26-11-2024 12:53 AM بتوقيت القدس المحتلة

«زلابية بوفاريك»: «أيقونة» رمضان في الجزائر و«سرّ» 3 عائلات منذ 125 عاما

«زلابية بوفاريك»: «أيقونة» رمضان في الجزائر و«سرّ» 3 عائلات منذ 125 عاما

وتُحكى في مدينة بوفاريك قصص عن هذه الزلابية، التي كانت تُهرّب للثّوّار الجزائريين أيام الاستعمار الفرنسي، حيث كانت تصلهم إلى الجبال وفي المخابئ وحيثما كانوا بالإضافة إلى رغيف الخبز المصنوع في البيوت أيضا

«زلابية بوفاريك»: «أيقونة» رمضان في الجزائر و«سرّ» 3 عائلات منذ 125 عامافشلت كل أنواع الحلويات والمقبّلات الشّرقيّة الموجودة في الجزائر في زحزحة «زلابية بوفاريك» من عرشها، خاصة في شهر رمضان، حيث يحجّ الجزائريون إلى مدينة بوفاريك (40 كلم غرب الجزائر العاصمة)، مسقط رأس هذه الزلابية، هناك حيث تحتفظ ثلاث عائلات بالوصفة السرّية لهذه الأكلة ولم تبح بها منذ العام 1889، أي منذ 125 سنة.

والزلابية عبارة عن عجينة تشكّل على شكل مستطيل مخطط طوليّا تُطهى في الزيت المغليّ ثم تغمس في العسل، وهي أنواع منها الدائرية والمنحنية لكنها لا تصل في مذاقها إلى لذة زلابية بوفاريك.

تعود قصة هذه الزلابية إلى العام 1889، حيث احتكرت عائلات «أكسيل» و»لوكيل» و»شبوب» صناعتها في البيوت ولا تزال إلى اليوم، وتبيعها لأصحاب المحلات والمواطنين، ويبقى سر لذة هذه الزلابية في العجينة التي تترك لتتخمر أطول مدة ممكنة وأيضا في العسل الذي تصنعه من مزيج بين الماء والسكر وبمقادير محددة، فضلا عن أنها تطهى في قدور نحاسية عتيقة جدا وأصلية تحافظ على الطعم الخاص للأكلة.

وتحدثت «الأناضول» إلى عبد القادر حريشان، وهو موظف من سكان مدينة بوفاريك، فقال «إنها لذيذة جدا ولا تقاوم.. الفرق بيّن جدا بينها وبين الزلابية الأخرى.. هؤلاء مختصون ورثوها عن أجدادهم، إنهم محترفون يعرفون المقادير ويحتفظون بأسرار الخلطة والتركيبة وطريقة الطهي عندهم منذ أكثر من مائة سنة على ما أعتقد». ويضيف: «في الوقت الذي أحدثكم (الاتصال كان في الخامسة مساء بتوقيت غرينيتش الاثنين) الطريق الرئيسية مغلقة داخل مدينة بوفاريك بسبب زحمة السيارات..

السيارات تُركن في شارع كبير يضم الباعة والطلب عليها كبير من مواطنين جاؤوا من العاصمة ومن محافظات محاذية للمدينة.. صدقوني هذه الأكلة سحرت الجزائريين بطعمها». وقد فتحت عشرات المحلات لبيع الزلابية في مدينة بوفاريك، خاصة في الشارع الرئيسي، لكن تبقى الزلابية التي تباع في شارع «زنقة العرب» الأشهى والأحلى، لأنها عريقة تعود إلى 125 عاما وهي التي تشهد إقبالا أكثر من تلك التي في الشارع الرئيسي.

وتُحكى في مدينة بوفاريك قصص عن هذه الزلابية، التي كانت تُهرّب للثّوّار الجزائريين أيام الاستعمار الفرنسي، حيث كانت تصلهم إلى الجبال وفي المخابئ وحيثما كانوا بالإضافة إلى رغيف الخبز المصنوع في البيوت أيضا، والغريب أن الجنود والجنرالات الفرنسيين كانوا يعشقون هذه الأكلة، بحسب ما يتم تداوله.

ويتداول سكان «بوفاريك» حكاية تقول إن جنرال فرنسيا تدخّل ووفّر الفحم والقمح للعائلات التي كانت تصنع الزلابية في «بوفاريك» أيام مرت المدينة بأزمة في التزود بهما، وهذا من شدة عشقه للزلابية، وفعلا دخل الفحم والقمح وأكل الجنرال وكل سكان بوفاريك الزلابية.

ويعود السّر في بقاء الوصفة السحرية سرّية كل هذه الفترة إلى تقليد اعتمدته العائلات الثلاث، حيث تشترط على زوجات أبنائها أن لا يكشفن السرّ وهو ما التزمت به الزوجات إلى اللحظة.

ويقول عبد القادر حريشان إن هذه الزلابية ستبقى خالدة بطعمها بسبب هذا الالتزام بالاحتفاظ بسرّ الوصفة، وبإمكان أي أحد أن يفرّق بين طعم زلابية العائلات الثلاث والزلابية الأخرى التي يصنعها أصحاب المحلات.

من جهته، قال العم أحمد (70 عاما) وهو من أبناء المدينة لـ»الأناضول» إنه يتذكّر يوم كان صغيرا، ويطلب منه والده أن يشتري زلابية بوفاريك من عائلة شبّوب «أذكر هذا الأمر جيدا، كانت العائلات تبيع الزلابية في بيوتها، ولا تزال على كل حال».

وختم العم أحمد، يقول «هذه الزلابية تميّز منطقة الوسط في الجزائر، وتحديدا محافظة البليدة، ونكهتها الخاصة جعلتها تنال شهرة عالمية، فالفرنسيون والسياح الذين يزورون المدينة يشترون من هذه الزلابية ويأخذون منها معهم إلى بلدانهم، ومهاجرونا في فرنسا وبريطانيا وغيرها من بلدان العالم يأخذون منها معهم لدى عودتهم إلى الدول التي يقيمون فيها».

نقلا عن جريدة القدس العربي