26-11-2024 06:43 AM بتوقيت القدس المحتلة

في ذكراه: تحيّة الى روح الرئيس حافظ الأسد

في ذكراه: تحيّة الى روح الرئيس حافظ الأسد

المدقق في خفايا الأحداث وثناياها وبالقليل من النزاهة يكتشف ان الهم الجوهري الذي شغل عقل وتصرف وقرار الرئيس حافظ الأسد كان حماية المقاومة في لبنان وتمكينها من تطوير قدراتها في مجابهة الاحتلال

الرئيس الراحل حافظ الاسدتمر ذكرى غياب القائد والزعيم العربي الكبير حافظ الأسد بينما الكثير من الأحداث والظواهر التي نعيشها تؤكد صواب خياراته الاستراتيجية الكبرى في إدارة الصراع العربي الصهيوني الذي احتل مركز تفكيره في قيادته لسورية الدولة المحورية في المنطقة التي اعترضت طريق تصفية قضية فلسطين لفرض الهيمنة الصهيونية على الشرق.

وقد تراكمت المعطيات التي تثبت هذه الحقيقة منذ زيارة السادات للقدس المحتلة بعد حرب تشرين التي ظل فيها الجيش العربي السوري يقاتل وحيدا ومستفردا لأكثر من شهرين بعد وقف النار الذي التزم به السادات على الجبهة المصرية برعاية كيسنجر تحت تغطية الدفرسوار الإسرائيلي وإثر محاصرة الجيش المصري.

غالب قنديل/ جريدة الديار

علامات فارقة في استراتيجية الأسد تبدو اليوم أقوى من كل الغبار الذي تثيره الدوائر الاستعمارية ومعها أوساط عربية ولبنانية عديدة ناصبت القائد حافظ الأسد العداء من مواقع التحاقها بمنظومة الهيمنة الغربية الإسرائيلية تحت ستار الحل السلمي والتسوية في المنطقة بينما شهد الكثير من الخصوم للرئيس حافظ الأسد ببراعة شديدة في تفكيك مناوراتهم وفضح أهدافهم البعيدة وفي مقدمتهم هنري كيسنجر.

الأحداث الراهنة في المنطقة والعالم تشهد لصواب استراتيجية الأسد ونجاحاتها وأبرزها :

أولا : التحالف الاستراتيجي مع الجمهورية الإسلامية في إيران التي اعتبر ثورتها بحق إيذانا بانبثاق قوة مشرقية صاعدة معادية للصهيونية والاستعمار وتمثل سندا يمكن الاعتماد عليه في مقاومة المخطط الاستعماري ويوم احتضن الرئيس حافظ الأسد تلك الثورة وتحالف مع قيادتها كان لها النصير الوحيد في البلاد العربية فقرر التحالف مع جمهورية شعبية فتية سعى خصومها في المنطقة من حلفاء نظام الشاه العميل إلى محاصرتها بإثارة العداء العربي ضد القومية الفارسية على نقيض ما كانوا يفعلون في زمن الشاه حليف إسرائيل وانحاز الأسد إلى إيران في مجابهة الحرب الأميركية الغربية التي مولتها حكومات الخليج بعدما دفع إليها صدام حسين وورط العراق في ثماني سنوات من الدمار والاستنزاف الاقتصادي والبشري الرهيب وكما وقفت سورية بثبات إلى جانب إيران في وجه تلك الحرب الكونية تستند سورية اليوم إلى حليفها الإيراني الموثوق في وجه الحرب الكونية التي تستهدفها وقد حول القائد حافظ الأسد والقادة الإيرانيون تحالف الدولتين إلى حاضن لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين لاسيما بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وهو التغيير الاستراتيجي الذي كسر معادلات التفوق الإسرائيلي.

ثانيا: قيل الكثير من الكلام عما وصفه الخصوم بمرحلة الوصاية السورية على لبنان بعد اتفاق الطائف ولكن المدقق في خفايا الأحداث وثناياها وبالقليل من النزاهة يكتشف ان الهم الجوهري الذي شغل عقل وتصرف وقرار الرئيس حافظ الأسد كان حماية المقاومة في لبنان وتمكينها من تطوير قدراتها في مجابهة الاحتلال وهو الذي صاغ بنفسه تفاهم نيسان عام 1996 وألزم الولايات المتحدة بتكريسه في بيان رسمي للخارجية الأميركية لتثبيت حق الردع ضد العدوان وهو الذي قدم الدعم غير المحدود لخطة العماد إميل لحود وفريقه لإعادة بناء الجيش اللبناني وعقيدته القتالية ليكون حاميا للمقاومة وشريكا لها في معادلة الصمود وقدم حمايته السياسية لقائد الجيش آنذاك من بطش الطبقة السياسية ومساوماتها مع الغرب ضد المقاومة وهذا ما أنشا التوازنات التي أثمرت انتصار التحرير عام 2000 الذي شكل تحولا تاريخيا في الصراع العربي الصهيوني شهد أعراسه بنفسه قبل ان يغمض عينيه ويرحل عن هذا العالم فكان على موعد مع إنجاز عظيم حمل بصمته وما يزال.

ثالثا: في ملحمة المقاومة والصمود السورية ضد العدوان الاستعماري تتأكد خيارات الزعيم حافظ الأسد في ترسيخ بناء الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري والاقتصاد الوطني السوري الذي تميز بطابعه الإنتاجي وباستقلاليته الكاملة وفي هذه العناصر المستمرة مصادر قوة سورية وقدرتها على الصمود في وجه أعتى حرب عالمية .

من كلام الرئيس حافظ الأسدخلال أربعة عشر عاما من تجربته القيادية تمكن الرئيس بشار الأسد من خلال نهجه العلمي النقدي من استثمار رصيد القائد الخالد ومنجزاته وعمل بجهد استثنائي على تطوير مصادر القوة ومحاصرة مواطن الضعف والتكلس في البنيان السياسي فاستطاع إحداث فرز حاسم على سمت الولاء الوطني الأحادي بعدما تضخمت مراكز القوى التي أقامت علاقات مباشرة مع الحلف المعادي وسعت للانقضاض على المنجزات الوطنية والقومية وانقلب بعضها إلى التآمر على سورية لمصلحة أعدائها.

يتصدى الرئيس الدكتور بشار الأسد للضغوط والمخططات الاستعمارية في زمن هو الأصعب في تاريخ العالم والمنطقة بعد اختلال التوازنات الكبرى منذ العام 2001 الذي أطلقت فيه الولايات المتحدة مشروعها الإمبراطوري العسكري للسيطرة على العالم ولتكريس هيمنتها الأحادية وحيث وضعت الشرق العربي في قلب الاستهداف بعد احتلال العراق لمحاصرة نتائج هزيمة إسرائيل في لبنان فكان الرئيس بشار الأسد الزعيم العالمي الوحيد الذي انبرى لمجابهة الغطرسة الأميركية ورفض الإذعان أو المسايرة ببسالة نادرة.

بفضل القائد بشار الأسد تطورت الشراكة السورية مع المقاومة ومع إيران وتحولت إلى كتلة إقليمية صلبة تفرض المعادلات الجديدة في المنطقة والعالم كما برهنت حرب تموز وحربا غزة وكما تؤكد فصول التصدي للعدوان على سورية اليوم وقد باتت سورية في ملحمة صمودها محورا صانعا للتغيير في التوازن الدولي الجديد ورأس حربة في حلف عالمي مناهض للهيمنة الأميركية الغربية بينما ترسخ وحدة شعبها الوطنية وتتعافى لتنهض بدورها القومي على اوسع نطاق ومع انتخاب الرئيس بشار الأسد بملايين الأصوات السورية تنطلق عملية تطوير سورية وتقدمها وإعادة بنائها لتبقى شامخة بوصفها قلب العروبة النابض وأرض العروبة والمقاومة وفي كل ذلك ترتسم معمودية تاريخية لزعامة عربية كبرى تقدم نموذجا للأصالة القومية والوطنية والالتصاق بالشعب والتعبير الصادق والأمين عن وجدانه وتطلعاته... إن روح القائد حافظ الأسد حاضرة في جميع الإنجازات والانتصارات وحيث تتقدم مسيرة قومية تحررية كان وسيبقى رمزها الخالد.