وافقت روسيا على بيان رئاسي لمجلس الأمن يدين السلطات السورية لإستخدامها للعنف، و يدعو المعارضة لضبط النفس و الإمتناع عن الأعمال الإنتقامية بما فيها العنف ضد مؤسسات الدولة...
وافقت روسيا على بيان رئاسي لمجلس الأمن يدين السلطات السورية لإستخدامها للعنف، و يدعو المعارضة لضبط النفس و الإمتناع عن الأعمال الإنتقامية بما فيها العنف ضد مؤسسات الدولة... هذا ما يفهم من نص البيان! ...
إدانة طرفٍ و دعوة الطرف الآخر لضبط النفس رآى فيها مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين دعوةً دقيقة لا تحمل إزدواجية المعنى لإنهاء كافة مظاهر العنف في سورية و بدء الحوار السياسي...
الجانب الروسي الذي طالما حث القيادة السورية على الإصلاحات السريعة،كان موقفه يُبادل بمزيدٍ من الإحتجاجات و العنف من قبل المعارضة المسلحة ما دعا فيتالي تشوركين مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن في حديث سابق للإشارة إلى صعوبة تطبيق إصلاحات في ظل هكذا حركات إحتجاجية تلجأ فيها المعارضة للعنف.
والتغيير في الموقف الروسي نتج بعد زيارة وزير الخارجية الروسي الى واشنطن حيث كانت الضغوطات الاميركية على الروس تزداد بعد مهاجمة مواطنين سوريين لسفارتي الولايات المتحدة و فرنسا في دمشق عقب زيارة سفيريهما إلى مدينة حماة.
ومن جملة الضغوطات الأميركية على روسيا قرار للكونغرس الأميركي يعتبر روسيا محتلة لأراضي أبخازيا و أوسيتيا الجنوبية وأراضٍ جورجية... يستشف من الضغوطات الأميركية على روسيا إمكانية فتح جبهات داخلية روسية من بينها ملف القوقاز الروسي ويضاف إليها جملة عقوبات على موظفين بالدولة الروسية تزعم الإدارة الأمريكية أن لهم صلة بوفاة الخبير القانوني ماغنيتسكي في أحد السجون الروسية، كما واتهمت الاستخبارات الأميركية مخابرات الجيش الروسي بالوقوف وراء تفجيرات جورجيا والتي وقع أحدها قرب السفارة الأميركية في غروزني.
محاولة التأثير على الموقف الروسي من الملف السوري تأتي كذلك من قبل قوى سياسية و إقتصادية داخلية ترتبط مصالحها بالغرب على أكثر من صعيد باتت تشكل صراعا داخل مركز صناعة القرار الروسي وتبشر بإنتهاء فترة السماح التي أمهلها الكريملين لدمشق لحسم الوضع على الأرض!
الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أوليغ بوريسوفيتش إعتبر أن "هناك ضغوطات دائما كانت و ما تزال تمارس على روسيا روسيا ليست دولة منعزلة و الشركاء من الخارج يحاولن ممارسة الضغوطات على روسيا و هذا ليس جديدا من ناحية اخرى نحن نرى كيف تحاول روسيا ممارسة ضغوطاتها على الأطراف الأخرى!!!
الكاتب والمفكر الروسي فيتشيسلاف قال:"لا أعتقد انه سيكون هناك أنعطاف جذري في الموقف الروسي الموقف الروسي يرتكز على أهمية الحوار وضرورة تنفيذ الإصلاحات التي سوف تؤدي إلى تحقيق كل الأهداف لتسوية النزاع في سورية،الموقف الروسي لن يتغير لأنه موقف إستراتيجي و موقف متوازن في نفس الوقت و سوف يكون مركز للحيلولة دون أي ضغط و دون أي تزييف للوضع الحقيقي في سورية".
هنالك ضغط من الولايات المتحدة و المجتمع الغربي في ما يتعلق بمواقف روسيا يعني روسيا و العالم تعيش فترة تحضيرية للإنتخابات لأكبر دولتين في العالم روسيا و الولايات المتحدة الأميركية و لكن لا يحق لأي دولة في العالم أن تتدخل بالشؤون الداخلية الروسية فروسيا هي صاحبة الحق ...
الصهيوني يفغيني ساتانوفسكي رئيس معهد الشرق الأوسط الروسي يرى أن الوضع في سورية يسير نحو تفتيتها إلى خمس أو 6 دويلات مذهبية لافتا النظر إلى وجود أكثر من مليون و نصف لاجئ عربي إضافة إلى ما يزيد عن 400 ألف فلسطيني في سورية وأبدى خشيته على مصير المسيحيين السوريين الذين يعتبرون المعقل الأخير للمسيحية في الشرق... و بحسب ساتانوفسكي فإن سورية كانت مستمرة كبلد موحد بقوة نظام سلطوي و رقابته الشديدة...
رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الشيوخ الروسي و مبعوث الرئيس ميدفيديف الخاص ميخائيل مارغيلوف :مع إزدياد عدد الضحايا الذي يعد بالمآت أو ربما بالآلاف الوضع يسير بإتجاه السيناريو الأسوأ و التعاطي مع سورية الليوم يجب أن يكون أشبه بالعمل الجراحي و محاولات السيطرة على الأزمة في سورية يجب أن تتم بإستعمال الملقط الصغير لا المطرقة والشاكوش..
و في خطوة دفاعية ممانعة للضغوطات الأميركية، أعلن مندوب روسيا لدى حلف شمال الأطلسي دميتري روغوزين أن الشبكة المضادة للصواريخ التي تقوم الولايات المتحدة بإنشائها في أوروبا، تستهدف روسيا، و يمكن قراءة زيارة أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشيف إلى الجمهورية الإسلامية في سياق تعزيز روسيا لعناصر أمنها القومي..
في المقابل و في إطار محاصرة المصالح الروسية، حذرت واشنطن أنقرة من تجميد و وقف التعاون العسكري معها في حال سعت إلى شراء منظومات دفاع جوي روسية من طراز إس 300 من روسيا... و على الصعيد الضغوطات الإقتصادية، ليست روسيا بمأمن من تسونامي إنهيار الإقتصاد الأميركي الذي تم تداركه في الكونغرس عقب تفاهم الديموقراطيين مع الجمهوريين على رفع سقف الدين العام حيث كانت إحتياطيات روسيا من العملة الصعبة و عقودها النفطية مهددة كما إقتصاديات دول أخرى ترتبط بنسب مختلفة بالعملة الأميركية. و هنا جاء تصريح رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الذي باتت واشنطن تخشى عودته إلى ترأس الكريملين حيث إتهم الولايات المتحدة الأميركية بالتطفل على الإقتصاد العالمي و إلقاء مشاكلها المادية و الإقتصادية على كاهل الدول الأخرى...
في إشارة واضحة للمشهد الجيوسياسي المرتقب في حقبة ما بعد إنتخابات الرئاسية في البلدين و التي تحمل في طياتها تناقض سياستي و مصالح الكرملين و البيت الإبيض التي لن تبقى منطقتنا العربية و الشرق أوسطية بمنأى عن شظايا صداماتها...