بعدها يمكن شرب كوب ماء، يَليه الإفطار حيث يُستحسن أوّلاً الحصول على سَلطة من الخضار التي تزوّدنا بالفيتامينات والمعادن والألياف، وتمنع الإفراط العشوائي في الأكل الذي يسبّبه الجوع
الصوم جوهري في حياة المؤمنين، لكن من المهمّ التقيُّد بأساليب صحيحة تمنع الإصابة بأيّ نقص غذائي أو عارض صحّي. فما أبرز التوصيات الواجب اتّباعها خلال شهر رمضان المُبارك؟.
إعتبرت اختصاصية التغذية كريستال ضوّ، في حديث لـجريدة »الجمهورية»، أنَّ «رمضان يُشكّل فرصة لتأهيل الجسم، ليس فقط على الصعيد الروحي من خلال الصلاة، إنّما أيضاً من خلال الإبتعاد عن ملذّات الحياة، بما فيها الأكل. ولتحقيق ذلك لا بُدّ من التحلّي بإرادة قويّة وراحة نفسيّة».
وأضافت: «أظهرت الدراسات العلميّة أنّ الصوم يطرد السموم من الجسم، ويُعزّز مختلف وظائف أعضائه، ويُفيد الجهاز الهضمي. فالإنسان بذلك يبتعد عن الإفراط في الأكل الذي يُعَدّ المُسبّب الأوّل لأمراض عدّة أهمّها البدانة. كذلك، فإنّ الامتناع عن بعض الأطعمة التي نحصل عليها بانتظام، مثل المقالي والحلويات، يساعد في تبنّي نظام غذائي صحّي».
وأكّدت «ضرورة معرفة طريقة تنظيم وجباتنا الغذائيّة خلال الصوم»، قائلةً: «يجب عدم الإفراط في الأكل بشكل فُجائي بعد مرور ساعات مُتتالية من الصوم، إنما تناول الطعام تدريجياً وتناول الأكل الصحّي، والسيطرة على كمية المقالي والسكّريات والحلويات الرمضانيّة».
خيارات مِثاليّة للسحور
وعن أهمّية السحور، قالت كريستال: «يجب أن يكون متوازناً بشكل يسمح بإتمام الصوم من دون التعرّض لأيّ أذى، خصوصاً أنّ الوقت قد يتخطّى أحياناً 15 ساعة. يُعتبر السحور بمثابة وجبة الفطور، وبالتالي يجب أن يضمّ أطعمة صحّية ومنوّعة لمساعدة الجسم على تحمّل ساعات الصوم».
وقدّمت مجموعة من الخيارات التي يمكن تناولها، «مثل النشويّات التي تشمل منتجات الخبز المصنوعة من الحبوب الكاملة، والمصادر البروتينيّة مثل الأجبان والألبان والبيض، وقطعة من الفاكهة للحصول على السكّر، والسوائل مثل الحليب أو الشاي أو العصير الطازج، من دون نِسيان شرب المياه بعدها، لتفادي الجفاف خلال اليوم».
أصول تناول الإفطار
ماذا عن الإفطار؟ «إنّه يُعَدّ بدوره وجبة أساسيّة خلال رمضان، وبالتالي يمكن اعتباره بمثابة الغداء. يُفضّل البدء بثمرتين من التمر للحصول على الطاقة والسكّر اللذين خسرهما الجسم بعد مرور فترة طويلة من دون إدخال أي مصدر غذائي.
بعدها يمكن شرب كوب ماء، يَليه الإفطار حيث يُستحسن أوّلاً الحصول على سَلطة من الخضار التي تزوّدنا بالفيتامينات والمعادن والألياف، وتمنع الإفراط العشوائي في الأكل الذي يسبّبه الجوع. ثمّ نختار صنفاً واحداً من الأطباق الأساسيّة، من دون المُبالغة في الكمية أو التخبيض في كلّ شيء متوافر على مائدة الطعام».
الحلويات
أمّا في ما يخصّ الحلويات الرمضانيّة، وبِغضّ النظر عمّا إذا كان الفرد يعاني مرضاً معيّناً، فإنّ كثرتها مضرّة، وفق ما أوضحت كريستال، مضيفة: «لذلك يجب إمّا التحكّم بالكمية المُتناولة، أو استبدالها أحياناً بسَلطة فاكهة. أمّا الأشخاص الذين يُعانون أمراضاً معيّنة، كالضغط أو السكّري، فيُستحَسن أن يبتعدوا كلّياً عن الحلويات تفادياً لانتكاس صحّتهم».
ولضمان سلامة عمليّة الهضم، نصحت كريستال بـ»تقسيم الطعام على مراحل معيّنة، بدل تناول كلّ شيء دفعة واحدة. فبعد الإفطار بساعتين، يُمكن تناول سناكات صحّية تكون عبارة عن حصّة من الفاكهة، وبعد وَقت مُعيّن يُستحسن تناول كوب من اللبن الخالي من الدسم...».
السكّري والضغط
وعن سؤال «كيف يمكن لمرضى السكّري والضغط التأقلم خلال هذه المرحلة؟»، أجابت: «عموماً، يُفضَّل أن يتجنّب مرضى السكّري الصوم، خصوصاً في حال تناولهم الإنسولين الذي يستوجب أخذه في مواعيد مُحدّدة.
لكن في حال إصرارهم على الصوم، يجب مُراجعة الطبيب أولاً لتعديل أصول تناول الدواء وفق ما يراه مُناسباً. كذلك، يجب مُراقبة السكّر باستمرار منعاً لهبوطه، والتزام أوقات معيّنة للأكل، وزيادة كمية السوائل تفادياً للجفاف الذي يُعَدّ عاملاً مضرّاً.
فضلاً عن عدم حذف السحور الذي يُزوّد بالطاقة، والابتعاد عن الحلويات الرمضانيّة، واختيار الأطعمة القلية الدسم والسكّر، والتزام كمية النشويّات والفاكهة، وعدم استهلاك العصائر والمشروبات الرمضانيّة الغنيّة بالسكّر».
وأضافت: «أمّا في ما يخصّ مرضى الضغط المرتفع، فيجب عليهم الابتعاد عن الأطعمة الغنيّة بالملح، والامتناع عن إضافة هذه المادة البيضاء إلى الطعام، وشرب المياه، وزيادة استهلاك الخضار والفاكهة، وتجنّب المأكولات الدسمة والصلصات المعلّبة والأجبان المالحة...».
مَنع العطش
وتطرّقت كريستال إلى أهمّية الترطيب، قائلة: «يوصى عالمياً بشرب ما لا يقلّ عن الليتر ونصف الليتر من المياه يومياً، والإبتعاد قدر الإمكان عن أشعة الشمس عندما تكون في ذروتها. وإضافة إلى ذلك، يمكن زيادة نسبة السوائل من خلال الشوربة، والعصير الطازج، والخضار والفاكهة».
وشدّدت على ضرورة شرب المياه بانتظام حتى في حال عدم الشعور بالعطش، مُحذِّرة من أنّ «الخطر الأكبر يقع على الصغار والكبار في العمر الذين يعجزون عن رصد عطشهم، فيُعانون الدوخة، والغثيان، والتعب... نتيجة الجفاف».
الحركة والرشاقة
وفي ما يخصّ الرياضة، أشارت إلى انّها «ضروريّة شرط عدم المُبالغة فيها، لأنّ الصائم لا يتوافر لديه مخزون كافٍ للسكّر. في حال الحصول على سحور وإفطار متوازنين، يمكن بذلك القيام بالأنشطة الرياضية (المشي، الهَرولة...) من دون أي مشكلة بما أنّ الجسم يكون قد حصل على مجموعة من العناصر الغذائيّة التي يحتاجها. أمّا في حال الدوخة أو التعب، فيجب التوقّف عن ذلك فوراً».
ولتفادي اكتساب الوزن الذي قد يُصيب عدداً لا بأس به من الناس خلال هذه المرحلة، قدّمت كريستال مجموعة من أبرز التوصيات العالميّة التي تشمل:
- «الأكل ببطء، وتقسيم الوجبات الغذائيّة بنحو متوازن ومُناسب.
- إختيار النشويّات المصنوعة من الحبوب الكاملة.
- إختيار اللحوم الخالية من الدهون، ومشتقّات الحليب القليلة الدسم.
- الإبتعاد عن الزيوت المشبّعة والمقالي.
- عدم الأكل كثيراً خارج المنزل، والإعتماد على الطهو الصحّي مثل الشَوي أو السَلق.
- إستبدال الحلويات بالفاكهة.
- الإعتماد على صنف أساسي واحد خلال الإفطار من دون التخبيص في كلّ شيء».
صحِّح غذاءك
ولفتت إلى أنّ الإنسان قد يتعرّض لمجموعة من المشكلات المُزعِجة بسبب تغيّر نمط الغذاء، أهمّها:
- الحرقة: ولمُعالجتها يجب تفادي الكافيين، وعدم التمدّد مباشرة بعد تناول الأكل، والتوقّف نهائياً عن التدخين، وتفادي الملابس الضيّقة...
- الإمساك: وللتخلّص منه يجب شرب كمية جيّدة من المياه، والتركيز على الشوربة والخضار والفاكهة، وزيادة نسبة الألياف المُستهلكة.
- أوجاع الرأس: قد ترجع إلى قلّة المياه، لذلك يجب شرب كمية جيّدة خلال الصوم».
وختمت كريستال حديثها بالقول: «إنّ شهر رمضان المبارك يُتيح لك فرصة تصحيح نظامك الغذائي، ويمنحك كذلك القوّة والإرادة للتمسّك بعادات صحّية مدى الحياة وليس فقط خلال هذه الفترة»، مُتمنِّية للّبنانيين عموماً والمُسلِمين خصوصاً صوماً مُباركاً مُفعماً بالصحّة.