هكذا تكشف أيام الحرب الإسرائيلية على غزة 2014، اللثام عن "ضلال" التنظيمات التكفيرية وأجندتها، هذه التنظيمات التي لم يرف لها جفن على بلاد الشام بدءً من العراق إلى سوريا ولبنان وصولاً إلى اليمن ومصر وتونس وليبيا إلا...فلسطين.
طالب جرادي
هكذا تكشف أيام الحرب الإسرائيلية على غزة 2014، اللثام عن "ضلال" التنظيمات التكفيرية وأجندتها، هذه التنظيمات التي لم يرف لها جفن على بلاد الشام بدءً من العراق إلى سوريا ولبنان وصولاً إلى اليمن ومصر وتونس وليبيا إلا...فلسطين، فحضرت معها لغة القتل و الإنتحار ضد من تعتبرهم بـ "الرافضة والنصارى".. من رفضوا يوماً آلة القتل الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني وناصروا قضيته بالدم والمقاومة لا بالصلاة والدعاء والشعر فقط!.
قليلٌ من الاحصاءات التي خرجت بها معاهد ودراسات غربية واسرائيلية كافية لرسم الصورة، 3500عملية انتحارية حتى نهاية العام2013، استهدف نحو 85% منها أهدافاً مدنية، كان للعراق الحصة الأسد على قتل التكفيريين أنفسهم في المدنيين، فالبلد المحتل أميركياً وأطلسياً منذ العام 2003 شهد تنفيذ 1500 عملية انتحارية موزعة على 45% منها ضد أهداف مدنية، 48% ضد قوات الأمن والشرطة والجيش، ولحفظ ماء الوجه 7% ضد الجيش الأميركي.
أما في سوريا فخبر الإنتحار والذبح وجبة يومية يتناولها المدمنون على التكفير، لا تحصيها حتى الساعة عددات التكفيريين، حيث سجل العام 2013 نحو 27 عملية انتحارية أودت بحياة 400 شخص، 90% منهم مدنيون.
أين فلسطين؟
لا لم تغب فلسطين عن أعين محبيها في القاعدة و"داعش" وأخواتها، هي قدمت النصح والإرشاد إلى "دين الله لإعلاء راية الإسلام"، حين أقلقها "تغرب"(نسبة للغرب) بعض المظاهر في غزة.
ففي الوقت الذي كانت سماء غزة تمطر قذائف وصواريخ على رؤوس المدنيين في عام 2008، كان عاصم طاهر البرقاوي أو ما يكنى بـ " أبي محمد المقدسي"، أحد كبار منظري الإرهاب التكفيري والفلسطيني الأصل، يكتب رسالة إلى "الأخوة في حركة المقاومة الإسلامية حماس" في مقالة معنونة بـ "حماس صحّحوا الأساس واخشوا الله لا تخشوا الناس".
يقول المقدسي في رسالته، بعد أن يبتهل متضرعاً لله "في هذه اللحظات الحرجة الصعبة على أمتنا وشعبنا المسلم في غزة" بالنصر والنجاة:
"ولا تستحيي في مقابل ذلك من قتل الموحدين والمجاهدين غير المتحزبين تحت رايتها المشوّهة بمبررات سمجة سخيفة، كما لا تتحرج من مدح الروافض وأحزابهم وأئمتهم ورؤوس ضلالهم، بل ومن الثناء على كثير من الأنظمة العلمانية المتآمرة على الإسلام وأهله ومدح طواغيتها الذين باعوا الشرع والعرض والأرض فقمن أن يبيعوها .. وربما بأن لها ذلك وعاينته واقعاً ملموساً بعد فوات الأوان..وتابعنا ولا زلنا نتابع تغريرها بالشباب المسلم المتعطش للقتال تحت رايات الدين وأعلام الشريعة فتغرهم بشعاراتها البراقة فيما تستعملهم في الحقيقة لأهدافها المنحرفة واستراتيجياتها المخذولة وتحرفهم عن سبيل المؤمنين وتسلك بهم سبيل المجرمين".
وتابع المقدسي في رسالته: "ولذلك فنحن نقولها بصراحة وألم إننا لا نعوّل على حماس في نصر ديننا أو شعبنا ولا نعقد على شعاراتها وحماسها الآمال ما دامت مصرّة لم تتب ولم تتخل عن هذه الانحرافات.. فعليها إن كانت جادة في نصرة دين الله وذلك هو السبيل الوحيد لعزها ورفعتها.. وإننا والله لهم لناصحون مشفقون ؛ عليها أولا أن تصحح الأساس وتخشى الله ولا تخشى الناس، فتضع بداية نصب عينيها وفي استراتيجيتها نصرة دين الله وإقامة شريعته وتحقيق توحيده".
ومن على "المنبر الإعلامي الجهادي" أحد أهم المنابر الاعلامية التابعة للقاعدة، يبرر أحد المنظرين رسالة من متلقي حول "من يسألون أين تنظيم القاعدة والمجاهدون مما يصير في فلسطين"، بمقارنة لواقع المقاتلين في مواقع عملهم خارج فلسطين في الشيشان، ويرى هذا المنظر إلى أن فلسطين محاطة "بسور من الخونة من الشمال والشرق والجنوب الغربي مروراً بالأردن وسوريا ولبنان ومصر"، أضف إلى أن جغرافية الأرض تمنع "المجاهدين" من خوض القتال ضد اليهود، لناحيتين أن الأرض مكشوفة هناك لوجود اليهود في كل الأمكنة على عكس أفغانستان والعراق، حيث القدرة على الإختباء والتخطيط أكبر، وثانياً لكثرة ما يسميه المنظر بـ "العملاء" وعدم اختمار النواة لخلق تنظيم أو تجمع في بلاد الشام سعياً لقتال "اسرائيل".
لا تكتفي هذه التنظيمات بتبرير أسباب عدم قتالها لـ "اسرائيل" عند هذا الحد، بل هي تجاهر في تحديد أجندتها وفق متطلبات المرحلة، وعن هذا السؤال، جاء الرد في تغريدة على موقع "تويتر" في إحدى الصفحات الخاصة بـ "داعش":
"الجواب الأكبر في القرآن الكريم، حين يتكلم الله تعالى عن العدو القريب وهم المنافقون في أغلب آيات القران الكريم لأنهم أشد خطراً من الكافرين الأصليين.. والجواب عند أبي بكر الصديق حين قدم قتال المرتدين على فتح القدس التي فتحها بعده عمر بن الخطاب".
في المقابل، يغيب خطاب الدعم لـ "فلسطين" عن خطاب ابراهيم البدري والمكنى بـ "أبي بكر البغدادي"، الذي نصب نفسه خليفة على المسلمين مطلع شهر رمضان الجاري، في حين يحضر بقوة كلامه عن الظلم اللاحق بالمسلمين في "أفريقيا الوسطى ومن قبلها في بورما"، متوعداً بالثأر لظلامهم "فوالله لنثأرن ولو بعد حين، لنثأرن"، ومنادياً لها بـ"الهمّة الهمّة"..أما الثأر لفلسطين لم يجد له مكاناً في خطاب "الخليفة" لا شعراً ولا ثأراً وانتقاماً!.
بعد هذا العرض، من الجائز التساؤل:
ماذا لو كانت كل هذه الآلاف التي سيّرت نحو احتلال الموصل والشمال العراقي واستقطاب لجنسيات من مختلف أقطار الأرض على الحدود مع فلسطين .. كيف سيكون عليه المشهد؟!، كيف تفسر التنظميات الإرهابية سر العلاقة الحميمية بين "جرحاها" الذين أصيبوا في الإشتباكات الدائرة مع الجيش السوري وتحديداً في المنطقة المحاذية للجولان المحتل ولجوئهم إلى المستشفيات الإسرائيلية للمعالجة.. أليست الحدود عائقاً أمام الذهاب إلى فلسطين بحسب زعمهم؟!، ماذا في تفسيرهم لكلام الله عز وجل "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ"؟.
مما لا شك فيه، أن الحقيقة المثبتة بالتاريخ والوقائع أن هذه التنظيمات الإرهابية قاتلت بمعتقدها "الصفويين والرافضة" في العراق ولبنان، و "النصيريين" في سوريا ولم تحرك جيوشها يوماً باتجاه من يفترض أن يكون "العدو الأول للأمة" الجيش الصهيوني –اليهودي، لذا حري القول إن من نتائج حرب غزة 2014 هو أن "اسرائيل" ليست وحدها العدو الأساس للقضية الفلسطينية إنما الأعداء كُثر وما "داعش" والتكفيريون إلا جزء من خيوط هذه اللعبة.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه