26-11-2024 03:46 AM بتوقيت القدس المحتلة

الثور الهائج في الخليل.. وعلى مواقع التواصل

الثور الهائج في الخليل.. وعلى مواقع التواصل

أنشأ إسرائيليون صفحة يطالبون فيها بقتل فلسطيني كلّ ساعة حتى إعادة "الأولاد" وشرعوا، في حملات الكترونيّة تبتزّ مشاعر العالم "وتنشر صوراً للمراهقين الأبرياء" الذين يبلغون من العمر ما يؤهلهم، للدخول في الجيش والشروع بالقتل

صور المستوطنين الثلاث المفقودينفيما عدا التشابه في الأسماء بين الجنديّ الصهيونيّ جلعاد شاليط وأحد الثلاثة المخطوفين في الخليل، لا يبدو أنّ ثمّة الكثير من المتوازيات بين عملية الخطف الأخيرة وسابقاتها. لهذا التفرّد أسباب كثيرةٌ منها أنّ العملية لم تحدث على حدود غزّة ولا في جنوب لبنان، بل في الضفّة الغربيّة التي عوّدتنا في السنوات الأخيرة على أخبار مسابقات الجمال وبناء المستوطنات والفعاليات الرمزيّة.

محمود عمر/ جريدة السفير

يُضاف إلى ذلك أنّ الجهة المنفّذة، والتي تنمّ جرأتها عن احترافيّة وحسن تخطيط، ليست معروفة حتى اللحظة لا للفلسطينيين، ولا للإسرائيليين. دفع هذا الفراغ الاستخباراتي اسرائيل لممارسة طقوسها المعتادة عبر توجيه اللوم للرئيس محمود عباس؛ متعهد الحفاظ على أمن اسرائيل ومحدوديّة الخيال والفعل الفلسطيني، قبل أن تشير بأصابع الاتهام لحركة "حماس" وتشرع في اعتقال قيادييها في الضفة الغربيّة.

استطاع الفلسطينيون في وقت قصير الإمساك بخيوط الحكاية، وأعادوا الانتشار حول هدفهم المتمثّل في تحرير كافّة الأسرى من السجون الإسرائيلية، وأطلقوا حملات على وسائل التواصل الاجتماعيّ ركّزت في الغالبية العظمى منها على الاحتفاء بالعمليّة والسخريّة من المنظومة الأمنيّة الصهيونيّة، ومنها "ثلاثة شلاليط"، و"الخليل تقاوم".

وانتشرت على مواقع التواصل، لقطات من محادثات أجراها بعض الفلسطينيين مع الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي. أرسل الكثيرون رسائل إلى أدرعي يغوونه بكشف مكان المخطوفين الثلاثة قبل أن يبصقوا، معنوياً، في وجهه. وبطبيعة الحال، لم تخل هذه الحملات من المبالغات واجترار بعض جوانب الكيتش الفلسطيني تحت وطأة الفرحة والنوايا الحسنة.

الحملة الاسرائيلية لاسترجاع المفقودينإسرائيلياً، طفت الهشاشة على السطح. لا يمكن للعين النقديّة إلا أن ترى عبثيّة وضياعاً من نوع خاص في التسجيلات التي نشرها الجيش الإسرائيلي عبر قناته الرسميّة على "يوتيوب": اجتماعات أمنيّة، قوّات خاصة، اقتحامات واعتقالات ومشاهد مطوّلة لجنود اسرائيليين يفشلون في تسلّق جدار أو فتح باب. هذا الثور الهائج أمامنا، يتخبّط ويعلو خواره.

أمّا على الصعيد الشعبي، فكان الشطر الأعظم من تداعيات العمليّة على المجتمع الإسرائيلي كاشفاً للطبيعة المرضية والمتناقضة لهذا المجتمع الذي يريد، بطريقة ما، أن يتناسى أنه يعيش على قهر وقتل وتشريد شعب آخر. أنشأ إسرائيليون صفحة يطالبون فيها بقتل فلسطيني كلّ ساعة حتى إعادة "الأولاد" وشرعوا، مثلما فعل رئيس وزرائهم، في حملات الكترونيّة تبتزّ مشاعر العالم "وتنشر صوراً للمراهقين الأبرياء" الذين يبلغون من العمر ما يؤهلهم، وفق المنظومة الصهيونية، للدخول في الجيش والشروع في القتل.

عالمياً، وفي ما عدا تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري وطلبه من أبو مازن العمل على المساعدة في ردّ المستوطنين إلى مستوطنتهم، لا يبدو أن ثمّة انشغالاً حقيقياً، إعلامياً أو سياسياً، بما يجري في "الأراضي المحتلّة". الأعين كلّها على كأس العالم. وحدهم الأسرى الفلسطينيون، لا سيّما المضربين عن الطعام منهم، يحبسون أنفاسهم في انتظار تكشّف المزيد حول هذه العمليّة وبدء الاعداد المأمول لعمليّة التبادل.