"كان السيد فضل الله يتسامى فوق غرائز البشر الذين في بعض الأحيان يستسهلون اقامة الحواجز، لم يكن ليعبّر عما يسرّ سامعيه أحيانا، كان يقوّم ويتحدّى ولا يهاب سوء فهم ما يقوله
أقام ملتقى الاديان والثقافات للتنمية والحوار ندوة عن "الحوار والتقريب في منهاج المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله"، في قرية الساحة التراثية - طريق المطار وبحضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والثقافية والتربوية.
وبعد تقديم من امين عام الملتقى الشيخ حسين شحادة ، ألقى الوزير السابق طراد حمادة كلمة ركّز فيها على "إنتقال السيد فضل الله من النجف الاشرف الى بيروت حيث عمل فيها وتنقل بين مناطقها الشرقية والغربية وضاحيتها في الوسط الإسلامي الشيعي الناهضي في الستينيات وعاصر حركة الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر، واندفاعة الشيعة ونهوضهم وبداية الحرب الأهلية، وبعدها شارك في قيادة الفعل السياسي حتى ذهب في الإعلام كثيرون الى القول، خاصة الإعلام الغربي، أنه مرشد "حزب الله" والمقاومة الإسلامية لصراحة موقفه من الفعل السياسي ومن المقاومة".
وقال حمادة: "إنفتح السيد فضل الله على كل الفكر الإنساني المعاصر وساهم في تقديم الأجوبة الإسلامية على إشكاليتها حتى انه يعتبر واحدا من الشخصيات الفلسفية التي تُدرّس في منهاج الجامعة اللبنانية وغيرها".
وعدّد مميزات فكر السيد فضل الله الأساسية منها على سبيل المثال لا الحصر: مميزات وفكر الفقيه الإسلامي المعاصر في منتصف القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، فقيه أصولي مجدد يستفيد من مبادىء الأصول ويستنبط الأحكام ويصدرها دون التوقف عند مسألة الإحتياط وهذا يعني أن فكره الفقهي تجديدي لا سلفي".
أضاف: "كان أصولياً متحققا في المبادىء الأصولية وشجاعا في عدم الفصل بين السياسة والدين وممارسة الفعل السياسي كفعل عبادي يتقرب الإنسان فيه بخدمة الإنسان الى الله، الدعوة الى وحدة الدين (الإسلام واحد على تعدد مذاهبه)، التقريب عنده دعوة واقعية وليس محاولة توفيقية، الأخذ بالدليل العقلي وبالنتائج العلمية في الإستنباط يعني أخذ نتائج العلوم حجة عقلية يُستند اليها في الأحكام".
بدوره، ألقى رئيس مؤسسة العرفان الشيخ علي زين الدين كلمة شدّد فيها على أنّ "المطلوب اليوم اعتماد نهج الحوار والتقريب وعدم أخذ البلاد بأحادية وثنائية أو ثلاثية"، مذكرا في هذا الإطار بأنها رسالة السيد فضل الله ورسالة كل المنفتحين. وثمّن زين الدين "مرجعية السيد فضل الله"، مؤكداً أنّ فكره "سيبقى قدوة لكل المسلمين وليس فقط للشيعة".
من جهته، قال الشيخ القاضي محمد أبو زيد: "نعيش في وقت تشهد أحداث أيامه ولياليه أننا أحوج ما نكون الى لغة الحوار". وأضاف أبو زيد "يقول سماحته: لقد دأب كثيرون على استخدام الدين كلغة سريعة للإشتعال.. لا نريد تسجيل نقاط لتقابلها نقاط، بل نريد الإنطلاق في حديث عن الإنسان.. لا مقدسات ومحرمات في الحوار، الحوار أداة لا تنظير".
وكانت كلمة للأرشمنديت خليل جاء فيها: "كان السيد فضل الله يتسامى فوق غرائز البشر الذين في بعض الأحيان يستسهلون اقامة الحواجز، لم يكن ليعبّر عما يسرّ سامعيه أحيانا، كان يقوّم ويتحدّى ولا يهاب سوء فهم ما يقوله، لقد أفتى في أمور يومية وبكل جرأة وإقدام لأنه كان يريد أن يعبّر عن توازن البشر الذين خلقهم الله".
وتابع: "لقد تحدث السيد فضل الله عن المسيحيين حتى قال ان المسيحيين ليسوا مشركين، قال ما يصدم المسلم المعاصر لكنه كان أمينا لروح القرآن، عندما يدعو الى الحوار هذا يعني أنه لا يجامل، ولا يكون الحوار بالتشبث بأحكام مسبقة، فقد كان جريئا في التفتيش عن كلمة سواء".
وختم الأرشمنديت خليل: "إنّ فكر التكفير موجود بسهولة بين الأديان، السيّد فضل الله كان منارة في الإسلام وسيبقى نهجه مدرسة لمن يريد أن يسمع كلمة الله".