27-11-2024 03:04 PM بتوقيت القدس المحتلة

فخامة الفراغ

فخامة الفراغ

انه الاستحقاق الرئاسي الى التهميش مجدداً ريثما تتم التوافقات الاقليمية والدولية على سلّة الملفّات العالقة في المنطقة.


ابراهيم عبدالله

...الاستحقاق الرئاسي الى التأجيل مجدداً ربما بانتظار التوافقات الاقليمية والدولية على سلّة الملفّات العالقة في المنطقة.

استحقاق يأتي في توقيت وظروف وتقاطعات حساسة حيث الخريف العربي يضع اوزاره ايذاناً بالافول وفي جعبته خرافات "اسرائيل الكبرى" وقصص "الشرق الاوسط الجديد والكبير" وحكايا الفوضى الخلاقة بمخططاتها التقسيمية والتفتيتية، وربيع مقاومة راسخ ومتجذر في تاريخ الحضارة والثقافة وجغرافيا المنطقة.

استحقاق أتى في وقت تبلور فيه تحالف استراتيجي ولد من رحم الازمة السورية المعمّد بالدم والانتصار على أعتى مؤامرة كونية لم تشهد مثيلها المجتمعات البشرية والممتد من فلاديفوستوك في اقصى الشرق الروسي ليشمل البحار الخمسة في المتوسط مروراً بمضيق هرمز وباب المندب على البحر الاحمر وصولاً الى البحر الاسود وبحر قزوين المصمم على التشبيك الاقتصادي والسياسي والامني والثقافي.

وفي خضم تصارع المشاريع على المستوى الدولي والاقليمي في حرب مصير واثبات وجود ، يمر لبنان على المستوى المحلي باستحقاق رئاسي ملؤه الشغور كعادته نتيجة الانقسام الحاد الذي يعيشه البلد وتخندقه بين فريقين سياسيين يختلفان على تحديد وتوصيف هوية ودور وثوابت لبنان.

استحقاق بحسب الكاتب والصحفي حسن حمادة، يعكس مدى عمق أزمة النظام المعمول به في لبنان منذ 1943، والذي زادت قسوته مع اتفاق الطائف، وتضاعفت هذه القسوة مع اتفاق الدوحة .

هذه الحقيقة تجعلنا نعيش هذه "المهزلة" التي تتسم بها عملية اختيار رئيس للبنان، هذا الرئيس اياً كان ، يختاره الخارج ويتم ترسيمه في الداخل .

ويلفت حمادة الى ان الوسيلة الوحيدة للبننة انتخاب الرئاسة ، تكون من خلال انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب اللبناني، هكذا يكون للرئاسة وقارها وثقلها الوازن ودورها الوطني غير التابع والمرتهن للخارج.

ونتيجة لتلك التعقيدات المتشابكة افقياً وعامودياً نسلط الضوء على المشاكل التي تعتري موقع الرئاسة والمسائل الدستورية والقانونية حيث رأى أمين سر لجنة الاتصال والاعلام في المجلس النيابي والدكتور في القانون الدستوري عمر شحاده في حديث لموقع المنار فيما خص تحديد  الشروط الواجب توفرها في المرشح لرئاسة الجمهورية ، ان الدستور اللبناني قد لحظ في الفقرة الاخيرة من المادة 49 انه "لا يجوز انتخاب احد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزاً على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لاهلية المرشح"، اي ما يطبق على شروط الترشح للنيابة يطبق على الترشح لرئاسة الجمهورية لجهة السن والجنسية والتعلم والتعليم وشرط الانتماء الطائفي وان يكون متمتعا بالحقوق المدنية والسياسية.

ولفت الى ان التعديل الدستوري الذي اتى به اتفاق الطائف والذي اصبح دستورا فيما بعد يمنع القضاة وموظفي الفئة الاولى او ما يعادلها ( حاكم مصرف لبنان - قائد الجيش ...) من الترشح الى منصب رئاسة الجمهورية الا بعد تقديم الاستقالة من وظيفتهم قبل سنتين من موعد اجراء الانتخابات .

وبالنسبة لآلية الدعوة الى انتخاب رئيس الجمهورية والمهل الدستورية المحددة لذلك اعتبر الدكتور شحاده ان المادة 73 من الدستور تنص على انه " قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الاقل او شهرين على الاكثر يلتئم المجلس النيابي بدعوة من رئيسه لانتخاب رئيس جديد ، واذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض ، فانه يدعى حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق موعد انتخاب الرئيس" ويشير الى ان هذه المادة تتحدث عن المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس والتي تبدأ بـ25 آذار/مارس وتنتهي بـ 25 ايار/مايو.

ولفت الدكتور شحاده  الى ان"المرجع الصالح لدعوة المجلس النيابي الى الانعقاد هو رئيس المجلس حصراً بمعنى أن هذه الصلاحية الدستورية هي حصرية أو شخصية برئيس المجلس" ولا يمكن الحديث عن مهلة 10 أيام الاخيرة ، لان الرئيس قام بواجبه الدستوري بدعوة المجلس النيابي الى الانعقاد.

وبالنسبة لقيام المجلس النيابي بدوره التشريعي ضمن المهلة الدستورية ، اعتبر الدكتور شحاده أن المادة 75 من الدستور تتحدث عن هذا الموضوع حيث تنص على" ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة اي موضوع آخر "، حيث رأى ان هذا النص الدستوري واضح كل الوضوح ، مشيراً الى ان المجلس الملتئم الذي ينعقد تحت عنوان انتخاب الرئيس حصراً لا يحق له ان يشّرع في هذه الجلسة حصراً، اما في باقي الايام فيحق له ان يشرع ، وراى الدكتور شحاده انه حسناً فعل الرئيس نبيه بري عندما اعتبر ان المجلس يحق له ان يشرع في هذه المهلة الدستورية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية وبذلك يكون الرئيس بري بعادته المعهودة في الانسجام مع نفسه قد احترم الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب.

اما بالنسبة لموضوع  خلو سدة الرئاسة، شدد الدكتور شحاده على ان المادة 62 من الدستور كانت واضحة في معالجة مسألة الشغور، باعتبار ان هناك قاعدة قانونية تقول "لا اجتهاد في مورد النص" حيث نصت على انه " في حال خلو سدة الرئاسة لاي علة كانت ، تناط صلاحيات الرئيس بمجلس الوزراء"، موضحاً ان مجلس الوزراء "يتوجب عليه الان القيام بدوره الدستوري من خلال شروعه بممارسة كل الصلاحيات المناطة به دستورياً" مشيراً في الوقت نفسه الى ان الصعوبة تكمن في تطبيق هذا النص طارحاً فرضية استقالة الحكومة عندها يصبح الحديث عن هوية المرجع الصالح للقيام بالاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة، في هذه الحالة الدستور اللبناني لم يلحظ في مواده مثل هكذا مطلب او قضية ، وبالتالي يتوجب على الفقهاء الدستوريين برأى الدكتور شحادة توضيح هذه المسألة داعياً الى عدم اطالة فترة شغور منصب الرئاسة لان الدستور يحتم على السادة النواب القيام بواجبهم الدستوري بانتخاب الرئيس كون هناك مبدأ دستوري قائم على نظرية استمرارية المرفق العام في الدولة .

وفيما يتعلق باجراء انتخابات رئاسية او برلمانية في ظل غياب او عدم وجود مجلس دستوري او تعطيل لدوره القضائي، لفت الدكتور شحاده الى انه من حيث المبدأ المجلس موجود ويقوم بالنظر بالطعون المقدمة اليه وخاصة النظر بقانون الايجارات الجديد الذي تقدم به الرئيس ميشال سليمان وآخر حول قانون تثبيت عناصر الدفاع المدني، وفي حال تم اجراء انتخابات دون وجود مجلس دستوري نكون قد وقعنا في مشكلة دستورية "باعتبار المظلوم في الانتخابات لا يستطيع ان يقدم طعن بمخالفات المرشح الآخر" وعلى الرغم من ذلك الخطورة لا تكمن هنا، بل في "شل دور المجلس الدستوري قضائيا لعدم تمكنه من البت في الطعون المقدمة اليه ضمن مهلة الثلاثة أيام المحددة قانوناً بسبب اصابته بمرض التسييس والاستزلام والولاءات الحزبية الضيقة كما حصل في المرة السابقة عندما تغيب اعضاء المجلس لاسباب سياسية فتعطل النصاب عدة مرات"، مطالباً "باعطاء القضاء اللبناني استقلاليته الحقيقية وكف يد السياسيين عن المجالس القضائية" داعياً الى الغاء مصطلح (التعيينات القضائية) بمعناها السياسي الصرف وحصرها فقط بالسلطة القضائية تطبيقاً "لمبدأ الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية".