أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «لبنان سيسدّد كل الاستحقاقات المالية المتوجبة عليه، والسوق خير دليل على ذلك»، لافتاً الانتباه إلى أن «ما يتبقى منها حتى آخر العام، أصل دين لا يتعدى الـ500 مليون دولار
أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «لبنان سيسدّد كل الاستحقاقات المالية المتوجبة عليه، والسوق خير دليل على ذلك»، لافتاً الانتباه إلى أن «ما يتبقى منها حتى آخر العام، أصل دين لا يتعدى الـ500 مليون دولار، في مقابل خدمة دين تبلغ نحو 800 مليون دولار».
واعتبر سلامة خلال رعايته أمس، المؤتمر المصرفي والاقتصادي الحادي عشر الذي تنظمه «فيرست بروتوكول» تحت عنوان: «مصرف لبنان بعد نصف قرن» في فندق «فينسيا»، أن «تحمّل لبنان مسؤولية النزوح السوري بمفرده يبرز مدى صلابة اقتصاده».
لكنه اعتبر في الوقت نفسه، أن ملف النزوح «بات يشكّل عبئاً ثقيلاً على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي». وقال: «معالجة هذا الملف ليست من صلاحيات مصرف لبنان. لكن البنك الدولي أعدّ دراسة أظهرت أن هناك كلفة مباشرة على الدولة في حدود المليار دولار سنويا، وأخرى غير مباشرة تصل إلى 3 مليارات ونصف مليار دولار».
وأشار إلى أن «التحسن في الحركة التجارية الناتج من استهلاك النازحين، لا يعوّض المبالغ التي يتكبدها لبنان سنويا»، كاشفاً أن «التبرعات التي أقرّت في اجتماعي نيويورك وباريس لمعالجة ملف النزوح، لم تكن بالمستوى المطلوب. وفي الوقت نفسه يريد المجتمع الدولي ابقاء أبواب لبنان مفتوحة أمام النازحين. هذه الأمور تواجهها الدولة وهي غير قادرة على تحمّل الكلفة المرتفعة بمفردها».
تقسيط السلسلة
في سياق آخر، ذكّر سلامة باقتراحه «حلاً واقعياً» لملف «سلسلة الرتب والرواتب» للقطاع العام، يقضي بتقسيطها خمسة أعوام، على أن تُصحّح الأجور سنوياً، مشيراً إلى أن «الملف في عهدة مجلس النواب الذي سيتخذ القرار المناسب، إذ هناك توجّه إلى إقرار السلسلة بشكل من الأشكال، لكن لم يتم التوافق بعد على الصيغة النهائية».
وبحضور وزير الاعلام رمزي جريج، النائبين غازي العريضي وفادي الهبر، الوزراء السابقين: عدنان القصار، جورج قرم، ريا الحسن، ووليد الداعوق، رئيس مجلس إدارة «شركة طيران الشرق الأوسط» محمد الحوت، الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، رئيس «نقابة مقاولي الأشغال العامة» فؤاد الخازن، رئيس «جمعية شركات التأمين» اسعد ميرزا، رئيس «الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز» شارل عربيد، رئيس «نقابة الوكلاء البحريين» حسن جارودي، رئيس «تجمّع رجال الأعمال» فؤاد زمكحل، رأى حاكم مصرف لبنان أن «الشغور في سدة رئاسة الجمهورية أمر غير طبيعي»، آملاً ألا يطول، معتبرا أن «الفراغ يشكل ضغطا على الأداء الطبيعي للمؤسسات الدستورية الأخرى إن كان مجلس الوزراء أو مجلس النواب».
التحكّم بالسيولة
ولفت الانتباه إلى أنّ «واقع الأسواق اللبنانية يفرض على مصرف لبنان إدارة السيولة بالدولار إضافة إلى الليرة». وقال: «طوّرنا الأدوات اللازمة التي تمكّننا من التحكّم بالسيولة على المديين القصير والطويل. وقد توّجت مبادرتنا الأخيرة بخلق منصة للتوظيفات القصيرة الأجل بالنجاح، في جزئها الأول المنفّذ بالدولار. وقد استقطبت ملياري دولار أميركي. وقد أطلقنا الآن الجزء المتعلّق بالتوظيفات من 7 إلى 30 يوما بالليرة. ونحن مستمرون بهذه العمليات بالعملتين». واعتبر أن الاقتصاد «استفاد من هذه السياسات. وبالرغم من الصعوبات التي عرفها لبنان، فالاستقرار النقدي والنموذج المصرفي المحافظ ولّدا الثقة والانخفاض بالفوائد مما حفّز النمو الاقتصادي».
وكانت الجلسة الافتتاحية تحت عنوان: «50 عاما على التأسيس»، قد تحدثت فيها مديرة الاستراتيجيا في الشركة المنظمة فيوليت غزال البلعة، اعتبرت فيها أن «أهمية البنوك المركزية تقع تحت الأضواء عند اشتداد الأزمات». وقالت: «ما الذي يمكن قولُه عن لبنان، بلد الخضات والاستحقاقات من السياسة إلى الأمن فالاقتصاد؟».
المسكنات العابرة
أما رئيس «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» رئيس «اللجنة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية» جوزف طربيه فرأى أن «ما يؤشر إلى اختلال هيكلي في العلاقة بين مختلف المكوّنات الاجتماعية، لا يمكن معالجته بالمسكنات العابرة التي تقدمها الدولة حالياً». وقال: «الأغرب في ما يحصل، أن تجنح الحركة المطلبية عن مسارها بوجه الدولة، فتأتي للاعتصام أمام مصرف لبنان، حارس الاستقرار النقدي، وتتوجه بالمنطق نفسه إلى جمعية المصارف، وهما المؤسستان اللتان لولاهما، لما كانت سيولة ولا موارد لدفع الحقوق المُدلى بها».
من جهته، رأى رئيس «اتحاد الغرف اللبنانية» محمد شقير أن «القطاع الخاص في لبنان هو عماد الاقتصاد ومحرك عجلة النمو، وهذا القطاع يعتمد على قطاع مصرفي ناشط وناجح يخضع لتوجيهات مصرف لبنان، فبذلك يكون مصرف لبنان من أهم المؤسسات التي تساهم في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي استقرار لبنان».
وتوجه إلى سلامة بالقول: «إن وجودكم على رأس حاكمية مصرف لبنان، يبعث على الراحة والاطمئنان عند اللبنانيين، وعند الهيئات الاقتصادية، وهذا الاطمئنان ترجم إلى ثقة اقليمية وعالمية بقطاع لبنان المصرفي ومناخه الاستثماري»، مضيفاً «ان وجودكم في بعبدا يطمئننا، والجميع موافقون على ذلك».
الهدر والفساد
تناول الوزير السابق مروان خير الدين في كلمته موضوع «سلسلة الرتب والرواتب»، مشيرا إلى أن «هناك من يعتبر أن تمويل السلسلة لا يجوز أن يأتي من جيوب المواطنين. وأنا أقول لهؤلاء: بالله عليكم من أين سيأتي إذا؟ هل نقوم بطبع العملة وتهديد استقرارها لتمويل معاشات قد تكون محقة، ولكن من دون زيادة في الانتاجية أو اصلاح اداري يعيد هيبة الدولة واحترام المواطنين لموظفي القطاع العام؟». وشدد على أنه «لا يجوز تمويل السلسلة إلا في حال إقرار اصلاحات كافية تؤمن زيادة في الانتاجية، وتخفف الهدر والفساد المستشري في الدولة، وتعيد للمواطن ثقته بدولته».
تخلل المؤتمر مداخلات لرئيس مديرية المصارف في مصرف لبنان نجيب شقير تناول فيها «إعادة بناء القطاع المصرفي اللبناني»، وللمدير التنفيذي لوحدة التمويل في مصرف لبنان وائل حمدان تطرق فيها إلى «المبادرات التمويلية لمصرف لبنان».