15-11-2024 10:27 PM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 04-08-2011: محاكمة مبارك في مصر وإدانة سورية في مجلس الأمن

الصحافة اليوم 04-08-2011: محاكمة مبارك في مصر وإدانة سورية في مجلس الأمن

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس في بيروت محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وإصدار مجلس الامن الدولي بياناً رئاسياً يدين "القمع" في سورية.

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس في بيروت محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وإصدار مجلس الامن الدولي بياناً رئاسياً يدين "القمع" في سورية.

السفير
مصر تقدم النموذج الراقي لمحاكمة أنظمة القتل في الوطن العربي
حسني مبارك ونظامه في القفص
وكتبت السفير في هذا السياق "حبست مصر أنفاسها، صباح أمس، في انتظار مشهد لم يكن ليخطر على بال احد من المصريين، والعرب عموما: حسني مبارك الذي حكم البلاد 30 عاماً حتى خلعه المصريون في شباط الماضي، وهو يدخل قفص المتهمين في قاعة أكاديمية الشرطة ليبدأ ما سمّي بـ«محاكمة القرن». وأثناء الساعات الطويلة للجلسة التي بدأت في العاشرة صباحاً، وانتهت عند الثانية ظهراً، بدت مصر و كأن آلة الزمن قد توقفت عندها، حيث خلت الشوارع - وخاصة في القاهرة - من السيارات بينما تسمر عشرات الملايين أمام شاشات التلفزيون ليشاهدوا بأعينهم مبارك وابنيه وهم يجسدون واقعهم كـ«متهمين» يُحاكمون بتهم قتل المتظاهرين والتربح وتسهيل بيع الغاز المصري لإسرائيل بأقل من سعره.
وعكس الهوس الإعلامي الذي دار منذ مساء الأحد وحتى صباح المحاكمة، بسؤال «هل سيحضر مبارك المحاكمة أم لا؟» درجة التشكيك لدى المصريين حتى آخر لحظة تجاه مبدأ محاكمته أصلاً. وكان طبيعياً أن يستبدل هذا التشكك بصدمة ظهور مبارك على سريره بعدما نقلته مروحية من مستشفى شرم الشيخ، الذي يقيم فيه منذ قرار حبسه في نيسان الماضي، بينما وقف ابناه علاء و جمال أمامه بزي السجن الأبيض المخصص للمتهمين، في محاولة لمنع الكاميرات من تصويره... بينما كان المئات في الخارج يصرخون: «السفاح».
صدق المصريون، والعرب، ما لم يكن ليصدقه عقل منذ أشهر قليلة: رئيس عربي سابق، خلع بثورة شعبية، ولاحقته ضغوط الشارع حتى فرضت مثوله امام محكمة.
وفي غمرة الأعصاب المشدودة داخل القفص وخارجه، أرهق الجميع أمس في باقة من المشاعر القوية، التي تراوحت بين الشماتة، والشعور بالانتصار، والتعاطف، والانتقام، طوال الساعات الأربع للجلسة، ولساعات طويلة بعدها. وربما يكون المشهد في أكاديمية مبارك للشرطة، ورئيس مصر السباق يحاكم فيها، قد طغى بالفعل
على لحظة تنحيه عن الحكم، وحُفر في ذاكرة كل من عاصره، بغض النظر عن الحكم الذي سينطق به القاضي في نهاية المحاكمة.
ولم ينافس نجومية حضور من كانوا خلف القضبان بثقلهم السياسي - بمن في ذلك وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وستة من مساعديه - سوى القاضي احمد رفعت الذي أدار الجلسة بحنكة وحرفية بدت مريحة للمتهمين والمدعين بالحق المدني والنيابة العامة، المحرك الرئيسي للقضية".
وأضافت الصحيفة "وعند الساعة الثانية بعد الظهر، أعلن رفعت استمرار المحاكمة اليوم للنظر في قضية العادلي ومعاونيه، وتأجيل النظر في قضية مبارك وابنيه حتى 15 آب. كذلك قضى بإيداع حسني مبارك المركز الطبي العالمي، التابع للقوات المسلحة والذي يقع على طريق القاهرة - الإسماعيلية. وبذلك تنتهي علاقة الرئيس السابق بشرم الشيخ التي احتلها منذ خلعه حتى صباح أمس.
وتعد أخطر تهمة يواجهها مبارك والقيادات الأمنية، الاشتراك الجنائي مع العادلي في القتل العمد والشروع في قتل متظاهرين سلميين، والتي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، وتمثل العنصر الشائك في المحاكمة كلها، لأنها تهمة جنائية. وبحسب القانون الجنائي، يجب إثبات ان متهما بعينه قد قتل شخصاً أو أشخاصا بعينهم. والأمر اللافت في المحاكمة ان جميع المتهمين شركاء، سواء بالتحريض أو إصدار أوامر بالقتل، لكنهم لم يقوموا هم بحمل سلاح لقتل متظاهرين. أما الضباط المتهمون بفعل قتل المتظاهرين، فيحاكمون في قضايا منفصلة. وبحسب القانون الجنائي لا بد من وجود الركن المادي - أي من نفذ إطلاق النار - في القضية.
وفي غمرة الحدث ودلالاته السياسية العظيمة، لم يتوقف الإعلام كثيراً عند هذه التفاصيل التي قد تدفع بتبرئة المتهمين، كما يقول ضياء رشوان، الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية.
وقد تفسر هذه الخلفية سبب الثقة التي ظهر بها المتهمون، بهيئتهم الواثقة المرتبة. فعلاء وجمال مبارك كانا، بزيهم الأبيض للمتهمين، أنيقين، حليقي اللحية، بشعر مصفف كما عهدهم المصريون في السابق. حسني مبارك ظهر بشعره المصبوغ سواداً. وحبيب العادلي، برغم زي السجن الأزرق الذي كان يرتديه (كونه الوحيد ضمن المتهمين الذي ينفذ حكم السجن ١٢ عاما في قضية أخرى) وقف متحدياً، هو وأعوانه.
المحاكمة لم تكن عادية، فجميع الضباط الذين يتولون حراسة المتهمين، وصلوا إلى مناصبهم في ظل حكم مبارك، ولذلك، لم يكن مستغرباً قيام ضباط ولواءات في الشرطة بالإقبال عليهم وهم يغادرون المحكمة في طريقهم إلى سيارات الترحيلات للسجن، لمصافحتهم بحرارة. والأدهى ان اثنين من المتهمين في قضية العادلي يعملان في مناصب حساسة في وزارة الداخلية، ولم يصدر النائب العام قراراً بحسبهم حتى الآن.
وكانت الكلمات القليلة لمبارك وابنيه خلال الساعات الأربع للجلسة هي الحدث الأبرز والأكثر إثارة لأنها جاءت بعد مرور أكثر من ساعة ونصف ساعة على بدء الجلسة، تخللتها استراحة عند الساعة الحادية عشرة والنصف، طال انتظارها. تعين على القاضي إثبات حضور جميع المتهمين، فرفع مبارك ذراعه الأيمن، وتحدث عبر الميكروفون بصوت قائلاً «أفندم... كل هذه الاتهامات أنكرها». أعقبه كل من علاء و جمال اللذين كررا العبارة ذاتها: «أنكرها جميعها» و«أنكرها تماما». ولوحظ بوضوح قيام علاء وجمال بحمل مصحفين في أيديهما طوال الجلسة.
وأحيلت قضية قتل المتظاهرين التي يحاكم فيها حبيب العادلي في 25 تموز، وكانت منفصلة عن قضية مبارك وابنيه، إلى القاضي احمد رفعت بعدما أعلنت دائرة أخرى في محكمة الجنايات ضمها للأولى، كون الاثنين يتشاركان تهمة قتل المتظاهرين نفسها.
ويتولى عملية الدفاع عن المتهمين فريد الديب، المحامى الشهير بأدائه الذي يغلب عليه الطابع المسرحي في المحاكم المصرية والمعروف بتوليه قضايا مثيرة للجدل أو سيئة السمعة كالدفاع عن الجاسوس الإسرائيلي الذي كان يقيم في مصر عزام عزام عام 1997، وعن هشام طلعت مصطفى الذي أدين بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم عام 2009.
وفي هرج ومرج، سببته كثرة المحامين في القاعة، تحدث الديب مرتين فقط ليطلب في الأولى من المحكمة إعادة القضية إلى المحكمة السابقة، إي إلى القاضي عبد السلام جمعة، لأنه تم رد المحكمة التي يرأسها، وبالتالي لا يجوز ان تقرر ضم القضية إلى أخرى. إضافة إلى ذلك، فإن دعوى الرد لا تزال أمام محكمة الاستئناف التي لم تعلن موافقتها على الرد أصلاً. وفي المرة الثانية، تقدم الديب بسبعة طلبات للمحكمة، أهمها سماع شهادة «جميع شهود الإثبات الواردة في أدلة الثبوت ويبلغ عددهم 1631 شاهدا»، وسماع شهادة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، «لأنه تولى المسؤولية منذ عصر 28 كانون الثاني» عندما نزل الجيش بعد أحداث «جمعة الغضب».
وحسب ما قال القاضي في مجلس الدولة عماد البشري لـ«السفير» فإن الديب يتحرك في مساحة إطالة المحاكمة، حيث ان طلب سماع هذا العدد من الشهود سيعني شهورا طويلة في حال وافقت المحكمة على طلبه. واعتبر البشري أن طلب استدعاء طنطاوي يعد من التكتيكات المعروفة في القضايا الجنائية حيث يلجأ الدفاع إلى طلب شخصيات تتمتع بحصانة كشهود، حتى إذا لم تستجب المحكمة، يستطيع الدفاع ان يطعن في بطلان إجراءات المحاكمة.
إلا ان البعض اعتبر طرح الديب لاسم طنطاوي بهذا الشكل قد أتى لأغراض سياسية أيضاً. وقالت رباب المهدي، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، لـ«السفير»، إن الرجل أرسل «رسالة قوية وتحذيرية» مفادها تحويل الأنظار إلى «دور» المجلس العسكري في أحداث ما بعد 28 كانون الثاني، مثل «موقعة الجمل» في الثاني من شباط الماضي، والتي سقط فيها عدد كبير من القتلى، لكن البشري استبعد هذا التوريط لطنطاوي لأنه «ظل حتى 11 شباط وزيراً للدفاع فقط، وبالتالي لا تقع عليه مسؤولية سياسية قبل هذا التاريخ عندما أصبح رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم حكم البلاد».
ولم يقرر القاضي بعد قبول طلب فصل قضية مبارك عن العادلي وإعادتها للمحكمة السابقة. وقرر رفعت مثول العادلي مع مساعديه الستة اليوم من اجل حضور جلسة فك إحراز القضية الخاصة بهم. أما مبارك وابناه فلم يتم استدعاؤهم لجلسة اليوم لأنه لا يوجد إحراز في قضيتهم.
وشهدت ليلة محاكمة مبارك استنفارا امنياً في وسط القاهرة، خاصة في ميدان التحرير بعدما قامت الشرطة العسكرية بفض اعتصام - في الأصل لأسر شهداء الثورة - مستمر منذ الثامن من تموز، حيث استخدمت القوة ولجأت فيه للعنف واعتقلت 111 شخصاً. واستمر التوتر في أنحاء الميدان بين كر وفر للمتظاهرين الذين طاردهم الأمن حتى وقت متأخر من مساء أول من أمس في ما يبدو انه مرتبط بالمحاكمة التي لا يريد الجيش ان تؤدي إلى تنظيم تظاهرات في وسط القاهرة مرة أخرى، بعدما أصبح الميدان تحت سيطرة الشرطة العسكرية.
ولم يكن المشهد أمام أكاديمية الشرطة أفضل، حتى قبل بدء المحاكمة، عندما اشتبك أنصار مبارك مع متظاهرين، أمام عشرات الصحافيين الذين فشلوا في الحصول على تصريح حضور المحاكمة، وظلوا منذ الفجر هناك، انتظاراً للحظة التاريخية.
ما سيحدث في الأيام المقبلة ليس واضحاً بعد. فبرغم حسن سمعة القاضي احمد رفعت المعروف بنزاهته، قد لا ترقى المحكمة وإجراءاتها المحكومة بالقانون إلى التطلعات السياسية لدى المصريين الذين لا يتوقعون حكماً اقل من الإعدام".

دعا إلى حل سياسي شامل ووقف الأعمال الانتقامية... ولبنان ينأى بنفسه
مجلس الأمن يدين العنف ضد المدنيين الدبابات تسيطر على وسط حماه

وفي الشأن السوري كتبت تحت هذا العنوان "دخلت العملية العسكرية في مدينة حماه السورية مرحلة جديدة أمس، مع دخول الدبابات إلى وسط المدينة، فيما تمكنت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون الغربيون، من استصدار «بيان رئاسي» من مجلس الأمن الدولي تنصل منه لبنان، يدين «الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، واستخدام العنف ضد المدنيين من قبل السلطات السورية» ويدعو إلى «وقف فوري لكل أشكال العنف، ويحث كل الاطراف على الالتزام بأعلى درجات ضبط النفس، والامتناع عن الاعمال الانتقامية، بما يشمل الهجمات على المؤسسات الحكومية»، من دون التطرق إلى فرض أية عقوبات على دمشق.
وفي الوقت الذي كان فيه المجلس يواصل مشاوراته للاتفاق النهائي على البيان، رفع البيت الأبيض من مستوى تدخله في الأزمة السورية، معتبرا أن «سوريا ستكون أفضل حالا من دون الرئيس (بشار) الأسد».
في المقابل، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن رئيس مجلس الشعب (البرلمان) محمود الأبرش «اصدر قرارا يقضي بالدعوة إلى انعقاد مجلس الشعب عند الساعة الثانية عشرة من الأحد» المقبل. وأشارت إلى أن جدول أعمال هذه الجلسة الاستثنائية حدد لمناقشة «مواضيع تهم الوطن والمواطن» من دون المزيد من التفاصيل. وتأتي جلسة المجلس بعدما أقرت الحكومة السورية عددا من مشاريع القوانين حول الأحزاب والانتخابات العامة.
إلى ذلك، أكد رئيس مجلس الوزراء السوري عادل سفر، خلال لقائه وفدا يمثل الجالية السورية في ايطاليا في دمشق، أن «سوريا بوحدتها الوطنية ووعي أبناء شعبها قادرة على تجاوز الأزمة واجتثاث المؤامرة التي تتعرض لها، والتي تهدف الى زعزعة أمنها واستقرارها».
وتطرق سفر إلى «أولويات العمل الحكومي في مجالات الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والقضائي والإعلامي ومكافحة الفساد وتعميق مبدأ التواصل والتفاعل مع المواطنين، واعتماد مبدأ الشفافية في التعاطي مع القضايا العامة ومشروعات القوانين التي أقرتها الحكومة في هذا المجال».
ميدانيات
وذكرت «سانا» ان «المجموعات الإرهابية المسلحة اختطفت في مدينة حماه أمس (أول من أمس) عنصرين من قوات حفظ النظام. كما تم العثور على جثة مساعد أول في الشرطة بحي كازو في حماه بعد اختطافه من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة منذ أيام»، مشيرة الى انه تم تشييع «سبعة شهداء من عناصر الجيش وقوى الأمن والشرطة قضوا برصاص التنظيمات الإرهابية المسلحة في ريف دمشق وحمص وحماه ودرعا».
وذكر التلفزيون السوري أن مجموعات إرهابية مسلحة فى دير الزور هاجمت ممتلكات عامة وخاصة وسرقت محتوياتها قبل تخريبها. وأضاف التلفزيون إن الأجهزة الأمنية المختصة ضبطت سيارة مشبوهة تحمل أسلحة وقنابل مولوتوف. كما قال التلفزيون إن مجموعات إرهابية مسلحة هاجمت مخفرا لحرس الحدود قرب شركة الفرات للنفط وخطفت ثلاثة من حراس إحدى آبار النفط واستولت على أسلحتهم. ونعى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، في بيان، «سمير قناطري منفذ عام منفذية إدلب في الحزب الذي قتل بيد مجموعة إرهابية مسلحة، داخل صيدليته في معرة النعمان». وفي تفاصيل الحادث، ذكرت مواقع الكترونية سورية، أنه في الساعة الواحدة من بعد ظهر أمس، قامت مجموعة من رجال ملثمين باغتيال قناطري بأربع طلقات من سلاح حربي، ثلاث منها استقرت في الصدر، وواحدة داخل القلب ما أدى لوفاته، في حين ذكر شهود عيان أن رجالا ملثمين نزلوا من سيارة أجرة ودخلوا الصيدلية عند الظهر ثم خرجوا من دون أن يعترضهم أحد.
وقال المدير في «شركة غلف ساندز بتروليوم» البريطانية للتنقيب عن النفط كين جدج ان العنف في سوريا استهدف منشآت مرتبطة بصناعة النفط، لكنه أكد ان الشركات الأجنبية تعمل بشكل طبيعي حاليا. وقال «الوضع مائع كما هو واضح». واستشهد بأدلة على أن متشددين إسلاميين دخلوا في صفوف المحتجين، موضحا انهم هاجموا مباني حكومية ومنشآت مرتبطة بصناعة النفط «في الأيام الاخيرة» لكنه أضاف أنه تم تفادي أي توقف للانتاج. وتابع «ما دام الأمن محفوظا في هذه المنشآت سنظل قادرين على تشغيل عملياتنا». وأضاف ان ثمة ميزة تتمتع بها الشركة، هي انخفاض تكاليف الانتاج في سوريا، إذ إنها تبلغ نحو دولارين للبرميل.
مجلس الأمن
وتلا المندوب الهندي لدى مجلس الأمن هارديب سينغ بوري الذي يترأس المجلس هذا الشهر، «بيانا رئاسيا» من مجلس الامن حول سوريا. وتكون بذلك الدول الغربية التي تضغط منذ فترة طويلة لاستصدار موقف من مجلس الامن حيال سوريا، قد تفادت المرور بتصويت حول قرار من مجلس الامن. وأعرب البيان عن «إدانة مجلس الامن الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان واستخدام العنف ضد المدنيين من قبل السلطات السورية».
وقالت نائبة المندوب اللبناني لدى مجلس الامن كارولين زيادة بعد تلاوة البيان إنه «لا يساعد في مخاطبة الوضع الحالي»، ولذلك «ينأى لبنان بنفسه» عن البيان. ولم يعرقل لبنان إصدار البيان الذي يتطلب موافقة أعضاء المجلس الـ15، لكنه لجأ إلى اجراء لم يستخدم منذ 35 عاما ليتنصل من البيان الذي يعد أضعف من قرار رسمي من المجلس، رغم كونه يدخل في سجلات مجلس الامن.
واشنطن وتركيا
وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، في مؤتمر صحافي، أن واشنطن تبحث سبل زيادة الضغط على الحكومة السورية لوضع نهاية «للعنف ضد المدنيين» وتلقي اللوم مباشرة على الأسد. وقال «سوريا ستكون أفضل حالا من دون الرئيس الأسد». وأضاف كارني، مشددا النبرة التي تستخدمها إدارة الرئيس باراك أوباما في الحديث عن الأسد، «نحن نعتبره السبب في عدم الاستقرار في سوريا». ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر دبلوماسي أميركي في دمشق قوله إن «خمسة دبلوماسيين يعملون في السفارة الأميركية في دمشق سيغادرون مقر عملهم غدا (اليوم) عائدين إلى بلدهم نظرا للأحداث الجارية حاليا في سوريا».
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قالت، في بيان بعد اجتماعها مع معارضين سوريين أول من أمس، ان واشنطن «تعمل للسير قدما عبر فرض عقوبات جديدة» وتدرس عقوبات اوسع «يمكن ان تعزل نظام الاسد سياسيا وتقطع عنه الموارد التي تسمح له بمواصلة وحشيته». وأضافت ان «الولايات المتحدة ستواصل دعم الشعب السوري في جهوده لبدء عملية انتقالية سلمية ومنظمة الى الديموقراطية».
وفي اسطنبول، قال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينتش «أقول هذا متحدثا عن نفسي. ما يحدث في حماه عمل وحشي. من ينفذ هذا، أيا كان، لا يمكن أن يكون صديقنا. إنهم يرتكبون خطأ كبيرا». وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حث الأسد بشكل متكرر على الإسراع بإجراء إصلاحات، لكن ارينتش قال إن النصيحة لم تلق آذانا صاغية في ما يبدو. وأضاف «نصر على الحلول الديموقراطية والسلمية وبدء الإصلاحات. قلنا لهم إنهم سينهارون بغير ذلك، وتبين الأحداث الأخيرة أنهم لم يستفيدوا بأي درس من هذه الاقتراحات».


النهار
أفندم أنا موجود
وتناولت النهار محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وكتبت تقول "بعدما كان هو "الريس" طوال عقود والحاكم المطلق لدولة عربية كبرى، مثل أمس الرئيس المصري السابق حسني مبارك أمام محكمة جنايات القاهرة "متهما أول"، في سابقة مصرية وعربية تاريخية. لما نادى عليه رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت باسمه محمد حسني السيد مبارك، أجابه عبر مذياع: "أفندم أنا موجود"، وذلك لإثبات حضوره بين المتهمين الآخرين، نجليه جمال وعلاء، ووزير داخليته السابق حبيب العادلي وستة من معاوني الأخير. كذلك قال عندما سأله عن الاتهامات الموجهة اليه: "كل هذه الاتهامات، أنا انكرها جميعا"، نافياً اصدار أمر بقتل متظاهرين في "ثورة 25 يناير"، فضلا عن الفساد واستغلال النفوذ لتسهيل أعمال صديقه رجل الأعمال حسين سالم.
من ميدان التحرير إلى الاسكندرية والسويس وأقصى الصعيد، كل الأنظار اتجهت أمس إلى أكاديمية الشرطة قرب القاهرة لمتابعة حدث لا سابق له في التاريخ المصري والعربي، محاكمة الرئيس السابق، في مكان كان يحمل اسمه وخطب فيه حاكماً مطلقاً. الرجل الذي تولى رئاسة مصر ثلاثة عقود، أطل على مواطنيه بعد ثورة شعبية أطاحته، مريضاً على سرير مستشفى في قفص الاتهام.
ظهوره كان الحدث الأهم في المحاكمة، بعد غموض طويل اكتنف حاله الصحية، وكانت تلك إطلالته الأولى منذ كلمته الأخيرة الى المتظاهرين في 10 شباط، يوم كان لا يزال رئيساً، ثم تنحى في اليوم التالي. وهو بدا مختلفاً عن صورته رئيسا باللباس الابيض للمسجونين احتياطيا، وبعض الوهن، وإن يكن أفضل حالاً مما توقع كثيرون. كما كان الظهور الأول لنجليه منذ سجنهما احتياطياً فجر 13 نيسان بناء على قرار من النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، واللقاء الأول للأب وابنيه مذذاك.
التاسعة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي (07,30 بتوقيت غرينيتش)، أدخل الرئيس السابق، المتهم الأول محمد حسني السيد مبارك، على سريره، قفص الاتهام، بعد نقله صباحاً بطائرة هليكوبتر من مستشفى شرم الشيخ. وهو لن يعود إلى هناك، بل سيبقى في محيط القاهرة، في مستشفى المركز الطبي العالمي بشرق القاهرة، إلى حين مثوله مجددا ونجليه امام المحكمة في 15 آب، بعدما وافقت هذه المحكمة على فصل قضيتهم عن قضية العادلي ومساعديه الذين تعاود محاكمتهم اليوم الخميس.
وتابع علاء وجمال وقائع الجلسة بإصغاء شديد، وتبادلا الهمس مرات عدة، وحرصا على حجب الرؤية والكاميرات قدر الإمكان عن والدهما. وأنكرا هما أيضاً الاتهامات الموجهة إليهما.
وطلب الدفاع استجواب شهود بينهم رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي الذي كان وزيراً للدفاع عشر سنين في عهد مبارك.
ولم تحصل مواجهات بعد المحاكمة، وكان رجال الأمن وضعوا حواجز بين ذوي ضحايا "ثورة 25 يناير" ومتجمعين يدافعون عن مبارك، اثر اشتباكات بين الجانبين سقط فيها 53 جريحاً.
ولم يقتصر الاهتمام بالمحاكمة على المصريين، إذ تابعتها كل المدن العربية. واتهم ناشطون سوريون النظام بممارسة مزيد من القمع بينما أنظار العالم متجهة إلى محاكمة مبارك. وأمل ناطق باسم الثوار الليبيين يدعى محمد الراجلي في "رؤية (الزعيم الليبي العقيد معمر) القذافي في قفص مماثل يوماً ما". وفي البحرين تغاضت السلطات عن نقل وقائع المحاكمة التي عرضها التلفزيون المصري مباشرة، وبثت برنامجاً وثائقياً عن السياحة في المملكة.
* في واشنطن، صرح نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر: "طبعاً سنتابع المحاكمة عن كثب. من المهم جدا ان تكون المحاكمة حرة وشفافة ونزيهة. لنا ثقة بأنهم قادرون أن يفعلوا ذلك، ونعتقد ان السلطات المصرية قادرة على اجراء محاكمة نزيهة في هذه القضية. وان القيام بذلك منوط بهم في الحقيقة".

مجلس الأمن ندّد باستخدام سوريا القوة
ولبنان نأى بنفسه عن بيانه الرئاسي
وكتبت تقول "توغلت الدبابات السورية إلى وسط حماه أمس لتتمركز في ساحة العاصي التي كانت طوال الأسابيع الأخيرة مكاناً لتظاهرات حاشدة تطالب باسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وأفاد ناشطون أن مئات الدبابات الأخرى تمركزت حول المدينة وحول مدينة دير الزور.
وبعد ساعات من هذا التطور الأمني الذي جرى في ظل تركيز الأنظار على المحاكمة العلنية الأولى للرئيس المصري السابق حسني مبارك في القاهرة، أصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً ندد فيه بعمليات القمع التي تمارسها السلطات في حق المتظاهرين السلميين، كما ندد بمهاجمة المقرات الحكومية. وقد نأى لبنان العضو عن المجموعة العربية في المجلس بنفسه عن البيان ورأى أنه لا يساعد على معالجة الوضع القائم في سوريا. كما واصلت واشنطن تشديد لهجتها حيال الأسد، إذ اعتبره البيت الأبيض مصدراً لعدم الاستقرار في سوريا، وقال إن الادارة الاميركية تبحث في وسائل تصعيد الضغط عليه.
وتوصل أعضاء مجلس الأمن الى الإتفاق على نص البيان الرئاسي إثر جلسة صباحية مغلقة تداول فيها المجتمعون التعليمات الواردة من العواصم. ثم عقد اجتماع رباعي حاسم شاركت فيه المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، الى نظرائها الروسي فيتالي تشوركين والبريطاني السير مارك ليال غرانت والبرازيلية ماريا لويزا ريبييرو فيوتي اتفق خلاله، استناداً الى مصدر ديبلوماسي غربي، على "اعتماد صيغة البيان الرئاسي من دون احراج لبنان وعلاقته الخاصة بسوريا"".
تحييد لبنان
وتجنباً لأي احراج، وجدت الأمانة العامة للأمم المتحدة بعد اتصالات مع الدوائر القانونية لدى البعثات الغربية والأوروبية "أكثر من سابقة" مسجلة في دوائر المنظمة الدولية تفيد أن دولاً أعضاء في مجلس الأمن "نأت بنفسها" أو "حيدت نفسها" عن الإجماع المطلوب في البيانات الرئاسية أو الصحافية للمجلس. وأبلغ ديبلوماسي غربي "النهار" أن "ميثاق الأمم المتحدة لا ينص في أي مكان على قرارات أو بيانات رئاسية أو صحافية تتخذ في مجلس الأمن، بيد أنه يذكر عبارة مقررات فحسب". وأوضح أن "هذه الصيغ الشكلية لمقررات مجلس الأمن تكرست بالممارسة والعرف".
ولاحظ ديبلوماسي آخر أن "هناك أكثر من سابقة في سجلات جلسات مجلس الأمن حين حيدت دول نفسها عن الإجماع المطلوب للبيان الرئاسي"، مشيراً بصورة خاصة الى المحضر الرقم 1764 تاريخ 28 شباط 1974 الخاص باحتجاج العراق على حوادث حدودية مع ايران. وعامذاك "حيدت" الصين نفسها عن بيان رئاسي من غير أن تعطل اجماع مجلس الأمن. كما أن هناك أكثر من سابقة مسجلة أعوام 1975 و1977 و1979 تتعلق بسوريا نفسها وقوة الأمم المتحدة لفك الإشتباك "أندوف" في مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل.
وأفاد ديبلوماسيون في الأمم المتحدة أن سوريا "رضيت مرغمة بصيغة أن ينأى لبنان بنفسه عن البيان الرئاسي من غير أن يعطل الإجماع الدولي، وذلك اثر نصيحة روسية في هذا الشأن لئلا تكون أمام خيار اتخاذ قرار"، موضحاً أن دمشق "اختارت أحلى الأمرين". وأشار الى أن السفير السوري في بيروت علي عبدالكريم علي نقل الى وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور كلاماً بهذا المعنى من وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
وبعد موافقة كل الدول على مشروع البيان الرئاسي وطلب البعثة اللبنانية بعض الوقت للحصول على تعليمات من بيروت، علق مجلس الأمن جلسته الصباحية في اطار "اجراء الصمت" حتى الساعة الأولى بعد الظهر. غير أن البعثة اللبنانية طلبت لاحقاً تمديداً حتى الساعة الثانية والنصف بعد الظهر. ومضى التوقيت المحدد من غير أن يسجل لبنان أي اعتراض، مما يعني اجرائياً عدم تعطيل البيان الرئاسي.
زيادة
وطلبت نائبة المندوب اللبناني الدائم لدى الأمم المتحدة كارولين زيادة الكلام لتلاوة بيان مقتضب جاء فيه: "إذ نعرب عن أسفنا الشديد لسقوط الضحايا البريئة ونعزي ذويها، نتمنى لسوريا، دولة وشعباً، أن يثمر الإصلاح فيها تقدماً وازدهاراً". وأضافت: "حيث إن لبنان يعتبر أن البيان موضع الجلسة اليوم لا يساعد على معالجة الوضع الحالي في سوريا، لذلك فإنه ينأى بنفسه عنه".
وبعد الجلسة، قال رئيس مجلس الأمن رداً على سؤال لـ"النهار" إنه اذا لم يتوقف العنف في سوريا وإذا استمرت الأوضاع في التدهور، فإن مجلس الأمن سيعود الى الإجتماع للتعامل مع الوضع. وأكد أن "نأي لبنان بنفسه لا يقلل شأن البيان الرئاسي".
مجلس الشعب
وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" ان مجلس الشعب سيعقد ظهر الاحد جلسة استثنائية لمناقشة "مواضيع تهم الوطن والمواطن" من غير الادلاء بتفاصيل. وتأتي جلسة المجلس الذي انتهت دورته التشريعية من غير ان يحدد موعدا للانتخابات بعدما أقرت الحكومة السورية عددا من مشاريع القوانين المتعلقة بالاحزاب والانتخابات العامة.


الاخبار
محاكمة التمساح: موجات من الاعتداء على كل من لا يهتف ضد محاكمته
وكتبت في السياق "محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ونجليه جمال وعلاء، ووزير الداخلية السابق، حبيب العادلي، مشاهد من مسرحيّة تراجيدية لم تشهدها عاصمة المعزّ من قبل. في جلسة كان فيها التمساح ممدداً في قفصه، يحاول استراق الأصوات بالواسطة من خلال ولديه، كان الميكروفون بطل اليوم الأول من محكمة القرن. لعلها لحظة فارقة في تاريخ مصر.
هبطت الطائرة العسكرية في مطار ألماظة، وغادرها الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى سيارة إسعاف ضخمة. جسده شغل الأمن والناس. الأنظار تابعت جسد التمساح يظهر بعد 6 أشهر وزيادة من الاختفاء. كيف ستكون أحواله؟ هل حقاً سيشاهدون الديكتاتور في القفص؟ نعم، الديكتاتور على السرير. إبداع مصري خالص، في ثورة لم تذبح الطاغية ولم تطرده، لكنها قررت محاكمته بقانون أمعن في تفصيله ليحميه. لم يصدق أحد؛ مسرحية، أو إعلان مجاني، لكنها رغم كل ذلك كانت لحظة فارقة في تاريخ يكتب في القاهرة.
I-التمساح يحرّك ظهره. يريد أن يرى ما يحدث حوله، لا تتيح له نومة الظهر رؤية ما يجري، إنه آخر مكان رسمي شاهد هيلمانه وهو رئيس جمهورية. وقف ليتحدى الجميع: أنا الرئيس الأبدي لمصر، قالها وسط جموع جيشه الثاني: الشرطة التي احتفلت بعيدها وسط ترقب الدعوة إلى «الثورة»، وفي مناخ مشحون بأسىً ورعب من حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية. وعن منصة الاحتفال، أعلن وزير الداخلية السابق، حبيب العادلي، أسماء المتهمين بالتفجير، وأعلن مبارك أنه يثق بـ«جيش الشرطة».
في المكان نفسه استلقى مبارك على ظهره، منتظراً أن يُنادى: المتهم الأول. العادلي دخل قبله، تماماً كما كان يحدث في أيام عز النظام. وفي الاستراحة بدت المودة حاضرة مع فرق الحراسة المقيمة في القاعة؛ ضباط شرطة وجيش، بملابس عسكرية ومدنية، يشيرون إلى وزير الداخلية (١٣ سنة) وإلى نجلي مبارك (جمال وعلاء). بدت المودة قاسية أكثر من الجفاء، لأنها تظهر أن المحاكمة تجري بقوة فوق الجميع، قوة أكبر من الحراس القُدامى والجُدد لسلطة. قوة اسمها الثورة.
علاء مبارك غطّى العدسة لكي لا يرى أحد مسار عودته إلى سيارة الترحيلات، وحبيب العادلي صافح مودّعيه من الضباط. وبدت مشية جمال مبارك كأنه في تشريفة إلى منصة حكم. أثار المشهد استياءً، لكنه كشف عمّن وراء وجود التمساح ونظامه في القفص، وأن هذه ليست رغبة من في يده السلطة، إنها رغبة من خارج أروقة الحكم. رغبة الميدان، الذي بات تحت الاحتلال ليلة المحاكمة.
قوات مختلطة من الجيش والشرطة، إضافة إلى أجهزة أمنية أخرى غير معروفة. كوكتيل أمني احتل الميدان لكي لا يسمح بوجود مادي لقوة التحرير التي قادت التمساح إلى القفص.
II-الديكتاتور بكامل ماكياجه. هكذا ظهر مبارك بين جسدي علاء وجمال. كلاهما أغلق المجال المُتاح أمام الكاميرات. لكن كاميرا هربت من سد الأولاد، واقتنصت مشهد مبارك مستلقياً على سرير طبي، يستمع إلى إجراءت محاكمته. يد مبارك لم تتوقف عن الحركة، لم تكن حركة عصبية، لكنه انشغال يملأ مساحة تَدرّب 30 سنة على شغلها بما يليق برئيس لا ينازعه أحد.
اليد تلعب في الرأس، تُنظّف الأنف، وتشكّل علامة حكمة تحت الذقن، وتوضع خلف الرأس، أو ينادى بها على الابن الأسرع في الاستجابة: جمال، المذنب، يحاول أن يحمي أبيه. أشار إلى الحراس المدنيين بالانتباه إلى مكان الكاميرات، وأدى دور الحارس بالتناوب مع شقيقه الأكبر علاء الذي بدا أكثر توتّراً بحركته العصبية، والعرق الذي يسيل على وجهه.
سد الولدين، منع مبارك من المشاهدة، وطلب منهما الإزاحة ليرى ما يحدث، وخاصة أن أذنه لا تعمل جيداً، وهو ما اضطره إلى عدم سماع سؤال القاضي وهو يناديه: المتهم محمد حسني السيد مبارك. الإجابة المعتادة سمعها الجميع من مبارك: أفندم. حاضر.
ديكتاتور يثبت حضوره في قفص الاتهام الجنائي، ويؤكد طاعته لرئيس محكمة وجه إليه التهم بالقتل والفساد.
التمساح ظهر من تحت أغطيته الطبيّة، ليعلن حضوره. صوته متحشرج. ومقارنةً بسيطة مع آخر ظهور صوتي عبر قناة العربية، تبدو هزيمة ما، وخفوت نبرة السلطة. ليس خفوتاً كاملاً، ربما لأن الشعور بالسلطة تركز في مظهر التماسك عبر صبغة الشعر والماكياج واستدعاء ما بقي من عنجهية، والخيانة.
كانت في الصوت ليس وحده، لكن علاء وجمال، لم يخلُ الصوت من حشرجة بعد أن استهلكت الصورة كل الطاقة المدافعة عن الذات.
ماذا تقول في التهم الموجهة إليك؟
سأل القاضي ووصلت عبر جمال إلى أذن مبارك. وأجاب مبارك: أنفي التهم. وجّهه القاضي: ليس من حقك النفي أو القبول. من حقك الاعتراف أو الإنكار فقط.
وأنكر مبارك الذي تعذب بسماع التهم ورأي النيابة، وآراء المحامين بالحق المدني، بمن فيهم المتطرف في سخريته ويرى أن الموجود في القفص نسخة، وليس حقيقة، وأنه يحكم مصر منذ سبع سنوات. أو المحامي الآخر الذي حمل ختّامة لكي تُجرى المحكمة «فيش وتشبيه» (صحيفة الحالة الجنائية) لمبارك وعائلته.
أُذن مبارك التقطت رغماً عنها وعن تعطلها ٣٠ سنة. سمعت بالأمر المباشر لمن هتفوا: ها نحن نحاكمه. أما صورته فقد رآها ملايين تابعوا المحاكمة، وصورة مبارك الحريص على صبغ شعره، ووضع كريمات الأساس لبشرة يُداري بها عمره، الذي كان أمل أتباعه في استدرار العواطف… بدا مبارك في صورته ضد نفسه، وضد مشروع تحويله لأي ميلودراما. انتقل إلى حدود التراجيديا.
III-تراجيديا مصرية: ديكتاتور في القفص بسبب استسلامه لشهوات العائلة. ضحية متجبّرة ، وبطريرك وزع حنانه الأبوي على «عصابة» قادها ابنه في السنوات الأخيرة.
كل ابن تحوّل إلى حاجب أمام الكاميرات، بعدما أسهم في تعرية ظهره أمام شعب رأى وسمع عن تضخّم ثروات وصفقات بيع الغاز لإسرائيل، والمعارك حول النسبة بين جمال وحسين سالم، الصديق الواجهة الهارب إلى إسبانبا وخلفه أساطير تولد منها أساطير أخرى.
العائلة ستغادر دولتها السرية، شرم الشيخ، بعد أن قرر القاضي نقل مقر الزنزانة الطبية إلى المركز الطبي العالمي، وهو مستشفى عسكري حديث مبني في الطريق الصحراوي بين القاهرة ومدينة الإسماعيلية، يضم بين بنايته مهبط طائرات، ويعتمد على أنه مركز استشفاء دولي. ومن بين خدماته علاج العناصر العسكريين الأميركيين الموجودين في المنطقة، ولهذا يطلق عليه شعبياً اسم: مستشفى المارينز.
IV-نريد المشير. فريق الدفاع عن مبارك وأعوانه، طالبوا بشهادة المشير (حسين طنطاوي)، لأنه الحاكم الفعلي منذ 28 كانون الثاني، كما قال محامي مبارك فريد الديب.
وفريق الحق المدني طالب أيضاً باستدعاء المشير، لكن هذه المرة لأنه قال إنه رفض تنفيذ الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، كما قال رئيس أركانه
الفريق سامي عنان. وعلى حد تعبير أحد المحامين: طلب منا إخلاء الميدان بأي طريقة.
فريد الديب لم يطلب المشير فقط، لكنه استدعى ألعابه القديمة. طلب ما يقرب من 1300 شاهد. ألعاب تمنّى الثوار أن تسير إلى مصير موكليه
السابقين نفسه: الجاسوس عزام عزام، ورجل الأعمال قاتل عشيقته هشام طلعت مصطفى. الأول حصل على السجن المؤبد والثاني على الإعدام.
هل يحقّق الديب الأمل وتقود ألعابه مبارك إلى مصير المجرمين؟
V-الديكتاتور مجرم، لا يستحق الذبح. الثورة تستحق أن تقود مبارك إلى المحاكمة لا التصفية. النقلة النوعية هنا في أن الثورة لا من يحكم باسمها قادت الديكتاتور إلى قفص في المكان نفسه الذي كان يُخرّج منه قيادات جيشه.
حتى سلاح الخيّالة ظهر ضمن إجراءات حماية الديكتاتور. الثورة نامت هادئة رغم جولات الاعتداء الوحشي على ثوار التحرير. الهستيريا أصابت الرافضين محاكمة مبارك.
لماذا يرفضون؟
لا إجابة غير نثار عاطفي ممزوج بالعنف والعصبية. وبعيداً عن الطوق الأمني المتعدد الأجهزة، تحولت العصبيّة العاطفيّة إلى موجات من الاعتداء على كل من لا يهتف ضد محاكمة مبارك. ميليشيات خرجت من مخازن استخدمها مبارك وحزبه في الانتخابات، لم تجد غير العنف الموجّه إلى رموز معارضة مبارك، للإرهاب والانتقام.
لمصلحة من؟
الثورة اختارت طريق العدالة، لتبني على أساس محاكمة مبارك، دولة قانون غابت في عهده. ومبارك لم يبق مدافعاً عنه إلّا جيش بلطجية مع تبخّر أجهزته السياسيّة وتفكّك مؤسسات الدولة.
النظام في القفص، وفرق المحامين عن الشهداء مرتبكون. فالمتهم رئيس ونظامه بالكامل، وهم غير مدرّبين يتحركّون بفوضى ملحوظة، لا خطة ولا أسماء لامعة، بينما فريق الدفاع عن مبارك وأعوانه محشو بنجوم المحاماة.
الميكروفون كان بطل اليوم الأول من محكمة القرن، القاضي يطارده، والمحامون يتخاطفونه، والمتّهمون يمسكونه بأيدٍ مرتعشة؛ لأن حضورهم يكتمل أمام الجمهور الواسع لأول مرة منذ سقوط رأس النظام.


المستقبل
البيت الأبيض يرى سوريا أفضل من دون الأسد وتركيا تصف ما يجري في حماه بـ<الوحشي>
مجلس الأمن يدين قمع النظام السوري ولبنان يتنصل
وكتبت المستقبل تقول "في ما اعتبرته باريس نقطة تحول في موقف المجتمع الدولي من الوضع في سوريا، دان مجلس الأمن الدولي باستثناء لبنان الذي رأى أن ذلك "لن يساعد" في إنهاء الأزمة، حملة القمع الدامية التي تشنها الحكومة السورية مع استمرار ما اعتبره ناشطون "حرباً مفتوحة" على حماه، ودعا المجلس في بيان أصدره أمس الى "محاسبة" المسؤولين عن العنف.
وفي تصعيد ملحوظ لموقفها، قالت الولايات المتحدة أمس انها غير معنية ببقاء الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة لمجرد المحافظة على "الاستقرار" الاقليمي، مؤكدة ان "سوريا ستكون أفضل من دون الرئيس الأسد" حسبما صرح أمس الناطق بلسان البيت الأبيض جاي كارني، وكذلك كان لأنقرة تعليق عنيف حيث اعتبر مسؤول رفيع المستوى في الحكومة التركية أن الهجوم المدفعي بالدبابات على حماه عمل "وحشي" لا يمكن التغاضي عنه، ومرتكبيه لا يمكن أن يكونوا أصدقاء لتركيا.
ففي ظل موافقة روسية وصينية اثر الهجوم المدفعي الأخير بالدبابات على حماه ومدن سورية أخرى أوقع عشرات القتلى والجرحى، دان مجلس الامن الدولي أمس حملة القمع الدامية التي تشنها الحكومة السورية ضد المتظاهرين، ودعا الى "محاسبة" المسؤولين عنها.
وجاء في بيان لرئاسة المجلس تم الاتفاق على نصه بعد اسابيع من المفاوضات الصعبة، ان المجلس المؤلف من 15 عضوا "يدين الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية"، الا ان لبنان العضو في مجلس الامن الدولي تنصل من البيان وقال انه "لن يساعد" على انهاء الازمة في سوريا.
وقامت الدول الاوروبية الكبرى تدعمها الولايات المتحدة بحملة لإصدار بيان عن مجلس الامن حول قمع التظاهرات التي اندلعت في منتصف آذار (مارس) الماضي. وهددت كل من الصين وروسيا بالاعتراض على اي قرار رسمي من المجلس ليكون البيان اول تحرك يتخذه المجلس بشأن سوريا برغم تصاعد العنف.
وأزيلت من البيان اي اشارة الى اجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الانسان دعت اليه كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال في النسخ الاولى من البيان، الا ان البيان دعا الى "محاسبة" المسؤولين عن العنف. ودعا المجلس في بيانه "السلطات السورية الى الاحترام الكامل لحقوق الانسان وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي ومحاسبة المسؤولين عن العنف"، كما دعا المجلس السلطات السورية الى "التعاون التام" مع المفوض الأعلى لحقوق الانسان.
وفي أنقرة، نقلت وسائل إعلام عن نائب رئيس الوزراء التركي بولنت آرينج قوله للصحافيين إن "ما يحصل في حماه ليس سوى وحشية. من ارتكبوا هذه الوحشية لا يمكن أن يكونوا أصدقاءنا. لا يمكن أن نفهم كيف يتم إرسال دبابات لمواجهة شعب في هذه الأيام من رمضان". وأضاف "أنا أقول للأسد: أنت تقمع شعبك، ولا الله ولا الشعب يحبان القامعين". وتابع آرينج: "نريد سوريا سلمية" معرباً عن الأمل بأن يعيش الشعب السوري بسلام وازدهار وحرية، داعياً السلطات إلى الأخذ في الاعتبار مطالب شعبها وتعزيز الديموقراطية.