إن أدل دليل على ولادة الإمام هو انه عاش في فترة زمنية واتصل بأصحابه وخواصه وأتباعه هي فترة الغيبة الصغرى التي امتدت حوالى سبعين سنة.
تطرق سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: إلى الحديث عن مسألتي (ولادة الامام المهدي(ع) وطول عمره الشريف) فاعتبر أن مسألة ولادة المهدي (عج) حقيقة ثابتة لدى الشيعة الامامية استناداً إلى أمرين اساسيين:
الأمرالأول: مئات الروايات الواردة عن رسول الله (ص) وأئمة أهل البيت (ع) والتي تدل على تعيين المهدي وتحديد شخصيته ونسبه وصفاته , وانه من أهل البيت (ع) ومن ولد فاطمة ومن ذرية الحسين (ع) وليس من ذرية الحسن، وأنه التاسع من ذرية الحسين,وفي بعض الروايات أنه السابع من ذرية الباقر أو السادس من ذرية الصادق..وإن له غيبتين إحداهما طويلة يقال له فيها مات أو هلك، وفي بعض الروايات انه تخفى ولادته على الناس, وفي بعضها انه هو الذي يقول عنه الناس إنه لم يولد بعد..
وذكر العديد من القرائن والشواهد التي تبرهن على صحة هذه الروايات،منها : شهادة واعتراف والدة الإمام الحسن العسكري(ع) بولادة ابنه المنتظر.وإخبار الإمام العسكري(ع) خواص أصحابه بولادة الإمام. ورؤية بعض خواص الشيعة للإمام المهدي (عج) في حياة أبيه وفي زمن الغيبة الصغرى.
الأمر الثاني: الواقع التاريخي، فإن أدل دليل على ولادة الإمام هو انه عاش في فترة زمنية واتصل بأصحابه وخواصه وأتباعه هي فترة الغيبة الصغرى التي امتدت حوالى سبعين سنة.
فإن هذه الفترة التي ثبت تاريخيا أن الإمام كان يتصل فيها بأصحابه عبر السفراء الأربعة : عثمان بن سعيد العمري و محمد بن عثمان العمري وأبو القاسم الحسين بن روح وأبو الحسن السمري , وما صدر عنه من توقيعات ووثائق ورسائل وإجابات على أسئلة أصحابه والناس يدل بشكل قاطع على أن الإمام ولد ومارس دوره الرسالي في هذه الفترة.
واشار الشيخ دعموش الى مسألة طول عمر الإمام فاعتبر إن طول العمر أمر ممكن بإرادة الله ومشيئته ،حيث يقول سبحانه: [إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون].فإذا أراد الله لحكمة معينة أن يغيب شخصاً كالمهدي هذه المدة الطويلة فإن الله قادر على ذلك، وهذا ليس شيئاً لا مثيل له في التاريخ حتى يُحدث استغراباً أو صدمة أو تشكيكاً، فقد حصل في التاريخ بإرادة الله كما في تجربة النبي نوح (ع) كما حدثنا القرآن الكريم: [ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون] العنكبوت 14. وفي تجربة الخضر (ع) حيث انه لا زال حياً حتى الآن وسيبقى حياً إلى يوم القيامة كما في الروايات.
وأكد: أن مشروع المستكبرين في المنطقة وفي مقدمهم الولايات المتحدة وإسرائيل وأدواتهما إلى زوال إن شاء الله.
معتبراً: ان الشعب السوري وجه صفعة قوية لأعداء سوريا من خلال مشاركته الواسعة في الانتخابات الرئاسية , وان انجاز هذا الاستحقاق بنجاح تام هو فشل للمشروع الذي اراد إخراج سوريا من محور المقاومة الى المحور الآخر, وهو حدث مفصلي في مسار الأزمة السورية لن يكون ما بعده كما قبله.
نص الخطبة:
فكرة الإمام المهدي (عج) هي فكرة إسلامية لا يختلف المسلمون فيها على تنوع فرقهم ومذاهبهم.
فالمسلمون جميعاً إلا من شذ يسلمون بأصل هذه الفكرة ويؤمنون بها , سواء في ذلك السنة والشيعة , وقد روى علماء أهل السنة مئات الأحاديث المتواترة (أكثر من أربعمائة حديث) حول المهدي (عج) وقد نقلوا هذه الأحاديث عن أكثر من خمسين صحابياً من أصحاب النبي (ص) كلهم يقولون: إنهم سمعوا النبي (ص) يبشر بالمهدي (عج) ويحدث بأحاديثه، وقد نص على صحة أكثرية هذه الأحاديث عدد كبير من علماء السنة منهم أصحاب السنن الأربعة وغيرهم بالعشرات.
وقد علق الشيخ عبد العزيز بن باز المفتي العام السابق للسعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض على محاضرة للشيخ عبد المحسن العباد يقول: (فأمر المهدي أمر معلوم والأحاديث فيه مستفيضة بل متواترة متعاضدة وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها وهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق).هذا فيما يتعلق بإيمان أهل السنة بفكرة المهدي (عج). أما نحن الشيعة الإمامية فإن قضية المهدي (ع) عندنا من حيث العقيدة ومن حيث الأحاديث الواردة فيها تتجاوز ما ذكره أهل السنة.
قضية المهدي(ع)عندنا من حيث العقيدة تتصل بأصل من أصول الإيمان وهو الإمامة الذي لا يكتمل الايمان الا به، وأما الأحاديث الواردة في المهدي (عج) التي ذكرها علماءنا في كتبهم فقد بلغت أكثر من ستة آلاف حديث.
وقد أحصى الباحث المحقق الشيخ لطف الله الصافي وحده في كتابه القيم (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) مجموع الأحاديث المنتخبة مما رواه الشيعة وأهل السنة فبلغت خمسة آلاف وثلاثمائة وثلاثة أحاديث.
إذن: لا فرق بين الشيعة والسنة في أصل الإيمان بظهور المهدي(ع) في آخر الزمان، والخلاف الأساسي هو في انه ولد أم انه سيولد في آخر الزمان ؟ هم يقولون إنه سيولد، وإن كان بعضهم يقول بولادته كما سنذكر.
أما نحن فنقول: إنه ولد في 15 شعبان من سنة 255هـ وأبوه الإمام الحسن العسكري وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت وقد غيبه الله لحكمة غيبتين: الغيبة الصغرى واستمرت حوالي سبعين سنة والغيبة الكبرى وهي مستمرة إلى أن يأذن الله له بالخروج والظهور.
والذي يدل على هذه الحقيقة ، حقيقة أن المهدي (عج) تجسد في الإمام الثاني عشر وانه ولد ، أمران:
الأمر الأول: مئات الروايات الواردة عن رسول الله (ص) وأئمة أهل البيت (ع) والتي تدل على تعيين المهدي وتحديد شخصيته ونسبه وصفاته , وانه من أهل البيت (ع) ومن ولد فاطمة ومن ذرية الحسين (ع) وليس من ذرية الحسن وأنه التاسع من ذرية الحسين,وفي بعض الروايات أنه السابع من ذرية الباقر أو السادس من ذرية الصادق..وإن له غيبتين إحداهما طويلة يقال له فيها مات أو هلك، وفي بعض الروايات انه تخفى ولادته على الناس, وفي بعضها انه هو الذي يقول عنه الناس إنه لم يولد بعد..
فإن هذه الروايات تحدد أوصاف الإمام وتشخصه في الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (ع) أي الإمام محمد بن الحسن المهدي (عج) , وهذه الروايات بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار بالرغم من تحفظ الأئمة (ع) واحتياطهم في طرح قضية المهدي في الوسط العام وعل نطاق واسع خوفاً من اغتياله.
وهناك العديد من القرائن والشواهد التي تبرهن على صحة هذه الروايات.
1 ـ إخبار الرسول والأئمة (ع) بأنه سوف يولد للإمام العسكري ولد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويغيب.
2 ـ شهادة واعتراف والدة الإمام الحسن العسكري(ع) بولادة ابنه المنتظر.
3 ـ إخبار الإمام العسكري(ع) خواص أصحابه بولادة الإمام.
4 ـ رؤية بعض خواص الشيعة للإمام المهدي (عج) وقد حدث ذلك تكراراً في حياة أبيه وفي زمن الغيبة الصغرى وحتى في زمن الغيبة الكبرى.
5 ـ تصرف السلطة العباسية تجاه ولادة الإمام المهدي(ع) لأنها كانت تعرف انه الإمام الثاني عشر وتدرك الخطر الذي يمثله الإمام على هذه السلطة فكانت تبحث عنه وتراقب وترصد كل الولادت في المنطقة التي يسكن فيا الامام العسكري(ع)وقد بثت بجواسيس حول دار الإمام العسكري(ع) لهذه الغاية.
6 ـ من الشواهد أيضاً اعتراف بعض علماء أهل السنة بولادة الإمام المهدي (ع) منهم ابن الكثير في كتاب الكامل في التاريخ وابن خلكان في كتاب وفيات الأعيان والذهبي في تاريخ الإسلام.
وقد أحصى بعض العلماء أكثر من 112 عالماً من علماء السنة اعترفوا بولادة المهدي (عج) وانها كانت في النصف من شعبان سنة 255 , كما أحصى أكثر من 120 من علماء السنة الذين صرحوا بأن الإمام المهدي ابن الإمام الحسن العسكري.
إن كل هذه القرائن تدل على ولادته (ع).
الأمر الثاني الذي يدل على ولادته (ع): هو الواقع التاريخي، فإن أدل دليل على وجود الإمام وولادة الإمام هو انه عاش في فترة زمنية واتصل بأصحابه وخواصه وأتباعه هي فترة الغيبة الصغرى التي امتدت حوالى سبعين سنة.
فإن هذه الفترة التي ثبت تاريخيا أن الإمام كان يتصل فيها بأصحابه عبر السفراء الأربعة : عثمان بن سعيد العمري و محمد بن عثمان العمري وأبو القاسم الحسين بن روح وأبو الحسن السمري , وما صدر عنه من توقيعات ووثائق ورسائل وإجابات على أسئلة أصحابه والناس يدل بشكل قاطع على أن الإمام ولد ومارس دوره الرسالي في هذه الفترة.
والملاحظ أن كل الرسائل والإجابات التي صدرت عنه (ع) كانت على أسلوب واحد وطريقة واحدة وبخط واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة السفراء الأربعة المختلفين أسلوباً وذوقاً وخطاً وبياناً.. وهذا يكشف عن وجود رجل واحد يدير هذه العملية وهذه التجربة هو الإمام نفسه (ع).
فإذن: المهدي(ع) حقيقة عاشها اتباع اهل البيت (ع) والأمة في مرحلة الغيبة الصغرى وعبر عنها السفراء الأربعة والنواب طيلة سبعين سنة ، ولم يلحظ عليهم أحد خلال كل هذه المدة تلاعباً في الكلام أو تحايلاً في التصرف أو اختلافا في النقل.. ولا يمكن لأكذوبة مهما كانت محكمة أن تعيش سبعين سنة.
وإذا كان الإمام قد ولد في سنة 255هـ ونحن الآن في سنة 1435هـ فهذا يعني أن عمر الإمام هو 1180 سنة فهل يمكن أن يعيش إنسان إلى هذا الحد؟
والجواب: إن طول العمر أمر ممكن بإرادة الله ومشيئة الله.
يقول تعالى: [إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون].
فإذا أراد الله لحكمة معينة أن يغيب شخصاً كالمهدي هذه المدة الطويلة فإن الله قادر على ذلك، وهذا ليس شيئاً لا مثيل له في التاريخ حتى يُحدث استغراباً أو صدمة أو تشكيكاً، فقد حصل في التاريخ بإرادة الله كما في تجربة النبي نوح (ع) كما حدثنا القرآن الكريم: [ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون] العنكبوت 14.
فإذا كانت مهمة نوح في الدعوة الى الله تستوجب كل هذا العمر المديد .. أفلا يستحق تحقيق الوعد الإلهي بالنصر النهائي وتحقيق العدالة على مستوى العالم وبناء الحضارة الإنسانية من جديد عمراً طويلاً للإمام صاحب العصر والزمان؟ومن المعروف أيضاً أن الخضر (ع) من المعمرين وأن عمره آلاف السنين. فالخضر لا زال حياً حتى الآن وسيبقى حياً إلى يوم القيامة كما في الروايات.
الإمام الخميني رضوان الله عليه الذي نعيش هذه الإيام الذكرى الخامسة والعشرين لرحيله يقول عن أهمية الدور الذي ادخر الله إمامنا المهدي لأجله كل هذه السنين: ما أعظم بركة ذلك اليوم الذي يتخلص العالم فيه من ظلمات الفتن والخداع وتسود فيه حكومة العدل الإلهي على جميع الدنيا، ويتم إقصاء المنافقين بعيداً عن الساحة، وترفع راية العدالة والرحمة الإلهية في كل الأرض, وتخضع البشرية جمعاء لقانون العدالة الإسلامي، وتنهار صروح الظلم والظالمين, وتتحقق الغاية التي من أجلها بعث الأنبياء (ع) وجاهد من أجلها الأولياء , وتعم البركات الإلهية في أرجاء الأرض.
وفي فهم الإمام الخميني لقضية الانتظار والتمهيد للإمام المهدي(ع) لا بد من العمل على أمرين:
الأول: الاهتمام بالجانب الروحي والمعنوي والعمل على بناء الذات وتربيتها على التقوى , والصمود والثبات في مواجهة خطوات الشيطان ووساوس الشيطان التي تريد حرف الإنسان عن الطريق المستقيم.والثاني: الصمود في مواجهة القوى المستكبرة في العالم التي تحاول السيطرة والهيمنة على هذه الأمة وعلى هذه المنطقة لأنه بالصمود والثبات نفشل مشروعهم.
واليوم مشروع المستكبرين في المنطقة وفي مقدمهم الولايات المتحدة وإسرائيل وأدواتهما إلى زوال إن شاء الله.
لقد ذكرنا في الأسبوع الماضي مؤشرات كثيرة على بداية هزيمة مشروعهم في المنطقة ونضيف اليوم إلى هذه المؤشرات ما جرى في سوريا في الانتخابات الرئاسية حيث وجه الشعب السوري صفعة قوية لأعداء سوريا من خلال مشاركته الواسعة في الانتخابات الرئاسية , وانجاز هذا الاستحقاق بنجاح تام هو هزيمة للمشروع الذي استهدف سوريا وتدميرها , هو فشل للمشروع الذي اراد إخراج سوريا من محور المقاومة الى المحور الآخر, وهو تتويج سياسي لمسار من الانجازات الميدانية والسياسية , وهو حدث مفصلي في مسار الأزمة السورية لن يكون ما بعده كما قبله.