لقد توصّلت الأبحاث الحديثة إلى أنّ الكيوي قد يكون فعّالاً جداً في تحسين عمليّة النوم. فقد درس الباحثون في «Taipei Medical University» التايوانية آثار إستهلاك الكيوي على النوم، وتبيّن لهم أنّ تناوله يومياً مُرتبط بتحسينات كبيرة
يُضاف الكيوي إلى أطباق عدّة، خصوصاً الحلويات وسَلطات الخضار والفاكهة. لكن هل تُعيره الأهمّية اللازمة للإفادة من منافعه التي قد تجهل بعضها؟. بفضل غناه بالفيتامين C، يتمتّع الكيوي بخصائص قويّة مُضادة للأكسدة تساعد في تعزيز وظائف الجهاز المناعي وحماية الخلايا وإصلاحها.
ووفق الأبحاث العلميّة، إنّ محتوى الألياف والبوتاسيوم العالي الموجود في الكيوي يساعد في دعم صحّة القلب ووظيفة الجهاز التنفّسي.
كذلك فقد وجدت أنّ هذا النوع من الفاكهة اللذيذة فعّال للأولاد الذين يعانون مشكلاتٍ تنفّسية، يقاوم التهابات الأنسجة واضطرابات الدورة الدموية، ويتخلّص من حالات الرشح الشديد.ناهيك عن أنه يعمل على تنشيط الإنسان ويساعد في عملية الهضم، ويحافظ على معدل الكولسترول في الدم. مع كلّ هذه الفوائد، لا عَجب في أن يندرج الكيوي ضمن لائحة الأطعمة سوبر المثاليّة التي تتحلّى بقيمة غذائيّة عالية ومنافع صحّية لا مثيل لها.
لكن المنافع لا تتوقّف عند هذه النقاط التي أوردناها! فبحسب الإختصاصي الأميركي في علم النفس السريري وخبير النوم، د.مايكل بروس، لقد توصّلت الأبحاث الحديثة إلى أنّ الكيوي قد يكون فعّالاً جداً في تحسين عمليّة النوم. فقد درس الباحثون في «Taipei Medical University» التايوانية آثار إستهلاك الكيوي على النوم، وتبيّن لهم أنّ تناوله يومياً مُرتبط بتحسينات كبيرة في نوعية النوم وكميته على حدّ سواء.
تحسّنات ملحوظة
وفي التفاصيل، فقد شملت دراستهم 22 امرأة ورجلين بين 20 و55 عاماً، كانوا يعانون بعض أشكال النوم المتقطّع، تناولوا ثمرتين من الكيوي قبل ساعة من النوم على مدى أربعة أسابيع. وقد جمع الباحثون بيانات نوم المتطوّعين من خلال استخدام مراقبة نومهم اليومي، واستبيان نوعية النوم، وساعات اليد التي تقيس نوعية النوم وكميته.
وبعد مرور 4 أسابيع على تناول الكيوي، وجد الباحثون تحسّنات ملحوظة لإجراءات عدّة:
- النوم بسرعة أكبر: إنّ حجم الوقت الذي إستغرق للنوم بعد التوجّه إلى الفراش إنخفض زهاء 35,4 في المئة.
- النوم بشكل أكثر تنظيمي: إنّ فترات اليقظة التي أعقبت بداية النوم تقلّصت بنسبة 28,9 في المئة.
- النوم أكثر: إرتفع مجموع النوم عند جميع المشاركين بنسبة 13,4 في المئة.
«هذه هي بعض التحسّنات الملحوظة في نوعيّة النوم وكميته وفاعليته، غير أننا نحتاج حتماً إلى إجراء دراسات إضافية لإكتشاف آثار الكيوي في عمليّة النوم»، وفق ما أوضح بروس، مؤكداً أنّ «هذه المعطيات تُشكّل بداية مُثيرة جداً للإهتمام».
مُضادات الأكسدة
ماذا وراء منافع الكيوي المُحتملة للنوم؟ في الواقع أنه يتحلّى ببعض الخصائص التي قد تجعله طعاماً قوياً لضمان النوم، أبرزها: غناه بمُضادات الأكسدة من جهة، و»السيروتونين» من جهة أخرى.
إنّ خصائص مُضادات الأكسدة نفسها التي تقدّم منافع صحّية عدّة، قد تساعد في تحسين النوم. في الواقع إنّ العلاقة التي تجمع الأطعمة المُضادة للأكسدة والنوم هي واحدة من بين الأفكار التي بدأ العلماء يُدركونها. فقد وجدت الأبحاث صِلة أساسية بين النوم وهذه المواد الموجودة في الجسم، بحيث تبيّن أنّ قلّة النوم مرتبطة بإنخفاض مستويات مُضادات الأكسدة، وكذلك فإنّ تحسّنه قد يساعد في استعادة مستويات هذه المضادات.
لقد شرحت دراسات عدّة الآثار السلبيّة لإنقطاع التنفّس أثناء النوم، المعروف طبياً بالـ»Sleep Apnea»، في وظائف مُضادات الأكسدة، وأنّ الفيتامين C المُضاد للأكسدة فعّال في معالجة مشكلات أمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بإنقطاع التنفّس أثناء النوم. ماذا عن تحسّن النوم؟ يتطلّب الأمر دراسات عدّة لمعرفة تأثير مُضادات الأكسدة والأطعمة الغنيّة بها في تأمين النوم. فهذه الدراسة حديثة جداً.
هورمون «السيروتونين»
وإلى جانب قوّته المضادة للأكسدة، يحتوي الكيوي نسبة عالية من هورمون «السيروتونين» الذي يعمل أيضاً كناقل عصبي، والذي يشارك في مجموعة واسعة من العمليات الفزيولوجية: فهو يتحلّى بوظائف مرتبطة بالجهاز الهضمي والقلب والأوعية الدموية، ويشارك في التعلّم والذاكرة، ويساعد في السيطرة على الشهيّة والمزاج.
رُبط منذ القِدم بين انخفاض مستويات «السيروتونين» وارتفاع الكآبة وتقلّبات المزاج. غير أنّ العلاقة بينه والكآبة لم تُفهم تماماً، فيما ارتباط دوره الدقيق في تقلّبات المزاج لم يتفق عليه العلماء.
لا شكّ في أنّ «السيروتونين» أساسي في النوم بحيث إنّه يهيّئ له، علاوةً على أنه يساعد أيضاً في تحفيز اليقظة صباحاً. وقد أشارت الأبحاث إلى أنّ التلاعب بمستويات «السيروتونين» إلى أعلى أو الأسفل يمكن أن يعوق النوم.
يتبيّن أيضاً أنّ «السيروتونين» يتفاعل مع هورمون آخر أساسي للنوم يُعرف بـ»الميلاتونين»، ما يساعد الجسم على تنظيم دورة الساعة البيولوجية، فضلاً عن وظائف فزيولوجية أخرى. كذلك وجدت الدراسات أنّ تعزيز مستويات «السيروتونين» يمكنه في المقابل رفع معدل «الميلاتونين». إنّ توافر نسبة عالية من «السيروتونين» في الكيوي قد يساهم على ما يبدو في تحسين النوم.
مصادر أخرى
يُشار أخيراً إلى أنّ الكيوي لا يُشكّل الطعام الوحيد المُعزِّز للنوم، إذ توجد مواد متعدّدة ومختلفة الأنواع تعمل على تحقيق هذا الهدف.
فالمأكولات الغنيّة بمعدني الماغنيزيوم والبوتاسيوم تساعد في ضمان الإسترخاء ودورة دموية جيّدة، وهي تشمل الخضار الورقية الخضراء، والموز، والمكسّرات، والبذور، والبندورة، والحبوب الكاملة. كذلك فإنّ الأطعمة الغنيّة بالكالسيوم تُعزّز مستويات الميلاتونين، مثل منتجات الحليب، الصويا، المكسّرات، البذور والحبوب الكاملة.
علاج طبيعي
هل يعني أنه يجب شراء الكيوي بإنتظام وتناوله كسناك قبل الخلود إلى النوم؟ على ما يبدو فإنّ هذا الأمر صحيح غير أننا نحتاج إلى إجراء أبحاث إضافيّة للتأكّد أكثر من حقيقته. لكن ما هو حتميّ أنّ الكيوي طعام ممتاز للصحّة ويتحلّى بقيمة غذائيّة عالية وفوائد صحّية لا يُستهان بها، ويبقى التأكّد من قدرته على تعزيز النوم أمراً يستحقّ تحقيقاً إضافياً خصوصاً أنه علاج طبيعي وبخسُ الثمن وغير دوائي