تعلم "إسرائيل" جيدا أن قوة الشعب الفلسطيني في وحدته ووحدة قواه السياسية وفصائله المسلحة
معاد الجحري*
تعلم "إسرائيل" جيدا أن قوة الشعب الفلسطيني في وحدته ووحدة قواه السياسية وفصائله المسلحة وهو أمر إن تحقق وتعزز برؤية إستراتجية واضحة وشاملة للصراع من شأنه التقدم نحو استرجاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. لذلك فمن بين أبرز الأهداف المتوخاة من العدوان الصهيوني الجاري على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة هو إفشال التطور الايجابي الحاصل على مستوى الساحة السياسية الفلسطينية والمتمثل في التقارب بين الفصائل الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية ما يؤشر على وضع حد لسنوات من حالة الانقسام في الصف الفلسطيني ألحقت أضرارا فادحة بالقضية الفلسطينية وأساءت لها وكان المستفيد الوحيد منها هو الكيان الصهيوني.
وكما كان الشأن بالنسبة للعدوان الذي تم على هذا الجزء من فلسطين في نوفمبر من سنة 2012 تمترست مختلف الأطراف عند نفس المواقف تقريبا تعبر في العديد من الحالات على مفارقات عجيبة. فالقوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا أدانت إطلاق الصواريخ على 'إسرائيل"وأكدت عن حق هذه الأخيرة في الدفاع عن نفسها وبالتالي تحمل المسؤولية للطرف الفلسطيني.
وهو نفس الموقف الذي ردده الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد بان كيمون الأمر الذي يوضح مدى الاستهتار بهذه المنظمة وميثاقها وبالشرعة الدولية لحقوق الإنسان من طرف القوى الإمبريالية والصهيونية واستغلالها وتوظيفها لهذه المنظمة وهياكلها نتيجة اختلال موازين القوى لصالحها بسبب تفكك الاتحاد السوفيتي وتلاشي حركة عدم الانحياز. وقد لاحظنا مستوى الاحتقار الذي تعاملت به هذه القوى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة الحرب على العراق وهو احتقار لا يوازيه سوى تعامل الدول الفاشية مع عصبة الأمم في حينها.
دليل إضافي على ما نقول انتخاب مندوب "إسرائيل" كنائب رئيس اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة لتصفية الاستعمار في يونيو المنصرم باقتراح من مجموعة بلدان الاتحاد الأوروبي، وهو إجراء يكاد لا يصدق ومفارقة لا تقل عن تلك المتمثلة في قراءة مقدمة ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة من طرف الوزير الأول لجمهورية جنوب إفريقيا في ظل نظام الأبارتايد آنذاك كما لا تقل سخرية عن حصول الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام سنة 2012 وحصول باراك أوباما على نفس الجائزة سنة 2009 جازاهما الله خيرا.
يحدث هذا في الوقت الذي لم تعد مساحة الأراضي المتبقية للفلسطينيين في سنة 2010 سوى 12 في المائة بدل 48 في المائة التي كان قد أقرها قرار التقسيم سنة 1947 وذلك جراء سياسة الاستيطان الذي لم يتوقف أبدا بما في ذلك طيلة فترات المفاوضات المزعومة بل تنامى بنسبة 123 في المائة منذ 2012 المر الذي يطرح اكثر من علامة استفهام على إستراتجية الدولة المستقلة.
فهل ستؤدي معالم بروز عالم متعدد الأقطاب إلى إعادة التوازن لهذه المنظمة التي تعد بالطبع مجالا للصراع على المستوى العالمي؟
وفي مصر، القلب النابض للمنطقة العربية كما كانت تسمى، فقد اتخذ الرئيس السيسي موقفا متخاذلا للغاية إذ اكتفى بانتقاد الاستعمال المفرط للقوة من طرف"إسرائيل" وهو موقف ينزع عنه ذلك الادعاء من أن عهده ينهل من النهج الوطني للزعيم حمال عبد الناصر فيما دعت عشر منظمات يسارية إلى فتح معبر رفح بشكل دائم.
أما في بلدنا العزيز، المغرب، فان النظام معروف بازدواجية مواقفه: التطبيع المتنامي والمتعدد الأوجه مع العدو من ناحية والتظاهر بالدعم لفلسطين من ناحية أخرى ولهذا فقد دفع بحزب الأصالة والمعاصرة للتظاهر تنديدا بالحرب على غزة وقد استفاضت قنوات الإعلام العمومي في تغطية وقفة الحزب الاحتجاجية هاته محاولة جعلها حدثا. وحزب الأصالة والمعاصرة هذا، حزب إداري صرف خرج من رحم الدولة ويحظى بكامل دعمها تم إخراجه رسميا سنة 2008 ليكتسح الانتخابات الجماعية المفبركة لسنة 2009. وإن تأسيسه في تلك الفترة كان محاولة من النظام المغربي استيراد نموذجي تونس ومصر(الدستوري في تونس والوطني الديمقراطي في مصر) اللذان أطاحت بهما الموجات الثورية هناك كما تراجع نفوذ هذا الحزب في بلادنا بفعل ضربات حركة 20 فبراير المجيدة التي تندرج ضمن نفس الموجات التي تعم المنطقة العربية والمغاربية.إن هذا المخلوق لا يستحيي من الإقدام على مبادرات منافية لطبيعته بالمرة منها مثلا استضافته لقاء للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية توج بإعلان الرباط في منتصف يناير 2013.
ومن جهته نظم اليسار وقفات احتجاجية تضامنية هامة في الرباط وفي الدار البيضاء ولكن هذه الحرب تؤكد مرة أخرى ضرورة أن يسارع اليسار التقدمي في بلادنا إلى بناء آليات خاصة للتضامن مع الشعب الفلسطيني وكل الشعوب المضطهدة قد تكون لجانا محلية تضم كل القوى الديمقراطية يمكن أن تنسق فيما بينها وطنيا في إطار ملتقى أو شبكة للتضامن.
في كل الأحوال فإن الوحدة في الكفاح بكافة إشكاله لكل الفصائل الفلسطينية هو المدخل لانتزاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني: حق العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة بعاصمتها القدس على طريق الدولة الديمقراطية العلمانية على كافة التراب الفلسطيني يتعايش فيها الجميع بمواطنة كاملة وبكافة الحقوق.
*نائب الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي - المغرب
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه