الهدف السياسي الأول للمؤتمر الوزاري الذي انعقد في مقرّ وزارة الخارجية الإيطالية في روما أمس هو «دعم الجيش اللبناني لكي يتحوّل الى الممثّل الشرعي الوحيد للقوى المسلّحة».
مارلين خليفة
الهدف السياسي الأول للمؤتمر الوزاري الذي انعقد في مقرّ وزارة الخارجية الإيطالية في روما أمس هو «دعم الجيش اللبناني لكي يتحوّل الى الممثّل الشرعي الوحيد للقوى المسلّحة».
هذا التوصيف الذي أدلى به لـ«السفير» مصدر ديبلوماسي إيطالي واسع الاطلاع، ليس تفصيلاً في ذهن الإيطاليين والدول والمنظمات الدولية الـ41 التي توافدت بدعوة من الحكومة الإيطاليّة لتشريح آليات الدعم للجيش اللبناني، لأنها عمليا تغمز من قناة «حزب الله».
في هذا الإطار، سألت «السفير» ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في المؤتمر السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان عمّا إذا كان دعم الجيش اللبناني يندرج في إطار استهداف «حزب الله» فقال: «إنّ دعم الجيش يعني دعما لاستقرار لبنان ولأمنه ولوحدته، ومن خلال خدمتي في لبنان أدرك جيدا كم أنّ الجيش هو من أقوى الرموز التي تعبّر عن الدّولة وعن الوحدة اللبنانية، وأعتقد أنّ حزب الله لا بدّ أن يعترف بذلك».
من جهة أخرى، تلاقت كلمة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مع هذا الهدف السياسي، وإن تناوله من زاوية مواجهة الإرهاب، وقال: «إنّ الدحرجة كانت قد بدأت أساسا في اتّجاه لبنان، وما ساهم في وقف زحفها حصول تدخّل لفريق لبناني داخلي، وقد أبعد بذلك الخطر الخارجي الإرهابي عن لبنان، إلا أنّه عمّق الانقسام الداخلي فيه نتيجة تطييف الموضوع. إنّ هذا الربح الكبير قابلته خسارة كبيرة ما كانت لتقع لو أنّ من قام بالمواجهة هو جيش لبنان، جيش كل اللبنانيين، ولذلك فإنّ جيش لبنان لم يقم بالمواجهة اللازمة في حينه بسبب غياب القرار السياسي، وهو مسؤوليتنا، وبسبب غياب دعمكم المادي له، وهو مسؤوليتكم، وهذا سبب إضافي لدعم الجيش اللبناني». إلا أن باسيل استدرك محذّراً من أنّ «هذا الدعم يجب ألا يكون بهدف خلق توازن عسكري داخل لبنان أو خلق تصارع عسكري فيه أو تشجيع الصراع، إذ يخطئ من يعتقد أنه سيؤدي الى ذلك».
بأيّ حال، فإن المؤتمر الذي دعت إليه إيطاليا، شكّل مناسبة لكي تعلن وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيريني اسم القائد الإيطالي الجديد لـ«اليونيفيل» الجنرال لوتشيانو بورتولانو بعد ساعات على إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عنه. وعلمت «السفير» أن القائد الحالي لـ«اليونيفيل» الجنرال باولو سييرا الذي تنتهي خدمته في لبنان في 24 تموز المقبل، سيعيّن في الأمم المتحدة في نيويورك الى جانب الأمين العام للأمم المتحدة في مهمّة تتعلق بالشؤون العسكرية، وسيكون لبنان من ضمن اهتماماته.
في كل الأحوال، نجح اجتماع روما الوزاري في لمّ شمل «تظاهرة دولية لدعم الجيش اللبناني»، بحسب تعبير فيلتمان. وقد أجمعت وفود الدول والمنظمات الحاضرة على دعم الخطّة الخمسية للجيش التي لم يتحقق منها الشيء الكثير بعد مرور عام على إطلاقها، باستثناء بعض التفاصيل التي لا توازي الطموحات. ويقول مصدر لبناني معني بالخطّة لـ«السفير»: «من الأمور الأساسية التي لم تتحقق، تلك المتعلقة بالتمركز، بناء الثكنات الحربية والمستشفيات العسكرية ومراكز قيادات التحصينات». مضيفا «إن الجيش اللبناني نما في الأعوام الـ30 الأخيرة، لكنّه بالرغم من ذلك بقي يعيش خارج الثكنات التي لم يبدأ بناؤها بعد».
من جهته، قال وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل لـ«السفير» إنّ المؤتمر «ذو أهمية استثنائية، وقد اجتمعت مع الملحق العسكري الأميركي في إيطاليا فيليب كاشيا ونائب رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك فوكس وناقشنا تفاصيل مهمة لدعم الجيش، وستتكرر اجتماعاتي مع الأميركيين في المستقبل القريب بما يصبّ في تقوية قدرات المؤسسة العسكرية».
وقال ممثل الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون والمهتم بقضايا الشرق الأوسط هيوغ مينغاريللي لـ«السفير» إنّ «الاتحاد الأوروبي رصد مبالغ لدعم الجيش اللبناني لكنّه لن يعلن عنها راهنا».
من جهته، سجّل مصدر ديبلوماسي إيطالي رفيع في وزارة الخارجية الإيطالية في حديث مع «السفير» نقاطا أساسيّة حول الاجتماع الذي بقي مغلقا، والذي حمل في طيّاته رسائل سياسيّة لعلّها توازي بأهميتها المواضيع التقنية التي تمّ التطرّق إليها:
أولا، المهمّ في النقاشات التي بقيت مغلقة أنّ الدول تعرفت من الجيش اللبناني على مخططه العملي لكيفية دعمه عبر شرح الوفد العسكري اللبناني ووزير الدفاع سمير مقبل الأولويات والاحتياجات بهدف تجنّب الازدواجية في تقديم السلاح الضروري للجيش. وقد عرض الإيطاليون من جهتهم، كما بقيّة الدول، آلية متابعة مع الجيش تتضمن التفاصيل اللوجستيّة والتسلّحية كافّة، وأعلنت كل دولة عما تستطيع تقديمه في إطاري التسليح والتدريب.
ثانيا، كان المؤتمر ليصبح أكثر أهمية لو انعقد بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، خصوصا أنه يرأس المجلس الأعلى للدفاع، وهو تفصيل تحدّث عنه أكثر من ديبلوماسي دولي. وقال مسؤول في الخارجية الإيطاليّة لـ«السفير» إنّ «بعض الدول الأوروبية والغربية تتوقف مليا عند الشغور الرئاسي اللبناني، لأنها لا ترغب إلا بالاستثمار في الاستقرار وليس في إطار أمنيّ مهتزّ. في حين أن إيطاليا تفكّر بأن الجيش هو ركيزة أساسية للاستقرار بسبب ارتباطها الفريد والمتميز بـ«اليونيفيل»، وهي تعتبر حماية هذه القوات ودعمها جزءا من سياستها الوطنيّة، من هنا اختارتها المجموعة الدولية لدعم لبنان لتولي شؤون الجيش اللبناني ووضع آليات المتابعة الضروريّة، وهو في النهاية سيتولى المهام التي تضطلع بها «اليونيفيل».
تفاصيل الدّعم الإيطالي
في إطار متّصل، حصلت «السفير» على معلومات موثوقة من مصدر إيطالي واسع الاطلاع، تبيّن تفاصيل طلبتها قيادة الجيش والشرطة الإيطاليان لتحديد ماهيات الدعم للجيش اللبناني في ضوء الخطّة الخمسيّة التي قدمها، وذلك انطلاقا من التزام إيطاليا في عمل المجموعة الدّوليّة لدعم لبنان.
وقرّ الرأي على بناء قدرات دائمة وطويلة الأمد للجيش عبر تأسيس «اتحاد تدريبي» للجيش، بدل التدريب الفردي.
انطلاقا من هذه الفكرة، حُدّدت بضعة فروع رئيسية ستركز عليها الجهود الإيطالية لدعم القوات المسلّحة الإيطاليّة، أبرزها: فتح أبواب الأكاديميات العسكرية الإيطالية الكبرى، مثل «معهد الدراسات الدفاعية»، لتدريب الضباط اللبنانيين الشباب بعدما كانت محصورة بالضباط الكبار ذوي الرتب العالية. وسيُدمج الضباط اللبنانيون الشباب في مرحلة التعليم. من هنا تقدّم إيطاليا دورات تمهيدية متكاملة لتعليم اللغة الإيطالية لهؤلاء.
القطاع الثاني يتعلق بالجيش عامة، فإيطاليا تقدّم سنويا مجموعة من الدورات التدريبية التي تنعقد إما في إيطاليا أو في لبنان بحسب التجهيزات التي تتطلبها، من هنا قررت قيادة الشرطة الإيطالية إضافة دورات تركز على أنشطة الشرطة العسكرية.
بالنسبة الى القوات الجويّة، ستقدّم إيطاليا في مراكزها دورات تدريبية لقيادة طائرات الهليكوبتر، ما سيوفّر فرصة لضباط الجيش للاحتكاك مع منهجيات عسكرية جوية حديثة، والتعرف الى خبرات بلدان أخرى في هذا المجال.
بالنسبة الى القوات البحرية، تزمع إيطاليا توفير خدمة هيدروغرافية وطنية متقدّمة تتوافق مع المنظمة الهيدروغرافية الدولية.
هذا المشروع الذي سيمتدّ على سنوات عدّة، سيشمل التعليم الموجّه وبرامج التدريب على المعدّات اللازمة ذات الصلة والتشغيل الكامل، ما سينعكس إيجابا على البيئة البحرية الوطنية بأكملها ويضاعف سلامة الملاحة، ويطوّر التجارة البحرية اللبنانية والسياحة واستثمار الموارد في أعالي البحار.
ولعل المشروع الأبرز هو بناء مركز تدريب في الجنوب اللبناني متخصّص بالقطاعات ذات القيمة العالية، مثل التعاون المدني العسكري وإزالة الألغام والحماية الشخصية وسواها.
وتعتبر وزارة الدفاع الإيطالية أن تعقيدات عملية التعاون التدريبي بين البلدين تحتاج الى منسّق خاص، لذا عُيّن الجنرال لويجي مونتيدورو ليضطلع بدور المنسّق لأنشطة التدريب والتعليم الإيطالية عامة، والرتبة العالية للجنرال مونتيدورو تشير بوضوح الى مستوى الأهمية التي تعطيها إيطاليا لعلاقاتها الثنائية مع لبنان والى الدور الذي تطمح لأن تلعبه في إطار مجموعة دعم لبنان. وسيتولى الجنرال مونتيدورو بدءا من أيلول المقبل منصب الملحق الدفاعي، ما سيضمن أكثر الالتزام الإيطالي بدعم الجيش اللبناني.
البيان الختامي يأسف لعدم حصول الانتخابات الرئاسية
جدد المجتمعون في «المؤتمر الدولي حول دعم القوات المسلحة اللبنانية» دعمهم القوي لسيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله، معلنين استعدادهم لدعم القوات المسلحة اللبنانية خلال عملية بناء وتعزيز القدرات من خلال أدوات التنسيق القائمة للمساعدة الدولية، مشددين على «أهمية أن يكون تعزيز القوات المسلحة اللبنانية متوازيا مع حراك من قبل القيادات السياسية اللبنانية لضمان استمرارية مؤسسات الدولة اللبنانية، وذلك من أجل استمرار الاستقرار في لبنان».
وعبر المجتمعون، في البيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر أمس في روما، عن «أسفهم العميق لعدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة التي حددها الدستور، معبرين، في الوقت نفسه، عن دعمهم الكامل للحكومة اللبنانية في تأدية واجباتها خلال هذه الفترة الانتقالية وفقا لأحكام الدستور إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن في سبيل الثقة والاستقرار في لبنان».
كذلك شدد المجتمعون، على «أهمية الجهود التي يبذلها لبنان، بدعم من المجتمع الدولي، لتعزيز فعالية القوات المسلحة اللبنانية لضمان تحسين قدرتها على القيام بالواجبات المنوطة بها، بما في ذلك الواجبات المتعلقة بتطبيق القرار 1701 ولمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة الناجمة عن النزاع في سورية»، لافتين إلى «الأهمية المستمرة للتطبيق الفعَّال للقرار 1701، وقرارات أخرى تتعلق باستقرار لبنان وبالسلام والأمن الإقليميين، وبالحاجات الخاصة للقوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان»، مؤكدين «أهمية الاستمرار في احترام سياسة النأي بالنفس من أجل الأمن والاستقرار». وأشاروا إلى «نداءات مجلس الأمن في بياناته الرئاسية في ما يتعلق بالالتزام بإعلان بعبدا».
كما أخذ المجتمعون بعين الاعتبار «الضغوطات الاستثنائية على القوات المسلحة اللبنانية وأقروا باستجابتها الفعّالة للتحديات الأمنية المتزايدة في لبنان وجهودها لضبط الحدود مع سوريا وعملها مع قوات اليونيفيل للحفاظ على الهدوء في محيط الخط الأزرق».
ولفتوا إلى أن «القوات المسلحة اللبنانية لا تزال عنصرا أساسيا، وكذلك رمزا، لوحدة لبنان الوطنية»، وسلطوا الضوء على «التعاون بين الأجهزة الأمنية المختلفة، الذي يعد عاملا أساسيا في النجاحات الأمنية الأخيرة بما في ذلك التصدي لخطر الإرهاب». وأقر المجتمعون «بالمساندة القوية التي توليها حكومة تمام سلام للقوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية والتي تعتبر محورية في هذا الإطار».
وأشاروا إلى أن «مجموعة الدعم الدولية عملت على حشد المزيد من الدعم للبنان في مجالات أساسية، بما في ذلك ما يتعلق بمساعدة اللاجئين من سوريا ودعم المجتمعات المحلية المستضيفة والبرامج الحكومية التي تأثرت من جراء الأزمة السورية، فضلاً عن دعم القوات المسلحة اللبنانية وهي تعمل على مواجهة التحديات المتزايدة لأمن لبنان».
وفيما أقر المجتمعون بـ«ضرورة معالجة الأولويات المباشرة، فقد أكدوا كذلك قيمة التخطيط على المدى الطويل من أجل استقرار لبنان والمنطقة». وفي هذا الإطار، هنأوا «القوات المسلحة اللبنانية على تحديد عناصر أولية لرؤية القوات المسلحة اللبنانية للعام 2025، كما شجعوها على وضع رؤية شاملة للمدى الطويل».
ورحب المجتمعون بشدة «بالدعم الدولي الإضافي الذي يتم تقديمه بالفعل تماشياً مع خطة تطوير القدرات من الولايات المتحدة، وهي الشريك على المدى الطويل للقوات المسلحة اللبنانية». وكشف البيان أن الولايات المتحدة «تنوي تقديم مساعدات إضافية، بما في ذلك في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن الحدودي ومجالات أخرى ذات صلة».
وأقر المجتمعون التعاون القوي بين الأمم المتحدة والقوات المسلحة اللبنانية، وتشجيع مجموعة الدعم الدولية الذي ساهم في «تسهيل انعقاد هذا الاجتماع الوزاري الموسع في روما».
وشكر المجتمعون الحكومة الإيطالية على استضافة المؤتمر الوزاري حول الدعم الدولي للقوات المسلحة اللبنانية برعاية أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون والاجتماع التحضيري للمسؤولين الرفيعي المستوى الذي عقد في روما في 10 نيسان 2014.
بورتولانو قائداً لـ«اليونيفيل»
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، تعيين الجنرال الايطالي لوتشيانو بورتولانو قائداً لقوة الأمم المتحدة الموقتة المنتشرة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، خلفاً للجنرال الإيطالي باولو سييرا الذي سيغادر في 24 تموز منصبه بعدما تولاه لعامين ونصف العام.
يذكر أن بورتولانو يتولّى حالياً منصب مساعد رئيس أركان الجيش الايطالي، وخدم سابقاً في أفغانستان في إطار القوة الدولية. وقد ولد بورتولانو في مدينة أغريجنتو الإيطالية في 18 أيلول عام 1960، درس الآداب، ولديه ماجستير في نظام الإدارة المتكاملة وتنمية الموارد البشرية وآخر في العلوم الإستراتيجية.
أمضى حياة عسكرية طويلة: انضمّ الى الجيش الإيطالي عام 1981، وآخر المراكز التي تسلمها قبل تعيينه قائداً لـ«اليونيفيل» ابتداءً من 24 تموز المقبل كان نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات المشتركة في القوات المسلحة الإيطالية. وكان سابقاً قائد لواء «ساساري» وقبلها قائداً لقوات المساعدة الأمنية الدولية «إيساف» العاملة في القيادة الإقليمية الغربية في أفغانستان.
للجنرال بورتولانو خبرة واسعة في العمليات المتعددة الجنسية. عمل أثناء توليه قيادة «إيساف» بشكل وطيد مع المجتمع الدّولي بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان من أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي. شغل أيضا مناصب قيادية في العراق وكوسوفو وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة، ومنصب رئيس المراقبين العسكريين مع بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت وبعثة المراقبة في العراق وإيران التابعة للأمم المتحدة بين عامي 1990 و1992 وكان أيضا الملحق العسكري في السفارة الإيطالية في المملكة المتحدة.
الجنرال لوتشيانو بورتولانو متأهل منذ عام 1986 وله ولدان.
أبرز هواياته: عزف البيانو وقراءة الكتب التاريخية.
تشديد على دور المؤسسة العسكرية: ركيزة الاستقرار
أجمعت الكلمات التي ألقيت خلال مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني الذي عُقد أمس، في مقر وزارة الخارجية الإيطالية، على أهمية دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية، حيث وجّه المؤتمر رسالة دعم قوية للجيش من خلال الدعم اللوجستي والتقني وإنشاء مركز تدريب بالقرب من "اليونيفيل" في الجنوب.
وشارك في المؤتمر نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل ممثلا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وزير الخارجية جبران باسيل، وزيرة الخارجية الإيطالية فديريكا موغيريني، وزيرة الدفاع روبرتا بينوتي، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة السفير جيفري فيلتمان، ممثل الامين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، ممثل الاتحاد الأوروبي هيوغ مينغاريلي ووزراء دفاع وخارجية من نحو 43 دولة مشاركة، وضباط.
بداية أكّدت وزيرة الخارجية الإيطالية أنّ "الجيش اللبناني ركيزة أساسية لاستقرار لبنان، ويجسد وحدة لبنان بكل فئاته، ويجسد الوئام بين كل الأديان. ومن مهماته توطيد الأمن الداخلي ومراقبة الحدود والتغلب على الإرهاب".
ورأت وزيرة الدفاع بينوتي أن "المؤتمر يعكس إدراكنا أن لبنان يضطلع بدور أساسي في السلام والاستقرار الدوليين". وقالت: "يجب أن نعيد الى لبنان الدعم الذي يقدمه لنا جميعا ولقضية السلام، من طريق إعطاء دعم فاعل للجيش اللبناني".
وأكدت أنّ "القوات المسلحة اللبنانية تشكل مؤسسة تحظى باحترام وتقدير شديدين بفضل الموارد البشرية والمادية التي تملكها المؤسسة".
وألقى مقبل ممثلا رئيس الحكومة كلمة أكّد فيها أن "على استراتيجية الدفاع الوطني في لبنان أن تكون شاملة وتتضمن الدفاع الاقتصادي، والحركة الديبلوماسية، وإقامة مجموعات التأثير الإعلامية ودعم الانتشار اللبناني، والدفاع الداخلي والخارجي. وان الاستراتيجية العسكرية الوطنية ستركز على الدفاع الإقليمي والخارجي وستكون في خدمتهما".
وتابع: "إن لبنان على علاقة قوية ولكن معقدة مع سوريا، وإن طبيعة هذه العلاقة هي موضوع اختلاف داخلي في الآراء قادر على إضعاف الوحدة الوطنية، وبناء عليه، ان لبنان في حاجة ماسة الى تعزيز استقلاله تدريجا وتكوين جهازه الاستخباراتي الخاص".
وذكّر بأن "للبنان جارين قويين على الصعد العسكرية والديموغرافية والجيوسياسية، وانه يشكل أحيانا منطقة عازلة بين مصالح التحالفات المضادة التي ينتمي اليها كل من هذين الجارين.. وبسبب الصراع الحالي، تشكل سوريا الخطر الأسرع على لبنان، وإن أزمتها الامنية تؤثر جدا على الاستقرار، وان عددا من الحوادث، بعضها مميت، يحدث يوميا على الحدود اللبنانية - السورية".
وختم: "يبقى الإرهاب والتطرف مصدر قلق شامل، والاستراتيجية الوحيدة التي يمكنها ان تحارب فعليا هذه الأخطار المنتشرة تتمثل بدعم جيش قوي ومساعدته".
وشدّد باسيل في كلمته على "تأمين الوفاق السياسي لإنتاج السلطة اللبنانية إنتاجا سليما وديموقراطيا عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون قوياً وميثاقياً تأميناً لقوة لبنان وحفاظا على الميثاق وروح الدستور فيه، وعبر إقرار قانون انتخابي جديد ينتج برلمانا جديدا، قويا، يحسن تمثيله للبنانيين مناصفة بين المسلمين والمسيحيين".
واعتبر أنّ "أي تسوية عابرة في انتخابات رئيس أو تشكيل حكومة أو انتخاب برلمان لن تولد إلا استقرارا هشا لن يلبث أن يزول ليحتاج الى تسوية جديدة. ونحن قلنا لكم سابقا ان القوة ليست الوسيلة الوحيدة لمكافحة الإرهاب، بل الأنجع منها هو تعزيز عناصر الانفتاح والاعتدال في المنطقة، مسلمين ومسيحيين، وتجفيف منابع التمويل للإرهابيين".
وقال: "اعتقد البعض الآخر أن الصراع في سوريا يمكن حصره داخل حدودها بين نظام مرفوض من كثير من الدول ومطلوب إضعافه، ومجموعات إرهابية مرغوب بالتخلص منها، وهذا ما كان أحد الدوافع للتشجيع على الاستقرار في لبنان وعدم نقل أزمة سوريا اليه، والإشادة بسياسة حكومته بتحييد لبنان عن أزمة سوريا، إلا ان أحداث العراق الأخيرة أثبتت أنه لا يمكن حصر صراع كهذا، ولا بد أنه سينطلق الى الدول المجاورة ما دام له ظهر وظهير في سوريا".
وأكد أنّ "الاستقرار يأتي طبعا من خلال أرضية سياسية صلبة ودعم مؤسساتي خارجي قوي".
بدوره أكد فيلتمان أنّ "التحسين النسبي في الوضع الأمني بعد تشكيل الحكومة يشهد على نجاح القوات المسلحة اللبنانية، ولكن المخاطر لا تزال تهدد أمن لبنان".
واعتبر الجيش "ضامنا لوحدة لبنان ويلعب دورا اساسيا في الاستقرار ويسعى لبسط سلطة الدولة على كامل التراب اللبناني، وهو شريك أساسي في ما تقوم به الأمم المتحدة عبر قوات "اليونيفيل" في دورها في تحقيق أطول فترة استقرار وهدوء في لبنان منذ عام 2006".
وركز على أهمية جهود الحكومة اللبنانية لطرح رؤية القوات المسلحة اللبنانية، داعيا القادة اللبنانيين "بإلحاح الى التوجه فورا لانتخاب رئيس للجمهورية دون إبطاء". كما دعا حكومة الرئيس سلام الى "الاضطلاع بمسؤولياتها بما يتلاءم مع أحكام الدستور".
http://www.assafir.com/Article/2/355977
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه