«لشبكات التواصل الاجتماعي سلبيات أيضاً، ويأتي على قمتها العلاقات والتعارف خارج إطار شرعي، فالعوامل النفسية تلعب دورها والتصحر العاطفي الذي يجعل كلا الطرفان يتهوران،
تحظى الإناث بشعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً منها «»تويتر»». ويبدو أنهن يأتين في أعلى المراتب على مستوى المتابعة حتى لو كانت مشاركتهن غير فعالة وتغريداتهن غير ذات فائدة عامة كبيرة. ويقابل ذلك، من الجانب الأخر، المستخدمون الذكور بعدد متابعين أجمالاً أقل بكثير، على رغم تشابه الطرح أحياناً، وحتى لو تفوق الذكور أحياناً أخرى في مضامين التغريدات. هذا الواقع يطرح علامات استفهام، تحديداً لجهة سيكولوجية نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي.
سهيل المزروع/ جريدة الحياة
وتوضح اختصاصية علم النفس منى اليوسف أن «الفرق الواضح بين المتابعين للإناث والذكور في العدد، خصوصاً عند تشابه نوع الطرح أو حتى تفوق الذكور في نوعية التغريدة، يعود لأن للأنثى تقديراً ومعنى خاصاً في النفس البشرية عموماً، وفي مجتمعاتنا العربية بشكل خاص، وعادة يكون هناك تعاطف واندفاع في متابعتها»، مشيرة إلى أن شريحة كبيرة من المتابعين يكون مبعثه السعي إلى التعارف».
وتقول الاختصاصية النفسية في عيادات ميدي كير منيرة بن بحار من جانبها، إن «من الأسباب التي تجعل الحسابات الأنثوية تتفوق على نظيراتها الذكورية في مواقع التواصل الاجتماعي، أن المرأة وجدت لنفسها ميدانياً تطلق من خلاله الطاقات التي بداخلها والسعي إلى إثبات الذات، فما كان من بنات حواء سوى التفرغ التام والتركيز على العالم الافتراضي لأجل أن تكسب المعركة على كل الصعد في عالم التواصل الاجتماعي»، مشيرة إلى أن «المرأة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لأهداف مختلفة، وهو ما يزيد من نسبة حضورها، إذ تعمل كثيرات من سيدات الأعمال على تأسيس مكانة لهن في عالم التجارة عبر هذه الوسائل، كما أن هناك عدداً كبيراً من النساء يشبعن ثقافتهن النفسية من خلال الشبكات لأن المناخ أصبح تنافسياً لدرجة كبيرة».
وتضيف أن «الأنماط الاجتماعية تؤثر في اختيار الأشخاص والجنس الذي سيتابعونه، فذلك لا يأتي اعتباطاً أو بالمصادفة، إذ إن الاختيار قائم على أسس متعددة، فنجد كثيرين يميلون للجنس الأخر لأريحية الاختلاف، بالإضافة إلى الميل الطبيعي بين المرأة والرجل فالمساحة تتسم بالكم الهائل من الحذر والإيجابية وتقبل النقد والإعجاب الفطري في حال حدوث التوافق الفكري»، مؤكدة في الوقت ذاته أن «الدوافع التي تدعم هذه التصرفات لها تبرير نفسي نتيجة للكبت والإهمال والثقة الزائدة، وضعف الوازع الديني».
وتلفت بن بحار إلى أن «لشبكات التواصل الاجتماعي سلبيات أيضاً، ويأتي على قمتها العلاقات والتعارف خارج إطار شرعي، فالعوامل النفسية تلعب دورها والتصحر العاطفي الذي يجعل كلا الطرفان يتهوران، ويدخلان في علاقة غير محسوبة العواقب، حتى وإن كانت في شكل إعجاب عذري»، مرجعة ذلك إلى أن «العوامل الاجتماعية والحصانة الذاتية النابعة من الخلفية الدينية تلعب دوراً كبيراً في الوقوف عند حد الإعجاب العذري، إذ تحد بعضهم ليحافظ على صورته الاجتماعية فتجده أو تجدها حريصين في انتقاء جنس المتابع».
وتقول الاختصاصية منيرة بن بحار: «أنا مع الوسطية والاتزان بغض النظر عن جنس الكاتب، فالرقي لزام على الجميع، والرفق وعدم الاندفاع في التعاطي مع التقنية يحصنان ضد الإدمان، وكمعالِجَة نفسية ومن منظور إسلامي أيضاً واتجاه ينبع من العادات والقيم، لا أرى أن المسألة طبيعية مطلقاً، ولا مَرَضيّة فالسباحة في عالم التعارف لا حدود لها وخصوصاً أنه لا يوجد رقيب»، مضيفة أن «الأنثى تستحق المتابعة من قبل أفراد أسرتها وأروقة عملها ولا مانع من أن تتسع الدائرة، فتعطي العالم الافتراضي جزءاً من الاهتمام في الطرح وتقديم الفائدة».
وتقول بن بحار: «منذ خلقت حواء فهي مميزة كأم وزوجة وشقيقة، وتستطيع تحريك العالم بيمينها وهز الجانب الأخر بشمالها، ولكن انشغالها بالعالم الافتراضي يجعلها مقصرة في حق منزلها وأبنائها وعملها وميادين الحياة»، موضحة أن «انغماس المرأة في شبكات التواصل الاجتماعي يؤثر سلباً في أبنائها وعلاقاتها الأسرية».
وترى اختصاصية علم الاجتماع في جامعة الملك سعود وفاء الجدعان أن «المرأة لديها اهتمامات متعددة، ودقة أكثر من الرجل، كما أن بعضهن متفوقات علمياً، ولديهن اطلاع وإبداع في المجالات كافة، ما يجعلهن رائدات في مجال المتابعة»، مشيرة إلى أن «غالبية شرائح المجتمع تحاول التعرف على تطلعات الجنس الآخر، ولديها رغبة في اكتشاف مطالبه لأجل أن تشعر بالكمال، فالمرأة تثق بعقلية وحكمة الرجل، والرجل كذلك يستفيد من مشاعر المرأة وأحاسيسها».
وتقول: «الناس من الجنسين لديهما عقول متطلعة في أرض الواقع بعيداً من طبيعة المجتمع سواء كانت منغلقة أم على النقيض من ذلك، فهم يحبون متابعة الأحداث»، مؤكدة أنه «في الوقت الحاضر أصبح المجتمع متفتحاً جداً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبات فيه الكثير من الأفكار والرغبة في الإبداع على عكس الجيل القديم الذي لم يمتلك مثل هذه الوسائل».
وتشير الجدعان إلى أنه «في وقتنا الحالي تحولت المواقع الاجتماعية إلى أداة إعلامية بصرية وسمعية تؤثر في قرارات بعضهم باستجاباتهم بضغوط من القوى الخارجية التي تستخدم في تأثيرها الأنماط الشخصية للفرد السمعي والبصري والحسي».
وللاختصاصية في علم الاجتماع في جامعة الملك سعود جواهر العتيبي وجهة نظر مختلفة تماماً، إذ ترى أن «المرأة تمتلك قدرات تستوعب من خلالها العديد من المواضيع المختلفة لذلك فهي بمقدورها السيطرة على أي مجال تقتحمه لتعلن تفوقها فيه»، مضيفة أن «المرأة لديها القدرة على العمل في أكثر من نطاق خصوصاً إذا كانت لديها خبرات سابقة تترجم من خلالها مهاراتها، فهي اجتماعية أكثر من الرجل وتحب الاطلاع وتجيد فن التواصل الاجتماعي بمهارة لا نظير لها».
وترى أن «تطور وسائل الاتصالات الحديثة مثل «تويتر» و»فايسبوك» وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تتحكم في المجتمع على رغم أنها تعد غريبة على مجتمعاتنا ولكن المرأة فرضت نفسها فيها بقوة»، مشيرة إلى أن «تمتعها بالمعارف والمهارات التي اكتسبتها، وكذلك رغبتها الجامحة في إيصالها إلى رواد «تويتر» يجبران الجميع على متابعتها».