يفضح بشكل مباشر جريمة الإعلام العالمي الذي يريد إقناع الناس بالانحياز لـ«إسرائيل» التي تتعرض لقصف «حماس». عالم مجنون بحق، كما يصفه ستيوارت.
هي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها جون ستيوارت بسخريته اللاذعة لواقع الإعلام الأميركي، بانحيازه لـ«إسرائيل». فمنذ العام 2006 يُعرف عنه هجومه القاسي على شبكة «فوكس نيوز» بالتحديد، وعرضه تناقضات ومواقف الشبكة التي، إلى جانب شبكات كبرى في الإعلام، لا تجد غضاضة في ليّ الحقائق وتقديم واقع مغاير تماماً تقنع به المشاهد الغربي والأميركي خصوصاً.
بعد عودته قبل أيام قليلة من إجازة قصيرة، خصّص جون ستيوارت فقرة من حلقة برنامج «ذا دايلي شو» للتغطية الإعلاميّة للهجوم الإسرائيلي المستمر منذ الثامن من الشهر الجاري على قطاع غزة. تمّ تحميل فيديو الفقرة على «يوتيوب» (2:33 د.)، ولاقى اهتماماً واسعاً خلال اليومين الماضيين على مواقع التواصل.
يبدأ ستيورات تعليقه من عرض مقتطف من نشرة أخبار شبكة «سي أن بي سي»، حيث يتحدّث المذيع عن الدبابات الإسرائيلية التي توقفت خارج مداخل القطاع، بينما كان القصف المتبادل مستمراً بين «الطرفين». ليعلق ستيوارت بتهكّم أن كلا الطرفين متورّط بالقصف، لكن لا شك في أن طرفاً منهما أفضل بكثير، لناحية تلقّي القذائف.
يستعرض الإعلامي الأميركي بعد حالة الأمان التي يمكن أن يشعر بها المدنيون الإسرائيليون، بفعل نظام القبة الحديدية وتقنيات اكتشاف المناطق المهددة بالتعرض للقصف. ويلفت في سياق ذلك إلى أنّ الإسرائيليين بات بإمكانهم تحميل تطبيق على الهواتف الذكية، يعلمهم في حال وجود خطر صاروخ. أما على الطرف المقابل، فيخبر ستيورات مشاهديه، بأنّ سكان القطاع يمكنهم معرفة أن ثمة هجوما جويا قادما، عبر تقنية تحذير «مبتكرة»، ألا وهي إطلاق صاروخ «صغير» على سطح أحد المنازل.. وبهذا يكون التحذير من القصف بقصف آخر.
هذا قبل أن يتم إخبار المدنيين الفلسطينيين بأن لديهم ثلاث دقائق لإخلاء أمكنتهم خلال القصف. لكن إلى أين؟؟ «هل رأيتم خريطة غزة»؟ يقول ستيوارت مشيراً إلى خريطة تظهر على الشاشة للقطاع، المحاصر من كلّ الجهات. أين يمكن لهؤلاء الناس أن يذهبوا؟ يسأل، ويجيب: في وجود حدود مغلقة، ربما لا سبيل لديهم إلا السباحة في البحر.
يواصل ستيوارت سخريته، من خلال استعرض المفارقة التي تظهر لدى استضافة مراسلين أحدهما من غزة والثاني من تل أبيب. حيث يبدو الأول في زيّ الصحافيين لدى تغطيتهم أماكن الحروب، بينما يظهر الآخر مرتاحاً وبلباس عادي. هذه الصورة تنقض ما يروّج له الإعلام الغربي بالكامل حول القصف المتبادل، و«تكافؤ» القوى. سخرية مريرة تلخّص فظائع الإعلام في تناول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ليس لمجرد تقديم صورة عن طرفين متكافئين فحسب، بل حتى لمجرد القول إن الجانب الإسرائيلي يدافع عن مدنييه وأمنهم.
هذه ليست المرّة الأولى التي يتناول فيها ستيوارت بالسخرية الانحياز والتواطؤ الإعلاميين الأميركيين تجاه الممارسات الإسرائيلية. وقد سبق له أن وصف شبكة «فوكس نيوز» بأنها «نظام تقديم دعاية إخبارية على مدار 24 ساعة تقودها أجندة غير مهادنة».
وهو كان في العام 2011 قد خاض حواراً صاخباً مع كريس والاس معدّ ومقدم برنامج «فوكس نيوز صنداي» حين قام ستيوارت بوصف والاس بأنّه «مخبول»، وبأن شبكته تبيع الهراء للأميركيين. غضبٌ وسخرية وتعليقات مريرة يقدّمها ستيوارت الذي يصف نفسه بأنه كوميدي في المقام الأول، ليس تهرباً من اتخاذ مواقف سياسية، فهذه مسألة أخرى. لكنه يفضح بشكل مباشر جريمة الإعلام العالمي الذي يريد إقناع الناس بالانحياز لـ«إسرائيل» التي تتعرض لقصف «حماس». عالم مجنون بحق، كما يصفه ستيوارت.