26-11-2024 10:23 PM بتوقيت القدس المحتلة

"أرنب" عون الجديد: انتخاب الرئيس من الشعب

لم يعد سكرتير النائب ميشال عون يورد اسمي نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي والوزير السابق سليم جريصاتي ضمن لائحة الزوار، بعد أن بات يصعب عليه تحديد موعد قدومهما أو مغادرتهما



رولا إبراهيم

لم يعد سكرتير النائب ميشال عون يورد اسمي نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي والوزير السابق سليم جريصاتي ضمن لائحة الزوار، بعد أن بات يصعب عليه تحديد موعد قدومهما أو مغادرتهما. يمكن زائر الرابية في أي وقت رؤية جريصاتي في الصالون الرئيسي يلقي خطاباً بنبرة تتغير مع كل جملة، ويعود ليسمع الخطاب نفسه على لسان الوزير جبران باسيل في مؤتمر ما. كذلك يمكنه رصد الفرزلي مشغولاً في استنباط أفكار سياسية جديدة تحرج حزب القوات اللبنانية وتسحر عون فيتبنّاها مباشرة. منذ مدة، بات الرجلان بمثابة عقل الرابية المفكر وعمود تحركاتها السياسية الأساسي.

وكان لا بدّ لهما، تالياً، من أن يكونا أبرز المؤثرين في كل المراحل، بما فيها المرحلة المقبلة، أي ما بعد فشل انتخاب رئيس للجمهورية. وبناءً عليه، وضعا أخيراً، كل على حدة، ملفاً وازناً في يدي الجنرال ليكون تعويضاً رئيسياً عن الشغور الرئاسي. وكان من المقرر أن يكشف عون عن هذين الملفين خلال مؤتمر صحافي مطلع الأسبوع الجاري، قبل أن يرجئه إلى نهاية الأسبوع بسبب انشغال اللبنانيين والسياسيين بسلسلة الرتب والرواتب والامتحانات الرسمية. فجأة ألغي المؤتمر، وفق مصادر الرابية، وتحول إلى مقابلة تلفزيونية سيجريها الزميل جان عزيز مع عون ضمن برنامج «بلا حصانة» على شاشة الـ«أو تي في» الثلاثاء المقبل. هكذا، يتسنى للجنرال الإسهاب في الحديث عمّا بات يسمى الخطة «ب» بتفاصيلها الكاملة، التي تعتمد على نقطتين أساسيتين، صاغها عرّابا الرابية، جريصاتي والفرزلي.

«النظام اللبناني، ليس نظاماً رئاسياً ولا برلمانياً»، يقول جريصاتي في معرض تقديمه لفكرته أمام عون، بل «هو نظام حائر بين الاثنين». أما الدستور اللبناني، «فلا يشبه أياً من دساتير العالم، لأنه ينص على نظام ديموقراطي، ولكنه يخضع للطوائف. وبالتالي مصدر سلطته الطائفة وليس الأفراد». في رأي الوزير السابق، الوقت أكثر من مثالي اليوم لتثبيت هوية النظام وتحويله إلى نظام رئاسي بحت ككل دول العالم، بحيث لا يمكن أي دولة الطعن بقانونيته وديموقراطيته. وذلك «يقتضي حتماً أن يجري انتخاب رئيس للجمهورية من الشعب»، هذه هي القنبلة الأولى التي سيفجرها عون ليل الثلاثاء المقبل.

الطرح الجديد يذكّر اللبنانيين بهوية المعطّل الرئيسي للاستحقاقات

وجريصاتي أحكم الخطة من كل جوانبها، فتطرق إلى «ضرورة احترام ظروف البلد الطائفية» عبر إجراء الاستحقاق على مرحلتين: الأولى على مستوى المسيحيين، والثانية على مستوى اللبنانيين. في المرحلة الأولى، يعلن أسماء المرشحين الرئاسيين وبرامجهم، ويقترع المسيحيون فقط لمرشحهم المفضل، ليصار إلى جمع الأصوات وإعلان المرشحين الاثنين الفائزين بأعلى نسبة من الأصوات. وفي المرحلة الثانية يعمد باقي اللبنانيين إلى الاقتراع لواحد من المرشحين الناجحين، على أن يعاد جمع الأصوات مرة ثانية ويُعلَن الفائز النهائي. يضيف جريصاتي، في واحدة من زياراته للرابية: حالما يطبق هذا النظام «الصحي والمنصف للمسيحيين»، يمكن الانتقال إلى ملف صلاحيات الرئيس وتعديلها بما يتناسب مع منصبه ويوازن بينه وبين الرئاسات الأخرى. وبذلك يمكن عون ضرب أكثر من عصفورين بحجر واحد، أولاً إحاطة نفسه بدعم شعبي لهذه الفكرة التي تغري اللبنانيين حكماً، وثانياً ينقل المعركة الرئاسية من حدائق السفارات الخلفية وسياسييهم إلى يد الشعب مباشرة، وبالتالي ينفض عن نفسه الضغوط السياسية وألاعيب الدول. وثالثاً يحرج القوى السياسية الأخرى المسيحية والإسلامية ويوقعها في فخ منع المسيحيين من انتخاب رئيسهم والسير ضد الديموقراطية الدولية وإرادة الشعب. لذلك سيتوجه رئيس تكتل التغيير والإصلاح في مقابلته التلفزيونية إلى المسيحيين، وخصوصاً الذين أعطوه شرعية تمثيلهم منذ تسعة أعوام ومكنوه من اكتساب الكتلة النيابية الأكبر وفرض بعض قراراته بالقوة على الجميع. ويتوجه من جهة أخرى إلى الدول من الولايات المتحدة إلى فرنسا والسعودية، يقول مسؤول عوني، ليثبت لهم قدرته اللعب بكرات كثيرة خلافاً لما يعتقدونه، بحيث يمكن كرةً واحدة أن تسقط نظام بكامله.

أما النقطة الثانية من الخطة التي سيتحدث عنها عون، فخطّها الفرزلي بتأنٍّ ودهاء، وهي تركز على المطالبة بعقد الانتخابات النيابية في موعدها. وفي هذا السياق، قال الفرزلي لعون خلال اجتماعهما الأخير منذ نحو أسبوع: «العالم ينتظر اليوم أن تكون الخطة «ب» اسم مرشح تزكيه أنت لرئاسة الجمهورية نظراً إلى انسداد الأفق الرئاسي أمامك كما يظنون. ولكن لنفاجئهم عبر تحويل هذه الخطة إلى خطة إصلاحية تحاكي طموحات كل اللبنانيين، أي قانون انتخابي جديد وانتخابات نيابية جديدة بطبيعة الحال». تلمع عينا الفرزلي عندما يفكر بما يمكن أن يفعله طرح مماثل برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مرة أخرى: «يتهمونك بتعطيل الحياة والانتخابات الرئاسية والبلد، فلنفعّله عبر فتح ملف الانتخابات باكراً ومنع شلّ الحياة النيابية عبر السماح بالتمديد مرة أخرى». وهكذا، لا يمكن أي طرف سياسي أن «يتهمك بالتعطيل، فضلاً عن قدرتك على إحراج القوى السياسية بإعادة إحياء مشروع القانون الأرثوذكسي وإعادة تذكير اللبنانيين بهوية المعطل الرئيسي للديموقراطية ولحقوقهم الطبيعية».

يحمل عون اليوم فكرة جريصاتي في كفة وفكرة الفرزلي في كفة أخرى، وسيطبع المرحلة المقبلة باسميهما.


http://www.al-akhbar.com/node/208572

 

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه