26-11-2024 03:23 PM بتوقيت القدس المحتلة

الحكومة المصرية في مأزق بعد رفض السيسي إعتماد الموازنة الجديدة

الحكومة المصرية في مأزق بعد رفض السيسي إعتماد الموازنة الجديدة

«الفترة المقبلة ستشهد تقشفا ملحوظا، لأنه أمر واقع ولابد أن يدرك المصريون ذلك، خاصة أن الرئيس بادر بنفسه بالتقشف وكان في المقدمة عندما تنازل عن نصف ثروته وراتبه».

الحكومة المصرية في مأزق بعد رفض السيسي إعتماد الموازنة الجديدةوضع الرئيس عبد الفتاح السيسي حكومة إبراهيم محلب في مأزق شديد الصعوبة، بعد رفضه إعتماد الموازنة التي تقدمت بها الحكومة للسنة المالية 2014/2015، بسبب ارتفاع العجز ونسبة التضخم والديون، في الوقت الذي لا تجد الحكومة خيارات كبيرة أمامها لتخفيض العجز الذي كان مستهدفًا بواقع 288 مليار جنيه.

وأعلن السيسي رفضه اعتماد مشروع موازنة 2014/ 2015، المقدم من الحكومة، بسبب «العجز الكبير» الموجود فيها، والذي يصل إلى 292 مليار جنيه، تمثل الفارق بين إيرادات الدولة ومصروفاتها خلال سنة مالية واحدة، فضلاً عن ارتفاع الديون العامة للبلاد إلى أكثر من تريليوني جنيه.

وكانت حكومة محلب قد أقرت مشروع الموازنة العامة لـ 2014/2015 بنفقات قدرت قيمتها بحوالي 807 مليار جنيه، وعجز يبلغ 288 مليار جنيه، أي بنسبة 12٪ من الناتج المحلي الإجمالي، واأحالتها للرئيس المؤقت عدلي منصور في نهاية أيار/مايو قبل إجراء الانتخابات الرئاسية. ولكن عدلي منصور رفض إعتمادها وفضل ان يتركها للرئيس المنتخب.

وقال وزير المالية، هاني قدري دميان، ان مجلس الوزراء سيبحث ترشيد النفقات وتخفيض العجز في مشروع الموازنة إلى ما بين 240 و250 مليار جنيه، وهو نفس معدل العجز بموازنة العام المالي 2013/ 2014، الذي ينتهي أواخر الشهر الجاري.

وقال دميان ان إقرار الموازنة العامة سيتم الإنتهاء منه قبل بداية السنة المالية الجديدة في الأول من يوليو/ تموز المقبل، مشيراً إلى أن «ديون مصر تزايدت بسبب السياسات الإقتصادية الخاطئة»، واعتبر أن «الأغنياء يستفيدون من الدعم أكثر من محدودي الدخل، وهو ما يستلزم تصحيحه» بحسب قوله.


وأضاف وزير المالية، أن «التوجه العام للحكومة ينصب على إنهاء دعم الطاقة بشكل كامل خلال 5 سنوات، وتنويع مصادر الطاقة لتوفير العملة الأجنبية»، لافتاً إلى أن الحكومة تدرس أيضاً قصر التراخيص على السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي.وقال ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، ان أول الإجراءات العاجلة التي يجب على الحكومة اتخاذها سريعًا إصدار قرار سيادي بإلغاء الحسابات والصناديق الخاصة، على أن يتم توفير إحتياجاتها المستقبلية من خلال الموازنة العامة، وهو ما يوفر الشفافية للموازنة المعبرة عن إجمالي ماليات الدولة.

وأكد السعيد عدم معرفته على وجه الدقة بأرصدة هذه الصناديق، إلا أن تصريحات الجهاز المركزي للمحاسبات تشير إلى إرتفاعها في السنوات الأخيرة من أكثر من 40 مليار جنيه إلى 66 مليار جنيه.وشدد السعيد على ضرورة الإسراع في إتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح النظام الضريبي تتركز في مزيد من الجدية في تحصيل المتأخرات الضريبية البالغة قيمتها 70 مليار جنيه، وأن تؤول جميع مبيعات أراضي الدولة للخزانة العامة وليس للهيئات مثل هيئة التنمية الصناعية والسياحية وغيرها.

كما طالب السعيد بإتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التهرب الضريبي والجمركي قائلا «التهرب الضريبي والجمركي زاد عن الحد»، لافتا إلى أن الجمارك لا تحصل سوى 25٪ فقط من المبالغ المستحقة واقعيًا، كما أن المهن الحرة تتهرب من دفع ضرائب الدخل ولا تسدد سوى 300 مليون جنيه سنويا.

من جانبه قال عمر الشنيطي، رئيس مجموعة «مالتيبلز» للاستثمارات «إن خيارات الحكومة محدودة جدًا لخفض الموازنة العامة، فإما أن ترفع الإيرادات من خلال الإتجاه للضرائب التصاعدية، وهو ما وصفه بالتوجه الأنسب، أو خفض المصروفات العامة خاصة الدعم ورواتب العاملين بالدولة وهو ما سينتج عنه رد فعل سلبي مجتمعيًا.
وعن احتمال اتجاه الحكومة لخفض الإستثمارات العامة في الموازنة الجديدة، أكد الشنيطي أنها خفضت بالفعل، حيث بلغت قيمتها في مسودة الموازنة 62.2 مليار جنيه، مقابل 95.4 مليار جنيه في الموازنة المعدلة للسنة الحالية، محذرًا من مزيد من التخفيض بما يزيد من حالة الركود الإقتصادي.

ونظرًا لغياب البرلمان فمن المقرر أن يعتمد رئيس الجمهورية مشروع الموازنة من خلال إصدار قانون. وفي حال عدم انتهاء مناقشتها قبل بداية السنة المالية، فيتم العمل بإعتمادات الموازنة السابقة لحين إقرار الموازنة الجديدة.
ويرى خبراء أن خيارات الحكومة محدودة في تخفيض عجز الموازنة، إلا أنها يجب أن تتركز على جانب تعظيم الإيرادات الضريبية، في ظل صعوبة تخفيض النفقات العامة في المجالات التي تلتهم أغلب أموال الموازنة.

وأكد الدكتور إبراهيم أحمد الشاذلي، أستاذ الإقتصاد، أن الوضع الإقتصادي في مصر خطير ولا تفيد السياسات التقشفية في حل الأزمة، فنصيب الحكومة من الدين العام يمثل 84٪، ومصر – حسبما نشرت صحيفة «دي فلت الألمانية» – تحتل المرتبة الخامسة بين 18 دولة مهددة بالإفلاس، وذلك طبقا لقائمة أعدتها شركتا «طومسون رويترز» و»بلومبيرغ» مع وكالة «فيتش» للتصنيف الإئتماني.

وأضاف أن من ضمن الحلول للأزمة الإقتصادية «التوسع في تعمير الأراضي الصحراوية وزراعتها، بمعنى عمل ظهير صحراوي لكل القرى المصرية التي تقع في وسط الدلتا، وعمل ظهير صحراوي لها في الصحراء الشرقية والغربية وسيناء فالأرض واسعة والصحراء تمثل 95٪ من مساحة مصر».

من جانبه أكد الدكتور رضا العدل، الخبير الإقتصادي واُستاذ العلوم الإقتصادية في جامعة عين شمس، أن «الفترة المقبلة ستشهد تقشفا ملحوظا، لأنه أمر واقع ولابد أن يدرك المصريون ذلك، خاصة أن الرئيس بادر بنفسه بالتقشف وكان في المقدمة عندما تنازل عن نصف ثروته وراتبه». وتوقع العدل أن تقوم الحكومة بحملات إعلانية، تطالب فيها المواطنين بالتقشف والترشيد خصوصا في المواد الإستهلاكية، بما يساعد في تقليص الدين الخارجي.

جريدة القدس العربي