عنصرٌ جديدٌ أدخله التفجير الارهابي الذي وقع في منطقة الروشة في بيروت على مسلسل التفجيرات التي وقعت سابقا في لبنان، ويبرز هذا العنصر الجديد بأن منفذ التفجير يحمل جنسية غير لبنانية.
عنصرٌ جديدٌ أدخله التفجير الارهابي الذي وقع في منطقة الروشة في بيروت على مسلسل التفجيرات التي وقعت سابقا في لبنان، سواء تلك التي حصلت مؤخراً في الطيونة أو ضهر البيدر أو حتى سابقاتها الانتحارية منذ بدء جرائم الارهاب بحق لبنان واللبنانيين، ويبرز هذا العنصر الجديد بأن منفذ التفجير يحمل جنسية خليجية، وكذلك من اعتقل معه في الفندق من قبل عناصر الامن العام.
ففي السابق، كانت التحليلات تتنوّع من تورط هذه الدولة أو تلك في التخطيط أو التمويل أو التدريب أو غيرها من الأمور، سواء مباشرة أو بالواسطة عبر مشغلين وتنظيمات تكون "كبش المحرقة" عند كشف أيّ خيوط حول الجرائم، إلا أنّ تفجير الروشة لم يحمل بصمات دولة أجنبية أو دعماً مالياً أو لوجستياً فقط، إنما أظهر صورة لأناسٍ جاؤوا لينتحروا في لبنان، أياً كانت العقائد التي يحملونها، فهؤلاء يحملون جنسية محددة هي الجنسية السعودية.
الانتحاري لم يكن يريد التفجير في الروشة بل كان هدفه منطقة أخرى!!
واللافت هنا أننا لم نسمع أيّ موقف لبناني رسمي حول هذا الموضوع ولو شكلي فقط لاخطار اللبنانيين أنّ هناك جهة رسمية تعمل في مجال الخارجية والعلاقات بين الدول، كما لم نسمع أيّ مسؤول يعلق على هذا الامر، لتقتصر التعليقات على سياسيين يصنفون في خانة "الحلفاء" للمملكة العربية السعودية حيث اعتبروا في خلاصة ما قالوه إن الانتحاري لم يكن يريد التفجير في الروشة بل كان هدفه منطقة أخرى ولكن المداهمة المفاجئة لعناصر الامن العام سرّعت عملية الانتحار ودفعته للمبادرة الى التفجير!
فهل يعقل هذا الكلام؟ هل يقبل رجل لبناني لديه مسؤولية رسمية سواء كان وزيراً أو نائباً أن يتدنى مستوى تعاطيه مع هكذا حدث بهذه الطريقة؟ وماذا عن موضوع التأشيرات للخليجيين ولماذا سارع البعض لرفضه بشكل يثير التساؤلات والريبة بل رفض مجرّد النقاش به؟ جلّ القضية أنّ هناك بعض الاشخاص يحملون جنسية دولة خليجية هي المملكة العربية السعودية دخلوا الى لبنان بدون تأشيرات (كالعادة مع مواطني الدول الخليجية) وقاموا بتفجير أنفسهم أو على الاقل تمكّن واحد منهم ان يفجّر نفسه، فمن البديهي أن يتم اللجوء الى اجراءات استثنائية في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، وعندما تعود الظروف الى حالتها الطبيعية يمكن العودة الى ادخال السعوديين والخليجيين بدون تأشيرات الى لبنان.
وهنا يطرح السؤال هل السياحة أهمّ من الامن؟ وهل هناك سياحة إن غاب الامن؟ ولماذا لا يتمّ اللجوء الى معاملة الخليجيين (أقله في هذه الظروف فقط) بالمثل؟ وما هي الاجراءات الضامنة لامن لبنان طالما أنّ الخليجيين سيدخلون البلد بدون تأشيرات؟ كيف يمكن جمع المعلومات الصحيحة والدقيقة عن هؤلاء في فترات وجيزة عندما يصبحون في مطار بيروت الدولي؟
يبقى أن نسأل كل الذين استنكروا ودانوا وغابت عنهم جنسية السعودي الذي فجّر نفسه في الروشة ماذا لو كان هذا الانتحاري من جنسية أخرى ولم يكن من أبناء المملكة؟ هل كنا سنسمع اي كلام حول الموضوع ام كنا سنكتفي بالاستنكار فقط؟ هل كانت ستجري مقايضة للموضوع كما حصل في موضوع التأشيرات عندما قايضها وزير العدل اشرف ريفي بأنه يجب فرضها على الايرانيين اذا ما فرضت على الخليجييين، وهنا يمكن الاستغراب ما علاقة تأشيرات الايرانيين بما جرى؟ فهل لو كان الانتحاري ايرانيا مثلا كنا سنسمع كلاما هادئا ناعما ليّنا الى هذا الحد؟ وفي الختام نسأل ماذا لو ان انتحاريا لبنانيا فجّر نفسه في احد الفنادق السعودية، كيف كانت ستكون ردة الفعل السعودية الشعبية والرسمية ضد لبنان واللبنانيين؟ وهل كنا سنرى جسرا جويا بين كل المدن السعودية وبيروت لنقل اللبنانيين عائلات وافراد من المملكة؟ سؤال بالطبع يبقى برسم كل من يعنيه لبنان الحر السيد المستقل ويهتم لامن لبنان واللبنانيين.
حطيط: "14 آذار" تحاول تأمين الغطاء السياسي للعمليات الارهابية بشكل تبريري
حول كل هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد امين حطيط الذي اعتبر ان "فريق 14 آذار تعاطى مع الاحداث التي وقعت في لبنان من خلال انتمائه السياسي حيث ظهر الانسجام التام لهذا الفريق مع جبهة العدوان على محور المقاومة، واضاف "هذا الفريق يحاول تأمين الغطاء السياسي للعمليات بشكل تبريري وظهر ذلك في مواقف هذا الفريق"، ولفت الى ان "من يسمع هذه المواقف ينسى هذه العمليات الارهابية ويذهب فكره الى مكان آخر فهذه المواقف ومضامينها تشجع الارهابيين على هذه الجرائم".
وقال حطيط في حديث لموقع قناة "المنار" إنه "لو كان في لبنان عمل مهني لملاحقة الجرائم بعيدا عن السياسة كان كل من برر للارهابيين افعالهم يقاد الى المحاكم بحسب القانون اللبناني بصفته يتدخل ويسهّل ويشجع على الارهاب"، واضاف "يستفاد من كل موقف كمواقف 14 آذار للتبرير للجريمة الارهابية والتحريض عليها والتغطية عليها وكل ذلك كالجريمة تماما".
واعتبر حطيط ان "فريق 14 آذار في مواقفه يعمل على استثمار الجرائم الارهابية لتحقيق اهداف سياسية محلية لان عجز هذا الفريق عن تحقيق اهدافه بالاساليب المشروعة دفعه للاستناد على ظرف اجرامي حتى يضغط على الفريق المستهدف لتحقيق أهدافه"، ورأى ان "هذا الفريق يجعل نفسه منسلخا عن الوطن بهذه التصرفات والا كيف يمكن تفسير تصريحات بعض النواب والوزراء بأن الارهابيين لا يريدون التفجير هنا اي في الروشة بل في مكان آخر".
واكد حطيط ان "هذه التصريحات الآذارية تهدف الى تبرير الاجرام من خلال الاظهار انه يستهدف جزء من اللبنانيين فقط دون الآخرين"، واعتبر ان "هذا الامر يعتبر تجزئة للامن العام اللبناني"، واوضح ان "النيابة العامة لا تتحدث باسم منطقة او فئة او جزء بل باسم الشعب اللبناني كله"، مشددا على ان "هذا نوع من منع تشكيل بيئة او حالة شعبية للاجهزة الامنية ما قد يؤدي الى عزلة بعض هذه الاجهزة".
ولفت حطيط الى "أداء فريق 14 آذار في هذه الفترة مقارنة بما كان يجري سابقا عند وقوع اية جريمة"، وتابع "في السابق كانت تستهدف وزراة الاتصالات بانها لا تعطي داتا المعلومات وذلك فقط لانها كانت بحوزة فريق معين اما اليوم لان هذه الوزارة مع 14 آذار لا نسمع اي كلام او انتقاد اتجاهها رغم وجود جريمة مشهودة".
وحول موضوع التأشيرات للخليجيين، اكد حطيط على "ضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل اقله في هذه الظروف"، وسأل "لماذا لا نقيد اعطاء التأشيرات بشروط محددة ولماذا رفض الحديث عن موضوع التأشيرات من اصله من قبل 14 آذار"، واعتبر ان "هذا الامر الهدف منه هو انتاج بيئة تسهل عمل الارهابيين في لبنان"، وتساءل "لماذا حصول اللبناني على التأشيرة الى السعودية او ايا من دول الخليج تحتاج الى اجراءات معقدة بينما الخليجي يدخل من دون اية تأشيرة الى لبنان"،
ووضع حطيط الحديث عن اعطاء تأشيرات للايرانيين مقابل تأشيرات للسعوديين في اطار "الذهنية الطائفية والمذهبية التي لا تمت الى اية موضوعية او منطق قانوني او سياسي"، ولفت الى انه "لو حصل التفجير من قبل اي شخص حامل للجنسية الايرانية لكنا شاهدنا ربما قطعا للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين"، معتبرا ان "أداء فريق 14 آذار يظهر ان هناك في لبنان من لا يريد الامن فيه رغم كل بيانات الاستنكار التي لا تقدم ولا تؤخر في دنيا الواقع".
لعل البعض يدافع عن بلد آخر حبا به ويغفل ان مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، وهنا لا بدَّ من الاشارة انه عند الحديث عن انتحاري او مجرم من جنسية معينة ليس المقصود استهداف كل حاملي هذه الجنسية او استهداف الدولة نفسها، فالحديث عن الانتحاري السعودي الذي صُرِعَ في الروشة لا يعني بتاتا تناول المملكة العربية السعودية كدولة او استهداف شعبها بالمجمل، انما فقط الهدف هو التركيز على مصلحة لبنان الامنية والعمل على اساسها، ومن هنا يأتي الحديث عن تأشيرات الدخول لانه لو كان يجب على الخليجي او السعودي الحصول على تأشيرة لدخول لبنان لكان "انتحاري الروشة" ربما لم يدخل الى لبنان لانه لم يحصل على تأشيرة اساسا.