"نصب السلام التذكاري" في المدينة، "يجذب اليوم عدداً متزايداً من السياح الذين يأتون لدراسة الأنقاض المحترقة، والإطلاع على الشهادات المؤلمة والآثار البشعة التي تركتها القنبلة على السكان، والتي لا تزال واضحة إلى اليوم"
بعد حوالي 70 عاماً على إلقاء الولايات المتحدة القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما في اليابان، لا يزال موقع الدمار الذي خلفته القنبلة في المدينة أكثر الأماكن جذباً للسياح في البلاد.ووفقاً لتقرير حديث أوردته صحيفة "جابان تايمز"، بلغ عدد السياح الأجانب الذين زاروا متحف السلام في هيروشيما رقماً قياسياً العام الماضي، متجاوزاً الـ200 ألف سائح.
ويؤكد المسؤولون المحليون أن الموقع الذي يخلد ذكرى كارثة هيروشيما، أي "نصب السلام التذكاري" في المدينة، "يجذب اليوم عدداً متزايداً من السياح الذين يأتون لدراسة الأنقاض المحترقة، والإطلاع على الشهادات المؤلمة والآثار البشعة التي تركتها القنبلة على السكان، والتي لا تزال واضحة إلى اليوم".ويبدو أن العديد من العوامل تقف وراء هذا الاهتمام المتزايد لمتحف هيروشيما.
يصف العديد من المختصين هيروشيما على أنها نموذج واضح لما يطلق عليه اسم "السياحة المظلمة" أو "سياحة الحزن" أو "سياحة أرض المعارك"، التي تشمل معتقلات النازية في أوروبا، ومرافئ تصدير العبيد في أفريقيا، ومركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك الأميركية.وينظر السائحون دائماً بخشوع صامت ورهبة إلى صخرة جنباكو في، التي انضمت في العام 1996 إلى لائحة التراث العالمي المعترف به من قبل منظمة "يونيسكو".
وفي الأصل، كانت قبة جنباكو (النصب التذكاري)، التي تحولت اليوم إلى أيقونة، قد صممها في العام 1915 المهندس التشيكي يان ليتزل، عبارة عن قصر للمعرض الصناعي لمحافظة هيروشيما. وبعد إلقاء القنبلة في العام 1945، لم يبقَ من القصر سوى قبته البيضاوية وبعض معالمه، ليتحول إلى نصب السلام.
ويزور سنوياً الآلاف من السياح هيروشيما، يشكل الأميركيون للمفارقة الجزء الأكبر منهم، يليهم الأستراليون والصينيون، وفقاً لإحصاء تعده بلدية المحافظة، تؤكد فيه أن اليابانيين أنفسهم "يأتون أيضاً بأعداد هائلة لرؤية المكان".
ويعود السبب في ارتفاع عدد السياح في هيروشيما مؤخراً، "إلى وفرة المعلومات على الإنترنت حول الكارثة، وانضمام المدينة إلى أهم المواقع السياحية التي ينصح بزيارتها على مواقع السفر العالمية"، بحسب ما يؤكد ممثل مكتب السياح في هيروشيما تايكو آبي. من هنا، ذكر موقع "تريب أدفايزو" العالمي قبة هيروشيما كواحدة من أهم عشرين موقعاً سياحياً في العالم في العام 2012.
على طول نهر موتويازو، الذي يسير في مواجهة قبة جنباكو، يعرض متحف سلام هيروشيما العديد من الآثار التي ترمز إلى الكارثة، منها دراجة هوائية بثلاث عجلات كان يسير بها طفل في الرابعة من عمره، احترق حتى الموت من جراء القنبلة. كما يعرض المتحف أفلاماً وثائقية وصوراً ورسومات تشبه الكوابيس، رسمها ناجون من الكارثة، وندوات علمية حول الانفجار، بالإضافة إلى الأشغال اليدوية التي تخلد المأساة.
"هذا المتحف أقيم من قبل المسؤولين في هيروشيما لنشر الوعي حول حقيقة القنبلة الذرية إلى العالم"، يقول مدير المتحف كينجي شيغا، مضيفاً أنه "يهدف أيضاً إلى الدعوة إلى التدمير الكامل للأسحلة النووية وتحقيق السلام الأبدي والشامل في العالم". بهذه الطريقة، تنتقل هيروشيما اليوم من الدمار إلى الأمل، لتصبح معالم مخلفات قنبلة ذرية رمزاً للسلام..والمرفق السياحي الأهم في اليابان.
(عن "سي أن أن وورلد")