما اعلن جون كيري ان واشنطن ستتعامل مع حكومة التوافق الفلسطينية استطرد قائلا انها ستراقب مدى التزام هذه الحكومة بالتعاون المستمر مع إسرائيل. تبقى اللازمة الاسرائيلية هي الاساس بالنسبة لتعامل ونظرة الولايات المتحدة لملفات الشرق الاوسط.
زيارة كيري التي تحمل مضامين تدخلية طبعاً، حملت في جوانب منها مضامين "تجميلية وترقيعية" لصورة الانتكاسات في لبنان وسوريا والمنطقة، لكن لا جدوى. هناك العديد من الدول التي ستبقى عصية على خطط اميركا ولن تحني ظهرها لأي امتطاء ومنها لبنان الذي -وإن استقبل كيري بعضُ سياسييه- سيبقى يلفظه هو وإدارته التي خلفه.