وفي حين صرّحت أنه ما من بيانات مُتاحة لتقييم حجم السرطنة التي من المُحتمل أن يُخلّفها عند الإنسان، إلّا أنه تسبّب بأورام في الكِلى والغدّة الدرقيّة عند الفئران التي تغذّت منه
تدخل مواد كثيرة في صناعة الخبز لا تقتصر فقط على الطحين، والمياه، والخميرة... ففي الواقع هناك مصانع عدّة تستعين بمركّبات تَبيَّن أنّها تُهدّد صحّة الإنسان.
تُستخدم المُضافات في المخبوزات لأسباب متنوّعة: فمُضادات الأكسدة تمنع فساد المنتج وتُمدّد فترة صلاحيته، والمُحلّيات تُعزّز النكهة وتحفظ الرطوبة... كلّ هذه المواد تندرج تحت أسماء كيماوية «غريبة»، وبعضها قد يكون حتماً مُضرّاً بصحّة الإنسان.
• البوتاسيوم برومات: إنه عامل مؤكسد يُستخدم من أجل «إنضاج» طحين الخبز، الأمر الذي يُحسّن العجينة ويمنحها حجماً إضافياً. إنّ الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التي تُعد جزءاً من منظمة الصحّة العالميّة وتهدف إلى الوقاية من السرطان من خلال البحث في إمكانية تعرّض الإنسان للمواد المسرطنة، إعتبرت البوتاسيوم برومات خطيراً.
وفي حين صرّحت أنه ما من بيانات مُتاحة لتقييم حجم السرطنة التي من المُحتمل أن يُخلّفها عند الإنسان، إلّا أنه تسبّب بأورام في الكِلى والغدّة الدرقيّة عند الفئران التي تغذّت منه. وقد تمّ حظر البرومات أساساً في جميع أنحاء العالم، باستثناء الولايات المتحدة واليابان. فتجنّب أنواع المخبوزات التي تحتوي هذا المُركّب.
• الزيت المُهدرج جزئيّاً (Partially Hydrogenated Oil): معظم الناس يُدركون أنّ الدهون المُهدرجة مُسيئة إلى القلب، وقد طلبت إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) من المصانع إدراج كمية الدهون المهدرجة على أغلفة منتجاتها منذ عام 2006. تتشكّل هذه الدهون الخطيرة خلال الهدرجة الجزئيّة، أي العملية التي تخضع لها الدهون غير المشبعة المستخدمة في الخبز ومنتجات أخرى كي تصبح أكثر مقاومة للأكسدة والتلف.
لكن ما يحصل أن المنتج الذي يحتوي أقلّ من 0,5 غ من الدهون المهدرجة للحصّة، يحقّ لصانعه قانونياً وضع «0 غ» على لائحة القيمة الغذائية. إنّ العديد من الأشخاص يأكلون أكثر من حصّة من الطعام، ويجهلون أنهم يستهلكون بضع غرامات من هذه الدهون خلال اليوم. وتوجد طريقة أخرى للتأكّد من خلو المنتج من الدهون المهدرجة، من خلال قراءة المكوّنات المُرفقة على الغلاف.
فإذا رأيت عبارة «زيت مُهدرج جزئياً»، فهذا يعني أنّ المنتج يحتوي حتماً الدهون المهدرجة. يُذكر أنّ هذه الأخيرة ترفع مستوى الكولسترول السيّئ المُدمّر للشرايين، وتزيد حدّة الإلتهابات المرتبطة بأمراض القلب والسكتة والسكّري. إلجأ إذاً إلى المخبوزات الطازجة التي لا تحتوي هذه الدهون السيّئة.
• السكّر: إنه يتمتّع بأدوار متعدّدة في إنتاج الخبز، بحيث إنه لا يمنح طعماً حلواً فحسب إنما أيضاً يزيد حجم الخبز ويحفظ المياه، ما يجعل الخبز أكثر رطوبة وليونة. ما المشكلة إذاً؟
ليس من الجديد أنّ العديد من بيننا يستهلك كمية كبيرة من السكّر، الأمر الذي يؤدي إلى رفع التريغليسريد والكولسترول السيّئ، وهما العاملان المسبّبان لأمراض القلب. ناهيك عن أنّ الإفراط في السكّر ينتج عنه زيادة الوزن، واختلال الهورمونات والسكّري.
• الصوديوم: معظم وصفات الخبز المُحضّرة في المنزل تستخدم كمية قليلة من الملح المهمّ من أجل المذاق والتركيبة. غير أنّ المبالغة في الكمية تشكّل مصدر قلق صحّي، خصوصاً عند استهلاك حصص متعدّدة من الخبز العالي الصوديوم خلال اليوم.
إنّ أكثر من 75 في المئة من الصوديوم نحصل عليه من الأطعمة المعلّبة والمطاعم. ولا بدّ من إعادة التذكير بأنّ الإفراط في هذه المادة يزيد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وبالتالي التعرّض لأمراض القلب والأوعية الدموية.
وعلى رغم أنّ الخبز لا يُعتبر من الأطعمة المالحة، إلّا أنّ بعض منتجاته تضمّ نسبة أكبر مّما تتخيّل. لقد صنّفت جمعية القلب الأميركية الخبز من بين المأكولات الشائعة التي قد تُضيف نسبة عالية من الصوديوم إلى غذائك. كن ذكياً إذاً وقارِن أغلفة المنتجات واختر الماركات التي تحتوي أقلّ كمية من الصوديوم.
• مُلوّن الكراميل: صحيح أنّ هذه المادة مُستخدمة في الصودا، إلّا أنها موجودة أيضاً في الخبز من أجل إعطائه لوناً داكناً. إنّ المخاوف الصحّية المرتبطة باستهلاك مُلوّن الكراميل تعود إلى بعض الملوّثات، وتحديداً 4-MEI، التي يمكن أن تُنتج أثناء عملية التصنيع.
وَجد برنامج علم السموم الوطني الأميركي أنّ هذه الكيماويات سبّبت السرطان عند الفئران، وقد اعتبرتها منظمة الصحّة العالمية من المواد التي قد تكون مُسرطنة للبشر. وعلى رغم أنّ الـ FDA ليس لديها أيّ سبب وجيه للتأكّد من وجود أي خطر فوري أو قصير الأمد للـ 4-MEI في المستويات المتوقّعة في الغذاء المُستخدم لمُلوّن الكراميل، فمن الأفضل تجنّبه.
• شراب الذرة عالي الفروكتوز (High - Fructose Corn Syrup): ينبغي ألّا تتفاجأ من أنّ احتواء الخبز هذه المادة يرمز إلى إشارة سيّئة. في الواقع، إنّ هذا المُحلّي الذي غالباً ما يُصنع من الذرة المُعدّلة وراثياً، يُستخدم أكثر في المصانع نظراً إلى بخس ثمنه مقارنة بسكّر المائدة المعروف بالـ Sucrose.
وإلى جانب مذاقه الحلو، يتميّز شراب الذرة عالي الفروكتوز عن السوكروز بكونه ينتج لوناً أسمر أفضل ويحفظ رطوبة الخبز لوقت أطول. إذا كنت تستهلك التوست على الفطور والساندويش على الغداء، فقد تجهل أنّك تملأ نظامك الغذائي بوحدات حراريّة فارغة مصدرها شراب الذرة العالي الفروكتوز.
لسوء الحظ، إنّ الإفراط في الوحدات الحرارية ليس القلق الوحيد! أظهرت الدراسات أنّ كثرة الفروكتوز قد تؤدي إلى رفع التريغليسريد الذي يُعد عاملاً خطراً وراء التعرّض لأمراض القلب، وتُقلّص حساسيّة الإنسولين التي تُنذر بالسكّري. ونتيجة لهذه الآثار السلبيّة المرتبطة بشراب الذرة عالي الفروكتوز، عمدت مصانع عدّة إلى تخفيف هذه المادة من منتجاتها وحتّى إزالتها كلّياً.
ما العمل إذاً؟ إنّ أنواع الخبز متعدّدة وكلّ واحدة تحتوي قيمة غذائيّة خاصّة وتلجأ إلى مركّبات مختلفة بجرعات متباينة. يبقى أن تتصرّف بذكاء وتقرأ أغلفة المنتجات وتُقارن في ما بينها، لتختار الأفضل لك ولعائلتك وتبقى بعيداً من المشكلات الصحية.
إعلم أنّ الخبز يتمتّع بفوائد صحّية كثيرة إن أحسنت اختياره ولجأت إلى الخبز الكامل الذي يضمّ نسبة عالية من الألياف التي تمنحك الشبع لوقت أطول، وبالتالي تساعدك في السيطرة على وزنك. كذلك فهو يحميك من الإمساك، ويمنع تقلّبات السكّر في الدم الفُجائيّة، ويحتوي كمية كبيرة من الفيتامينات خصوصاً الفيتامين B، والمعادن كالحديد والفوسفور.