تشهد بلدة المليحة في الغوطة الشرقية بريف دمشق الفصل الأخير من معركة اقتلاع الإرهاب منها، هذا ما أكده قائد ميداني وهو يشير بسبابته الى الطريق الحيوي من زبدين جنوبا إلى جسرين شمالا على خريطة للبلدة المحاطة بالبساتين كثيفة ا
تشهد بلدة المليحة في الغوطة الشرقية بريف دمشق الفصل الأخير من معركة اقتلاع الإرهاب منها، هذا ما أكده قائد ميداني وهو يشير بسبابته الى الطريق الحيوي من زبدين جنوبا إلى جسرين شمالا على خريطة للبلدة المحاطة بالبساتين كثيفة الأشجار.
ويقول القائد الميداني: قبل أربعة أيام وبعد عمليات مكثفة تم إحكام السيطرة على الطريق الرئيسي الواصل بين جسرين والمليحة والذي كان يمثل خط الإمداد الأكبر للإرهابيين في المليحة من الأسلحة والذخيرة والمؤن من الغوطة الشرقية بعد قطع طريق زبدين-المليحة وتأمين مساحات واسعة من الأراضي الزراعية على مسافة أربعة كيلومترات، ويتابع: تبقى بحدود 300 متر وتغلق وحدات من الجيش والقوات المسلحة الباسلة الحلقة على الإرهابيين داخل المليحة.
وترتبط المليحة مع بلدات دير العصافير وزبدين وحتيتة الجرش وجسرين بشكل سلس دون حدود واضحة أو بارزة وتقع على خط سير واحد يمتد من الجنوب إلى الشمال حتى سقبا وحمورية ومسرابا في منطقة دوما بريف دمشق. ويوضح القائد الميداني أن المجموعات الإرهابية المسلحة تخشى سقوط المليحة لأن ذلك سيدفع أهالي هذه البلدات من جديد إلى مواجهة الإرهابيين فأهلها بعد أن تحدوا المجموعات الإرهابية في اكثر من مرة وخرجوا في مظاهرات تعبر عن غضبهم ورفضهم لوجود هذه المجموعات في بلداتهم هم حاليا بفارغ الصبر ينتظرون لحظة إعلان الجيش إعادة الأمن والاستقرار إلى المليحة.
اقتلاع الإرهاب من المليحة بدأ بعملية عسكرية واسعة تدخل يومها السبعين من عدة محاور من الشمال تقدما باتجاه بلدة جسرين مرورا بأوكار الإرهابيين في محيط شركة تاميكو لصناعة الأدوية بهدف قطع خطوط الإمداد الأساسية عن المليحة من هذا الجانب نظرا لوجود طريق عام معبد ورئيسي والمحور الثاني من الغرب باتجاه وسط المدينة ودك تحصينات الإرهابيين والقضاء على القناصين المتحصنين داخل المباني السكنية حيث تم تجاوز الثلث من البلدة.
أما المحور الثالث فكان من الجنوب عبر الالتفاف شرقا نحو زبدين ثم باتجاه الشمال وعلى هذا المحور كانت أولى المهمات لوحدات من الجيش والقوات المسلحة كما يكشف قائد ميداني لمراسلة سانا هي قطع طريق المليحة زبدين الذي تم إحكام السيطرة عليه قبل شهر من الآن دون التقدم باتجاه الأحياء السكنية فالخيار الافضل كان استمرار العمليات في المزارع مع التقدم شمالا باتجاه جسرين أولا لاقفال حلقة تطويق المليحة مع القوات الأخرى على المحور الشمالي في جسرين كنقطة تلاق وثانيا لتنظيف المزارع من أوكار الإرهابيين وبالتالي فإن القضاء على من تبقى من المجموعات الإرهابية داخل البلدة يكون "أمرا سهلا".
ويشير إلى أن العمليات العسكرية في المزارع أكثر صعوبة من العمليات داخل البلدة نظرا لتشعب الطرق الزراعية ووجود أقنية الري والخنادق والأسوار العالية وتجمعات لمعامل بمختلف أنواع الصناعات والتي يوضح بأن وحدات الجيش "تتجنب الاشتباكات في محيطها للبقاء عليها ما أمكن" إلا أن كثافة الاشجار في البساتين تمثل التحدي الأكبر إذ "لا يمكن وسط هذه الغابات التكهن من أي اتجاه يمكن تسلل الإرهابيين".
كما أن استراتيجية القضم الجغرافي والسيطرة السريعة على مساحات جديدة بعد قطع شوط كبير من المعركة لم تعد تحتل اولوية، ويوضح القائد الميداني: إذ صارت المليحة "مقبرة" للإرهابيين التكفيريين القادمين من مختلف البلدات المحيطة بها ومن عمق الغوطة الشرقية لمؤازرة المجموعات الإرهابية الموجودة ضمن البلدة وبالتالي فإن القضاء على أكبر عدد والتخلص منهم في المليحة ذلك يعني أن المواجهة ما بعد المليحة "ستكون عملية سريعة بعد أن نكون قضينا على أبرز متزعمي المجموعات الإرهابية وأعداد كبيرة من أفرادها".
ويشير القائد الميداني إلى أن من يقاتل في المليحة مجموعات تكفيرية متطرفة أبرزها "جبهة النصرة" ومعها بناء على معلومات مؤكدة "ستون قناصا من الجنسية الفرنسية" وهم من تبقى داخل الأبنية السكنية في حيز ضيق من المليحة.
وشكل قطع خط إمداد الإرهابيين المتمثل بطريق جسرين المليحة هدفا أساسيا لقوات الجيش على محور العمليات من الجهة الجنوبية فتم تكثيف العمليات وتنفيذها بشكل دقيق ووصلت القوات إلى معملي المطاط والكبريت اللذين تم تحويلهما من قبل المجموعات الإرهابية إلى مقرات إقامة وقيادة لتنفيذ الاعتداءات الإرهابية.
ويتابع القائد الميداني: "هنا ستتم نهاية الفصل الأخير من المعركة" حيث يحاول متزعمو المجموعات الإرهابية بعد هذا الإنجاز للجيش بأي شكل من الاشكال رفع المعنويات المنهارة للإرهابيين المحاصرين ومن المحتم أنهم سيحاولون الهرب من أي منفذ وأن كان بعضهم من المرتزقة والغرباء لا يعرفون اي مخرج يمكن أن يسلكوه، ويؤكد بشدة "لكن لن نترك لهم منفذا".
ويشير إلى أن حالة من اليأس الشديد تنتاب المجموعات الإرهابية وإن كانت تحاول التشبث إلى وقت أطول، "التقطنا مكالمة لها على أجهزة اللاسلكي الخاصة بها يتوسل فيها أحد متزعمي المجموعات الإرهابية لعدد من الإرهابيين بالقبول بتبديل مناوبة حراسة دون أن يتمكن من إقناع أحدهم فالجميع متردد ويائس ويطلبون بدل ذلك إيصال المؤن" لكنهم بلا شك يتابع القائد الميداني "يحاولون بالمليحة إقناع البلدات المجاورة أنهم قادرون على حمايتهم لأنهم يعرفون أنه ليس في الخلف من سيدعمهم إذا سقطوا في المليحة".
شكلت المليحة التي تطل على عمق الغوطة الشرقية هدفا للمجموعات الإرهابية كبوابة للدخول إلى دمشق عبر جرمانا الى الجنوب من العاصمة فتحولت الى خزان بشري للارهابيين استجلبوا من خارج الحدود من مختلف الجنسيات سعوديين وتونسيين وجزائريين وقطريين وأردنيين ويمنيين وغيرهم من جنسيات أجنبية انضووا تحت تسميات لتنظيمات تكفيرية إرهابية عدة مما يسمى "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام" و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" و"لواء القعقاع" وتتقدمها جميعا "جبهة النصرة" وأعدوا منها خط الدفاع الأساسي الأول عن الغوطة الشرقية وتحديدا دوما من تحصينات في الأبنية السكنية بعد تهجير أهلها وزرع شوارعها وطرقها الزراعية بالالغام والعبوات الناسفة وحفر شبكة من الانفاق تم الكشف عن جزء منها.
وشرعت هذه المجموعات الإرهابية بالاعتداء المكثف بقذائف الهاون العشوائية وبشكل شبه يومي على جرمانا والأحياء الجنوبية لدمشق المتاخمة لها كالدخانية والدويلعة وكشكول والطبالة والكباس إلا أنه وبعد تقدم وحدات الجيش في المليحة وقضائها على معظم أوكار وتجمعات الإرهابيين فيها وتدمير معامل تصنيع قذائف الهاون انخفضت هذه الاعتداءات بشكل ملموس أملا بوضع حد نهائي لها مع إعادة الأمن الاستقرار إلى المليحة والغوطة الشرقية.
وبنبرة كلها ثقة وطمأنينة يؤكد القائد الميداني أنه مع انتهاء عملية المليحة ستنهار بشكل سريع ومدو المجموعات الإرهابية في كل البلدات المجاورة وحتى في عمق الغوطة الشرقية ويضيف "طول العملية في المليحة كان متعبا لكنها ستوفر معارك قادمة كان يمكن أن يخوضها الجيش في مناطق أخرى".