المعيار الذي أكّد عليه الإمام (ع) في اختيار الولاة والحكام والمسؤولين، هو أن يكونوا من أهل السابقة في الإسلام، ومن الملتزمين بالتقوى
شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة من على منبر مجمع السيدة زينب(ع) في حارة حريك: انه على الرغم من كل الظروف الصعبة التي واجهت أمير المؤمنين (ع) بعد توليه الحكم وفي أيام خلافته والعقبات الكثيرة التي وضعت في وجهه إلا انه استطاع أن يقدم تجربة مثالية للحكم الإسلامي العادل وأن يطرح نموذجاً ناجحاً للحكومة وفق تعاليم الإسلام ومعايير الإسلام.
وأشار : إلى أن الهدف من قبول علي(ع) للخلافة هو إجراء العدالة الاجتماعية في المجتمع على كافة المستويات ،ومكافحة الفوارق الطبقية الكبيرة القائمة في المجتمع, وتسخير كافة الإمكانات العامة لخدمة الناس, وإحقاق الحق ودفع الباطل، وليس تحقيق مكاسب ومصالح وامتيازات خاصة,ولذلك رفض إسناد مهام اساسية إلى طالبي السلطة.
وقال: لقد عاش الإمام امير المؤمنين (ع) حتى في أيام حكمه في غاية الزهد والتواضع والبساطة في الحياة والبعد عن زخارف الدنيا، وهذا الخصوصية هي من أبرز خصائص علي(ع)الذاتية وسيرته وحكمه.
ولفت:الى إن المعيار الذي أكّد عليه الإمام (ع) في اختيار الولاة والحكام والمسؤولين، هو أن يكونوا من أهل السابقة في الإسلام، ومن الملتزمين بالتقوى، ووان تكون لديهم كفاءة وأهلية ادارية، والتزام بقيم الإسلام وغيرها من المعايير, فلم يسند وظيفة لأحد على أساس المحاباة والمحسوبيات والمقربين. والشيء الذي لم يخطر ببال الإمام أبداً هو القرابة والعشيرة، كما يتضح ذلك حينما نصب (51) شخصاً كولاة في المناطق المختلفة، حيث تجد فيهم من المهاجرين والأنصار، والهاشمي وغير الهاشمي، والعراقي والحجازي واليمني، والشاب والكهل، ولا تجد في هذه القائمة أثراً لأسماء الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية وعبد الله بن جعفر (زوج السيدة زينب "ع").
كما لم يكن الإمام يعتقد ـ وخلافاً لمعظم الزعماء والرؤساء ـ بأن الغاية تُبرّر الوسيلة، ولم يتوصّل إلى أهدافه المقدّسة النبيلة بوسائل غير مشروعة اطلاقاً.
وفي الجانب السياسي أكد الشيخ دعموش:انه في حرب تموز كان المطلوب القضاء على المقاومة في لبنان وجرى تواطؤ دولي وعربي وداخلي وفشلوا, واليوم المطلوب من خلال الحرب الإسرائيلية على غزة هو إسقاط المقاومة في غزة والقضاء عليها ، وبالحد الأدنى القضاء على بنيتها العسكرية وتحجيمها .. ولكنهم سيفشلوا.
وأشار: الى ان الإسرائيلي يستفيد لتحقيق أهدافه من حالة التفكك في العالم العربي, ومن الصمت الدولي والسكون العربي بل والتواطؤ الدولي والإقليمي والعربي مع إسرائيل لضرب المقاومة في فلسطين والتمادي في العدوان والانتقال من العدوان الجوي والبحري إلى العدوان البري.معتبراً: أن هناك مصالح مشتركة بين الإسرائيلي والأمريكي وبعض الدول العربية لإنهاء دور المقاومة وإضعافها وتحجيمها.
نص الخطبة
نعزي صاحب العصر والزمان وولي أمر المسلمين وعموم الموالين والمسلمين بشهادة سيد الوصيين وإمام المتقين علي بن أبي طالب (ع) الذي تصادف شهادته في مثل هذه الأيام من شهر رمضان المبارك.
سأتحدث في هذه المناسبة في نقطتين: الأولى: تتعلق بمكانة علي (ع). والثانية: بمعالم حكومته وبعض السياسات التي اعتمدها.
في النقطة الاولى أقول: ليست قيمة علي (ع) في أنه أحد الصحابة الكبار وأفضلهم وأعلمهم وأقدمهم إيماناً وإسلاماً فقط , ولا في أنه وصي رسول الله (ص) وسيد الأوصياء فقط، وإن كان في ذلك مكرمة لعلي (ع).
قيمة علي (ع) انه بنص القرآن الكريم هو نفس رسول الله (ص)، فهما من نور واحد وطينة واحدة وحقيقة واحدة وجوهر واحد ، يقول تعالى:[فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين] ـ آل عمران / 61.
وجميع المفسرين يقولون أن المقصود بقوله تعالى: [وأنفسنا وأنفسكم] محمد وعلي صلوات الله عليهما.
ويؤكد هذه الحقيقة كلام رسول الله (ص) لعلي في آخر خطبته (ص) حول شهر رمضان حيث أخبره بما سيحل به في هذا الشهر الشريف.
يقول أمير المؤمنين (ع) الذي سمع خطبة النبي (ص): فقمت -أي بعد انتهاء الخطبة ـ وقلت: يا رسول الله! ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر: الورع عن محارم الله عز وجل،( لم يقل الصلاة والعبادة والطاعات وإنما قال: الورع أي اجتناب المحرمات والإمساك عن الشهوات والامتناع عن المعاصي والسيئات) ثم بكى فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا علي، أبكي لما يُستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك، قال أمير المؤمنين (ع): فقلت: يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟ فقال صلى الله عليه وآله: في سلامة من دينك، ( البعض عندما يخبره أحد بوقت وفاته يهتم كيف سيؤمن مستقبل اولاده وكيف يوزع أملاكه , لكن عليا(ع) همه ان يفارق الحياة والله عنه راض وفي سلامة من دينه ) ثم قال: يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبّك فقد سبّني، لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك واصطفاني وإياك واختارني للنبوة واختارك للإمامة، ومن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي يا علي أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري، ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنك لحجة الله على خلقه وأمينه على سرّه وخليفته على عباده.
وقد تعامل النبي (ص) مع علي (ع) بالفعل والممارسة وليس فقط بالقول على أساس أنه نفسه أي بما يدل على انهما من حقيقة واحدة: يقول علي (ع) عن علاقة رسول الله (ص) به وتعامله معه: وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا وليد يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده، ويشُمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يُلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل. ولقد قرن الله به صلى لله عليه وآله من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتّباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحِراء فأراه، ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته, إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبيّ، ولكنك لوزير وإنك لعلى خير.
والحقيقة التي تدل عليها هذه الاحاديث أن جميع ما ثبت لرسول الله (ص) من خصائص وميزات ، فهو ثابت لنفسه لعلي أمير المؤمنين (ع) ماعدا النبوة ، وهو ما تؤكده كل النصوص الواردة عنه صلى الله عليه وآله وعن أهل بيته (ع) حول النور الواحد، والحقيقة الواحدة.
أما النقطة الثانية: فانه على الرغم من كل الظروف الصعبة التي واجهت أمير المؤمنين (ع) بعد توليه الحكم وفي أيام خلافته والعقبات الكثيرة التي وضعت في وجهه إلا انه بلا شك استطاع أن يقدم تجربة مثالية للحكم الإسلامي العادل وأن يطرح نموذجاً ناجحاً للحكومة وفق تعاليم الإسلام ومعايير الإسلام،واذكر هنا بعض معالم حكومة الإمام وسياساته المعتمدة بإيجاز:
أولاً: أشار الإمام علي (ع) في كثير من كلماته إلى أن الهدف من قبوله للخلافة هو لأجل إجراء العدالة الاجتماعية في المجتمع على كافة المستويات ،وتسخير كافة الإمكانات العامة لخدمة الناس، ومكافحة الفوارق الطبقية الكبيرة القائمة في المجتمع,فقد ألغى علي(ع) سياسة التمييز في العطاء التي اتبعها عثمان بن عفان حيث كان يفرق بين المهاجري والانصاري وبين القرشي وغيره وبين المعتقين وغيرهم وبين المسلم الأجنبي وبين المسلم العربي,وساوى (ع) في العطاء بين هؤلاء جميعا على اعتبار ان النبي(ص) ساوى بين الجميع على قاعدة (لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى).
ثانياً: إن رؤية الإمام علي (ع) للحكم تتلخّص في أن الحكم والمنصب ليس إلا وسيلة لخدمة الناس وإحقاق الحق ودفع الباطل، وليس موقعاً لتحقيق المكاسب والمصالح والامتيازات الخاصة. وقد التزم الإمام بهذا المنهج إلى أبعد الحدود، وذلك رفض إسناد مهام اساسية كالولاية على المناطق وبيت المال إلى طالبي السلطة والمتعطّشين لها كطلحة والزبير وأمثالهما, مع ان الامام كان بامكانه إرضاء هؤلاء واستمالتهم اليه بإعطاءهم بعض الوظائف لكنه رفض المساومة لأنه كان يريد ان يقدم تجربة اسلامية ناصعة تكون نموذجا لكل الاجيال من القادة والمسؤولين.
ثالثاً: لقد عاش الإمام امير المؤمنين (ع) حتى في أيام حكمه في غاية الزهد والتواضع والبساطة في الحياة،وكان يوصي حكام المناطق بالاعتدال والابتعاد عن زخارف الدنيا وبهارجها،وهذا الخصوصية هي من أبرز خصائص علي(ع)الذاتية وسيرته وحكمه.
4 ـ إن المعيار الذي أكّد عليه الإمام (ع) في اختيار الولاة والحكام والمسؤولين، هو أن يكونوا من أهل السابقة في الإسلام، ومن الملتزمين بالتقوى، ووان تكون لديهم كفاءة وأهلية ادارية، والتزام بقيم الإسلام وغيرها من المعايير, فلم يسند وظيفة لأحد على أساس المحاباة والمحسوبيات والمقربين. والشيء الذي لم يخطر ببال الإمام أبداً هو القرابة والعشيرة، كما يتضح ذلك حينما نصب (51) شخصاً كولاة في المناطق المختلفة، حيث تجد فيهم من المهاجرين والأنصار، والهاشمي وغير الهاشمي، والعراقي والحجازي واليمني، والشاب والكهل، ولا تجد في هذه القائمة أثراً لأسماء الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية وعبد الله بن جعفر (زوج السيدة زينب "ع").
5 ـ لم يكن الإمام يعتقد ـ وخلافاً لمعظم الزعماء والرؤساء ـ بأن الغاية تُبرّر الوسيلة، ولم يتوصّل إلى أهدافه المقدّسة النبيلة بوسائل غير مشروعة اطلاقاً، وكان يقول لما عوتب على سياسة التسوية في العطاء: "أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن ولييت عليه؟ والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجماً ! ولو كان المال لي لسوّيت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله؟
ولأن هذه التجربة رفضت إعطاء امتيازات للطامحين لا يستحقونها فقد واجهت حركة تمرد وأرادوا إفشالها وإسقاطها .. فتحرك الناكثون (ناقضوا العهد) طلحة والزبير, والقاسطون ,معاوية وأعوانه ,والمارقون وهم الخوارج ,وواجهوا الإمام في ثلاث جبهات في البصرة وصفين والنهروان ,وقضى أمير المؤمنين (ع) على أيديهم في نهاية المطاف, ولكنهم فشلوا في تشويه تجربة علي (ع) في الحكم ,لأن تجربة أمير المؤمنين (ع) بقيت ناصعة صافية تعلم القادة كيف يحكمون بالعدل.
واليوم هؤلاء الذين يتآمرون على المقاومة لإسقاطها هم من نفس شريحة أولئك الذين أرادوا إسقاط تجربة أمير المؤمنين (ع) وإفشالها..إنهم الخوارج الذين قد تعجبك صلاتهم وصيامهم وشعاراتهم بل قد تكون صلاة وصيام أحدهم أفضل من صلاة وصيام كثيرين ولكنهم لا يتورعون عن قتل المسلمين ولا عن الانخراط في مشروع إسقاط عناصر القوة في هذه الأمة وهي المقاومة ولا عن الانخراط في مشروع تفتيت الأمة وتخريب بلاد المسلمين.
في حرب تموز في مثل هذه الأيام كان المطلوب القضاء على المقاومة في لبنان وجرى تواطؤ دولي وعربي وداخلي وفشلوا, واليوم لا يزال المطلوب من خلال حرب التكفيريين على المقاومة ومن خلال الحرب الإسرائيلية على غزة هو إسقاط المقاومة والقضاء عليها .
المطلوب هو اسقاط المقاومة في غزة وبالحد الأدنى القضاء على بنيتها العسكرية وتحجيمها .. والإسرائيلي يستفيد لتحقيق أهدافه هذه من انشغال الأنظمة العربية بشؤونها الداخلية ومن حالة التفكك في العالم العربي وانشغال العالم بسوريا والعراق.
الإسرائيلي يستفيد من الصمت الدولي والسكون العربي بل والتواطؤ الدولي والإقليمي والعربي مع إسرائيل لضرب المقاومة في فلسطين والتمادي في العدوان والانتقال من العدوان الجوي والبحري إلى العدوان البري لأن هناك مصالح مشتركة بين الإسرائيلي والأمريكي وبعض الدول العربية لإنهاء دور المقاومة وإضعافها وتحجيمها. ولذلك ليس هناك من خيار أمام المقاومة سوى أن تدافع عن نفسها.
اليوم المقاومة تلحق بصورة العدو وبقدرته على الردع أضراراً فادحة على المستوى العسكري والأمني والمعنوي.
هناك فشل استخباري, وفشل في ضرب منصات الصواريخ ,وفشل في الحد من إطلاقها على كافة المدن والمستوطنات الصهيونية.
ولا شك أن المقاومة في غزة استفادت من تجربة المقاومة في لبنان في العام 2006 والإسرائيلي الذي يتلقى الضربات من المقاومة في غزة عينه على المقاومة في لبنان وبعض الإسرائيليين يقول: إذا كانت صواريخ غزة قد فعلت فينا ما فعلت فكيف ستفعل بنا صواريخ حزب الله؟؟ والبعض يقول: لا تنظروا إلى ما يحصل في غزة أنظروا إلى السيد حسن نصر الله بماذا يفكر؟..ونحن نقول لكم من حققكم ان تخافوا المقاومة الاسلامية وحزب الله في لبنان وان تقلقوا على المستقبل فما تخشونه وتقلقون منه صحيح وألف صحيح فلا تجربوا سطوتنا وبأسنا.