24-11-2024 01:53 PM بتوقيت القدس المحتلة

فضل الله: الجرح المذهبي يحتاج إلى معالجات جذرية لا مسكنات سياسية

فضل الله: الجرح المذهبي يحتاج إلى معالجات جذرية لا مسكنات سياسية

إن سقوط تجربة إسلامية، في السياسة أو الحكم، هو سقوط لوجهة نظر في أسلوب إدارة الحكم، وليس سقوطاً للإسلام، وقد يكون السقوط ناشئاً من عقلية الذي أدار التجربة، ومن ظروف داخلية أو ضغوط مضادة.

فضل الله: الجرح المذهبي يحتاج إلى معالجات جذرية لا مسكنات سياسيةشدّد العلامة السيد علي فضل الله، على أنّ الأمّة تعاني جرحاً نازفاً يتمثل بالفتنة المذهبيّة، مشيراً إلى أن المسكنّات السياسية لا تعالج هذا الجرح، وأن العلاقات الإسلامية ــ الإسلامية تحتاج إلى المصارحة والاعتراف بالآخر بعيداً عن المجاملات.

استقبل سماحته عدداً من الأساتذة والمثقفين الإسلاميين، حيث دار حوار واسع حول آفاق المرحلة والتحديات التي تواجه الإسلام على مختلف المستويات. وأشار سماحته إلى أن الإسلام يواجه تحدياً هو من أصعب التحديات التي واجهها منذ انطلاقته، بالنظر إلى حجم الهجمة الإعلامية التي تستهدفه ككيان ثقافي وعقائدي، وكشريعة ومنهج حياة، ليضاف إلى ذلك الظواهر العنفية المدمّرة التي انطلقت من داخل الواقع الإسلامي، والتي تُحسَب على الإسلام، في حين أنّنا نعرف العوامل والمناخات الدولية والإقليمية التي احتضنت هذه الظواهر أو أطلقتها أو استفادت منها.

 ورأى سماحته أن الإسلام، وبفعل الحيوية التي يختزنها، وقدرته الكبيرة على التغيير، يواجه مؤامرة دولية وعالمية كبرى لإسقاط نموذجه السياسي، حتى يُقال إن هذا الدين غير قابل لتقديم نماذج وتجارب سياسية مؤهلة للنجاح، ولإخراج البشرية من أزماتها الإنسانية والسياسية والثقافية والاقتصادية الراهنة.

أضاف: إن سقوط تجربة إسلامية، في السياسة أو الحكم، هو سقوط لوجهة نظر في أسلوب إدارة الحكم، وليس سقوطاً للإسلام، وقد يكون السقوط ناشئاً من عقلية الذي أدار التجربة، ومن ظروف داخلية أو ضغوط مضادة.

ورأى سماحته أن أخطر ما يُراد  فرضه على الأمّة، هو أن نسقط الفكرة الإسلامية من أذهاننا، من خلال إقناعنا بأن الإسلام غير قابل للتطبيق في بلادنا، بزعم أنّه لا يعترف بالتنوع في المجتمع العربي، ولا يقبل التعايش مع المكونات الدينية أو الاجتماعية أو السياسية الأخرى، ويرفض المواطنة التي تجعل الجميع متساوين في الحقوق والواجبات، مؤكّداً قدرة الإسلام على استيعاب التنوع والتعايش مع كلّ المكونات الاجتماعية والسياسية والدينية، على قاعدة المساواة، ودون تمييز، آخذين في الحسبان معطيات الواقع.

وأردف بأن الإسلام لا يتوقف كثيراً عند شكل الحكم، إنما يهتم بالمقاصد والغايات، ممثَّلةً بالعدالة والحرية والعزة لكلّ المواطنين، مشكّكاً بقدرة أي أطروحة فكرية أخرى على أن تحقق هذه المقاصد والغايات كما يستطيع الإسلام أن يحققها.
ودعا سماحته إلى تجديد الخطاب الإسلامي في الأسلوب والمضمون، لمواجهة تحديات المرحلة، بحيث يكون الخطاب محكوماً بالضوابط والأخلاقيات الإسلامية، كما أنّنا بحاجة إلى الإجابة عن أكثر من سؤال يتصل بحدود العنف والردة وحرية ارتداء الحجاب أو عدمه والعلاقة مع الآخر.

واعتبر سماحته أنّ في الأمّة جرحاً نازفاً لم يلتئم بعد، وأن علينا جميعاً العمل لإبراء هذا الجرح المتمثل في المشكلة المذهبية والفتنة الخطيرة التي تعصف بساحاتنا، مشيراً إلى أنّ هذا الجرح لا يمكن مداواته بالمسكنات السياسية فحسب، فالسياسة يمكن أن تطوّق مشكلة هنا أو أزمة هناك بشكل مؤقّت، ولكن الجراح الكبرى لا يمكن مداواتها إلا من طريق الفكر والثقافة والتربية والتوجيه، والعمل الأخلاقي والروحي الإنساني، لبناء مجتمع يعمل لأجل الوحدة الإسلامية التي تتعرض لاهتزازات خطيرة.

وختم مؤكّداً أن العلاقات الإسلامية ــ الإسلامية تحتاج إلى الكثير من المصارحة والانفتاح والاعتراف بالآخر، بعيداً عن المجاملات والالتفافات السياسيّة وغيرها.